مجلة الرسالة/العدد 963/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 963/البَريدُ الأدَبَي

مجلة الرسالة - العدد 963
البَريدُ الأدَبَي
ملاحظات: بتاريخ: 17 - 12 - 1951



إلى صاحب الرسالة:

للرسالة تاريخ مجيد. تاريخ نهضة أدبية موفقة، كنت أنت يا صاحب

الرسالة لها مشعلا، وكان أقرانك الآخرون حماة. وكنت أنا - رعاك

الله - أحد المعجبين بها ولا أزال، لأنها حلقة (اتصال). . بين

المدرسة المخضرمة والمدرسة الحديثة.

كنت أقرأ لك المقالات البليغة فيسحرني رفيع معنى ودقة تعبير وسامي بيان. وأعيش الساعات بين صفحات (وحيك) فأنعم بخير أنيس. . وخير أنيس في الزمان كتاب.

والآن. . والشرق يجتاز أحرج الفترات في تاريخ نضاله ضد البربرية والهمجية. والشعوب المستعمرة تنفجر فيها براكين الثورة على غاصبي الحق، وسافكي الدماء، ولصوص البشرية. على البرابرة الذين نعتهم المعداوي (بأنهم مثاليون في الأنانية والجشع، وضيعة الضمير والخلق، وانحطاط الشعور والإنسانية، وانتقاء العدل والإنصاف، وتلك هي العناوين الضخمة التي يسطر تحتها كلماته الخالدة حين يعرض للحكم البريطاني في كل أرض سكنها الأحرار في كل زمان ومكان!)

نعم! في هذه الفترة القائمة. وبين دخان البارود المتكاثف في سماء القناة وميادين الخرطوم لا أسمع لصوتك نبأة ولا أرى لقلمك خطا!

أليس بكاف أن تكون أنت صاحب (الرسالة)! وهل رسالة الأديب سوى قيادة الجماهير إلى حياة حرة كريمة ومجتمع راق سعيد؟

يا صاحب الرسالة هذا صوت ينحدر إليك من أقاصي الجنوب، صوت كله ألم وحرارة، صوت يطلب منك أن تنزل من برجك العاجي إلى الشعب في معركته. . معركة الحرية والشرف والكرامة.

فهل أنت لندائي مجيب؟ وفي الختام أقدم إليك وأنت في الشمال تحية إخوان لك في الجنوب (إخوان لك في الله والدين والوطن). إليك يا صاحب الرسالة تحية كفاح صلب وإيمان عميق.

نور سودان

حسين بارزعة

(الرسالة): أشكر الأخ الفاضل جميل رأيه وحسن ظنه. ولعل في افتتاحية العدد الماضي من الرسالة جواباً عن سؤاله.

حول اللحن الفصيح:

رعى الله الأديب اللامع الأستاذ (عباس خضر) حين أطلق هذه التسمية على مقول العالم الجليل معالي الدكتور طه حسين باشا: (يريدون أن يضحكوا من رؤساء التحرير والصحف (فيدخلون) عليها فصولا نشرت على أنها لم تنشر)

نقول: حياه الله، فقد أبدع في التسمية، ووفق في تحقيق المقام، ودل على سعة الأفق في الفهم، وكنت أعددت ردا على الأستاذ (بربري)، لكني آثرت المهلة لأرى محجة الأستاذ الأديب (خضر) حتى طالعت إلمامه الشاملة الجامعة بالعدد (691) من الرسالة الزهراء. .

لكن بقي في النفس شيء، أود تحقيقه توكيداً لفصاحة اللحن المزعوم، فإن العبارة (يريدون أن يضحكوا فيدخلون) برفع الفعل المعطوف سليمة من كل عيب، نابضة بالعروبة الأصيلة بحسب الذوق والتقعيد.

إن العلم يقول: (المفعول به قيد في الجملة)، والمصدر المؤول من أن والفعل في (أن يضحكوا) واقع موقع المفعول به، وتقدير الكلام: (يريدون الضحك) فالفعل المنصوب في واقع الأمر يؤدى مؤدى إكمال (يريدون؛ أما (فيدخلون) فأمر آخر، إذ يراد النص على حدثين (الإرادة والإدخال)، ومقتضى هذا أن يكون العطف المرتب لهما مستدعيا رفع الفعل المضارع المغلوط رفعه في الوهم! ذلك ما نراه ويراه - في اعتقادنا - العلم الصحيح، وتكون الدعوى المهولة من الأستاذ بربري لها مكان البطلان!

لقد سقنا هذا التحقيق من دون ارتجال، فالعلم المرتجل مصيره الزوال، لكنا اعتمدنا على قول ابن هشام في التوضيح: (وقينا الفاء بالسببية ليخرج ما كان منها للعطف على الفعل، أو الاستئناف نحو: ولا يؤذن لهم فيعتذرون)

وبعد، فما أجمل تسمية الأديب المبدع الأستاذ (خضر)! وما أجل العلم إذا بعد عن شهوة النفس، وتشهى الأغلوطة فيما هو أبلغ من الفصيح!

