مجلة المقتبس/العدد 46/سير العلم والاجتماع

مجلة المقتبس/العدد 46/سير العلم والاجتماع

مجلة المقتبس - العدد 46
سير العلم والاجتماع
ملاحظات: بتاريخ: 1 - 12 - 1909



عادات الكتاب

لكل كاتب عادة في كتابته هي الزم له من شعرات فصه لا يستطيع بدونها أن تفتح قريحته فإن تربستان برنارد يخلع أكمام قميصه وقت الكتابة وقبته ثم يكتب بدون أن يحذف حرفاً فإذا ما تشتت ذهنه يمسح قلمه بلحيته الجميلة الطويلة وأديمون روستان الشاعر يخلع نظارته عن عينه الواحدة. وراول بونشون لا يفتح عليه في محل القهوة كما يقال بل يأخذ شراباً منبهاً ويكتفي أحياناً بنسخ الأشعار التي يعميها (يخربشها) بقلم رصاص في دفتر له صغير. ويكتب موريس باريس بالحبر البنفسجي على ورق أزرق ذي حواشي من الوسط عَلَى عادة رجال السياسة وترى رسوم نسور من الذهب عَلَى منضدته التي يبلغ طولها ثلاثة أمتار. وهو مخطيءٌ في استعمال الحبر البنفسجي لأن إيبل بونارد قد عدل عن استعماله من تلقاء نفسه لأنه يتغير كلما قدم عهده وتزول كتابته التي خلعتها أنامله في أسرع وقت. ولا يكثب جول كلارسي مقدمات الكتب التي تعرض عليه إلا إذا لبس طاقيته واكتسي بصدرته. ولا يخط جان ريشبن كلمة قبل أن يتزيا بمشلح صنع من جوخ أحمر وكذلك الكونت مونشكيو يلبس قميصه الروماني وهو مستطيل أبيض وطرز بالزرقة والحمرة. وكثر هانري باتايل من صرف الأقلام والأوراق وتشمئز نفسه من صرير القلم ويود لو تيسر له ورق من الجلد الرقيق. أما بول بورجيه فلا يكثب ولكنه يملي عَلَى إمناءِ سره فيكتبون بسرعة وقد أملى روايته الباريكاد الأخيرة على رجل بنديكي هو أمهر في الاستملاءِ من خطاطي القرن الخامس عشر ويستعمل فيليه كريفن الغليون للتدخين أثناءَ الكتابة عَلَى أنه لا يدخن إلا اللفائف.

ويحس بول هرفيو نفسه عندما يريد معالجة القلم وأرنست لاجونس لا تسيل قريحته إلا أمام الناس ومارسيل برفوست بشرب الشاي ويشرب كابوس شراب الكينا وهانري لافدال الماءَ المعدني. هذه عادات بعض كتاب الفرنسيس المشاهير.

قاطرة كبيرة

صنعوا في أميركا قاطرة ثقلها ثلثمائة طن لها 16 دولاباً و10 محركات وطولها 32 متراً ويمكنها أن تحمل 18150 لتراً من البترول و540 هكتولتراً من الماء بحيث يتأتى لها أن تسير بدون وقوف وهي خاصة لنقل الركاب وقطر عجلاتها متر و83 سانثيماً وهذه القاطرة تسير بالبترول لا بالفحم الحجري.

الفراعنة والفينيقيون

نشرت المجلة الآسياوية الفرنسوية بحثاً في علاقة المصريين بسورية في القديم جاءَ فيه أنه كتب في ورقة البردي المحفوظة في متيحف برلين المعروفة باسم وقائع سنوحيت أن رجلاً من سادات مصر غادرها سراً من نحو ألفي سنة قبل المسيح عَلَى عهد أمنماحيت الأول ولجأَ إلى الحدود الآسياوية إلى إقليم اسمه كدم وهو جزء من تونو الأعلَى وقد كرم أمير تونو وفادة سنوحيت واسم الأمير أموياناسحي الذي قال له أنك ستكون عندنا عَلَى خير حال لأنك تسمع بيننا أناساً يتكلمون باللغة المصرية وقد وصف هذا المصري مقامه في ذاك الصقع ووصف خيراته ونعمه وبعض عاداتهم التي لا تخرج عن عادات البدو هذه الأيام في غزواتهم وغدواتهم وروحاتهم. ويقول بعض علماءِ الآثار أن بلاد تونو التي وصفها المصري مخففة من لوتانو وهي الأرض الواقعة بين البحر الميت وصحراء جبل سينا ويؤيد ذلك ما ورد عَلَى إحدى المسلات الرسمية المؤَرخة من زمن أمنماحيت الثالث أن أهل سينا كانت لهم صلات مع أخي زعيم لوتانو.

