مجلة المقتبس/العدد 44/سير العلم والاجتماع

مجلة المقتبس/العدد 44/سير العلم والاجتماع

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 10 - 1909



كيف نحسن الأكل

كثيراً ما ينشأ سوء الهضم من هيئة الجسم ووضعه فإذا أردت أن تتقيه فعليك بجعل قامتك منتصبة ما أمكن واقفاً كنت أو جالساً فتلقي كتفيك إلى الوراء. وصدرك إلى الأمام وهذا من أهم القواعد في حفظ الصحة. ومن أنفع الرياضات لتقوية أعصاب الظهر والبطن أن يستلقي المرء على قفاه ويجعل يديه تحت نقرته ويجلس رويداً رويداً ويداه قابضتان على قفاه ويكرر هذا العمل مرات بتنويعه فينحني إلى الأمام وهو جالس ويمد يديه ليمس طرفي رجليه بأطراف أنامله. وهناك رياضة أخرى نافعة كثيراً وهو أن يقف المرءُ منتصب القامة وينحني إلى الوراءِ ثم يرجع إلى الأمام ويميل ذات اليمين ثم ذات الشمال وينتقل إلى الأطراف الأربعة بدون أن ينقل رجليه من مكانهما ثم يقف رافعاً يديه ومفرقاً بين رجليه كهذا الحرف ويمد بعد ذلك حفتيه بحيث تماسان وهو واقف مباعداً بين ساقيه ومنحنياً يمد يديه ما أمكن. هذه الحركات من شأنها تمرين عضلات البطن فإذا قام بها الإنسان قبل الأكل تنبعث شهوته للطعام وإذا أتاها بعده تسهل عليه الهضم ومما ينصح به لمن يريد حفظ صحته أن يبدل قبل الجلوس إلى المائدة ثيابه في النهار أو ثياب عمله ويضع المائدة وضعاً محكماً لأن لرداءة وضع الخفان تأثيراً في شهوة الأكل والنظر إليه وحده باعث على سوء الهضم والأحسن أن يستريح الإنسان قليلاً قبل الطعام وعليه أن لا يجلس على كرسي وذراعاه على ركبتيه وظهره منحن لأن هذه الجلسة تعوق الهضم.

النوراستينيا

النوارستينيا أو ضعف المجموع العصبي اسم لمرض عرف منذ ثلاثين سنة وهو يزداد مع الحضارة والإفراط في مقتضاياتها وهو عبارة عن تغلب الحالة العصبية على باقي المجموع العصبي والعصبي أعظم أمراض هذا العصر فالتعب على اختلاف أنواعه والاضطراب الدائم واشتغال الفكر في المعاش ولا سيما في المدن الكبرى والهموم ومعاكسة الدهر والخيبة في العشق وتعب الإسراف على النفس كلها من الأسباب الصحية المعتادة في انحلال الأعصاب وضعف مجموعها. وربما هذا المرض وراثياً فيحدث عنه إذ ذاك ضعف منوع في الأعصاب يؤدي إلى داء المفاصل وداء الملوك وهما من الأمراض العصبية ك هو المعلوم وكثيراً ما يؤدي ذلك إلى الأمراض العفنية واضطراب الآلة الهاضمة والتناسل البولي. وأعراض النوراستينيا واحدة في الأكثر أهمها وجع الرأس ووجع الظهر والأرق والاضطرابات المعدية خاصة والضعف الذي يعم الجسم. وكثيراً ما تقل الوظائف العقلية والذاكرة والانتباه والإرادة ويصبح التأثر قريباً من المرض ويصحب كل ذلك قلق دائم وأفكار مرتبكة رديئة ويبدو التعب العام في الصباح عند الانتباه منت النوم فيشعر المريض أحياناً بتكسر في جسمه وارتخاء في قواه.

ويشعر بأهم الاضطرابات المعدية بسوء الهضم وثقل في جوف المعدة وأحياناً في قرصها فهذا المرض هو سوء هضم عصبي وكثيراً ما تقل شهوة الطعام وينتفخ البطن وترى في الوجه طفحة حمراء.

والنوراستينيا كالهستريا (اختناق الرحم) لا تهلك صاحبها بل تسمم جسمه وتصعب عليه الحياة ويتأتى للمصاب به كل حين أن يشفى منه وليس المعول فيه على الدواء والدواء ثانوي فالمهم في شفائه أن يُزال السبب الذي نشأ منه كالاهتمام بالأشغال والأعمال العقلية المفرطة في كل شيء. وتغير البيئة والمقام في الفلاة مما ينفع في شفائه نفعاً كبيراً. أما مداواته فالأحسن بالكهربائية والاستحمام بالماء الفاتر. والاستحمام بالكهربائية يؤثر في التغذية والأعصاب فالاضطرابات المعدية والشقيقة والأرق والأحلام الرديئة تنقطع بمجرد توجيه الكهرباء إلى الرأس. ونحاف الأجسام ينتفعن بالاحثقال بالزرنيخ ويفيد فيه التغميز (التمسيد) ولا بأس من استعمال بعض المشروبات التي تزيد القابلية للطعام وأخذ خلاصة القنب الهندي من عيار خمسة في المئة سانتغرام يزيل وجع الشقيقة لا محالة.

عمر الجراثيم

ثبت لأحد العلماء الألمان أن الجراثيم أطول أعماراً ومقاومة للاحتفاظ بحياتها مما نتوهمه لعلمنا أنها أحياء صغيرة لا ترى إلا بالمجهر فقد أخذ خراطيش حشاها رصاصاً وجعل عليها ألوفاً من الجراثيم ثم ملأ بنقية وأطلق الرصاص على علبة من التنك وكان فيها نوع من الهلام السائل الذي يصلح لأن تعيش فيه الميكروبات ولما مخض العلبة شاهد أن الجراثيم التي أطلق عليها الرصاص قد نمت وتكاثرت بدلاً من أن تهلك بإطلاق النار عليها والأغرب أنه رأى الرصاصة قد أخذت من الهواء جراثيم أخرى في طريقها أكثر حياة ترتع في الجسم الذي تحل فيه ولا تبقي ولا تذر.

