مجلة الرسالة/العدد 97/القصص

مجلة الرسالة/العدد 97/القصص

ملاحظات: بتاريخ: 13 - 05 - 1935



من أساطير الإغريق

ثيذيوس يقتل المينوطور ويخلص أثينا

لعب يثير حرباً

للأستاذ دريني خشبة

كان الملك إيجوس، ملك أثينا، في شرخ صباه وعنفوان شبابه زير نساء، وأخا شهوات؛ وكان ذا نزواتٍ تكاد تسعى به إلى حتفه. . . . بظلفه. . .

ذهب مرة يجوب ريف مملكته، فلمح وجهاً مشرقاً ينبثق من كوة كوخ في إحدى القرى، تتراقص حول ثغره الصغير بسمات هن رسل الحب، وتنطلق من عينيه النجلاوين نفثات تصرعن ذا اللب. . . حتى لا حراك به. . .

وطرق الباب يستسقي، وما به ظمأ، فامتدت إليه ذراع عاجية لدنة، تحمل كوباً من البلور مفعماً برحيق الحب، وإن لم يحو غير الماء القراح!

وتناول الكوب ولبث لحظة يشرب ما به بعينيه، دون أن يمتد فمه إليه، ثم أرسل زفرةً دفعت الباب فانفتح على مصراعيه، ودخل غير مستأذنٍ، فروى فمه، وبرد قلبه، وبل جاحم الحب الذي زلزل أركانه

ثم تزوجها، ومكث عندها شهراً كان عسلاً كله!

ووصل إلى قاعدة الملك، وأم القرى، أثينا، بعد أن ترك وصاته المكتوبة الآتية: (في الغرفة التي ضمتنا لأول مرةٍ نلتذ الحياة وننعم بطيب العيش؛ هنا؛ في هذا المنزل الصغير الذي اتسع لدنيا من الآمال والأحلام؛ وتحت الحجر الكبير الملون، حيث كانت قدماي تحييان في سكرة الهوى قدميك؛ قد استودعت نعلي اللتين حملتاني إليك، وسيفي الذي فربت به رؤوس الأعداء حتى سعدت بك؛ فإذا وضعته غلاماً فسميه ثيذيوس، ونشئيه وطرئيه حتى يصلب عوده، ويشتد ساعده، فخذيه إلى الحجر فليرفعه، وليلبس نعلي وليمتشق سيفي، ثم ليمض إلى أثينا، لا حافظ له إلا قلبه، ولا حارس إلا سيفه، فإذا شاءت العناية فإنه بحول زيوس العظيم ولي عهدي، وصاحب التاج من بعدي.) وتتابعت السنون

وكانت أثينا تزهى كل سنةٍ بعيدها الرياضي الفخم؛ فتلبس حلةً من البهجة والإيناس، وتؤمها وفود الأقاليم المجاورة تتفرج بالألعاب الجميلة، وقد تشترك فيها

وكان لمينوس ملك كريت، ابن مفتول العضل قوي البنية حبيب الطلعة، كان يقدم إلى أثينا إبان عيدها الرياضي ليباري أبطالها، ثم يعود مشمولاً بحب الأثينيين وإعجابهم الشديد، ولقد كان يحدث ألا يكون للموسم بهجته المعتادة إذا تخلف ابن مينوس فلم يحضر إلى أثينا

ومن غريب المصادفات أن يولد ابن ملك كريت هذا في نفس اليوم الذي تضع فيه القروية الحسناء الغلام ثيذيوس ابن ملك أثينا

ومن يرغب المصادفات أيضا أن ينشأ ثيذيوس هذه النشأة الرياضية التي نشأها ابن مينوس، والتي كانت إماراتها تبهر الأثينيين وتخلب ألبابهم في موسمهم الرياضي

ولم يكن الأثينيون يعلمون أن لملكهم ولداً، هو إن لو يبرز على ابن مينوس في الألعاب الرياضية، فإنه لا يقل عنه شأنا فيها. ولم يكن الملك نفسه يعلم عن ولده شيئاً، ولو قد علم عنه شيئاً لما سولت له نفسه الأثيمة أن يدبر غيلة ابن مينوس في حلك الليل، وفي طريقه المقفرة إلى المرفأ، حين آب بأكثر جوائز الموسم الرياضي، في المصارعة والملاكمة والعدو ورمي القرص. .!