وجاءَ في اكتشاف حديث من أوراق البردي اسم مدينة كبني وجبلى وجبيل وهي كما قال ماسبرو مدينة بيبلوس على شاطيء سورية وبيبلوس هي مدينة جبيل في جبل لبنان وأن في ضواحي هذه المدينة يجب أن تكون مشاهد المدينة الرعائية التي وصفها سنوحيت فإذا صح هذا فتكون فلسطين عَلَى عهد السلالة الثانية عشرة المصرية متأخرة العمران إذ لم يكن في داخل البلاد مدن وأهلها يعيشون عيش الرعاة والرحالة وهذا الرأَي لا يخلو من صعوبة عَلَى من يحتجون بورقة البردي المحفوظة في برلين ومنها يفهم أنه لم يكن بين السلالة الثانية عشرة المصرية وبين السلالة الثامنة عشرة سوى قرنين إذ ظهر من الرسائل التي عثر عليها في تل العمارنة مؤَخراً أن فلسطين كانت خاضعة للحياة البلدية ولوصولها إلى هذه الحياة والنظام يقتضي لها أكثر من قرنين من الزمن. عَلَى أن بيبلوس كانت في الزمن المذكور آنفاً معروفة عند المصريين إذ قد اكتشف مؤَخراً على ذكر حملة مصرية إلى بيبلوس على عهد السلالة المصرية القديمة أي قبل بضعة قرون من رحلة سنوحيت.

وذلك أن المصريين لما بدأُوا عَلَى عهد توتيمس الأول أي نحو سنة 1550 قبل المسيح بغزواتهم التي أدت بهم من سواحل سورية إلى وادي الأُردن فشواطيءِ الفرات قد استولوا قروناً عَلَى إقليمي لوتانو وخارو ولما توطدت أقدامهم فيهما حملهم حب الاكتشاف إلى التقدم إلى الأمام فقصدوا نهر الفرات الذي وصفه توتميس الأول في مسلة تومبوس بأن الماء يتراجع فيه ثم ينزل وهو صاعد ثم قصدوا غابات لبنان حيث وضع الشريف سنوفري أحد جلساء توتميس الثالث خيمته في علو شاهق فوق السحاب ثم تقدموا إلى الغابات وكانوا يأتون إلى بيبلوس بأحسن الأخشاب التي بلغ طولها 60 باعاً مصرياً (نحو 31 متراً) وكان ساقها غليظاً حتى نهايته وكانوا يحملون خشب الأرز من جبيل إلى مصر. فكانت هذه البلاد مسرحاً للصيد والغزو وقد كتب قدماءُ المصريين وقائعهم وأساطيرهم في هذا الشأْن ولم ينته إلينا إلا القليل منها ويقل فيها وصف البلاد التي كانت تجري الغزوات فيها ومما وصلنا قصة قائد المشاة على عهد توتميس الثالث وكيف استولى بأعمال الحيلة عَلَى الزعيم الثائر في ثغر يافا وكيف ضربه بعصا فرعون الأكبر ولكنه لم يرد في هذه القصة وصف يافا وإقليمها.

ويفهم من مجموع الأساطير والرحلات الباقية أن فرعون مصر كان يبعث بأعوانه يطوفون البلاد بلداً بلداً في آسيا ليطبعوا النفوس عَلَى احترامه وذكروا فيها ما لقوه من النصب في أسفارهم ولا سيما في اجتياز الغابات والشواطيء الجبلية أو القفار التي تفصل بين المدن المذكورة وبينهم مثل جبيل مدينة الآلهة ومدينة صور حيث كان السمك أكثر عدداً من الرمل والماء يحمل إليها في قوارب من اليابسة.