تنظيف الرأس والشعر

يستعمل لتنظيف الشعر والرأس صفار بيضة تحل بقليل من ماء الكولونيا ويدلكان به ثم يغسل المكان بماء فاتر وينشف الشعر ويدوم مكشوفاً ريثما يجفُّ ولا يبقى فيه أثر للنداوة.

رجال الشرطة

من زار باريز يعجب برجال الشرطة وهو يراهم في الشوارع والجادات والمنعطفات واقفين لتأييد النظام يدلون الغرباء على الشوارع وهم منتبهون لكل ما يخل بالراحة ولكن الباريزيين يحسدون الإنكليز على شرطتهم ويقولون أنها أكثر نظاماً وانتباهاً وآداباً قائلين أن ثمانية آلاف لا تكفي للضرب على أيدي ثلاثين ألفاً من الأوباش والأوغاد في عاصمة الفرنسيس. ويقولون أن الشرطة في يابان يتولون حفظ النظام في شوارع أمهات المدن ويلبسون لباساً أوربياً ويتقلدون سيفاً دلالة على سلطتهم والحكومة تختارهم من قدماء الجند ولا سيما من طبقة اسمها الساموريسية عرفت بشدتها وجلادتها في الحروب والغارات ولذلك كان لهم في الشعب تأثير قوي ويزيدهم قوة عناية الحكومة بتربيتهم وعزة نفوسهم التي ضربت بها الأمثال. وترى رجال الشرطة في ألمانيا يلبسون لباس رجال المدفعية ويضعون على رؤوسهم خوذة وطنية سوداء لصغارهم كتب عليها بحروف من نحاس ـوائل الحروف من اسم الإمبراطور وبيضاء للضباط عليها صورة نسر بأجنحة مفردة واسم الإمبراطور بحرف مذهب. وإذا كان الألمان من أهل الطاعة العمياء أصبحت وظيفة الشرطة سهلة سواءٌ أرادوا القيام بها مع الفرد أو مع الغوغاء والجماهير ويعين الشرطة الرجالة رجالٌ من الشرطة الفرسان في مدينة برلين كما هو الحال في مدينة باريز. ويكتسي رجال الشرطة الإيطالية بجوخ أزرق وسراويل رمادية فاتحة وخوذات ملونة ويلبس ضباطهم ألبسة من الحرير الأزرق وإذ كان الطليان أصعب مراساً من الألمان فكثيراً ما يشاهد رجال الشرطة في بلادهم يتماسكون مع من يريدون القبض عليه أو دعوته إلى التزام النظام وينتهي ذلك بما لا تحمد عقباه من أجل هذا جعل لرجال الشرطة الطليانية حبل من سيور الجلد ليقيدوا به السجناء.

أما شرطة فينا فودعاء لطفاء يبشون في وجوه الناس. وشرطي بروكسل رقيق الجانب يخاطبك بلا كلفة. وشرطي هولاندة يحمل كل ما يلزم لإغاثة جريح يراه من الأدوية الأولية.

وسادة رجال الشرطة في الأرض هم بلا مراء شرطة الإنكليز ويقسمون إلى قسمين في لندرا قسم في الحي القديم وهو حي الحركة والتجارة وقسم لعامة أرجاء المدينة وعدد الأول ألف رجل وهو قليل المكانة بالنسبة للثاني المؤلف من 30 وكيلاً و 539 مفتشاً و2148 جاويشاً و 14129 ضابط بوليس ولهم كلهم ديوان كبير فخيم وتتخيرهم الحكومة من أرباب قامات تكون أطول من الوسطى والصحة الجيدة بالطبع وعليهم ملاحظة الحراس والعسس في الليل وستون في المئة منهم يلاحظون أمن المدينة ليلاً ولذلك قلما يحدث ما يكدر وراتب الشرطي من الدرجة الثالثة ثلاثة جنيهات في الأسبوع ويدفع إليه علاوة عن كل ساعة تزيد على العشر ساعات المقررة للخدمة كل يوم وليلة. ومخافر الشرطة في لندن هي عنوان الرفاهية يعيش فيها الشرطة غير المتزوجين حائزين على كل ما يلزمهم أما المتزوجون فلهم مخافر خاصة بهم فيها قاعات استقبال وحمامات والمضخات وقاعات لعب وخزائن كتب وغيرها فيعيش الشرطة فيها مع أسراتهم عيشة اشتراكية عسكرية. وفي لندرا ثلثمائة شرطي راكب لربط محطات الشرطة يستخدمون خاصة في أوقات المظاهرات والاحتفالات العامة ومثل هذا العدد لحفظ الأمن في نهر التايمس ويقوم بنجدة من تصيبهم بائقة ولهم مئة قارب وثلاث سفن معدة للجري كل حين وهكذا كانت شرطة لندرا أجمل زينة لإنكلترا وضامن لحفظها فعسى أن لا تقل شرطتنا العثمانية عن أمثالهم في البلاد الإنكليزية بعد حقبة من الزمن.

علاج الشهقة

وجدوا أن خير علاج للشهقة أن يمسك لسان من يشهق بين إصبعين يمسك بهما فوطة لئلا يغلب اللسان وأن يشد ما أمكن بحيث يبقى هنيهة خارج الفم فإذا لم تنجح هذه الحركة في المرة الأولى تعاد للثانية وفي ذلك الشفاء. وقد اهتدوا إلى هذه الطريقة من الدكتور لابورد الذي ما زالت تنقذ ألوفاً من الغرقى والمصلوبين وغيرهم بسحب ألسنتهم.

علاج الزكام

أفضل علاج للزكام أن يدهن المزكوم منخريه بزيت الزيتون ويستنشق زهر الكبريت وأن يلف صدغيه من الليل بمنديل ويمكن التوقي من الزكام في أوله ببل المنخرين بصبغة الأرنيكا فإذا طالت مدته فليس غير هذه الصبغة يستعملها المزكوم وإن أحرقته ولكن فائدتها مضمونة.

