مجلة المقتبس/العدد 41/سير العلم والاجتماع

مجلة المقتبس/العدد 41/سير العلم والاجتماع

مجلة المقتبس - العدد 41
سير العلم والاجتماع
ملاحظات: بتاريخ: 1 - 6 - 1909



العاملات في الافرنج

يزيد عدد العاملات من النساء في بلاد الغرب كلما صعب استحصال القوت وكثرت مطالب الحياة فقد بلغ عددهن في أميركا 5007069 امرأة ذات صنعة منهن 97800 مزوجة ومن تلك العاملات 185 بيطارة و 45 وقادة في القاطرات وقد زاد عدد المحاميات من 208 إلى 1010 وعدد المستمليات (ستينوغراف) 305 في المئة وعدد المهندسات 217 في المئة وعدد المبشرات 197 في المائة وعدد خازنات الكتب 116 في المئة.

وبلغ عدد النساء العاملات في فرنسا 6029707 منهن الطبيبات والأديبات وفيهن 4320 مصورة ونقاشة و 4415 موسيقية و 4500 قابلة و 40000 يصنعن أزياء و 100000 معلمة و 120000 مستخدمة في الإدارات و 260000 مستخدمات في المحال التجارية و 700000 عاملة في المعامل و 820000 خادمة و 900000 تعمل بأشغال الإبرة وزهاء ثلاثة ملايين يعملن في الحقول، وتنتخب النساء في المجالس النيابية في فنلندا وسويسرا ويحاولن الآن في أكثر الأصقاع الأوروبية أن يشاركن الرجل في هذه المهام، وللنساء حق الانتخاب في زيلندا الجديدة وأوستراليا.

صناديق التوفير

سبقت انكلترا غيرها من ممالك أوروبا في إيجاد صناديق للتوفير في إدارات البريد فانتفع بها الفقراء أي انتفاع في اقتصاد دريهمات لتكون لهم بعد رؤوس أموال وحذت حذوها في ذلك فرنسا والنمسا وإيطاليا والبلجيك وهولاندا والسويد وفنلندا وبلغاريا وروسيا وسويسرا، وهذه المعاهد لا تسهل على الناس الاقتصاد فقط بل هي مصارف حقيقية للأمة تدير شؤونها الحكومة فيتأتى لكل فرد في انكلترا أن يدفع في السنة لأحد فروع صندوق التوفير من فرنك إلى 1200 فرنك وأن يتناول منه ما يريده على أن لا يتجاوز ما يأخذه 25 فرنكاً، ولهم طريقة في التسهيل على من يريد الاقتصاد ولا تكاد تخلو قرية من فرع لهذه الإدارة فقد بلغ ما دخل صناديق التوفير في برد انكلترا سنة 1905 3741934000 فرنك وما خرج منها 9963049 فرنكاً وبلغ ما وضعه المقتصدون من الفرنسيس في صناديق هذه الإدارة في تلك السنة نفسها 1278257647 فرنكاً وضعت في 7884 فرعاً وبلغ عدد أربابها 4577390 شخصاً وبلغ عدد مثل هذه الصناديق في إيطاليا 5931 دفع لها 5283003 أشخاص 983 مليون ليرة وعدد المقتصدين على تلك الصورة في هولاندا 1184316 شخصاً دفعوا 129929574 فلورينياً وعدد الصناديق في النمسا 6479 اشترك فيها 2004487 شخصاً دفعوا 218 مليون كورون، وقد بلغ مجموع المودع في صناديق البريد بمصر في تلك السنة ذاتها 236000. ج. م وصار في السنة التي تليها 325000 وعدد المودعين 43424 نفساً فزاد حتى بلغ 59084 وليس في المملكة العثمانية صناديق وفر كهذه.

سكة حديدية بالبترول

أدخلت شركة شمالي أميركا طريقة استعمال زيت البترول لتسيير القطارات بدلاً من الفحم الحجري واتخذت لذلك مركبات وقاطرات خاصة بحيث لا يتجاوز محمولها 25 طناً أما المحرك فهو أفقي الشكل وقوته 200 حصان ويقطع 33 كيلومتراً بدون اهتزاز ويمكن إيقافه بأسرع ما يمكن وهو من غير القطارات في الصعود إلى النجاد العالية وربما قطع بعد مدة 40 كيلومتراً في الساعة.

شركات التلفون

بعد مدة تمد في مدينة الاستانة وكثير من قواعد البلاد العثمانية خطوط تلفونية كسائر البلاد الراقية وقد أحصى العارفون أنه يشترك كل 16 ساكناً في الولايات المتحدة بالتلفون وفي السويد لكل 45 ساكناً اشتراك بالتلفون ولكل 50 شخصاً في الدانمارك ولكل 54 في سويسرا ولكل 100 في ألمانيا ولكل 143 في انكلترا ولكل 364 في فرنسا.