وقصارى القول أن أبناء الرحلات التي رحلها المصريون عَلَى عهد الرعامسة أخلاف رعمسيس قد وصفوا آسيا وصفاً خيالياً تكاد لا تكون له صبغة خاصة ليس فيها إلا حروب ورحلات وحب وعشق. وفي أوراق البردي التي قرئت من مجموعة كولانيشف وصف رحلة مصري إلى آسيا في القرن الحادي عشر قبل الميلاد وهي عبارة عن رحلة تاجر. وذلك أن رجلاً اسمه أونامونو عميد قاعة الكرنك في السنة الخامسة من حكم رعمسيس الثاني عشر وفي الزمن الذي كان فيه الكاهن الأعظم للرب عمون واسمه هريهور يحكم في طيبة وكان سمندس أول ملوك التانيتيين يحكم الدلتا وعاصمة مدينة تنيس ركب أونامونو البحر إلى سورية للبحث عن الخشب اللازم لإنشاء قارب الرب عمون را فوقف أولاً عَلَى دور إحدى مدن زقالا في شمالي يافا ثم بلغ مدينة صور ثم جبيل ثم بلاد الأزيا وهي ليست محققة فبعضهم يقول أنها قبرص والآخر يقول أنها في مضيق نهر العاصي. وذكر هذا السائح أن أحد الملاحين سرق له أواني وسبائك ذهبية ولم يستطع أن يأْخذها منه في دور ولا في صور حتى إذا بلغ جبيل وقابل أميرها ذكر له هذا ما كان فراعنة مصر يبعثون به لآبائه من الهدايا وأنه لا يتيسر له أن يقبله بدون هدية مصرية تذكر واراه جريدة الهدايا التي كانوا يبعثون بها ولما وعده بمثلها عَلَى أن يرسل أناساً من قبله إلى ملك تنيس أمر له بثلثمائة رجل من رجاله وثلثمائة ثور وبعض ضباط لقطع الخشب من الغابات ليحمل من قابل على القوارب إلى مصر ثم استعمل أمير جبيل جفاء في مخاطبته رسول مصر وأخافه لما أَراه ما حل بمن جاء قبله من قبل الفراعنة بدوس أرض بلاده وأجداده وكل هذا مما يستأْنس به في العلائق التي كانت منذ القديمين المصريين والفينيقيين وإن فراعنة مصر عَلَى قوتهم وغناهم وأربلبهم وكهنتهم وسحرتهم لم يكونوا يرهبون سكان صور ودور وجبيل بل كان المصريون لا يقطعون الخشب من غابات لبنان إلا بما يقابلها من الهدايا والتحف المصرية ويؤخذ من كل هذه الروايات أن قدماء المصريين لم تكن لهم معرفة أكيدة إلا عن سورية أو الأصقاع القريبة منهم ولم يكن لهم معرفة أكيدة إلا عن سورية أو الأصقاع القريبة منهم ولم يكن لهم معرفة فيما وراءَ لبنان معرفة ينتفع بها في التاريخ الصحيح.

مكتبة الإسكندرية

كتب عبد الوهاب أفندي سليم التنير في مجلة النبراس بحثاً في موضوع حريق مكتبة الإسكندرية جاء فيه نقلاً عن كتاب ارتكابات الأوروبيين لصاحبيه جورج فوت وجمس أهلويلر ما تعريبه بالحرف.

لقد قام الإفرنج بحرب طاحنة عَلَى الوثنيين وسفكوا الدماء وقد أمر الإمبراطور تيود وسيس بتحطيم أصنام الوثنيين وغيرها مما هو للوثنيين فقام بطريرك الإسكندرية وقاد أُمته وذهب بها إلى هيكل سيرابيس فدمروه ولما انتهى من خراب هياكلهم ذهب إلى المكتبة وأحرق ما فيها من الكتب حتى أصبحت رفارفها فارغة فلم يرها أحد بعد ذلك إلا تأسف عليها غاية التأسف. فالذي أحرق مكتبة الإسكندرية هو البطريرك ثيوفيلوس بأمر الإمبراطور ثيوديس قبل دخول المسلمين إلى إسكندرية بسنين كثيرة ومعلوم أن الدين الإسلامي يمنع إحراق الكتب.

