مجلة المقتبس/العدد 31/غرائب القصاص

مجلة المقتبس/العدد 31/غرائب القصاص

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 8 - 1908


لعل بعض النفوس تتأذى بقراءة هذا الموضوع لأنه يدور على التفنن في إزهاق الأرواح على أنه لا بأس بشيء من القسوة يقوون بها قلوبهم للنظر في موضوع علمي تاريخي كان الإفرنج بعد الحروب الصليبية يستعملون من أساليب القتل كل غريب عجيب وخصوصاً في عهد ديوان التفتيش الديني في البلاد اللاتينية التوتونية حتى إذا كانت سنة 1792 أخذت بعض البلاد ولاسيما فرنسا عن إيطاليا استعمال آلة يسموها المقصلة تحز رأس المجرم في أقل من ثانية ثم أخذوا يبطلون هذه العادات ولما جاء دور الكهربائية أنشأت بعض بلاد الغرب ولاسيما الولايات المتحدة تعمد إلى إصعاق المجرمين بها ولكن تبين مؤخراً أن المصعوق بإجراء مجرى كهربائي عليه لا يقتل في الحال بل أنه يقاسي أشد العذاب عقيب إصعاقه ولا تزهق روحه حقيقة إلا بعد أن تشرح جثته.

وقد قامت الدكتورة روبينوفيتش وحملت حملة منكرة على القتل بالكهرباء قالت: إن كان لا بد من استعمال هذه الطريقة الوحشية فلا أقل من أن يكون فيها شيء من روح الإنسانية بمضاعفة القوة الكهربائية خمسة أضعاف ما يجري الآن ليتم القتل في أقل من لحظة وقد جربت هذه الطريقة في الأرانب فوقع الاستحسان عليها وأخذوا يستعملونها ولكن في عقاب المجرمين والأعضاء المؤلفة من الناس لتسلم بلادهم من شرور الأشرار.

وبعد فما برح البشر منذ عرف تاريخهم يقتل كبيرهم صغيرهم ويأكل قويهم ضعيفهم يعاقب في التنازع على المحمدة والمجد والمال والدين والعروض بعضهم بعضاً وآخر عقوباتهم ونتيجة إرهاقاتهم الموت اخترعوا إلى الوصول إليه طرقاً ترتعد لسماع أخبارها اليوم الأعصاب وتاريخ الشرقيين والغربيين على غرار واحد من هذا القبيل ترى كلما فتحت صفحاته دماء أبرياء تعج من جور الأقوياء على الضعفاء فتبلغ عنان السماء وتتمثل لعينيك الأمم في ذلك كأسنان المشط في الاستواء قلما يختلف شرق عن غرب أو أسود عن ابيض.

فمن خنق إلى حرق إلى شنق إلى ضرب بالعصي والأكف ورمي بالنبال وهبر بالسيف ودسر بالرمح والحراب والقذائف والبارود والديناميت إلى سم وإجاعة وحز رؤوس وبقر بطون وسمل عيون واستلال لسان وصلم آذان وشتر شفاه وقضقضة أعضاء وجذم أكف وقطع أيد وأرجل وأكحل إلى غير ذلك مما يرجع إلى معنى واحد ألا وهو الإرهاق في العقوبة وبلوغ المرء بأخيه ما يقال له الموت. فكما أن للموات عشرات المترادفات في العربية كذلك تجد في كل لغة ألفاظاً تدل على تلك المسميات التي تهدم الهيكل الإنساني وتطفئ سراج الحياة.

فقد نهى الرسول عن التعذيب والتمثيل ومشى بعض أصحابه على هديه زمناً ولكن كان بعض أهل الصدر الأول يرجعون إلى التوحش وإرضاء الشهوات الغضبية فلا يدخرون وسعاً إذا ظفروا بعداتهم في أن يصبوا عليه سوط العذاب فكان معاوية بن أبي سفيان أول من فتح هذا الطريق كما ابتدع بدعاً كثيرة أتى بها على غير مثال احتذاه ممن سلفه فقد ذكر الثقات أنه كان يقرب ابن أثال الطبيب منه ويفتقده كثيراً لأنه كان خبيراً بتركيب الأدوية ومنها سموم قواتل حتى مات في أيامه كثير من أكابر الناس والأمراء المسلمين بالسم وممن قتل في عهد أتباعه عبد الله بن عمر بعثوا إليه من رماه بسهم مسموم في عقبه. والتاريخ طافح بما قام به من ضروب التنكيل والتمثيل وكذلك فعل بعض ملوك دولته من بعده.