لقد أكلت الغيرة العمياء قلب الملك الجبان، وتلظى فؤاده بحقد أسود حجب بصيرته، فأرسل عصابة من اللصوص وقطاع الطرق والسفاكين، ذبحوا الشاب المسكين، ونبذوا جثته بالعراء، تنوشها الوحوش وسباع الطير!

واهتزت أثينا المضيافة، أثينا أم القرى، لهول الجريمة، ونقموا على القتلة الأشرار اعتداءهم الشنيع على ضيفهم المحبوب؛ وكادت تندلع ألسن الثورة حين استفاضت الإشاعات وراجت سوق الأقاويل، لولا أن وصل في صبيحة ليلة الجريمة، البطل الصغير ثيذيوس ولي العهد فجأة، ومن غير سابق علم، ولا ترقب ولا انتظار!

(ثيذيوس! ومن يكون ثيذيوس هذا؟!

(ولي عهد المملكة، ورجاؤها، ومعقد آمالها

(وأين كان الشاب؟ وابن من؟ ومتى ولد؟ (كان ينشأ في الريف، وهو ابن حسناء من أميرات الأقاليم وولد منذ عشرين

ولم لم تعلم به أثينا من قبل؟

(أراد الملك أن يفاجئ شعبه بهذا الخبر السار، لولا اغتيال ابن مينوس؟!

(وهل هو حقاً أشجع من ابن مينوس؟

(ومن يكون ابن مينوس، وألف بطل كابن مينوس إلى ولي عهدنا ثيذيوس؟ وهكذا راحت الجماهير يتحدث بعضها إلى بعض حديث ثيذيوس

أما كيف وصل هذا الأمير الصغير، فإن أمه لما آنست فيه القوة واكتمال البنية، ولما رأت من تدفق ماء الشباب في وجناته، وسريان كهرباء الحياة في عضلاته، قادته إلى الحجرة التي لقيت فيها لأول مرة أباه، ثم ناولته الخطاب المكنون الذي يحمل وصاة الملك. وما قرأ الفتى ما جاء بالخطاب حتى تأكدت له الأماني العذاب التي كانت أمه تهتف له بها، فتقدم إلى الصخرة فرفعها بأقل جهد، ثم حمل السيف فقبله، ووضعه هنيهة على رأسه، ثم على عينيه، ثم على قلبه، كأنه يطبع به خاتم المحبة الأبوية على أعز جوارحه!

وربط النعلين العزيزتين على قدميه، وانهال على خدي أمه ويديها يقبل هذين ويلثم هاتين، وودعها، وتزود من نصائحها، وانطلق ميمما شطر أثينا

وكانت الطريق إلى العاصمة صعبة شائكة محفوفة بالمكاره، ككل طريق تؤدي إلى جنة أو نعيم؛ فاللصوص وقطاع الطرق والسفاكون يأخذونها من كل حدب، والسباع الضواري تعج في جنباتها، والغيلان والأبالسة تهمهم في جميع منعطفاتها. . . ولكن هذا كله لم يثن من عزم ثيذيوس؛ فلقد قتل كل من تعرض له من لصوص هذه البرية المرعبة، وفري رؤوس سباعها، حتى لقد فر الكثيرون أمامه يذيعون نبأ مقدمة في أثينا. فما وصل إليها حتى كان صيته قد سبقه وشاع فيها. وما إن تقدم إلى أبيه الملك حتى عرفه، ونزل من فوق العرش فعانقه وقبله، ثم عاد فأجلسه بجانبه، وألقى إليه بأذنيه يصغي إلى قصة حياته، ومجازفته في الطريق التي تكتنفها الأهوال إلى أثينا!

وأعلن السرور العام في المدينة، وطفقت النواقيس تدق في الهياكل، وأطلق سراح المجرمين من جميع السجون، وجعل الناس يتندرون بشجاعة ولي العهد وقصته العجيبة، حتى لأنساهم ذلك هول المأساة الدامية التي روعتهم وزلزلت قلوبهم وانتظر مينوس أوبة ابنه، بيد أنه قلق لانقطاع أخباره، وساورته الظنون من أجله، وحسب أن ريحاً عاصفاً ثارت بمركبه في البحر الإيكاري فأغرقته، لولا أن أحد التجار الكريديين عثر بجثة القتيل فاحتملها إلى الملك، الذي تصدع قلبه من الأسى!