صوت الرعد

رأى بعض الأخصائيين بعلم الحوادث الجوية أن معرفة صوت الرعد عن بعد تتوقف على ملاحظة أول العاصفة أو آخرها لا وسطها والأحسن أن يلاحظ البرق الأفقي المنبعث من بين الغيم والأرض فإن صوته الجاف يعرف على أيسر وجه من الصوت الناشئ من البرق الذي يجول بين الغيوم. قال أراغو العالم أنه لا يسمع صوت الرعد إلى أبعد من خمسة وعشرين كيلو متراً وسبقه الإمبراطور كانغ هي الصيني فقال أنه يسمع من مسافة أربعين كيلو متراً وأن صوت المدافع يسمع إلى 30 فرسخاً (120 كيلو متراً) وقال أراغو أن صداها قد يتردد إلى بعد مائتي كيلو متر وأنه سمعت المدافع التي أطلقت من ثغر بورتسموت يوم جنازة الملكة فكتوريا إلى بعد 134 كيلو متراً وقد قام الباحث المشار إليه بتجارب عديدة منذ بضع سنين فلم يستطع أن يسمع صوت الرعد إلى أبعد من 45 كيلو متراً إذا لم يحل دونه جبال ولا آكام وكان الهواء ساكناً. وإن عاصفة تحدث عن بعد خمسة عشر كيلو متراً فقط قد لا يسمع صداها حتى أن بعضهم قال أنها إذا أرعدت السماء في لاهاي لا تسمع في ليدن وهي منها على أربعة فراسخ.

عداوة الزهور

يظهر أن بعض الزهور تتعادى أشد عداوة كالورد فإنه لا يطيق إلا سليخ (ريزيدا) ولك أن تربط واحدة من كل منهما في باقة وتضعهما في الماء فبعد ساعة تذبل الوردة وأختها على حين تزيد تلك الزهور الأخرى نضارة والسوسن قاس أيضاً على سائر الزهور يقتلها بدون رحمة على العكس في القرنفل وعباد الشمس فيحب أحدهما صاحبه فوا آسفاه حتى الزهور التي تعطر الأرجاءَ لا يتحمل أحدها الآخر.

مضار التدخين

في إحدى المجلات الإفرنجية إن مضار التدخين لا تنحصر في النيكوتين أي سمه فقط بل إن للدخان سموماً أخرى تصيب شاربيه وهي موجودة في تركيب مادة الدخان وهي البيريدين والكريزول وحامض الكربون وغيره وكلها ضارة لمن يدخنون اللفائف الكبيرة واللفائف المصنوعة من التبغ وهي أسوأ أثراً في الأكثر في من يبلعون الدخان فيصل إلى الرئتين فينشأ منه قيءٌ واضطراب في القلب وعرق بارد. ولا يتوقف تبطيل التدخين إلا على قوة إرادة ولأجل أن تعزف النفس عن التدخين يجب أن يتمضمض المدخن بجزء 0. 25 في المئة من نترات الفضة فإذا أحب بعدها التدخين يصاب بقرف شديد يدوم معه زمناً على أن هذه المضمضمة لا تخلو من خطر ثم أن نترات الفضة تسود الأسنان في برهة قليلة ورأى أحد الأطباء الروس أن يدهن غشاء الفم بنترات على معدل خمسة في المئة والأفضل من هذين الطريقتين أن يدهن سقف الحلق بمحلول نترات الصودا بكمية 10 في المئة.

لون الجوارب

من الجوارب ما يزول لونه في الحال فعليك إذا أحببت حفظ ألوانها عليها أن تجعلها في ماء فاتر وتغسلها باثني عشر لتراً من الماء البارد تجعل فيه حفنة من الملح وقدحاً من الخل الجيد.

إزالة البقع

لتنظيف البقع من الثياب (كالأقمصة والقفاطين وغيرها) وإزالة آثار الرطوبة منها افركها بالمحلول الآتي: ملعقة من الملح ممزوجة بملعقة من ذرور النشادر تحلها في ربع قدح ماء وتضع من هذا المحلول على البقع مرات متوالية ثم تترك الثياب منشورة في الهواء نهاراً ثم تغسلها على العادة فلا يبقى فيها أثر حتى ولا البقع القديمة.

البورصة

كتب خليل أفندي سعد في المهذب رسالة في البورصة جاء فيها أن البورصة نادٍ يجتمع فيه التجار والمضاربون فيشترون فيه ويبيعون إما نقداً وهو قليل وإما إلى ميعاد وهو أهم أعمال البورصة لما يجد فيه المشتري من السهولة والأمل بارتفاع الأسعار فيحمله ذلك على مشتري كميات أثمانها أكثر مما يقدر على أدائه نقداً.

وأعمال البورصة على نوعين أحدهما مختص بالاتجار بحواصل الأرض كالقطن والحبوب والسكر والمعادن وغيرها والآخر مختص بشراء وبيع القراطيس المالية من مثل أسهم المصارف وسندات الحكومة المالية وأسهم السكك الحديدية وما شاكل ذلك.

ولكي يعلم القارئ ما معنى هذه الأسهم وكيف توجد بطريقة رسمية لتصير صالحة للتعامل بها نقدم له مثالاً وهو كيفية تأسيس المصارف ذات الأسهم وهاك البيان:

إذا عزم أحد على إنشاء مصرف وكان غير قادر على تقديم رأس المال من جيبه الخالص فإنه يدعو جماعة من المتمولين للاشتراك معه في هذا العمل فيؤلف لجنة تدعى لجنة التأسيس أو المؤسسين. فهؤلاء إما أن يؤدوا كل ما يطلب لرأس المال، وإما أن يقدموا جزءاً منه مقابل أسهم معلومة يأخذونها ويطرحون الأسهم الباقية برسم البيع بالاشتراك فيشترك من يريد من الناس بعدد منها كل على قدر إرادته.

فإذا أعلن المؤسسون عن وجود مئة ألف سهم مثلاً كل سهم بثمانمئة قرش فقد ترد لهم اشتراكات بخمس مئة ألف سهم فيقال حينئذٍ أن أسهم هذا المصرف غطيت خمس مرات ولذلك فلا ينال من كان طالباً خمس مئة سهم مثلاً إلا مئة سهو فقط لوجوب توزيع هذه الأسهم بالتساوي على طالبي الاشتراك فيها.

ثم أن المؤسسين يختصون أنفسهم بأسهم يأخذونها مجاناً أو بثمن قليل جداً أي السهم بخمسة قروش مثلاً مقابل أتعابهم في إنشاء المصرف، وتدعى هذه أسهم التأسيس فيعطى لحامليها شيء معلوم مما يبقى من الأرباح بعد توزيع خمسة في المئة مثلاً على حاملي الأسهم العادية.