ولقد قابل بنو العباس الأمويين ببعض ما عاملوا به غيرهم وعمل السفاح بقول سديف في وصف بعض بني أمية لما ذهب ملكهم.

لا يغرََّنك ما ترى من رجال ... إن تحت الضلوع داءً دويا

فضع السيف وارفع السوط حتى ... لا ترى فوق ظهرها أمويا

قال ابن الأثير ودخل شبل بن عبد الله مولى بني هاشم على عبد الله بن علي وعنده من بني أمية تسعين رجلاً على الطعام فأقبل عليه شبل فقال:

أصبح الملك ثابت الأساس ... بالبهاليل من بني العباس

طلبوا وتر هاشم فشفوها ... بعد ميل من الزمان وياس

لا تُقيلن عبد شمس عثاراً ... واقطعن كل رقلة وغراس

ذلها أظهر التودد منها ... وبها منكم كحز المواسي

ولقد غاظني وغاظ سوائي ... قربهم من نمارق وكراسي

أنزلوها بحيث أنزلها ... الله بدار الهوان والإتعاس

واذكروا مصرع الحسين وزيد ... وقتيلاً بجانب المهراس

= والقتيل الذي بحران أضحى=ثاوياً بين غربة وتناسي فأمر بهم عبد الله فضربوا جميعاً بالعمد وبسط عليهم الإنطاع فأكل الطعام عليها وهو يسمع أنبن بعضهم حتى ماتوا جميعاً.

وأمر عبد الله بن علي بنبش قبور بني أمية في الشام فنبش قبر معاوية بن أبي سفيان فلم يجدوا فيه إلا خيطاً مثل الهباء ونبش قبر يزيد بن معاوية بن أبي سفيان فوجدوا فيه حطاماً كأنه الرماد ونبش قبر عبد الملك بن مروان فوجدوا جمجمته وكان لا يوجد في القبر إلا العضو بعد العضو غير هشام بن عبد الملك فإنه وجد صحيحاً لم يبل منه إلا أرنبة أنفه فضربه بالسياط وصلبه وأحرقه وذراه مع الريح وتتبع بني أمية من أولاد الخلفاء وغيرهم فأخذهم ولم يفلت منهم إلا رضيع أو من هرب إلى الأندلس. وقتل سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس بالبصرة جماعة من بني أمية عليهم الثياب الموشية وأمر بهم فجروا بأرجلهم والقوا على الطريق فأكلهم الكلاب.

وفي مروج الذهب أن الهيثم بن عدي روى عن معمور بن هانئ الطائي قال: خرجت مع عبد الله بن علي وهو عم السفاح والمنصور فانتهينا إلى قبر هشام بن عبد الملك فاستخرجناه صحيحاً ما فقد منه إلا خرمة أنفه فضربه عبد الله ثمانين سوطاً ثم أحرقه فاستخرجنا سليمان ابن عبد الملك من أرض دابق فلم نجد منه شيئاً إلا صلبه وأضلاعه ورأسه فأحرقناه وفعلنا ذلك بغيرهما من بني أمية وكانت قبورهم بقنسرين ثم انتهينا إلى دمشق فأخرجنا الوليد بن عبد الملك فما وجدنا في قبره لا قليلاً ولا كثيراً واحتفرنا عن عبد الملك فما وجدنا إلا شؤون رأسه ثم احتفرنا عن يزيد بن معاوية فما وجدنا منه إلا عظماً واحداً ووجدنا خيطاً أسود كأنما خط بالرماد بالطول في لحده ثم تتبعنا قبورهم في جميع البلدان فأحرقنا ما وجدنا فيها منهم. وكان سبب فعل عبد الله ببني أمية هذا الفعل أن زيد بن زين العابدين علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب سمت نفسه إلى طلب الخلافة فحاربه يوسف بن عمر الثقفي فانهزم أصحاب زيد وانصرف هذا مثخناً بالجراح ولما مات دفنوه في ساقية ماء وجعلوا على قبره التراب والحشيش وأجروا الماء على ذلك فدل يوسف على موضع قبره فاستخرجه وبعث برأسه إلى هشام فكتب إليه هشام أن اصلبه عرياناً وبني تحت خشبته عمود ثم كتب هشام إلى يوسف يأمره بإحراقه وتذريته في الرياح وكان ذلك.