فمتى تكون المملكة العثمانية بخطوطها التلفونية كأدنى ممالك أوروبا فيها وقيمة الاشتراك السنوي بالتلفون هو خمس ليرات في سويسرا وتنزل إلى 40 فرنكاً في السنة الرابعة للاشتراك وفي إيطاليا 750 فرنكاً وفي ألمانيا 850 ماركاً وفي النمسا 200 فرنك وفي بروكسل 250 فرنكاً ومثلها في مصر.

التعاويذ

نشر المسيو انطوان كاباتون من علماء المشرقيات في مجلة العالم الإسلامي مقالة في التعاويذ عند الشعوب ولا سيما التي دانت بالإسلام جاء فيها من البحث التاريخي ما تعريبه: الظاهر أن التعاويذ قديمة كالضعف والخوف المستحكمين في الإنسان أمام قوى الطبيعة، فتراه يضعف عن أن يجاهد بنفسه في تحمل الآلام المعنوية والطبيعية على اختلاف مظاهرها كالمرض والحزن والخراب يتدرع بما يبعدها عنه أو يقيه شرها بواسطة كلمات أو إشارات أو أشياء يعزو إليها قدرة واقية فوق الطبيعة ومن هذه الغريزة المنبعثة من سرعة التصديق وحب الدفاع عن النفس نشأ في الغالب استعمال التعاويذ في كل مصر وعصر منذ زمن الطاويين على عهد قدماء الفرس والابارجيين في كاليدونيا الجديدة إلى الكركريين من زنوج إفريقية الوسطى، ولا تنس التعاويذ المستعملة عند المحدثين من أهل الغرب التي يحلون بها أذرعهم.

وأغلب الآراء على أن جميع أنواع الحلي والزينة كانت بادئ بدء عبارة عن تعويذة فتتخذ تارة من عصائب أو من أوراق مربعة أو من جلد كتبت عليه كلمات أو رسمت عليه أشكال ورسوم أو أعداد لها في نظرهم فضيلة خاصة أوسور من كتب مقدسة كما تتخذ طوراً من الأحجار الكريمة أو الأحجار الغريبة الشكل والأصل أو من النباتات والجذوع والشعر والوبر والعظم والأظافر والأسنان أو تصنع من مواد كلسية علامة على حيوانات معينة أو من أقراط وأسورة وتماثيل من المعدن أو الحجر أو الخشب أو من الحلي والجرار أو كرات الذهب أو الفضة أو الرخام أو صفائح المعدن أو من خرق الأقمشة أو من جلود الحيوانات يزعمون أن لنقشها ورقشها خاصية الوقاية.

ويدعون أن تأثير التعويذة ناشئ من كيفية حملها وأنها تنفع الحيوان كما تنفع الإنسان وهي وقاية للقطيع كما هي وقاية الراعي وتساعد في النوم كما تساعد في اليقظة وفي عقد البيوع كما في الأمراض الطارئة.

ولئن عم استعمال التعاويذ بما في فطرة الناس كلهم من السذاجة والجبن فالظاهر أنها نشأت من الشرق أو أنها على الأقل كثر استعمالها فيه لأن الإنسان كان يشعر تحت السماوات الصافية بحاجة إلى ما يدفع عنه الأسواء.

وقد عهد في الحضارة المصرية استعمال الأسورة والتماثيل والأحجار الكريمة التي كانوا يزعمون أنها تجلب السعادة، وإن الكتابات على ورق البردي التي كانت تلف وتخاط في الثوب ليحملها الإنسان وكان يتزين بها الرجال والنساء بعقود الصفر المخفي ومن حرذون محفور على الحجر أو على المعدن كلما كانت تعاويذ للوقاية لا أشياء للزينة والتبرج يراد منها طرد الأرواح الشريرة والأمراض ودفع الخراب والموت.

واعتاد الآشوريون والبابليون أن يكتبوا بعض كلمات سحرية وتراكيب للشفاء على عصابتين إحداهما من قماش أبيض والثانية من قماش أسود وتقوم هاتان العصابتان مقام التعويذة بأن كانوا يضعونها على الأيدي أو على الجبهة، وقد نقلوا هذه الطريقة إلى الاسرائيليين مع شيء من التعديل فيها ولكنها لا تكاد تختلف عنها كثيراً ومع أن الشعب الاسرائيلي كبير الاعتقاد بالمولى فهو يعتقد بتأثير التعاويذ.