ولا تسل عما انتاب مينوس من الحزن، وما شمل كريد من الهم، حتى لم تبق فيها عين لم تذرف ماءها على ولي العهد!

واتصل بالملك ما كان من فعلة إيجوس ملك أثينا، فاستيقظ الناس صبيحة اليوم التالي على صيحة الحرب، تدوي في غبشة الفجر فتقض المضاجع، وترن في الآذان وتتجاوب لها حبات القلوب! وما تطلع الشمس حتى تكون البطاح مائجة بجنود كريد البواسل، هائجة بالمتحمسين من الشبان والشيب، هرعوا جميعا فدى الملك، وريا لمجد الوطن، وإثئاراً لولي العهد!

وترامت الأخبار إلى أثينا، فاعتكرت أفراح البلاد، وسكن ضجيج الشعب، وسارع الجميع يستعدون للقاء العدو، فها هي القلاع قد سهر عليها حراسها، والسبل منبثة فيها الجنود شاكي السلاح، والمرافئ تعج بالسفائن الحربية، وكل رجل في المملكة قد اضطلع بنصيبه في الذود عن بيضة الوطن!

وأقلع مينوس بأسطوله اللجب، وعسكره المجر، وفرسانه العديدين، مزودين بميرة ليس كمثلها ميرة، وذخيرة يا لها من ذخيرة. . . ومخر الأسطول لا تحول بينه وبين مطمحه عقبة، ولا يقف من دونه محمق ولا مجنون

ووصل الأسطول إلى أثينا، غادة هيلاس، وهدية الآلهة إلى فينوس، وعروس الأحلام الجميلة؛ فوجد الأسوار مخفورة، والبوابات مغلقة، والناس داخل المدينة مستعدين للدفاع عنها، فألقت الفلك مراسيها. واندفع الكريديون يحتلون السهل الواسع المحيط بالمدينة حتى ملأه، وحتى لا ترى إلا خياماً تصل أقصى الشمال بأقصى الجنوب، وتربط أول الشرق بآخر الغرب. . .

جنود وضوضاء. . . وصهيل ورغاه. . . وعسكر كالجراد المنتشر لا تبلغ آخره عين، ولا يذهب إلى آخره خيال!

وصابر مينوس يحاصر المدينة أياما طوالا حتى قلت الأقوات داخلها، وأخذ أهلها يشكون الجوع والجهد، وزاد شدتهم أن نضب الماء، فعم البلاء

ولم يكن أمام الأثينيين إلا إحدى اثنتين: إما الموت داخل الأسوار صبراً وهذا ما لن يكون، وإما الخروج للقاء المحاصرين ومناضلتهم، وذلك مالا طاقة لهم به، ولا قدرة لهم عليه

أمران أحلاهما مر، وأخفهما فيه الويل، وعقباه الدمار والبوار! وأجمع بعض عقلائهم على أن يذهبوا إلى ملكهم يرجونه أن يذهب إلى الهيكل فيقدم القرابين إلى الآلهة حتى تأتيهم نبوءة السماء ووحي الأولمب بما ينبغي أن يكون. . . ولكن الملك أبي واستكبر، ثم قبل بعد إلحاح أعيان القوم أن ينوب عنه في هذا الشأن أحدهم

وقصد قائم مقام الملك إلى هيكل فينوس فتقرب بالضحايا وعقر القرابين، وقبل الأرض بين يدي تمثالها المنتصب فوق المذبح، ولبث غير قليل. . .

وخشعت الأبصار وسكنت القلوب، وساد المعبد وجوم عجيب. . .

ثم انبعثت الصوت القدسي الضعيف من خلوة الكاهن يقول:

(ليفعل الأثينيون ما يأمرهم به مينوس ملك كريت. . . الويل لهم إن حاربوا؟!)

وهلعت الأفئدة. . . وطاشت الأحلام!!