وهكذا تجد ضروباً من المنية في تاريخ هذا القسم الصغير من الأرض فقد قتل أبو الجيش أحمد بن طولون أخاه المسمى بالأمين خنقاً بماء مغلي حتى مات. وقتل نصر بن أحمد صاحب خراسان أخاه زكريا بعصر خصاه. وقتلت أم خالد بن يزيد بن معاوية زوجها مروان بن الحكم أبو عبد الملك بأن أمرت خدمها أن يضعن المخاد على فمه حتى مات. وكم من رجل سم في كمثرى أو رمي الزئبق في أذنه أو فصد بمبضع مسموم قيل أن أحمد بن الموفق ابن أخي المعتمد بن المتوكل قتل عمه في حفرة ملأها من ريش ورماه فيها فمات بها. وقتل الشهاب السهروردي جوعاً. وألقي رفيع الدين الجبلي من أعلى مغارة في بعلبك فتعلق في بعض جوانبه فبقي المبصرون ذلك يسمعون أنينه نحو ثلاثة أيام وعذب أعوانه وكان قاضي قضاة دمشق.

ولما غضب الراضي على الوزير أبي علي بن مقله سلمه إلى الوزير أبي علي عبد الرحمن بن عيسى فضربه بالمقارع وأخذ خطه بألف ألف دينار فجرت عليه منه من المكاره والتعليق والضرب والوهق أمر عظيم وقطعت يده اليمنى وكان يقول في سجنه يد خدمت بها الخلافة ثلاث دفعات لثلاثة خلفاء وكتبت بها القرآن دفعتين تقطع كما تقطع أيدي اللصوص ثم زيد في إخفائه وجعل في محبس وقطع لسانه.

ولما خرج المصعب بن الزبير في عهد عبد الملك بن مروان في العراق سنة 71 ورأى تحيز الجفرية لعبد الملك أرسل إليهم فنسبهم وسبهم قال ابن جرير ثم ضربهم مائة مائة وحلق رؤوسهم ولحاهم وهدم دورهم وصهرهم في الشمس ثلاثاً وحملهم على طلاق نسائهم وجمر أولادهم في البعوث وطاف بهم في أقطار البصرة وأحلفهم أن لا ينكحوا الحرائر.

ولما دخل مراكش مأمون الموحدين إدريس بن يعقوب أمر بتقليد شرفاتها بالرؤوس فمتها على اتساع الساحة. ولما استولى الغز على نيسابور أخذوا أبا سعد محي الدين النيسابوري ودسوا في فمه التراب حتى مات. وقبض عز الدولة بن بويه على وزيره ابن بقية وسمل عينيه ولما ملك عضد الدولة طلبه وألقاه تحت أرجل الفيلة فلما قتل صلبه. وكان الوزير ابن الزيات قد اتخذ تنوراً من حديد وأطراف مساميره المحدودة إلى داخل وهي قائمة مثل رؤوس المسال في أيام وزارته وكان يعذب فيه المصادرين وأرباب الدواوين والمطلوبين بالأموال فكيفما انقلب واحد منهم أو تحرك نمن حرارة العقوبة تدخل المسامير في جسمه فيجدون ذلك أشد الألم ولم يسبقه أحد إلى هذه المعاقبة وكان إذا قال له أحد منهم أيها الوزير ارحمني فيقول له: الرحمة خور في الطبيعة. فلما اعتقله المتوكل أمر بإدخاله في التنور وقيده بخمسة عشر رطلاً من الحديد فقال يا أمير المؤمنين: ارحمني فقال له: الرحمة خور في الطبيعة كما كان يقول للناس. قاله ابن خلكان.

ولما استولى أبو عبد الله الشيخ على فاس سنة 961 قتل الفقيهين أبا محمد الزقاق وأبا علي حرزوز ويحكى أنه لما مثل أبو محمد بين يديه قال له: اختر بأي شيء تموت فقال له الفقيه: اختر أنت لنفسك فإن المرء مقتول بما قتل به فقال لهم السلطان: اقطعوا رأسه بشاقور فكان من حكمة الله وعدله في خلقه أن قتل هذا السلطان به أيضاً. قاله في الاستقصا.

