مجلة الرسالة/العدد 988/رسالة الشعر

مجلة الرسالة/العدد 988/رسالة الشعر

ملاحظات: بتاريخ: 09 - 06 - 1952



رحلة

للأستاذ أحمد محمود عرفة

ما للنسيم ترق لمسته ... فكأنه متودد غزل

أو طفلة عشقتك نظرتها ... فمشى إليك فؤادها الجذل

أو بعض أطياف النعيم أتت ... ممشوقة همت بها القبل

أردانها عطر، وأخيلة ... وتوهج، كالنار تشتعل

هذا الصباح مني محلقة ... أم غادة يجثو لها الأمل

أو دفقة الإبريق في ظمأ ... عات عليه يعذب العلل

ناداك مبتهجاً فقمت له ... والبشر في عينيك مكتمل

والروح أصفى في تألقها ... من ماسة ضحكت له المقل

ما زلت تمشي فوق أخيلة ... وندى الصباح عليه ينتقل

والكون كالمحراب أعينه ... مسدولة الأهداب تبتهل

والطير تسبيح على فنن ... أو رحلة بالأفق تحتمل

حتى شرقت من الجمال كما ... بالماء غص الشارب الثمل

ورجعت تضرب في الضحى أسفاً ... والناس حولك ضجة جلل

والدرب أشواك تمد إلى ... قدميك أنيابا هي الحبل

والتنفس في أكفان وحشتها ... ثكلى تذيع أنينها الكلل

والبيت قبر فاغر فمه ... والقبر بين أهله رحلوا

أحمد محمود عرفة

أطياف!

للأستاذ عبد المنعم عواد يوسف

لئن كنت قد غبت عن ناظري ... فما زلت كالحلم في خاطري

ترفرف مثل الشعاع الجميل ... وتبرق مثل السنا الغامر! ويبعث في النفس عذب الرجاء ... وتوحي الفنون إلى الشاعر

فمهما تناءيت عن أعيني ... ففي القلب ذكرك يا هاجري

لئن كنت قد غبت عن ناظري ... فما زلت كالحم في خاطري

أراك تصفق في أضلعي ... طروبا كتصفيقة الطائر

سعيدا بما ذقته في هواك ... من الحزن واليأس يا آسري

فآه قلبي من بائس ... وآه لقلبك من غادر

لئن كنت قد غبت عن ناظري ... فما زلت كالحم في خاطري

تفجر في القلب نبع الأسى ... فأنساب في هيئة الحائر!

أحدق في الأنجم الزهرات ... وأرنو إلى الكوكب الساهر

فأحظى بطيفك من بينها ... فأرجع في نشوة الظافر

لئن كنت قد غبت عن ناظري ... فما زلت كالحم في خاطري

تجدد في النفس ذكرى غرام ... طوته يد الزمن الجائر

وأحلام عهد مضى هاربا ... بأطياف ذلك الهوى الفائر

ولكن منى الروح هل من لقاء ... يهدئ من قلبي الثائر

لئن كنت قد غبت عن ناظري ... فما زلت كالحم في خاطري

أحسك تحيى هنا في دمي ... مطلا على جرحي الغائر!

وتنظر ما نالني من جفاك ... فتأخذ في ضحكة الساخر

فيالك من مستبد جحود ... ويالي من عاشق شاعر!

عبد المنعم عواد يوسف