مجلة المقتبس/العدد 15/يا عدل

مجلة المقتبس/العدد 15/يا عدل

ملاحظات: بتاريخ: 15 - 4 - 1907



متى تحضر نطب يا عدل بالا ... وأما أن تغب عنا فلا لا

وكم واعدتنا يا عدل وصلاً ... رجوناه فلم تُنِل الوصالا

وطالبناك بالإنجاز لما ... مطلت فلم تزد إلا مطالا

إلى الناس التفت يا عدل يوماً ... فإن عليك للناس اتكالا

زوالك لا تهنّأ مُحضِروه ... يكون لعز مملكة زوالا

وإن السعد حيث طلعت يبدو ... وإن الأمن حيث تميل مالا

وإنك كالصباح إذا تجلى ... وأسفر عن عمود قد تلالا

وإنك قد أضأت الناس قدماً ... وإنك كنت حينئذٍ هلالا

فكيف وأنت هذا العصر بدرٌ ... بلغت تمام ضوئك والكمالا

تواري نورك المحبوب عنا ... وتحجب عن محبيك الجمالا

أقم للحق ديواناً عظيماً ... ورخّص كي نلمّ به عجالى

فنقرأ في ظلامتنا كتاباً ... ونشكو في حضورٍ منك حالا

  • * *

وقفت وأعيني مغرورقات ... على ربع لميَّة قد أحالا

على ربع لمية زايلته ... ولم يكُ عرف مية عنه زالا

أسائله فلم يُرجع جوابي ... كأن الربع ما فهم السؤالا

وقفت محاذياً طللاً حكاني ... به وحكيت دارسه هُزالا

كأني إذ أسائله خيالٌ ... يخاطب في معطّلة خيالا

ذكرت به زماناً فيه ميٌّ ... تلاعبني وتوليني الوصلا

وصالاً قد نعمتُ به كأني ... شربت به على ظمأ زلالا

  • * *

ألا يا ميّ حبك في فؤادي ... كمثل النار يشتعل اشتعالا

أبيني كيف ليلك قد تقضى ... فبعدك ليلنا يا مي طالا

أمية نوّلينا منك قرباً ... أمية ثم لا تذري النوالا

ولم نك إذ منعت الوصل ندري ... أبخلاً كان ذلك أم أذنب يا رعاك الله أنا ... عشقنا منك يا مي الجمالا

  • * *

أدر في الربع عيناً منك وانظر ... إلى حال إليها الربع حالا

تولّى فيه عنك العيش حلواً ... فخلّ العين تنهمل انهمالا

وما الربع الذي أخبرت عنه ... سوى الوطن الذي ركناه مالا

وليس سوى العدالة ما هوينا ... وميٌّ قد ذكرناها مثالا

إذا أمست حياة المرء عبئاً ... عليه لا يطيق لها احتمالا

ولازمه من الأحزان داء ... وأصبح داؤه داءً عضالا

وقد فرحت أعاديه شماتاً ... وفارقه أحبته ملالا

فليس سوى الحمام له طبيب ... يداوي منه آلاماً توالى

فإن الموت يرحمه وينفي ... خطوباً قد نزلن به ثقالاً

وإن الموت ملتجأٌ كريم ... لمن ألقى بساحته الرحالا

فزرنا عاجلاً يا موت زرنا ... فإن لنا بزورتك احتفالا

ويا نفس ارحلي عنا ففينا ... بقاؤك لم يكن إلا ضلالا

ودوسي في طريقك كل صعب ... بعزم تنطحنين به الجبالا

فإن إن برحت الحسم منا ... سموتِ إلى ذرى جو تعالى

  • * *

نفرّ من الحياة إلى المنايا ... لأن حياتنا أمست وبالا

نريد من الكروب بها خلاصاً ... وعن دار الهوان بها ارتحالا

وإن لنا إذا متنا حياةً ... ننال إلى السماء بها انتقالا

ستخرج عن مضيق الجسم روحي ... وتُلْفي في الفضاء لها مجالاً

بقاء الروح بعد الجسم أمر ... به اختلفوا ومن يدري المآلا

فقال البعض أن الروح تبقى ... إذا انفصلت عن الجسم انفصالا

وقال البعض أن النفس تفنى ... إذا لاقت قوى الجسم انحلالا

فظن بقاءها حتماً أناس ... وعدّ بقاءها قومٌ محالا وقد قلنا به ونفاه بعض ... وأن لنا مع النافي جدالا

بغداد

ج. ص