قلنا أن ثمن السهم من أسهم هذا المصرف الاعتيادية مئة قرش فإذا عمل المصرف بعد تأسيسه أعمالاً كثيرة الربح ارتفعت قيمة أسهمه جميعاً من مئة قرش إلى مئة وخمسين أو أكثر أو أقل تبعاً لمقدار الأرباح والعكس بالعكس. أما أسهم التأسيس فيبيعها أصحابها بالأثمان التي تساعدهم عليها حالة السوق وقد يبلغ ثمن السهم الواحد بين عشرة إلى خمسين ليرة تبعاً لشروط المصرف وموافقتها في توزيع أرباح طائلة على الأسهم التأسيسية ذات الامتياز.

وهذه الأسهم جميعاً عبارة عن ورقة مطبوع عليها نمرة السهم وقيمته الأصلية وبذيلها عدد من الكوبونات وهي مربعات محاطة بخروق تمكن من قطعها على حدة فيقطع فيها كل سنة واحد من هذه الكوبونات أو القطيعات يسلم إلى المصرف وينقد حامل السهم قيمة القطيعة وهذه القيمة تكون إما خمسة بالمئة أو أكثر تبعاً لمقدار أرباح المصرف أو ما يعينه في إعلان سابق يدرجه في الجرائد المحلية مبيناً ميعاد قبول الكوبونات وأثمانها.

هذه أخص الطرق لإصدار أسهم المصارف فيمكن يقاس عليها كيفية إصدار أسهم باقي الشركات التجارية وسندات الحكومة التي تقترض بموجبها ما يسد به دينها والآن فلنعد إلى كيفية المعاملة بالبضائع والأسهم وهي ما يأتي.

تفتح البورصة عند الساعة التاسعة صباحاً فيجتمع التجار والمضاربون في ردهتا ولا يسمح بالدخول إلى حلقة المناداة بالبيع أي عرض البضاعة أو الأسهم إلا لأناس مخصوصين هم السماسرة ووكلاؤهم.

فهؤلاء يكونون قبل أن يدخلوا حلقة المناداة قد تلقوا أوامر مختلفة من عملائهم بعضها بالمشترى وبعضها بالبيع بأثمان يعرضونها لهم. فيدخلون وبيد كل \ منهم مذكرة بشكل دفتر صغير فينادون ويعرضون ما لديهم من البضائع أو الأسهم مبينين أثمانها وذلك كأن ينادي أحدهم قائلاً: عندي خمس مئة قنطار قطناً من الصنف الوسط والقنطار بعشرين ريالاً تسليم آذار، أو إني أشتري مئة سهم من أسهم البنك العقاري بثلاث مئة فرنك السهم لميعاد شهرين فيجيبه آخر إني اشتريت ما تعرضه وآخر إني بعتك ما تطلبه فيدون ما بيع وما أشتري في مفكرات يوقعها البائع والشاري.

فإذا كان البيع نقداً والبضاعة حاضرة يدفع الشاري الثمن ويستلم ما اشتراه. أما إذا كانت المعاملة إلى ميعاد فلا يطلب من الشاري إلا جزءٌ من الثمن (بين 5 و 20 في المئة تبعاً لحالته من المالية)

كثيراً ما سمعت الناس يسألون عن معنى التغطية. وعندما اشتغلت النساء في مشترى أسهم المعادن منذ زمن في بيروت سمعت إحداهن تقول أن فلانة غطت بإيزارها أو ما ماثل ذلك.

ولكي تعلم حقيقة معنى التغطية البورصية لا الوجهية نفرض أنك اشتريت مئتين وخمسين قنطار قطن مصري وهي أقل كميبة يتعامل بها من صنف القطن في البورصة. فإن كان عميلك على ثقة منك فإنه قلما يطلب منك أن تدفع مقدماً أكثر من عشرة قروش على كل قنطار بصفة تأمين يأخذه لنفسه إذا هبطت الأسعار. وبما أن شراء القطن يكون لمواعيد مختلفة فإنك تعين الميعاد الذي تستلم فيه ما اشتريته فتوصي عميلك بأن يستري لد هذه الكمية تسليم شباط أو أيار أو غير ذلك. فلفظة تسليم هنا وهمية لأنك لست تاجر قطن لتستلم وإنما المقصود أنك تبيع ما اشتريته في ميعاد التسليم وتقبض أو تدفع فرق الثمن الذي يكون قد صعد حينئذٍ أو هبط. فإذا استمر السعر في صعود فلك أن تبيع وقتما تريد وتربح فرق الثمن. أما إذا هبط السعر فخسرت أكثر من العشرة قروش التي دفعتها تأميناً فيطلب منك العميل إما أن تغطي الخسارة فتدفع عشرة قروش أخرى وأما أنه يضطر إلى تصفية ما اشتراته لك فيبيعه لئلا تلحقه الخسارة شخصياً لأنه هو المسؤول لا أنت بالخسارة أمام من اشترى هو منه لحسابك.

في البورصة حزبان أحدهما يضارب على الصعود فيكثر من المشترى ليدفع الأثمان إلى الأعلى والآخر يضارب على النزول فيكثر من عرض البضائع والأسهم للبيع لتكثر على طلابها وتكسد فتهبط الأسعار ولكل من هذين الحزبين حيل وطرق للوصول إلى الغاية لا يمكن استيفاؤها هنا. غير أننا ننصح للمتعاملين بالبورصة أن لا يغتروا بالتلغرافات التي تأتي من الخارج عن إقبال المواسم أو محلها لأن بعض المضاربين قد يشيع نشوب الحرب بين دولتين لتهبط الأسعار ويخرج من مركزه رابحاً.

وفي كثير من الأوقات يحتكر حزب الصعود صنفاً من البضاعة ولا سيما إذا صار قليلاً قرب انتهاء موسمه فيرفع أسعاره بقدر ما يتمكن من ذلك. وهذا هو السبب في بقاء أثمان بعض الأصناف مرتفعة على الرغم من قلة الطلب ووفرة وجود البضاعة. ويعلم ذلك من أثمان الماس الآن فإنها فاحشة إلى ما يجب أن تكون عليه وما سبب ارتفاع ثمن القيراط من 15 ليرة إلى 30 ليرة مؤخراً إلاَّ تمكن جماعة من احتكاره وخصوصاً بعد حرب البوير وتعطل معادن الماس زمناً.

