مجلة الرسالة/العدد 988/إندونيسيا
2 - إندونيسيا مجلة الرسالة/العدد 988/إندونيسيا للأستاذ أبو الفتوح عطيفة (ما من قوة في الأرض - حتى القنبلة الذرية - تستطيع أن تقضي على إرادة شعبنا في أن يصبح أمة مستقلة) (ليس في استطاعتي أن أتصور عالما نصفه من الأحرار ونصفه الآخر من العبيد) (إن إندونيسيا قد أخذت على نفسها ميثاقا مقدسا بأن تحارب الاستعمار وتكافحه أينما كان) (إن إندونيسيا تعلن تأييدها التام لمصر وإيران) الرئيس سوكارتو مرديكا: كلمة إندونيسية معناها الحرية والاستقلال، فإذا قلنا إندونيسيا مرديكا فإنا نقصد بذلك إندونيسيا الحرة المستقلة. ومرديكا (الاستقلال) هي صيحة الإندونيسيين الوطنية والإندونيسيون قوم يؤمنون بالحرية ويقدسونها، وليس في هذا ريب فما زالت سياط المستعمر وويلات الاستعمار الهولندي ماثلة في الأذهان لقد ظلت هولندا جاثمة على صدر إندونيسيا قرونا طوالا ومع هذا لم يضعف إيمان الإندونيسيين بالحرية، وقد كان انتصار اليابانيين على الروس 1905 أول خيط في ثوب الحرية الأسيوية ضد الاستعمار الأوربي. فقد آمن سكان آسيا بأن حريتهم يمكن أن تتحقق ولابد يوما أن يصلوا إليها. ولم يأت منتصف القرن العشرين حتى تحقق استقلال كثير من الشعوب الأسيوية: الباكستان إندونيسيا الهندستان برما وغيرها وكما زلزل انتصار اليابان 1905 أقدام الاستعمار الأوربي لآسيا. . زلزل انتصارهم واحتلالهم لإندونيسيا 1942 أقدام الاستعمار الهولندي. فقد طرد اليابانيون الهولنديين واحتلوا الأرخبيل الإندونيسي. ولم يرض الإندونيسيون بهذا فإنهم كانوا ينشدون الحرية ولا يريدون إبدال استعمار باستعمار، ومن ثم أخذوا يعدون أنفسهم للجهاد المقبل. وقد ساعد اليابانيون على تدريب الإندونيسيين مما أكسبهم قوة عظيمة وفي 1945 سقطت القنابل الذرية على المدن اليابانية فكانت إيذانا بانتهاء الحرب العالمية الثانية، وباستقلال إندونيسيا. ذلك أنه ما أن سلمت اليابان حتى أعلن الإندونيسيون استقلالهم في 17 أغسطس 1945. وقد حاولت هولندا العودة إلى احتلال إندونيسيا ولكن الإندونيسيين قابلوا القوة بمثلها واضطرت هولندا إلى الأعراف باستقلال إندونيسيا في 27 ديسمبر 1949 وقد أعلن الدكتور سوكارتو في يوليه 1945 المبادئ الخمسة (البانتشا سيلا) التي قامت عليها الجمهورية الإندونيسية وهي: الإيمان بالله والمودة للإنسان والاعتزاز بالقومية والاعتراف بسيادة الأمة وتحقيق العدالة الاجتماعية ووصف هذه المبادئ بأنها (أساس نفساني لإندونيسيا الحرة، فلسفة ذات تفكير عميق وروح ورغبات تامة يقوم عليها بناء إندونيسيا الحرة ثابتا مستقرا إلى الأبد.) وقد زاد الرئيس سوكارتو هذه المبادئ إيضاحا وتفسيرا فقال: إننا قوم نؤمن بالقومية ويقصد بالقومية إقامة دولة إندونيسية تضم جميع الإندونيسيين تحت لوائهاويشعر جميع أبنائها بحاجتهم إلى أن يكونوا يدا واحدة وأمة متحدة ولا يمكن الفصل بين الإنسان والمكان، فوجود المكان شرط لقيام الدولة. والله قد خلق العالم وأقام فيه الوحدات الطبيعية: فجزائر إندونيسيا التي تتكون من جاوة وسومطرة وبورنيو وسبيس وغيرها تقف حاجزا بين المحيطين الهادي والهندي وعليها تتحطم أمواجهما. هذه الجزائر تكون وحدة طبيعية ويسكنها 75 مليونا من البشر فلم لا تكن دولة حرة مستقلة! وإندونيسيا لا تريد أن تكون دولة حرة فحسب، وإنما تريد أن تكون دولة حرة في عالم حر. لقد ذاقت إندونيسيا ويلات الاستعمار فلتكن سياستها الجديدة مقاومة الاستعمار والوقوف في جانب الحرية من أجل هذا وقفت إندونيسيا بجانب مصر وإيران في إبان صراعهما الأخير ضد الاستعمار البريطاني، وقد كانت إندونيسيا من اسبق الدول إلى الاعتراف بجلالة