مجلة الرسالة/العدد 998/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 998/البريد الأدبي
ذكرى ورجاء في مناسبة العدد الألفي للرسالة
بعد أسابيع. . . يطالع قراء الرسالة العصماء عددها الألفي، ومجلة الرسالة تعد في طليعة المجلات النابضة بالآداب الرفيعة، الناهضة بكل ما استحدث في الضاد من علوم وفنون.
وغني عن البيان أن لصاحبها الأستاذ أحمد حسن الزيات أكبر الفضل في إبرازها بتلك السمة الأخاذة الرائعة التي وضعتها في مقام الصدارة من الأدب الحي.
وللأستاذ الزيات مكانته الملحوظة، لا في مصر وحدها بل في الأقطار الشقيقة عامة وسائر الديار الناطقة بلفة القرآن، بما برز فيه من أدب عال، وأسلوب جزل رصين، قوي البيان، راسخ البنيان، سديد الهدف، بعيد المرامي، هذا إلى ما عرف عنه من خلق عظيم، وذوق سليم، وغيرة إسلامية قومية وطنية.
وأشهد أنني ما طالعت فاتحة مقال، بارع الاستهلال، في جميع الأحوال لأستاذنا الزيات، إلا وجدت حافزاً قويا يحفزني لإتمام المقال، حتى لم أعد أقنع بما ألفه وزفه للعربية الفصحى من كتب قيمة جمعتها وقرأتها مرات، ومازلت أطلب المزيد منها.
غير أني أحب أن تفسح رسالتنا الغراء صدرها الرحيب لبعض الملاحظات التي نعرضها لذكرها والذكرى تنفع المؤمنين.
كانت الرسالة في أول عهدنا بها، أفسح مجالا، وأكبر حجما، وأقرب منالا، فلما عطلت الحرب الأخيرة موارد الروق، وضنت على الصحف والمجلات بوفرته، ضاق النطاق، وشجت الأوراق، حتى عاد العدد من المجلة لا يتسع لأكثر الموضوعات. وعشاق الرسالة يحبون أن تكون مجلتهم الحبيبة، جامعتهم العامة، يلتقون فيها بخواطرهم، ويتبادلون نواحي الفكر المختلفة، في الآداب والعلوم الاجتماع.
وفي باب (البريد الأدبي) مجال ضيق الحدود، لا يتسع لأكثر من ثلاث رسائل في غالبية الأعداد. وباب القصص الغربية والمصرية كسابق العهد - مجال واسع لا يزال شاغرا في مجلتنا الأثيرة.
ولقد كانت ومازالت مجلة الرسالة تعتبر مجلة الخاصة من الممتازين بالثقافة العالية؛ لهذا أصبحنا لا نجدها إلا في أماكن محدودة - يوم صدروها، وهي تكاد تطالعنا بغير المقالات الخاصة لفئة خاصة، من كتاب وأدباء الأقطار العربية، وقد تتغير الأسماء وتتجدد الأقلام ولكن في النذر اليسير منها.
فإذا ما عن لأديب من عشاق الرسالة - وكثير ما هم - أن ينشر على صفحاتها بعض ما يعتز ويعتد به من إنتاجه - بعد الكد وطول البحث، أو دفعه دافع من غيرة أدبية، أو حب استطلاع علمي، إلى الفزع إليها، ضنت وما اطمأنت لغير الأسماء اللامعة.
ولو جاز لأديب يعيش في عزلة مثلي، أن يكتب في معظم الصحف والمجلات العربية، مقالات أدبية، وقصائد ومقطوعات شعرية، قرابة ربع القرن مضى من الزمان. . أقول لو جاز له ذلك، لما استطاع أن يجتاز امتحان الرسالة العسير!!
(أحرام على بلابله الدو ... ح حلال للطير من كل جنس)
وفي البريد الأدبي بالعدد 993 تحت عنوان (دار العلوم) كلمة للأستاذ (محمد علي جمعة الشايب) فيها إشارة لبعض ما توجهنا إليه.
فإذا لم تكن مجلة الرسالة الناهضة، هي الملجأ الأمين، والمفزع المنصف، لإبراز المواهب وصقل الأفكار وشحذ القرائح. فمن للشعر والشعراء والأدب والأدباء الذين ضاقوا بتدهور سوق الأدب، وقصوره على النواحي الماجنة المبتذلة، لغالبية الناشئين من أدباء اليوم والمطمورين من شعراء الجيل.