وتلقاها الملك كما يتلقى الإنسان حكما عليه بالإعدام. . . ولكن ما العمل؟ ولا حيلة لبني الموتى في دفع أحكام القضاء؟ وأرسل إيجوس إلى ملك كريد يعرض عليه الصلح، ويسأله عن شروطه. . . فقال مينوس لرسل الملك: (قولوا لإيجوس، الآن عرفت كيف طعنت فؤاد مينوس تلك الطعنة النجلاء بقتلك ابنه ولي عهده. . . ولقد جئناك نطلب ثمن هذه الفعلة الشنعاء، ولن تكفينا أثينا كلها ثمناً لها! أما وقد ذللت، فحسبنا أن نرجع بسبعة من خير شبابكم وأجمل فتيانكم، وسبع من أبكار الأثينيات وأبهى حسانها، ليكون الجميع غذاء حلالاً للمينوطور، وعلى أن ترسلوا كل عام في مثل هذا الزمن أربعة عشر آخرين من خيرة شباب أثينا وأكرمهم حسباً

إن رضي الملك وسلم فدية هذا العام رحلنا عنكم إلى العام المقبل. . .)

وسكت الملك، وتحدرت من عينيه دموع غلاظ، وثار في قلبه هم قديم. . .

طلب مرعب ينم عن قسوة وغلظة! غير أن قتل ابن مينوس غيلة، في رحاب أثينا، وفي دجنة الليل، وبتدبير الملك، كل ذلك يبرر الغرامة الوحشية التي فرضها ملك كريت! وكاد إيجوس يرفض هذا الهوان الذي طلب إليه أن يؤديه عن يدٍ وهو صاغر، ولكن الشعب هاج هائجه، وضج الرعاع يطلبون الخبز، أو تسليم المدينة، أو. . . دم الملك!!

فذل إيجوس المسكين وصغر، وقبل شروط مينوس مرغماً، واختير من شباب المدينة سبع كواكب أتراب، وسبع فتيان في ريعان الصبى، وشيع هؤلاء وهؤلاء إلى الأسوار بين بكاء الأمهات وعويل الآباء وآلام المحبين!

وهرع الكريديون إلى خيامهم فاقتلعوها، وإلى شراعهم فنشروها، وأقلعوا في الصباح الباكر بعد أن القوا على كبرياء إيجوس هذا الدرس المهول!

ومضت سنون وأثينا العظيمة تؤدي الفدية عن يد وهي ضارعة، حتى ثارت كبرياء ثيذيوس وفارت نخوته، وتقدم إلى أبيه الملك الشيخ، حين دعا النفير العام لتقديم الفدية، يضرع إليه أن يكون هو الفداء الرابع عشر من شباب هذا العام: (على الأقل يا أبي يكون هذا بعض العزاء للأثينيين، وليثقوا أننا لا نذلهم، وأننا منهم وهم منا، وأننا آخر الأمر، نشرب الكأس التي يشربون!)

وصعق الوالد حين تقدم إليه ولي عهده بهذا الطلب، ورفض رفضاً باتاً. . ويغلي الدم في راس البطل، فيقول للملك: (إذن فأنا أحطم كأس الحياة التي أفعمت مذلة وهوانا، وسأريق مع سمها الأسود هذا الدم الأرجواني الذي لا استحقه، ولا أشرف به. . أبتاه! لن تتحرك السفينة الحزينة حاملة ضحايا قسوتنا واستبدادنا حتى أحييها بحياتي، وأرويها بدمي، ليكون قرباناً لمن عليها من عشيرتي ولداتي. . .)

وقبل أن يفصل البطل الشاب، ناداه والده باكياً، ونهض فباركه، وقبل، والهم يمزق أحشاءه، أن يكون بين الضحايا. .

وفي الحق إن ثيذيوس لم يكن يعرض نفسه للتهلكة، ولكنه كان واثقا من شجاعته، مؤمنا بما وهبته الآلهة من جلد وبأس، وقلب لا يفله إلا الحديد، لأنه من حديد. ولقد صمم أن ينازل هذا المينوطور الخبيث، فأما قتله وعد مرفوع الرأس، موفور الكرامة، ليعيش في وطنه منقذا لأثينا، وإما قضى القضاء أمره فيه، وليس هو بأعز ممن راحوا ضحية هذا الوحش المخيف!