وقال في كتابه المسمى (خرافات الأوربيين) ما ترجمته ملخصة: إن المكتبتين اللتين اسمهما البطالسة في الإسكندرية كان إحراقهما عن يد جيوش قيصر لما حاصر الإسكندرية وللتعويض عن هذا الخطأ أُهديت المكتبة التي جمعها يومياس ملك برغامة إلى الملكة كليوبطرا عن يد الملك أنطوني لكن حكم الدهر أو الجهل أن لا تبقى هذه المكتبة العظيمة أجيالاً فقد أحرقها البطريرك فيوفيلوس وأقام عَلَى أنقاضها كنيسة سماها كنيسة الشهداء.

وجاء في دائرة المعارف طبع تشمبيرس وشركائه في المجلد الأول عند كلمة الإسكندرية ومكتبتها: ولما حاصر يوليوس قيصر مدينة الإسكندرية احترق قسم عظيم من هذه المكتبة غير أنها أُعيدت إلى ما كانت عليه بسبب الكتب التي جمعها ملك برغامة وأهداها إلى الملكة كليوبطرا وقد بقيت إلى زمن سيوديسيس الكبير ولما أمر هذا الإمبراطور بهدم معابد الوثنيين في أنحاء المملكة كافة هدموا هيكل سيرابس حيث المكتبة موجودة فهدموا الهيكل وأحرقوا المكتبة في سنة 391 بعد المسيح وليست العرب هي التي أحرقتها كما ينسب إليهم زوراً وبهتانا. وقال جون مسبرك في كتابه المسمى الإدعاآت الكاذبة: (إن الإفرنج هم الذين أحرقوا المكتبة الإسكندرية والمسلمون هم الذين أدخلوا العلم إلى أوربا) وقال المسترهلسلي أستيفونس في كتابه المسمى التفكر والأديان: (لقد أَحرقت مكتبة الإسكندرية أيدي الجاهلين وهي مكتبة مهمة وبفقدانها فقد العلم وبقيت أوربا تتخبط في ظلمات الجهل إلى أن أنارها المسلمون بعلومهم) وقال بيتنس في دائرة معارفه: (ولما افتتح يوليوس قيصر مدينة الإسكندرية احترقت المكتبة الأولى وبقيت المكتبة الثانية التي أُسست بعدها وقد زادت كتبها بالمجلدات التي أُهديت للملكة كليوبطرا عن يد مارك أنطوني وصارت أعظم من التي احترقت وبقيت إلى سنة 390 بعد المسيح حين قام الإفرنج على الوثنيين وهدموا معابدهم التي كان في جملتها هيكل سيرابيس وأحرقوا المكتبة) وقال جورج مرتين في كتابه درياق الخرافات ما ترجمته بالحرف: يا ترى ماذا صار بمكتبة الإسكندرية قل لقد أحرقها المتوحشون من الإفرنج بأمر ثيودوسيوس سنة 390 بعد المسيح. وهذه الكتب الصامتة التي أُحرقت تشهد على الكذب الذي اختلقوه في رومية وقالوا أنها أُحرقت بأمر الخليفة عمر بن الخطاب ولقد نسبوا هذه النسبة الكاذبة الخاطئة إليه زوراً وبهتاناً.

وقال فوت واهوبلر في كتابهما ارتكابات الإفرنج: قضى ثيودوسيوس عَلَى ما كتبه بوفيري كافة من كتب العلم بواسطة الإحراق وأمر أيضاً بإحراق كل الكتب التي تشتمل عَلَى شيء يخالف معتقدهم وقال أيضاً: والذي أحرق مكتبة الإسكندرية هو ثيوفيلوس لا المسلمون لأنو الدين الإسلامي لا يبيح إحراق الكتب وعدا هذا فإن المؤرخين الأول كافة الذين كانوا في عصر بدءِ الإسلام لم يذكروا مكتبة الإسكندرية قط مع أنهم ذكروا أموراً وشؤوناً طفيفة لا يؤْبه لها.