فيرى من ذلك أن المضاربات كثيرة الأخطار ولو كانت مبنية على الحكمة والتعقل والدرس واليقظة. فقد يكون المضارب على علم بزيادة المقطوعية لصنف من الأصناف مع عدم إقبال موسمه فيهجم على المشتري ظناً منه أن الربح متحتم ولكنه لا يلبث أن يرى الحالة بالعكس في كثير من الأوقات، إما لأسباب محلية توجب أعمال هذا الصنف أو تقليله وإما لعارض وقتي من مثل إشهار الحرب بين دولتين أو اعتصاب العمال أو لاتفاق حزب النزول على تنزيل قيمته أو لقيام صنف آخر مقامه وهلمَّ جرّاً.

فإذا كان لا بد لشخص من المضاربة بالبورصة فأفضل نصيحة تقدمها له أن يتروى كثيراً قبل المشترى أو البيع فيدرس حالة السوق على خبيرين ثم إذا أسعده الحظ وكسب عليه أن يكتفي بالربح القليل حالاً لأنه يكون قد وثق منه ثم يعاود الاتجار رابحاً بعزم جديد ومكسب يمكنه من تحمل الخسارة لو وقعت. فيمكنه إذ ذاك أن يخرج من مركزه مردداً قول القائل:

على أنني راضٍ بأن أحمل الهوى ... وأخرج منه لا عليّ ولا ليا

وقد دلّ الاختبار على أن البورصة لا يمكنها أن تبلغ جراحها إلا في من يهورون لطمعهم بالغنى مع أن الغنى العاجل من البورصة لا يكون إلا بنسبة 5 إلى 100 من حوادث الخراب وذلك لذهاب معظم أرباح المضاربين إلى جيوب السماسرة الذين ينشبون المنشار فيأكلون الأرباح صاعداً ونازلاً سواءٌ ربح المضارب على أيديهم أو خسر، لأن نصيبهم (وهو في الغالب عمولة قدرها 5 في المئة) ثابت لا ريب فيه ما لم يفتروا فيجازفون بمالهم الخاص إرضاءً لعملائهم.

في البورصة طريقة لتأمين المضاربين على أموالهم بتحديد خسائرهم وهي أن يدفع المضارب مبلغاً معلوماً بصفة سوكارتاه ضد صعود الأسعار أو هبوطها تبعاً لإرادته.

فإذا شاء المضاربة بالقطن مثلاً واختار طريق الصعود أي أن يكون شارياً لا بائعاً فإنه يدفع نحو ربع ريال على كل قنطار لمدة شهرين فيأمن الخسارة مهما هبط السعر ولكنه لا يربح إلا إذا ارتفع الثمن أثناء الشهرين فوق الربع ريال الذي دفعه بصفة تأمين له ضد الخسارة.

وهناك طرق وعمليات أخرى من مثل العملية المسماة ستلاّج وهي الربح سواءٌ صعد الثمن أو هبط مقابل دفع أكثر من المبلغ المتقدم ذكره مما لا فائدة من الإسهاب في شرحه هنا لمماثلته لما تقدم في الجوهر.

وخلاصة ما ننصح به القارئ أن يبتعد عن البورصة لأنها كثيرة الأخطار والنفقات والهموم. وقد يوافق الاشتغال بها لمن كان عضواً في داخلها يقف كل يوم على بواطنها فيتمكن من التصفية حالاً. أما من كان بعيداً عنها فخسارته له ومعظم أرباحه لغيره.

هذا فضلاً عما يحف بالبورصة من الدواعي والأسرار التي تغل الأيدي عن السعي وتقيد الهمة عن الظهور بمظهرها الحقيقي خلافاً لحقل التجارة الواسع فإن فيه لذوي الذكاء والهمة والاستقامة مضرباً نائي الأطراف يمكن من كان مستعداً من الإصلاح والفوز بالفلاح.

سر السعادة

كتبت إحدى العقائل في مجلة مطالعات البيوت ما تعريبه: قال الفيلسوف فون كنيبل: سكن رغائبك الشديدة واجلس إلى مائدة الحيلة كما يجلس الضيف المحتشم ولا تطلب صنفاً من الطعام لا تراه مكتوباً في قائمة الألوان وهي كلمات فيها سر السعادة فإن حياة المرء تنقضي في البحث عن السعادة وكم من أفراد قلائل يتيسر لهم الحصول عليها. يدخل المرء في سن العشرين مضمار الحياة فيريد أن يؤسس له مقاماً بالرضى أو الغضب ويحاول أن يحرز أو يأخذ النمر الرابحة في يانصيب الحياة وكل يظن نفسه على ثقة من ربح الشطر الأعظم لأن الأهواء في السعادة تختلف باختلاف الأشخاص حتى إذا بلغ الأربعين بتعب ويشكو ويقول أنني أضعت سعيي هباءً ولم أحظَ بما أتطال إليه من السعادة ولو بحث المرء في حياته بحثاً مجرداً عن الهوى لاعترف في الغالب أنه بتعلقه بالوهم قد تخلى عن ألوف من الحقائق الحسنة في الحياة السعيدة.

السعادة تنشأ اليوم بعد اليوم من لذات مختلفة مؤقتة وأفراح طفيفة رائقة تكون بنت ساعتها فالواجب إيجادها بهمة وعناية على نحو ما تعمل النحلة العسل الجيد من عصارة الزهور المتباينة في الجودة فلقد كتب كارنو الكبير إلى ماكبورغ في ساعة يأس بالأبيات الآتية:

أيتها السعادة أنت التي يتحرك بك كل شيء على الأرض

أينزل ندماؤك على الكبراءِ أم في القرى؟

في إسبارطة أم في سباريس؟ في المعسكر أم في المقبرة؟

أم أنك تؤثرين الغابات أم حفظ القطعان؟

أأنت في البذخ أم في المجد أم في الوهم؟

في الرغبة الحاصلة؟ وفي الخلاص من الأمراض؟

في الصداقة أو الحب أو في البغض؟

في السلام والمعرفة والفضيلة أو بين القبور؟ السعادة أيها الفاني الجزوع هي بنت الأمل