وقال فيه: لما كان من السلطان أبي عبد الله الشيخ ما كان من غزوة تلمسان مرتين وكان يحدث نفسه بمعاودة غزو تلك البلاد جرت المخابرة بينه وبين حكومة السلطان سليمان ولما لم يلتزم الأدب اتفق رأي الوزراء على أن عينوا اثني عشر رجلاً من فتاك الترك وبذلوا لهم اثني عشر ألف دينار لاغتيال الشيخ فما زالوا حتى وصلوا إليه وتعلقوا بخدمته ثم اغتالوه وضربوا رأسه بشاقور ووضعوه في مخلاة فأوصلوا الرأس إلى الصدر الأعظم وأدخله على السلطان فأمر به أن يجعل في شبكة من نحاس ويعلقه على باب القلعة فبقي هناك إلى أن شفع في إنزاله ودفنه ابنه عبد الملك المعتصم وأحمد المنصور.

ومما روى لسان الدين بن الخطيب من فظاظة محمد بن محمد بن يوسف ثالث الملوك من بني نصر أنه هجم لأول أمره على طائفة من مماليك أبيه كان سيء الرأي فيهم فسجنهم في مطبق الري من حمرائه وأمسك مفاتيح قفله عنده وتوعد من يرمقهم بقوت بالقتل فمكثوا أياماً وصارت أصواتهم تعلو بشكوى الجوع حتى خفتت ضعفاً بعد أن اقتات آخرهم موتاً بلحم من سبقه وحملت الشفقة حارساً كان يرأس المطبق على أن طرح لهم خبزاً يسيراً تنقص أكله مع مباشرة بلواهم ونمي إليه ذلك فأمر بذبحه على حافة الجب فسال عليهم دمه. قال ابن الخطيب وقانا الله مصارع السوء وما زالت المقالة عنها شنيعة. والله أعلم بجريرتهم لديه.

وقتل يوسف بن عمر الثقفي أمير العراقيين خالد بن عبد الله القسري على طريقة غريبة قيل أن وضع قدميه بين خشبتين وعصرهما حتى انقصفتا ثم رفع الخشبتين إلى ساقيه وعصرهما حتى انقصفتا ثم إلى وركيه ثم إلى صلبه فلما انقصف مات. وقال المقري دخل السلطان أبو الحسن سجلماسة عنوة على أخيه السلطان أبي علي عمر سنة 734 وجاء به في الكبل لفاس ثم قتله بالفصد والخنق.

ولقد كان رؤساء الناس وولاة الأمر منهم هم الذين لا يبالون بإرهاق النفوس وإزهاق الأرواح وكثيراً ما يكون ذلك لغير سبب سوى الطيش والجهالة وكان بعضهم يلتذ بإراقة الدماء مثل المعتضد بالله العبادي أحد ملوك الأندلس الذي دانت له الملوك من جميع أقطارها وكان قد اتخذ خشباً في ساحة قصره جللها برؤوس الملوك والرؤساء عوضاً عن الأشجار التي تكون في القصور وكان يقول: في مثل هذا البستان فليتنزه. وهو من الملوك الذين هابهم القريب والبعيد خصوصاً بعد أن قتل ابنه وأكبر ولده المرشح لولاية عهده صبراً لأن ابنه كان يريد الوقيعة به.

قال لسان الدين وكان المعتضد بالله ابن عباد أبعد ثوار الأندلس صيتاً وأشدهم بأساً وأنجحهم أثراً جمع خزانة مملوءة برؤوس الملوك البائدين بسيفه وكانت وفاته سنة إحدى وستين وخمسمائة.

وفي رواية المقري أن بني الأحمر لما ظفروا بأعدائهم من ملوك الإفرنج في الأندلس سلخوا دون بطرة وحشوا جلده قطناً وعلق على باب غرناطة وبقي معلقاً لسنوات. ذكر ابن سعيد أن التتار قتلوا المظفر قطز وخلعوا عظم كتفه وجعلوه في أحد الأعلام على عادتهم في أكتاف الملوك. ولما قتل مروان بن محمد الأموي استخفى عبد الحميد الكاتب بالجزيرة فغمز عليه فأخذ ودفعه أبو العباس السفاح إلى عبد الجبار بن عبد الرحمن صاحب شرطته فكان يحمي له طستاً بالنار ويضعه على رأسه حتى مات وقيل أن ابن المقفع قتله عامل البصرة للمنصور بأن جعله في تنور.