وقال المطران يوسف الدبس في كتابه تاريخ سورية بعد أن ذكر ما ذكره لبعضهم من كيفية إحراق مكتبة الإسكندرية ونسبتها للمسلمين: روى هذه القصة كثير من المؤرخين النصارى وبعض المسلمين أيضاً عَلَى أن المدققين لم يقطعوا بصحتها.

وقال رنان في خطاب له في العلم والإسلام: لقد قيل أن عمرو بن العاص أحرق مكتبة الإسكندرية وهذا كذب محض والمكتبة المذكورة قد أُحرقت قبل زمانه بسنين عديدة.

وقد أورد الباحث نقولاً عن علماء الإفرنج يزيفون أقوال بعض أرباب الأهواء في نسبة الحريق للمسلمين ويبينون مأْخذ عبد اللطيف البغدادي وابن القفطي وابن العبري والحاج خليفة وليس لمكتبة الإسكندرية ذكر في عبارة أبي الفرج بن العبري الأصلية السريانية والنسخة العربية منقولة عنها كما أن بعض الخطوطات من تاريخه العربي لا أثر لهذه الرواية فيها والحاج خليفة لا ذكر للإسكندرية ومكتبتها في كتابه والبغدادي والقفطي نقلا عن رواية دسها عليهم بعض المتعصبين أو دسوها في عباراتهما. والمبحث مهم في ذاته يبين تعصب الإفرنج عَلَى الإسلام وبه يتم هذا المبحث الذي نشر المقتبس فيه عدة أبحاث أيضاً في سنيه الثلاث الأولى.

حياة الرسول

ينشر المسيو فيكتور شوفين من المستشرقين البلجيكيين منذ مدة كتاباً في أجزاءَ كثيرة يأْتي فيه عَلَى أسماء الكتب العربية التي نشرت في أوروبا المسيحية منذ سنة 1810 إلى 1885 والجزء الحادي عشر منه هو في الكتب والرسائل التي نشرت بشأْن الرسول (عليه الصلاة والسلام) وعددها ثمانمائة كتاب ورسالة وربما نشر بعض الجمل المهمة منها. نشر الآراء عَلَى اختلافها ولم ير بأْساً من الإشارة إلى الكتب التي كتبت في القرون الوسطى عَلَى خاتم النبيين أيام كانت علوم أوربا وكلياتها وجامعاتها بيد رجال الدين فقط.

انكلترا والشرق

شعرت انكلترا بتخلفها عن أمم الغرب الراقية في معرفة علوم الشرق ولغاته فرأَت أن خير ذريعة لذلك إنشاءُ مدرسة للغات الشرقية الحية حتى لا تنازع نفوذها دولة في الشرق ولا سيما في الهند فعهدت إلى لجنة النظر في ذلك فقررت إنشاء مدرسة لهذا الغرض تضاف إلى كلية لندن عَلَى أن تكون مستقلة بأعمالها يتخرج فيها الموظفون والضباط الذين ترسلهم إلى الشرق بعد أن يتمكنوا من اللغة التي يريدون الخدمة بين أهلها لا أن يكتفوا كما كانوا باستظهار بعض الكلمات والجمل المحرفة. قال الأستاذ هدلم إن الواجب يقضي أن يكون الرجل الذي يذهب إلى الخارج مقتدراً عَلَى التكلم كما يتعلم الرجل المنوّر الفاضل ويكون شعوره وفكره كذلك لا إن يذهب فقط يتكلم التركية كما يتكلم بها جمال. وقد سئلت الحكومة في مجلس النبلاء عن الغرض من هذا العمل فابانت فوائده وعضده لورد مورلي حاكم الهند ولورد كرزون حاكمها السابق ولورد كرومر حاكم مصر وأبانوا النتائج الحسنة منه وقد استقلت بعض الجرائد المبالغ التي خصصت لذلك ولكن التيمس قالت إن هذه النبتة ستكبر من نفسها فإن المملكة البريطانية التي يتكلم باللغات الأجنبية ثلاثة من كل أربع من سكانها سيشير لها ذات يوم أن تنفق في سبيل تعلم اللغات مثل ما تصرف ألمانيا وفرنسا.