وقال لأبيه وهو يودعه، حينما ركب المركب السوداء التي يرفرف عليها علم الموت (أبي! لا تبك! إنك ملك، ودموع الملوك لا تذرف إلا في سبيل الوطن! إنني ذاهب إلى معركة أرجو أن يكتب لي النصر فيها! لقد كنت أتغلب على عشرات من أمثال هذا الوحش ولما أكن بعد إلا طفلاً. . . ادع لي أن أفوز به، فأريح أثينا العزيزة من شره)

وأقلعت السفينة تحمل هذه الفلذات الغالية من أبناء البلاد، ومخرت في بحر تلاطمت أمواجه، وزخرت أثيابه، واشمخر أنفه، وانتفخت أوداجه، حتى وصلت إلى كنسوس حاضرة كريت. وهرع الناس من كل فج يستقبلون ضحايا المينوطور، وفي وجه كل منهم عبوسة حزن، وملء قلوبهم ثورات مكبوتة من الأسى، على هذا الشباب الناضر الذي أقبل إلى الموت من قرار بعيد!

وكانت في الجماهير فتاة غضة الأهاب، بضة الشباب، حلوة ناعمة، نهضت في مركبتها لمشاهدة الضحايا الأثينيين، وما كادت عينها تصيب نظرة ثيذيوس، حتى أحست في أعماقها بنفحة السماء التي تسبق لفحة الحب!!

(ترى من يكون هذا الشاب الأنيق والفتى الرقيق؟

(إنه يقبل في غير وجل، ويقتحم الجماهير في غير هيبة! أعبر بحار الموت قبل هذا؟

(لا شك يا فتاة أنه أمير إن لم يكن ابن الملك!

(إن الحمرة التي تطير من الورد إذا قطف، ما تفارق خديه، وهو مقدم على الردى!!

(إن صفرة الموت تستحي أن تموه هذه الوجنات!؟. . .

(أمن السماء هذه الزرقة التي تملأ عينيه؟. . .

(بل مثله لم يخلق إلا ليكون زهرة هذه الحياة الدنيا. . .

(أيها الشاب. . . لن تموت!

وهكذا جعلت تتحدث تلك الغادة. . . الأميرة الجميلة بنت مينوس. . .!!

وكأنما قرأت وصيفتها الأمينة ما دهى سيدتها من حب الفتى قي كتاب عينيها، فقالت: (أتحس سيدتي بتعب؟

(لا يا فتاة. . ولكن انظري إلى هذا الفتى المتفتح كالزهرة!

(والله يا سيدتي إنه جدير بعطفك، خليق برحمتك. . .

(وما العمل يا فتاة وليس لنا في إنقاذه يدان! (هوني عليك يا مولاتي! إنه وايم الله من سلالة الملوك، إن لم يكن ابن ملك! وهو بادي الشجاعة ظاهر الفتوة! وإن له سيفاً طويل النجاد ما حمل أحد مثله، ولم أعهد قط أن من ضحايا المينوطور من جاء بذي غرارين من شنه. . . فلم لا ندبر معه قتل المينوطور!؟. . .)

(قتل المينوطور؟ إنك تهرفين! ومن يجسر أن يدخل والمينوطور في معترك؟

(لا عليك؟ نرشو السجان فيفلت الشاب في ظلام الليل، ونهديه إلى باب اللابيرنث فينطلق إلى الوحش الغاط في نومه العميق فيجذ رأسه بهذا الجراز الذي ترين!)

(ياله من تدبير! ولكن كيف يعود الشاب وأنت تعرفين من منعرجات اللابيرنث وشعابه ما تعرفين؟. . .)

(لا أسهل من هذا أيضاً! خيط طويل من أمراس الكتان يمسك هو بطرفه الأول، ونمسك نحن بطرفه الآخر، يهديه في الأولى ويرشده في الثانية!!)

وطربت بنت منيوس لتدبير وصيفتها، فمنحتها قبلة شهية وخلعت عليها جائزة سنية. . . وانطلقتا تترقبان المساء!

وعرف ثيذيوس أنها ابنة الملك فاستطير من الفرح؛ وعرفت أنه ابن ايجوس؛ فكبر رجاؤها وتلألأت آمالها. . .

وقتل المينوطور؛ وفك اسار رفاقه ورفيقاته، وأقلعت بهم الفلك؛ حاملة جوهرة جديدة غالية: هي ابنة مينوس. . . وربيبة كريد

أما الملك!

فقد صبر! وأرضاه أن يحضر إيجوس فيعتذر له ويصالحه!. . وهكذا حسم الحب هذا الخصام الطويل

دريني خشبة