مجلة المقتبس/العدد 40/ديوان خالد الكاتب

مجلة المقتبس/العدد 40/ديوان خالد الكاتب

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 5 - 1909



في جملة مخطوطات دار الكتب الظاهرية في دمشق ديوان خالد الكاتب ابن يزيد كتب سنة 1110 هـ بقلم محي الدين الدمشقي السلطي وهو في 88 ورقة تغلب عليه الصحة ومرتب على حروف الهجاء رتب لناظمه ولم يرتبه بنفسه فيما يظهر قال على قافية الباءِ:

يا أيها المعرض يا ذا الذي ... هب للهوى ديني بطول التعب

أما تراني دنفاً هائماً ... وجداً بمن صارمني واحتجب

ياواحداً في الحسن طال الهوى ... والشوق إذ طال إليك الطلب

عدمت للعبد على أن لي ... قلباً قريحاً بك نافي الندب

وقال أيضاً:

القلب مني على شوق وتعذيب ... وزفرة فرحت في قلب مكروب

لا والذي ذهبت بالنفس لحظته ... وما بعبرى (؟) من حسن ومن طيب

ما طول شوقي ولا حزني ولا كمدي ... إلا على مهجتي من بعد تعذيبي

كم كمن الدهر من سهم يفوقه ... مسدد بدم العشاق مخضوب

وقال أيضاً:

ليست بأول ليلة ... طالت على دنف غريب

متأوه حب الخليل ... بزفرة الصب الكئيب

لم يلق بعد فراقه ... ثمراً وغصناً في كثيب

وقال أيضا:

فلو أن خداً كان من فيض عبرة ... يرى معشباً لأخضر خدي فأعشبا

كأن ربيع الزهر بين مدامعي ... بما اخضل فيه مزفتى وتعببا (؟)

على أنني لم أبك إلا مودعاً ... بقية نفس ودعتني لتذهبا

وقد قل لما لم أجد ليراحة ... سوى الدمع لما حل أهلاً ومرحبا

ومعظم الديوان في الغزل قال في قافية الدال:

السنه السقم حتى ملَّ عائده ... يا سالم القلب من شوق يكابده

ثم لا أرقت فإن الهم أقلقه ... فبات يسهد ليلاً أنت راقده

وباح بالسر لما ذاب أكثره ... شوقاً إليك ولما بان واحده رثى العذول له حتى بكى معه ... حزناً وأسعده بالدمع حاسده

وقال أيضاً:

القلب يحسد عيني لذة النظر ... والعين تحسد قلبي لذة الفكر

يقول قلبي لعيني كلما نظرت ... كم تنظرين رماك الله بالسهر

العين تورثه هماً فتشغله ... والقلب بالدمع ينهاه عن النظر

هذان خصمان لا أرضى بحكمهما ... فاحكم فديتك بين العين والبصر

وقال أيضاً:

ولما رأيت الدمع غاص إلى الحشا ... وأن فؤادي من دموعي في بحر

نظرت إلى عينيّ لا ماَء فيهما ... فأيقنت أن الدمع تحتهما يجري

فلولا استبان الدمع في مضمر الحشا ... تفجر أنهار الدموع من الصدر

على ان قلبي ينشف الدمع حره ... وأين بقايا الدمع في وهج الجمر

قلنا أن معظم شعره في الغزل والنسيب وأكثره من أربعة أبيات ومن شعره في المديح قوله يمدح الحسن بن وهب الكتاب:

يا وجه أحسن من يمشي على قدم ... بحرمة الحسن قل لي كيف حلَّ دمي

أما وخدين يسقي الورد ماءهما ... في نسبة تمنع الدنيا من الظلم

ومقلة كلما دارت رأيت بها ... من جوهر اللحظ أسقاماً بلا ألم

إلى أن قال في المديح:

مذهب في الباب الملك أسرته ... أهل الكتابة والألباب والحلم

من بيت دهنقة الأشراف في شرف ... أوفى على مطلع العيوق في الشمم

في ذروة من بناءِ العز باذخة ... علياءُ طالت عن الأوعال والعصم

أمضى البرية في خطب وأصوبها ... عزماً وأكتب من أملى على قلم

قال جامع الديوان وهذا آخر ما وجد في ذيله عن نسخة أخرى ند قافية الباءِ قوله:

يا تارك الجسم بلا قلب ... إن كنت أهواك فما ذنبي

يا مفرداً بالحسن أفردتني ... منك بطول الشوق والحب

إن تك عيني أبصرت فتنة ... فهل على قلبي من عتب حسيبك الله لما بي كما ... أنك في فعلك بي حسبي

وشعر خالد الكاتب كما تراه منسجم هو إلى شعر المولدين أقرب منه إلى شعر العرب الذي يحوي فخامة اللفظ وجزالة التركيب وقد استفدنا من ترجمة خالد الكاتب أنه كان مغرماً بالصبابة وبينه وبين معاصره أبي تمام الطائي ملاحاة وشؤون وخلاصة حياته كما في فوات الوفيات للكتبي أنه خالد بن يزيد أبو الهيثم الكاتب البغدادي أصله من خراسان وكان أحد كتاب الجيش ولاه ابن الزيات الأعطاء ببعض الثغور فخرج فسمع في طريقه منشداً ينشد:

من كان ذا شجن بالشام يطلبه ... ففي سوى الشام أمسى الأهل والوطن

فبكى حتى سقط مغشياً عليه ثم أفاق واختلط عقله واتصل به ذلك إلى الوسواس وبطل. قال ومن شعره:

عش فحييك سريعاً قاتلي ... والهوى إن لم تصلني واصلي

ظفر الشوق بقلبي دنف ... فيك والسقم بجسم ناحل

فهما ما بين وجد وضنىّ ... تركاني كالقضيب الذابل

وبكى العاذل لي من رحمة ... فبكائي لبكاء العاذل

ومن شعره أيضاً:

عشية حياتي بورد كأنه ... خدود أضيفت بعضهن إلى بعض

وراح ولعل الراح في حركاته ... كفعل النسيم الرطب فيالغصن الغض