الملك فاروق ملكا لمصر والسودان وهو لقب جلالته الذي أقره البرلمان المصري بعد إلغاء معاهدة 1936 في أكتوبر الماضي ولم تكن مصر أقل حبا لإندونيسيا، فقد كانت مصر من أسبق الدول إلى الاعتراف بالجمهورية الإندونيسية الوطنية الحرة، وليس هذا بكثير بل إنا نطمع فيما هو أكثر في المستقبل القريب إن شاء الله. إننا نريد إقامة وحدة إسلامية حرة تعيش في عالم حر والمبدأ الثالث الذي تدين به إندونيسيا هو الديمقراطية بمعنى أن يكون الكل للكل والواحد للكل والكل للواحد: , وبمعنى آخر أن تقوم حكومة إندونيسية يتمتع جميع رعاياها من مسلمين ومسيحيين وبوذيين بكافة الحقوق والواجبات، ولينعموا بالسعادة والطمأنينة والرفاهية والرخاء وأما المبدأ الرابع فهو إقامة دولة تنهض بإندونيسيا وتجعل منها شعبا قويا يتمتع جميع أفراده بالحياة الهانئة مما يحقق العدالة الاجتماعية وأما المبدأ الخامس والأخير فهو أن تقوم في إندونيسيا حكومة تكفل للجميع حرية العبادة، تكفلها للمسلم وللمسيحي وللبوذي على السواء ويختم الرئيس بيانه قائلا: إن الحرية والاستقلال لا يمكن أن ينالها شعب إلا إذا اشتعلت روحه بالعزم على الحصول عليهما أو الفناء في سبيلهما) نظامها الحكومي: إندونيسيا جمهورية وقد نص دستورها على أن السيادة فيها يجب أن تكون للشعب الذي سيباشر تلك السيادة بواسطة المؤتمر الشعبي الذي يتكون من أعضاء المجلس النيابي ومن مندوبي المناطق والطوائف والرئيس يتولى السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية وهو القائد الأعلى للجيش والبحرية والطيران. وله وكيل أو نائب وكلاهما يختار بالانتخاب ومدة ولايتهما خمس سنوات وقبيل مباشرة الرئيس لسلطته يقسم اليمين التالي أمام المؤتمر الشعبي أو المجلس النيابي: (إنني أحلف إنني سأقوم بواجبي كرئيس للجمهورية الإندونيسية بأمانة وإخلاص لصيانة الدستور وتنفيذ القوانين وتكريس نفسي لخدمة الدولة والشعب) وللرئيس حق إعلان الحرب وعقد الصلح وإبرام المعاهدات بموافقة المجلس النيابي، وهو الذي يعلن الأحكام العرفية ويعين السفراء والوزراء المفوضين والقناصل والسلطة التنفيذية في يد الوزراء الذين يعينهم ويقيلهم رئيس الجمهورية وهم مسئولون عن وزارتهم أمام الهيئات النيابية وتنقسم إندونيسيا إلى وحدات إدارية تحتفظ كل منها باستقلالها الذاتي إلى حد كبير وقد نصت المادة الرابعة والعشرين على أن السلطة القضائية يجب أن تكون في يد المحكمة العليا والمحاكم التابعة لها ونصت المادة السابعة والعشرون على أن المواطنين يجب أن يكونوا كلهم في منزلة واحدة أمام القانون ويجب أن يكون لهم حق في العمل وفي توقع المستوى المعقول للمعيشة ونصت المادة التاسعة والعشرون على أن الدولة تؤسس على الإيمان بالله رب العالمين وعلى أن الدولة تضمن حرية الشعب في إظهار الدين الذي يؤمن به وفي العمل به وكذلك كفل الدستور لكل مواطن أن ينال حظه من التعليم ونص على أن تعد الدولة المعاهد اللازمة لذلك وكذلك قرر الدستور أن الدولة يجب أن تعني بالرخاء الاجتماعي وبالفقراء والأطفال المشردين هذا عن دستور إندونيسيا. أما عن مؤسساتها الدينية والسياسية فأهما: 1: مجلس شورى مسلمي إندونيسيا 2: حزب دار الإسلام 3: شركة إسلام 4: الجمعية المحمدية ولها فرع نسائي يسمى الجمعية العائشية. 5: جمعية نهضة العلماء 6: الاتحاد الإسلامي وهذه الهيئات الإسلامية كانت تعمل على تحرير إندونيسيا فلما استقلت إندونيسيا أخذت تعمل على الاحتفاظ بهذا الاستقلال وصيانته وإعزاز كلمة الدين الإسلامي وأهم الأحزاب بعد ذلك الحزب الوطني الإندونيسي وكان ينتمي إليه الرئيس سوكارتو قبل تولي رئاسة الجمهورية أبو الفتح عطيفة