هي في فؤادنا وهي تلوج الطهر والعفاف

تقام نذورنا وتأتي غير منتظرة

هذه الهدية من الخالق هذه الجذوة السماوية

لا يتأتى تعريفها فهي خبز الروح

لاتعرف قيمتها إلا بفقدها

والحق مع كارنو الكبير في جعله السعادة ابنة الوجدان المستريح وأنها خاصة بالأمل ومن لم يقع له أن تحقيق رغبة طلبت زمناً لا تنشأ عنها المسرة التي كانت تتوقع منها قبل الحصول عليها فأجمل القصور وأزهاها للسكنى القصور التي يبنيها صاحبها في إسبانيا (أي الاشتغال بعالم الخيال) وإن ما يبعد السعادة من طريقنا عدم قناعتنا بما يحصل في اليد ونغتبط به فمعرفة السعادة هي حسن استعمال ما في الحياة من صالح وعدم مطالبتها بما لا تستطيع أن تمنحه.

ولربما رأينا زوجين تكدر عيشهما بعد اقترانهما لأن الزوجة نظرت إلى أرفع منها مقاماً فحسدتهن وأرادت بمال زوجها تنافسهن فما هي إلا عشية أو ضحاها حتى تحمل بعلها على الاحتيال للمعاشر يأتيها بما تريد لبذخها وإسرافها ليترك سنن الاقتصاد والبساطة ويحاول أن يسعد امرأته أكثر من إسعاد الفطرة فما هو إلا أن تسود الدنيا في عينيه وعينيها ويضطر إلى الابتعاد عنها في طلب مظاهر الرفاهية وإذا رزقا أولاداً لا يكون منهم غير تنغيص العيش والشكوى على حين هم شمامة الأنس وريحانة النفس.

ليس لك من الحياة إلا ما أعددته وكثيراً ما نكون نحن العاملين على شقائنا بأنفسنا فبقليل من العقل والخبرة كان في وسع هذه المرأة التي جعلت حياتها بيدها لمجاهدة البؤس أن تكون بزواجها أسعد مما هي وكان لزوجها بشيء من المضاء والعمل وحسن السلوك بدلاً من أن يعيش في البؤس أن يصبح ذا مقام متناسب مع ذوقه وأصله وأمانيه ولو صحت عزيمة تلك الأم على أن يكون لها حنان حقيقي لاستطاعت أن تحسن تربية أبنائها الذين هم علة شقائها وربما خجلها.

الحياة دار ممر لا دار مقر لا يقف فيه السائر فالواجب التقدم على الدوام والاكتفاء بجني الزهور التي تصل يدنا إليها بسرعة على الطرق ونحن سعداء إذا لم نكن ممن أصابت أيديهم شوك وعوسج وإذا كنا ممن خانتنا السعادة فعلينا أن نجعل سرور غيرنا علة لسرورنا أنفسنا وعلينا أن نعمد إلى صالح الأعمال بدون جزاء وأن لا نبتعد قط عن خطة الواجب ننظر في مرآة ماضينا بدون ألم لوجداننا وعلينا حتى نسعد أن ننظر إلى تحتنا لا إلى من فوقنا ولا نكدر عيشنا بخوف ما يحدث وربما لا يحدث فكم عذاب يا رباه يحدث لنا من الشرور التي لا تلحقنا تبعتها.

فالعاقل يستمتع بما ملكت يداه وينظر إلى المستقبل باسماً ويقول إن الحياة زائلة والأيام معدودة فلماذا لا أغتنم السعادة الحاضرة. فإذا طرق البؤس بابي ذات يوم أتلقاه باحتشام رجل عرف الاستمتاع بالأيام الرائقة. وقليل في الناس اليوم من يرضون بما قسم لهم بل يطلبون أرقى منزلة مما هم فيها ويطمحون إلى أسباب ليست لهم ومن موجبات الأسف ما تسمعه من شكاوي الناس الذين يشكون مما لا يشتكى منه وليس لبؤسهم أثر إلا في مخيلتهم أو في أطماعهم التي لا تشبع وهم أبداً في خيبة مهما أُعطوا ولو عقلوا لكانوا سبب سعادة للبائسين في الأمور التي يبكون منها وينتحبون. قال فوستل دي كولانج المؤرخ إن الواسطة الوحيدة لسعادة الإنسان هو أن لا يفكر في نفسه بل يعمل لغيره وأن ينصرف بكليته إلى عمل يعتقد نفعه فالبشر لم يجدوا حتى الآن أسباباً توليهم السعادة والملاذ تعزف عنها النفس بسرعة والمطامع لا حدَّ لها فالإخلاص هو الذي فيه الهناء والجزاء في ذاته.

إذا نقص شيءٌ مما تريد ففكر فيمن لا يملكون شيئاً في هذه الدنيا. ذهب أحد الفقراء لزيارة إحدى الأماكن المقدسة ولم يكن له حذاءٌ فمشى على الأدغال والشوك يدمي رجليه والحصا يصرُّهما وكان طول طريقه يشكو سوء طالعه وقلة ذات يده قال أنه لما وصل إلى المكان المقصود رأى زواراً أتعس حالاً منه رأى أعمى لا ساق له فقال بعد أن رأيت ما رأيت لم أعد أشكو من فقدي حذاءً ألبسه في رجلي.

عمر الحيوانات

قليل في الناس من يعلمون كم تعمر الحيوانات فالحصان يعيش خمساً وثلاثين سنة والبقر ثلاثين في الأكثر ويبلغ البغل سن الستين والكلب لا يصل إلا إلى الخامسة والعشرين والهر الخامسة عشرة ومثله العنز والغنم وقد شوهد خنزير عمره عشرون سنة ولكن من النادر أن يبقوا عليه بل يذبحونه والأرنب قد يعيش من ثماني إلى عشر سنين ويعيش الديك الهندي والدجاج البري (الغرغر) اثنتي عشرة سنة وذكر البط قد يبلغ الثلاثين وصغار الطير كالحباشة والعصفور وحسون لا تتجاوز الخامسة والعشرين أما الغراب فإنه كما يقول علماء الحيوان يعمر طويلاً.