ودخل أبو الحسن الملك العادل سيف الدين وزير الظافر العبيدي قبل وزارته بزمان على الموفق أبي الكرم بن معصوم التنيسي وكان مستوفى الديوان. فشكا إليه حاله من غرامة لزمته بسبب تفريطه في شيء من لوازم الولاية بالغربية بمصر فلما أطال عليه الكلام قال له أبو الكرم: والله أن كلامك ما يدخل في أذني فحقد عليه فلما ترقى إلى درجة الوزارة طلبه فخاف منه واستتر مرة فنادى عليه في البلد وهدر دم من يخفيه فأخرجه الذي خبأه عنده فخرج في زي امرأة بإزار وخف فعرف وأخذ وحمل إلى العادل فأمر بإحضار لوح من خشب ومسمار طويل فألقي على جنبه وطرح اللوح تحت أذنه ثم ضرب المسمار في الأذن الأخرى فصار كلما صرخ يقول له: دخل كلامي في أذنك بعد أم لا ولم يزل كذلك حتى نفذ المسمار من الأذن التي على اللوح ثم عطف المسمار على اللوح ويقال أنه شنقه بعد ذلك.

وروى التاريخ ن أخبار من تلقوا نكباتهم بالصبر العجيب ومن أنباء شجعان الزمان ما لا يكاد يصدق إلا أن أهل الأباء منهم كانوا يؤثرون الموت في الزحف ويتفادون من الوقوع في أيدي عداتهم لئلا يمثلوا بهم فقد جاء عبد الله بن الزبير إلى أمه أسماء ذات النطاقين لما خذله أصحابه في مكة فقال: ما ترين يا أمة فقد خذلني الناس. فقالت: لا يلعب بك صبيان بني أمية عش كريماً أو مت كريماً. فقال: أخشى أن يمثل بي بعد الموت فقالت له: إن الشاه لا تألم بالسلخ بعد الذبح فقبل بين عينيها وودعها وخرج يقاتل إلى أن كان من أمره ما كان.

وقلب باسيل الثاني الملقب بقاتل بلغاريا بعد حرب 37 سنة مملكة بلغاريا ومقدونية سنة 1018 وأسر خمسة عشر ألف بلغاري وسمل عيونهم وكان أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم النديم خصيصاً بالمتوكل ونديماً له غضب عليه المتوكل فأمر بقطع أذنه فقطعت من غضروفها من الخارج.

واستعمل القتل بوضع من يراد قتله تحت أرجل الفيلة كما أمر أحد بني بويه بأبي إسحق الصابي لما غضب عليه أن يجعل تحت أرجل الفيلة ولكنهم شفعوا به لديه. وكانوا يعلقون من يريدون قتله أيضاً في ذنب الخيل ويجرونها كما فعل أزدشير بضيزن ابنة الساطرون إذ أمر بها فربطت قرون رأسها بذنب فرس ثم ركض الفرس حتى قتلها.

ومما ذكر في قانون الصين من أنواع القتل المعروف بلغتهم بالباشب وهو تقطيع الأعضاء إرباً غرباً وصفته أن يشد الذي يراد به ذلك بين خشبتين قائمتين وتربط يداه ورجلاه ووسطه ربطاً محكماً ثم تجزأ أنامله وأصابعه أنملة أنملة وعقدة عقدة ثم تفصل يداه من الرسغين ثم من المرفقين ثم من الكتفين ويفعل برجليه مثل ذلك فإذا قطعت الأطراف جدع أنفه وصلمت أذناه وأخرجت عيناه ثم برش لحمه وجلده بأمشاط من الحديد حتى يفرق بين عظمه ولحمه ويصير كالشاة التي جرد القصاب لحمها ويفعل ذلك به حياً وقد أبطل الإمبراطور هذا العقاب مؤخراً.

وبالجملة فإن أنواع القتل كثيرة وهذا أهمها فيما انتهى إلينا معرفته وذكر ياقوت في معجم الأدباء أن صولاً جد إبراهيم بن العباس الصولي شهد الحرب مع يزيد بن المهلب وأن يزيد وجد مقتولاً بلا طعنة ولا ضرب انسدت أذناه ومنخراه وامتلأ فمه بغبار العسكر فمات فلا يعرف مثله قتيل غبار. قلنا ومثله قتيل الدخان

ونمن لم يمت بالسيف مات بغيره ... تنوعت الأسباب والموت واحد