لقد حمدنا لأستاذنا الزيات ما أضفناه على مجلة الأزهر من جمال، وما أضافه إليها من بحوث قويمة وأبواب آية في الروعة ومتانة الصياغة، وطرافة النواحي الدينية والتاريخية والأدبية والاجتماعية، فبعد أن كانت مجلة الأزهر مقصورة على طائفة من أهل العلم، والبحث الديني، أصبحت مجلة الجميع! أما آن للرسالة أن نجدها أيضاً مجلة الجميع وملتقى الأدباء والشعراء في مصر والأقطار العربية على السواء؟
وأذكر لصاحب الرسالة قوله في مقال: (الرسالة في عامها الحادي عشر) (وإذا قدر الله للرسالة أن تخرج من محن هذه الحرب وفيها حشاشة نفس، كانت حرية بعد ذك أن تستهين بكل صعب، وتثبت على كل خطب) إلى أن يقول: (ويؤمئذ يتسع لها المجال فتشارك جاهدة مخلصة في رأب ما تصدع وتجديد ما تهدم) وإنا لمنتظرون وعلى الله قصد السبيل.
سلامة خاطر (الرسالة) تشكر للأستاذ الكاتب حسن ظنه وجمال رأيه، ونعده
أن نعمل جاهدين لتحقيق ما أراد وتنفيذ ما اقترح.
الصحافة الأدبية في العراق
اتصل بي كثير من أدباء وشعراء البحرين والكويت والقطيف وعدن بريديا طالبين مني إرسال بعض صحف العراق الأدبية للإطلاع على الحركة الفكرية الحديثة، لأنهم يجهلون كل شيء عن الأدب العراقي المعاصر، ولا يعرفون شيئا عن أدباء وشعراء الشباب إلا القليل الذي لا يبل الصدى ولا يقنع الغلة، فهم مثلا لا يستطيعون أن يرسموا خطوطا واضحة عن شاعر أو أديب عراقي لأنهم لم يقرءوا له البتة، ومن كان ينشر منهم في صحف بغداد السيارة، فهم يعرفونه لأن صحف العراق لا تصل أبداً؛ أما الذين ينشرون في صحف مصر ولبنان وسورية والمهجر العربي في أمريكا فهم فئة قليلة جدا، تكاد تعد بأصابع اليد الواحدة؛ وفي الوقت نفسه كتبت إليهم جميعا أعتذر عن تلك المهمة لعدم وجود مجلة أدبية راقية تمثل الأدب العراقي المعاصر خير تمثيل تستحق أن تكوم سفيرا بيننا وبين البلدان العربية الأخرى، وكاد الأمر ينتهي عند هذا الحد لو لم يصل العراق هذا الأسبوع بعض الأدباء المعروفين، منهم شاعر القطيف الأستاذ محمد سعيد المسلم، والأستاذ عبد الله الطائي من البحرين. وفي معرض الحديث عن الأدب العراقي عاب الطائي علينا خلو البلاد من صحيفة أدبية راقية، وأيده الأستاذ المسلم، فأخبرتهما أنني أحسست بهذا النقص قبلهما. لذلك منذ أكثر من عام قدمنا طلبا إلى مديرية الدعاية العامة حول منحى الرخصة اللازمة لإصدار مجلة أسبوعية أدبية باسم (الخميلة) لتكون منبرا حرا للآراء وبعد إجراء المعاملات الرسمية من الشرطة وإكمالها حفظت المعاملة لأن وزير الداخلية لم يوافق على ذلك في حين أنه وافق على إعطاء الترخيص - الامتياز - اللازم لكل من هب ودب من الأميين وأنصاف المثقفين. . فسكت على مضض، ثم قابلت صديقي الأستاذ المجاهد سلمان الصفواني صاحب جريدة (اليقظة) الغراء وشكوت له معاملة الدعاية معي، فأجابني بالحرف الواحد: (إنك يا أستاذ لست بأمي ولا بمشعوذ) ثم لجأت إلى صديقي سعادة الأستاذ محمد جواد الخطيب المحامي عضو البرلمان العراقي وعضو اللجنة العليا في حزب الاتحاد الدستوري - الحزب الحاكم في وزارة السعيد - فقال لي إنك شاعر معروف وأديب لك مكانتك في البلاد العربية، ويكفي أن (الرسالة) تحمل كل أسبوع نتاج قلمك إلى القراء، ولكن الحكومة لا توافق على منحك الامتياز. قلت له: لماذا؟ في حين أن من أعطتهم الإجازة اللازمة لا يعرفون حتى كتابة أسمائهم فسكت.