الجبن السريع

إذا أردت أن تعمل من اللبن الحليب جبناً في الحال بدون أن تستعمل الروبة التي يطول أمرها متى مزجت باللبن فعليك باستعمال السعتر البري تمسح به الإناء النظيف الذي تضع فيه الحليب ثم تصب على الأثر اللبن الذي يجمد في الحال.

تدوير الساعات

أفضل وقت ليدور الإنسان ساعته أن يوقت لها وقتاً يربطها فيه كل يوم في الميعاد المعين ومن الناس من يختارون المساء ومنهم من يختارون الصباح لربطها والصباح أفضل إذ تكون الساعة في النهار معرضة للحركة أكثر من الليل فإذا كان عهدها بالرباط قريباً تظل بقوتها إلى آخر النهار ثم لا تزال تضعف في الليل إلى صباح اليوم التالي وبذلك تستقيم جريتها وحركتها.

طرد الجرذ والفيران

عليك بدهن ثقوب الجرذ والفيران بزيت النعنع فإنها تكره رائحته كثيراً وذلك أسهل من استعمال السم لقتلها.

تدخين الحيوانات

يقولون أن الجمل والهجين يحبان دخان التبغ ومتى أُغويا به يسهل أن يحملا الأثقال ويطلب منهما كل صعب المنال وفي إفريقية الشمالية يعمد من يقودون ذينك الحيوانين إلى استهوائهما بالتدخين فيخضعان لكل ما يراد منهما ومتى صح العزم على قطع الأبعاد الشاسعة بهما يعطونهما لفائف يدخنونها فيسيران أحسن سير ويكون مع قوادهما في الغالب قطعة من الخشب مثلثة الشكل يجعل في طرفها المثقوب لفافة والخشبة في فم الحيوان فإذا شعلت اللفافة يمص دخانها ويرسله من منخريه حتى ينتهي منه ويطبق الجمل والهجين عيونهما في خلال شرب الدخان شاعرين بلذة فائقة وأنس غريب.

بيوت الرمل

وقر في الأذهان أن البيوت التي تُبنى على الرمل لا بقاء لها حتى أصبح ذلك من أمثالهم. نشأ ذلك مما ورد في بعض الكتب المقدسة من المقارنة بين من يبني بيته على الرمل ومن يبنيه على الصخر على أن آخر الآية أن الأمواج علت على ذاك البناء فانهار ولو بنيت البيوت في رمل جاف متين لمال استطاعت صروف الأيام أن تقوضها وأهرام مصر أصدق دليل على ذلك لأنها بنيت على الرمل وهي لم تتزعزع منذ ألوف من السنين.

الهر في يابان

كتب أحد الباحثين أن الهر نقل من الهند إلى الصين ومن هذه إلى اليابان وهو في الصين معدود من الحيوانات الأهلية منذ زمن طويل. وفي كتب الصين القديمة وصف مطول لأخلاقه وهو هناك يتوفر على إبادة الفيران من الحقول التي تسطو على الزرع وفي سنة 1212 من التاريخ الياباني الموافقة لسنة 552 للتاريخ المسيحي أخذوا في يابان يقدمون ضحيا للقطط وقد تبين له أن القط دخل يابان يوم دخل المذهب البوذي وذلك لوقاية المخطوطات الصينية التي تبحث في الأخلاق من سطوات الفيران وكانت العادة قديماً أن تجعل القطط في المعابد وكثيراً ما كانوا يرسمون صورها في المحال التي تألفها الفيران.

حمل الأحمال

يحمل الناس أحمالهم في البلاد الجبلية على الجزء الأسفل من ظهورهم أو على أصلابهم وذلك بوساطة سير من جلد يجعلونه أو بقدم يربطونه على الجبين بحيث ينتفع بعمل أعصاب النقرة ومن النساء الفلاحات من يحملن جرار الماء على رؤوسهن وعلى العكس في سكان الجبال فإنهم يحملون الأحمال الثقيلة على رؤوسهم حتى تنزل قدة الحمل على الجسم ولكن إذا حمل هكذا في الصعود الشديد يتعرض للسقوط إلى الأمام. أما الأشياء الخفيفة أو المتوسطة فيتأتى حملها بالذراع وعلى الورك والكتف مباشرة أو بواسطة ميزان كما هو الحال في الشرق الأقصى. ومن النادر أن يحمل الحمالون في البلاد السهلية على ظهورهم وإذا فعلوا فإنهم يجعلون الحمل على الجزء العالي من الظهر ولا يقربونه من الصلب كما يفعل الجبليون. وهذا كله ناشئ من تركيب الأرض التي يعيش فيها المرء فترى ابن الجبال ربعة مجموعاً قصيراً ولذلك يحمل حمله على صلبه حتى لا يتعرض للسقوط وترى ابن السهل طويل القامة نحيف الجسم أهيف فيحمل الأثقال على جنبه أو يرفعه كثيراً غير متخوف عليها السقوط.

البوسنة والهرسك

كان في البوسنة والهرسك إلى سنة 1906 نحو ثمانين ألف مزرعة وأرض زراعية لا يملكها العاملون فيها من الفلاحين بل هي ملك للسادة والأغوات يعطيهم الفلاح ثلث غلاتها وقد أخذت حكومة النمسا تبتاع تلك الأراضي من أربابها ولكن على طريقة بطيئة وألغت إكراه الأولاد على العمل بالطرق الأهلية وكان يقضى من قبل على كل ولد من سن السادسة إلى العشرين أن يسخر في الطرق واستعاضت عن ذلك بتكاليف وضعتها الولايتين مجلساً نيابياً مصغراً.

أخلاق الكوريين

عادات أهل كوريا من أغرب العادات فهم لا يعرفون الخياطة وبدلاً من أن يخيطوا ألبستهم وثيابهم يصموغنها بصمغ السمك وهم لا يعرفون الفرش بل يستعملون بدلاً منها ألواحاً من الورق المزيت لطيفة الملمس وأكلهم بسيط للغاية ومادته الأصلية عبارة عن الأرز ولحم الخنزير ولحم الكلب وهم على قرب بلادهم من بلاد الصين لا يعرفون الشاي بتة وأهم صناعات كوريا الورق وهو من أهم الصادرات إلى يابان ثم القيشاني والفخار يصنعونه بذوق غريب. أما وسائط النقل فهي على الفطرة الأصلية فترى المركبات فيها قليلة جداً والكراسي التي تحمل هي خاصة بالأغنياء والمنورين ولقلة الخيل والحمير استعاضوا عنها في حمل الأثقال بالثيران. والمرأة في كوريا محترمة للغاية ولكنه ينظر إليها كما ينظر للطفل وهي لا تسأل عن الجرائم التي تقترفها.