العلوم والتربية الوطنية

كتب المسيو إبيل في مجلة الأفكار الحديثة مقالة تحت هذا العنوان قال فيها: لكل أمة في كل عصر من عصورها نمط من التربية تختارها متناسبة مع حالتها الفكرية وحا أنها وضرورات بقائها والدفاع عن حوزتها وتأييد كلمتها وبيد الحكومة تحقيق هذا النموذج وتعيينه. نحن أمة ديمقراطية فيجب أن تكون غاية تعليمها الوطني أن يهي للأمة بأسرها أسباب حكم نفسها بنفسها وأن تعمل أصلح الأعمال بأقل جهد ويضمن لكل واحد أن يكون ما أمكن ممتعاً بشخصيته مطبوعاً بطابع الواجب الاجتماعي والواجب الوطني فيوجه إلى وجهة واحدة العنصرين اللذين بهما تتعلق حياة البلاد وأعني بهما نشاط الأفراد وهو موجد القوة وفكر الاشتراك الذي يدعو أبناءَ النبعة الواحدة إلى التكافل والتضامن في أعمالهم ويكون رائدهم الوئام لئلا يدخل فيهم الخصام والانقسام بكون تعليمهم حقيقياً كما يقول الألمان ونافعاً في مجموعه وجهته بحيث ينبه في كل مكان روح التفكر والاعتماد عَلَى النفس والإقدام على العظائم.

إبان البحث في المدنيات القديمة التي كان أساسها حتى الآن من الفلسفة أو من الدين إن الإلحاد والاعتقاد لم يستطيعا أن يؤلفا وحدة باقية بين فكر الاشتراك وعمل الفرد وإن تربية هذا أساسها تؤَدي عاجلا أو آجلاً إلى الضعف والاختلال ولا سيما في العصر الحاضر فإنها تؤَدي إليهما أكثر من الحرية الغير المحددة في التفكر والكتابة ونشر الآراء عَلَى اختلاف أنواعها بواسطة الصحافة الرخيصة. وليس كالعلم دواءٌ أنجح من هذا الداء فالعلم منبع التفكر والعمل والإخلاص الذي لا يطلب به صاحبه غرضاً وبالعمل النافع وبطريقة العلم تنتظم الأفكار العامة بنظام حسن وبها تضمن له وحدة الاتقاء مع ترك الحرية المطلقة لفكر الفرد. وبطريقة التعليم ينتفع من المتوسطين في ذكائهم المواظبين على أعمالهم فيخدمون خدماً حقيقية في الأعمال الصناعية والزراعية. إن صاحب الذكاء الحدود إذا جمع إليه عامة صفات العمل المتصوَّر لا يكون منه في الأدب ولا في الفلسفة إلا أمور تافهة. وعندما يجيءُ زمن تزول فيه كل سلطة قائمة عَلَى العهود الاجتماعية يؤَسس العلم سلطة لأراد لحكمها ولا أسطع من نورها تنشأُ عَلَى أصول راسخة عَلَى الأكفاء العاملين. وبتنظيم طريقة التعليم يجتنب الإسراف في الوقت والقوة بتلقين عادات التؤدة والنظر والتدقيق والبساطة في الأذواق منبهة شعور الظلام والجهل مع الرغبة في إمحائهما داعية المرءَ بما فيه من الصفات الأخلاقية والعقلية لا بما فيه من القوى الطبيعية ووجدانه في العمل وصدقه في الحكم وطريقة التعليم تورث العقل نظاماً وتعود الفكر عَلَى البحث والقلب عَلَى الصبر والجسم عَلَى النشطة وهي الكفيلة بتربية أبناءِ المدينة الفاضلة.