وتشير التوراة إلى هذه العقيدة فقد وردت فيها عدة آيات في التعاويذ والأحرار، ومعظم التعاويذ اليهودية عبارة عن صفائح معدنية أو حلق أو جذور أو عصائب من الرق كتب عليها اسم المولى أو آية من التوراة وبعضها مؤلف من جذع بعض الأشجار أو من حبات قمح وضعت في كيس جلد تناط في عنق الأطفال أو الحيوانات على حد سواء، ويلبس البالغون من الاسرائيليين تعاويذ على صفة خواتم.

وقد شاع استعمال التعاويذ بين اليهود منذ القرن الأول إلى القرن السابع للميلاد وكان الرومان واليونان يعتقدون كأبناء اسرائيل بتأثير التعاويذ ولما ظهرت النصرانية لم يكن من تأثيراتها إلا أنها حولت مجرى الخرافات وحلتها بالاسم والأعمال فأخذ الناس يعتقدون بالأيقونات والصور والتماثيل وبعض المعابد كما كان البشر يعتقدون من قبل بتأثير بعض الينابيع أو بعض المغور الآهلة بالجن.

أما الشرق الأقصى فقد فاق الشرق القريب والغرب باعتقاد أهله بالتعاويذ، فالصينيون والهنود اعتقدوا ولا يزالون يعتقدون بنفعها واقتبسها البراهمة والطاوسيون والبوذيون واقبسوها غيرهم من النحل والملل، ولشعوب الهند الصينية كالخمريين والشميين والاناميين ممن امتزجوا ببعض الأمم الراقية أساليب كثيرة من التعاويذ وللهنود نوع من الخرز يزعمون أنه يقي حامله من كل سوء وينيله كل خير وللأناميين والصينيين نوع من البطانات يكتبون عليها كلمات أو ألغازاً ويجعلونها في الأعناق عوذة كما أنهم يستعملون الأنواط والأقراط الذهبية والفضية وأظافر النمر وغيرها لدفع الأرواح الشريرة.

جاء الإسلام وهو آخر الأديان وفيه أمور من اليهودية والنصرانية ولم يتيسر له مثل غيره أن يتخلص من عدوى سرعة الاعتقاد فاستمال العامة بأن أقرهم على بعض معتقداتهم على نحو ما فعلت النصرانية، وربما كان الإسلام على سذاجته المملوءة بالتقوى والنفع أكثر الأديان تسامحاً في معنى التعاويذ وذلك لأنه انتشر بين شعوب الشرقيين تأهلت فيهم الخرافات منذ القدم، ولم يأت الإسلام غير توحيد صورة التعاويذ الظاهرة بعض الشيء عند جميع الشعوب الإسلامية.

فتعاويذ المسلمين في الشرق الأقصى تكاد تكون كلها عبارة عن سور من القرآن أو حكم أو كلمات لا يفهم لها معنى تكتب على الورق أو القماش أو على نصل أو صفيحة من معدن ويستعملون في كتابة هذه الأحراز ماء الزعفران أو الكركم أو ماء الورد أو ماء الزهر وتسامح المالايو والجاويون فأخذوا يستعملون الحبر الافرنجي.

ومن التعاويذ ما ينفع في جميع حالات الحياة فمنها للوباء وللمرض وللحريق وللسحر ومنها ما يلبسه الغزاة في حروبهم والنساء لحبلهن أو لحفظ ما لهن من ولد ومنها ما ينزل المطر ويفتح الكنوز ويحرس الحيوانات ومنها ما يبقى من قرص الذباب ونقيق الضفادع، أما عدد ما يحمل منها فراجع إلى ذوق الشخص وكذلك يضعها في جميع أطراف بدنه مؤقتاً أو دائماً ومعظم التآليف الموضوعة في فن الرقية والتعاويذ من تآليف أناس من مسلمي إفريقية وأكثر ما يعول عليه بين المغاربة والمشارقة كتاب شمس المعارف ولطائف العوارف ولهذا الكتاب عندهم حرمة تكاد تقرب من احترامهم الكتاب العزيز منهم لا يمسونه إلا مطهرين.

وشاع استعمال التعاويذ بين العرب والترك ومسلمي إفريقية الشمالية والشرقية والفرس وهم مكثرون منها وشعوب مانالايو والبولينيزيين وسكان مدغسكر، والمالايو وهم من شيعة أكثر الشعوب الإسلامية إغراقاً في استعمال التعاويذ، وكذلك الحال عند البوكويين والماكاساريين في سيليب والاتشثينيوا والبانافيين في سعومطرا والداياكيين في بورنو والتاكاليين والبيزيين في جزائر فيلبين.