بكور الطيور

جاء في إحدى المجلات الإفرنجية ما مثاله معرباً: الطيور أكثر منا بكوراً في العادة فهي التي تتولى إيقاظنا في ساعات لا تكاد تختلف ولا بأس بالوثوق بها فطير البرقش (الشرشور) يستيقظ في شهر حزيران ويأخذ بالتغريد نحو الساعة الثانية بعد نصف الليل وأبو زريق في الساعة الثانية ونصف والسلوى (سمانات) في الساعة الثانية والبلبل في الثالثة ونصف والشحرور يغرد منذ الساعة الثالثة ونصف إلى الساعة الرابعة والعندليب يبدأ في الرابعة ونصف وأبو زريق المستنقعات ربما تأخر تغريده إلى الخامسة بسبب برودة المكان الذي هو في الضباب المتكاثف عليه. والعصفور الدوري هو أكسل الطيور ينتبه من وكنته في الخامسة ونصف ولكنه يملأ الفضاء بتغريده. هذه ساعة الطيور ومن أراد الاعتماد عليها في أوقاته فعليه أن يسكن الغابات ويتمتع بأصوات هذه المخلوقات لا يخاف دركاً ولا يخشى والأجدر أن لا يجعل الطائر الذي يروق السمع بتغريده في قفص بل أن يبقى كما يريد من البيت وأكثر الطيور أنيسة للغاية وتحب مجتمع الناس إذا وقع في نفسها أنه لا تمس حريتها. وأحسن الطرق لجعل صغار الطيور وبيوضها في مأمن من مخالب الهررة وغيرها منه الحيوانات الغاصبة أن تضع حزمة من الشوك والعوسج في جذع الأشجار التي تناط بها الأعشاش والطيور المغردة تطربنا بنغماتها وهي من أعظم الأعوان على نجاح الزراعة.

الأعمار والعقليات

في مجلة المطالعات البيتية ما تعريبه: إن علاقة الأعمار بالأعمال الذهنية وتأثيرها هي من المسائل التي جرت المناقشة فيها كثيراً ولم تنجلِ عن نتيجة حتى اليوم. فمن المفيد من ثم أن نأتي على هذا الإحصاء الذي أورده أحد العلماء وقابل فيه بين أعمار زمرة من الرياضيين والشعراء والمصورين فأورد في المقدمين لايبنز الذي عمره 70 سنة وأولير 76 سنة ولاكرانج 77 ولابلاس 78 وكوس 78 وأفلاطون 82 ونيوتن 85 وأرخميدس 75 وفيثاغورس 90 وأورد من الشعراء والمصورين بندار الذي عاش 80 سنة وسوفقلس 90 وأربيدس 75 وسيمونيدس 89 وشومير 71 وميشيل آنج 90 والتيتين 99 ونوردورت 80 ولاندرو 89 فمعدل الحياة بموجب هذه الأرقام 79 سنة لرجال العلم و 85 لغيرهم.

فهذا الإحصاء يرضي القائلين بأن الأشغال العقلية لا تختصر حبل الأجل أما القائلون بعكسه فيقولون لك بالإحصاء أيضاً أن رفاييل مات في سن ال 37 سنة وموسه في ال 47 وهيجزيب مورو في ال 28 وشكسبير وبرون في سن الشباب وغيرهم ماتوا في زهرة العمر. وعليه فإن أحسن شرح لما تقدم أن يقال أن الارتقاء في الأمور العقلية في الأكثر نتيجة الصحة الجيدة وأن القوة الطبيعية هي التي تطيل الجل في حين أن هذه الأشغال العقلية نفسها تقصر أعمار ضعاف الأجسام وتقودهم في الأغلب إلى أشد حالات الاضطرابات الدماغية.

إبادة الجراد

لم ير الباحثون حتى الآن في طبائع الجراد وأضراره بالمزروعات والأشجار بحيث يقضم الأخضر واليابس إلا أن تتوفر العناية على جمع بذوره قبل أن تفرخ وتبيض كما يفعل المستعمرون في بلاد مراكش والجزائر حيث يكثر الجراد فيجرد كل خيرات البلاد معظم السنين.

دواء التهزيل

كثير من النساء من يريدون التخلص من السمن الذي يعالجهن قبل الأوان فتضيق به أنفاسهن وتتأذى به نفوسهن ليصبحن رشيقات ممشوقات. والذريعة إلى ذلك أن يعمدن إلى تمرين عضلي بسيط للغاية فإذا أحبت المرأة أن تصغر وركيها فعليها أن تضطجع على الأرض وترفس برجليها مرات، ثم تنهض وترفع ساقيها ثانيةً لهما بحيث تكون ساقها على صورة زاوية قائمة مع قامتها وتظلُّ تعمل هذه الحركة بساقيها خمس دقائق كل مرة. وفي الأسبوع التالي تقف منتصبة وتضع ذراعيها وراء ظهرها وتحمل شيئين ثقيلين تربطهما بطرفي حبل وفي الأسبوع الثالث تعمد إلى حني ركبتها وتمدُّ الساق الثانية مداً مستطيلاً وتضع يدها مفتحة على الأرض وذراعها الآخر وراءها وفي الأسابيع التالية تحني بدون أن تثني ركبتيها بحيث تمس أطراف أصابعها رجليها ولا بأس من الاعتماد على كرسي في بداءة هذه الرياضة فقط ويستغنى عنه فيما بعد. ثم تقفز بعد ذلك مستندة إلى إطار (طارة) واسع وهو أحسن من الحبل الذي يقفز به. حتى إذا اكتست المرأة ثياب الزينة تنتصب مستقيمة وتمد ذراعيها ثم تستنشق الهواء بكل ما فيها من قوة ثلاث مرات وبهذه الواسطة يهزل جسمها بحول الله وقوته وتغدو رشيقة القوام ـ انتهى معرباً عن مجلة البيوت.