بور سعيد

أحمد عبد اللطيف بدر

(وارف) و (ويرف):

كتب الأديب عبد الحميد الرشودي كلمة بالعدد (962) من الرسالة أنكر فيها على الأستاذ الشاعر إبراهيم محمد نجا قوله: (كما انطوى في القيظ ظل وريف). وذكر أن الصواب (. . ظل وارف)، وأن هذا الاستعمال خطأ شائع.

وقد أخطأ الأستاذ الرشودي في ذلك، فكلا التعبيرين صحيح لا شيء فيه؛ وذلك لأن (وريف) مصدر (ورف)، بفتح الفاء والعين، يقال: ورف الظل وريفا إذا اتسع وامتد. وقد ورد عن العرب كثيرا وصفهم بالمصدر فقالوا: هذا رجل عدل، ورضا، وزور، بفتح الفاء وسكون العين، وفطر، بكسر الفاء وسكون العين، وإلى ذلك يشير ابن مالك بقوله:

ونعتوا بمصدر كثيرا ... فالتزموا الإفراد والتذكيرا

وذلك إما على التأويل بالمشتق أي عادل، ومرضى، وزائر، ومفطر، وهذا هو رأى الكوفيين، وإما على تقدير مضاف أي ذو عدل، ورضا. . الخ، وهذا البصريين، وإما على إرادة المبالغة يجعل الموصوف هو نفس العدل، ونفس الرضا. . الخ. وكل هذا يقال هنا. ويكون المعنى حينئذ إما على تقدير مضاف أي ظل ذو وريف أي اتساع وانتشار، وإما على تأويله بالمشتق، وإما على إرادة المبالغة.

وإذن: فالتعبير صحيح لا غبار عليه. ولعل الشاعر تعمده ليؤدى ما يريده من المبالغة والتكثير.

أحمد مختار عمر

بالجامعة الأزهرية

(1) خطأ عروضي:

في قصيدة (الشعور المكبوت) بالعدد (961) من الرسالة الأثيرة وقفت عند هذا البيت: (وتلالها لكين منهما ثالث=جن فهل رد عقله المستعارا)

فهو من بحر الحفيف (فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن) مرتين. . وقد تعثر وزنه فانكسر. . فهل للشاعر الأستاذ النشار أن يصلحه ليستقيم ميزانه. وتسلم القصيدة الفريدة في معناها ومبناها!

(2) مهيب لا مهاب:

لعل الأستاذ مطر حين قال في قصيدته (من الأعماق) بالعدد المذكور:

(تحررنا من الأغلال فانهض=سليل المجد مرموقا مهابا)

لعله قصد من كلمة (مهابا) إلى ما تؤديه كلمة (مهيب) يهاب فهو مهيب ومهوب، أما مهاب التي وردت في البيت فهي من (أهاب) به يهيب به إذا زجره عن الشيء فهو مهاب أي مزجور. فهي على المعنى المراد للشاعر في البيت خطأ صوابه (مهيب) بفتح الميم كما أوضحت الآن.

محمد محمد الأبشيهى

المدرس بنبروه الثانوية

جلال الدماء في القنال:

إن لهذه الدماء المصرية التي أريقت بغيا وظلما في ساحة القنال جلالا، يجب أن تقدره مصر حق قدره، ويجب أن لا يغيب عن مصري واحد، إن هذه الدماء عزيزة على نفسه عزة دمائه عليه، وأنه لن يستريح له بال ولن يهدأ له خاطر حتى يثأر لها من أعداء الإنسانية والمروءة والرحمة من قراصنة العالم، ومجرى الحروب، وقطاع الطرق. . . أحفاد بريطانيا.

وكأني بالقاهرة المدللة النشوى لم تستيقظ بعد، ولم يطن في أسماعها التي أصمها اللهو والصخب دوى الرصاص على قنال السويس، فهي لا تزل ساردة في عبثها ولهوها، ومجونها وصخبها، وكأن شيئا لم يحدث في بقعة من أعز بقاع مصر. . هي هي كما كانت من قبل ملاهيها وحاناتها وسهراتها، حتى الإذاعة المصرية (النابهة) لا تزال تفرض على الشعب المنكوب الأغاني الساقطة والموضوعات التافهة، والتمثيليات الهزيلة، والفكاهات المنكرة.

ألم تكن هذه الفترة الخطيرة المتأججة كفيلة بأن تحمل القاهرة على الحد من شرورها؟ والملاهي والمسارح والحانات والسهرات على الحد من غلوائها؟ والإذاعة البلهاء على الحد من سفسافها ومهازلها، إجلالا لهذه الدماء المصرية التي أهرقت في سبيل مصر؟

بهيجة المنشاوي

سكرتيرة جماعة السيدات المسلمات بالقاهرة