ولقد اضطر المربون الأول في فرنسا أن يقبلوا إرث اليونان والرومان في العلم عَلَى ما فيه من الجاذبية والمخاطر وكانت دراسة اللاتينية أولاً فرضاً ثم ضارعتها اللغة اليونانية وحذفت من الدروس تعلم اللهجة الفرنسوية وظلت المناقشات السفسطائية والجدالات المذهبية زهاءَ ألف سنة مستولية عَلَى القوى العقلية في الأمة فأصبحت الواسطة غاية وكان النقد الأدبي أول ما يعنى به فلم يكن للعلوم مقام في تعليم محدود بهذا القدر بل أنها أصبحت مجهولة في الأديار مهملة في الكليات وتابعة للفلسفة السكولاستيكية ولما غدا النظر في الطبيعة لا يعد سحراً أمسى العمل يوصم بوصفة الكفر ولكن النقد الأدبي ظل هو العلم ولم يقدر هذا إلا في أواخر القرن الثامن عشر أن يكون له كيان أمام ما كان يعتقد أنه علم وليس هو منه في شيء.

وتكلم عَلَى التعليم في فرنسا وقسمه إلى ابتدائي ووسط وعالٍ وقال إن تعليم اللغة الفرنسية المقام العالي لأنه من البين أن أصل كل تهذيب يجب أن توضع معرفة لغة الإنسان في المقدمة معرفة حقيقية وقال إن العلوم الأدبية في درجات التعليم الثلاث هي موضوع الاهتمام والعناية ودارسوها أكثر من دراسي العلوم مع أن حضارة هذا القرن تقضي بأن تكون العلوم قبل كل شيء هي المعول على دراستها. فالأدب عند الفرنسيس هو الملجأُ المضمون لكل فرنسوي هو ملجأُ الأطباءِ الذين لازُبن لهم والمصورين الذين يئسوا من الكسب والضباط الذين عزفت نفوسهم من خدمة الجيش بل وكل من خانتهم قواهم ولم يجدوا لهم عملاً.

الأخلاق الحربية

قوة كل أمة بقوة أفرادها وجنديتها مناطة بقوة عضلات من تتألف منهم أكثر من كثرة عددهم فالجيش الألماني غلب الجيش الفرنسوي في حرب سنة السبعين بقوة أفراده وتنظيم كتائبه وأسباب راحته مع أن فرنسا كانت إذ ذاك تخرج من الجند عدداً أكبر والسر في تغلب الجيش الياباني عَلَى الجيش الروسي هو أنه مؤَلف من جند مختارين فيابان وهي أربعون مليوناً لم تخرج سوى ثلاث عشرة فرقة من أبنائها لحمل السلاح في حين أن تسعاً وثلاثين مليوناً من الفرنسيون يختارون لحمل السلاح من 42 إلى 45 فرقة أي ثلاثة أضعاف ما تخرج اليابان هذا مع أن الصناعات تكثر في يابان كثرة زائدة ومعلوم انحطاط قوى الصناع عن الزراع فيما يتعلق بالشؤون الحربية. وقد انحطت قوى الجند الفرنسوي اليوم عن مثلها منذ خمسين سنة كما يرى ذلك الضباط عياناً عند ما يقضي عَلَى الجند أن يعلموهم ويشغلوا أذهانهم كما يشغلوا عضلاتهم فليس الاستعداد العسكري هو الذي يرغب فيه بل تربية الجنس تربية طبيعية.

أما الانكليز فقد امتاز جندهم بطول القامات وصباحة الوجوه وحمرة الخدود ومن جال في انكلترا بل في البلاد التي استعمرتها هذه الدولة يتجلى له أنها توصلت بالمحافظة المعقولة عَلَى صحة أبنائها وبكثرة تمرينهم عَلَى الألعاب الرياضية حتى أصبح لديها جند مختار.

دربوا البشر كما لدرب الخيول المطهمة وهل الإنسان إلا حيوان ناطق ولقد قال روسكين فيلسوف الإنكليز المشهور أن نتيجة كل ثروة إخراج خلق كثير من تكون صدورهم متسعة وعيونهم حادة براقة وقلوبهم فرحة.