ثم رجعت مرة أخرى إلى موظف كبير في الدولة قلت: يا سيدي إن الحكومة تحاربني في رزقي الذي يدر علي من قلمي؛ فقال كيف؟ قلت: إن مدير الدعاية بأمر من وزير الداخلية منعني من إصدار مجلة أدبية، وهي كما تعلم دعاية للأدب العراقي الذي يجب أن يعلن عنه، لأن الأمة التي لا أدب لها لا قيمة لها؛ قال: هذا أمر وزاري، قلت: ما رأيك في أنني نظمت شكواي في قصيدة رفعتها إلى الأستاذ الجليل الزيات، وسأنشرها قريبا ومنها:
أأبا (الرسالة) والحديث كما ترى ... شجن ولولا أن يقان أعادا
لأسلت من شكواي جرحا داميا ... هيهات يلقي في العراق ضمادا
في أي مملكة يموت أديبها ... جوعاً وتختزن الكلاب الزادا
في أي مملكة يقيد شاعر ... ليعيث وغد في البلاد فسادا
ثم ختمتها بقولي له:
ما زلت في بغداد أحتمل الأذى ... حتى سئمت من الأذى بغدادا
قال ومتى ستنشرها كاملة؟ قلت: خلال هذا الشهر
هذه قصة الصحافة الأدبية في العراق أسوقها شاهداً وأطلب من كل قارئ التعليق عليها أولا، ثم أريد أن يفهم إخواني الذين يعتبون عليّ لكوني أنشر في مصر ولا أحب النشر في العراق، أنني لا أحب أن أقبر بين ظلال العبودية، وتحت أقدام أذناب المستعمرين الجهلاء. فهل من سميع؟
بغداد
عبد القادر رشيد الناصري
جمعية جديدة للمسلمين في أمريكا الشمالية
وقع الاختيار على عبد الله اجنام من سيدار رابيدز ليكون أول رئيس للجمعية الدولية لمسلمي أمريكا الشمالية التي تألفت هذا الأسبوع.
وتهدف الجمعية الجديدة إلى تعزيز أواصر الصداقة والأخوة والتفاهم بين المسلمين في أمريكا الشمالية؛ كما تهدف إلى زيادة التفاهم بين المسلمين في الولايات المتحدة وإخوانهم في الوطن من ذوي المذاهب الأخرى.
وتعتبر الجمعية أول محاولة للوحدة يبذلها ستون جالية إسلامية في الولايات المتحدة فضلا عن خمس عشرة جالية أخرى مبثوثة في أنحاء متفرقة في كندا.
وقد نهض بعبء تأليف الجمعية الجديدة المندوبون الخمسمائة الذين مثلوا مسلمي الولايات المتحدة وكندا في المؤتمر الذي عقد تحت إشراف جمعية الشبان المسلمين في أمريكا - ومقرها في سيدار رابيدز - وأستغرق ثلاثة أيام.
هذا وقد ألقى الدكتور محمود حب الله الأستاذ بالجامعة الأزهرية المنتدب لإدارة معهد الدراسات الإسلامية بواشنطن كلمة في المؤتمر قال فيها إن اتباع التعاليم السماوية سيؤدي إلى خلق عالم ينظر فيه الناس إلى أنفسهم كأعضاء في أسرة دولية قبل أن يكونوا أبناء وطن واحد.
شكوى طلاب العلم من وزارة الداخلية
كانت ووزارة الداخلية في العهد البائد لا تؤمن بالشباب؛ ولولا ذلك لما منعت عشرات الطلاب المصريين من السفر إلى الخارج للاستزادة من العلم، متعللة في ذلك بأتفه الأسباب. وهناك طلاب كثيرون فاتتهم الفرص التي لن تعود، وضاعت عليهم البعثات التي كدوا وجاهدوا في سبيل الحصول عليها، وذلك لأن وزارة الداخلية كانت كافرة بإخلاص الجامعيين، وكل جامعي لديها فهو متهم لا لشيء إلا لأنه جامعي؛ وهي لهذا كانت تحتاط وتأخذ حذرها، وعندما يأتيها طلب جواز سفر من أحد الجامعيين كانت تقوم بالتحريات الشاملة الطويلة عن ماضيه وحاضره ومستقبله! فإذا وجدت أدنى شبهة رفضت في إصرار التصريح له بالسفر.
ألم يكن هذا ظلما للعلم وللمتعلمين؟
أليس من حق كل مصري أن يرحل إلى معاهد العلم الأجنبية كي يعود إلى وطنه أكثر قدرة على خدمته؟ وأنا واحد من هؤلاء الجامعيين، تخرجت من كلية الآداب، ومنحت بعثة دراسية من إحدى الحومات الأوربية؛ فأعددت العدة للسفر، وكدت أن ارحل لولا أن عملت من وزارة الداخلية يومئذ أنني ممنوع من السفر. . .
أجل! ولم تبد الوزارة أسباب هذا المنع. ولم أجد أنا له في صفحة حياتي مبرراً.
أيعامل إنسان معاملة المجرمين لا لشيء إلا لأنه يريد أن يتعلم؟
هذه شكوى جامعي مخلص، عسى أن تجد في مجلتكم سبيلا لآذان المسئولين في هذا العهد الجديد السعيد.
م. . . .