فاليابان هم أكثر الأمم عناية بالأمور الصحية وليست عنايتهم بها دون عنايتهم بتلقين العلم حتى إن بعض الدساكر والقرى من أواسط بلادهم قد حملت كلها السلاح للدفاع عن الوطن عندما نادى نذير الحرب. وكم من أمة جادت صحتها وقويت عضلات أبنائها ونشأَت فيها الأخلاق الحربية بفضل الرياضة المعقولة ومن تلك الأمم السويد فإنها كانت منهوكة القوى بالكحول فأبطلتها وما هو إلا جيل وآخر حتى أصبحت أمة قوية العضلات آية في الكر والفر ومثل ذلك رومانيا التي انبعثت فيها الحياة بعد أن كانت خمسة عشر قرناً ميداناً للغارات الكثيرة ولحكم الغرباء عليها فجعلت منذ ثلاث سنين التعليم العسكري الاستعدادي إجبارياً في جميع المدارس الابتدائية والثانوية والصناعية والعامة والخاصة يتولى ذلك معلمون يعينون خاصة لهذا الغرض وكثيراً ما يعضدهم الضباط.

وجرى الطليان منذ سنتين عَلَى نشر مباديء الرماية والتعليم الطبيعي لتعد الشبان للخدمة العسكرية وتحافظ عَلَى ما تعلمه من التدريب الحربي من ليسوا تحت السلاح من أبناء إيطاليا ويكون التعليم إجبارياً في المدارس الابتدائية والوسطى بل في الكليات يعنى فيها عناية خاصة بمن يترشحون ليصبحوا أساتذة فيزيدون لهم درساً في حفظ الصحة والتعليم الطبيعي حتى لقد أصبحت مدارس المعلمين الثلاث في تورين ورومية ونابلي عبارة عن مجامع علمية لتخريج أساتذة. وعنيت البلجيك منذ سنة 1908 بأن أضافت إلى مدرسة الطب في كلية غاند مجمعاً علمياً عالياً للتربية الطبيعية واخترعت شهادات للمتخرجين في التربية الطبيعية.

ولم تعمل بلد من بلاد الأرض ما عملته سويسرا في مسألة التربية الطبيعية للشبان وتدريبهم عَلَى الفنون العسكرية فقضت على كل طفل منذ سن العاشرة إلى خروجه من المدرسة الابتدائية أن يحضر درساً في الرياضة الاستعدادية للخدمة العسكرية ويقوم بهذه الدروس أساتذة يتعلمون التعليم الكافي في دور المعلمين من كل إقليم وفي مدارس الجند. ويبلغ عدد المجندين كل سنة من 16 ألف إلى 18 ألف جندي تعلم نحو نصفهم الرماية من قبل.

وأُنشئت في فرنسا جمعيات لإعداد الشبان للخدمة العسكرية والجيش حتى قال أحد القواد لأحد رجال سياسة فرنسا (هيأُوا لنا رجالاً لنجعل منهم جنداً) ومن هذه الجمعيات جمعيات الرياضة البدنية والتعليم والاستعداد العسكري والرماية والسيف والترس والبوكس والصراع وركب الدراجات والعوم إلخ. بلغ عدد أعضائها كلها 900 ألف رجل وامرأة من أعمال مختلفة ومظاهر وطبقات متباينة والحكومة تساعدها فتعطيها مليوناً وسبعمائة ألف فرنك كل سنة فضلاً عن وارداتها التي هي خمسة ملايين فرنك عدا ما يرد عليها من إعانات الأقاليم.

المجالس النيابية

مضت العشر سنين الأولى أو العقد الأول من القرن العشرين وقد كثرت المجالس النيابية أو امتدت سلطة الموجود منها ففي 10 أيار 1900 افتتح أول مجلس نيابي لجمهورية أوستراليا وفي 21 آذار 1907 افتتح مجلس جمهورية الترنسفال واجتمع في جتينة عاصمة الجبل الأسود منذ شهر تشرين الثاني 1906 إلى شهر نيسان 1907 أول مجلس نيابي فيها ولم تطل مدة الدوما الأولى الروسية سنة 1906 سوى مئة يوم وحدثت بعدها الثورة ثم خلقتها الثانية والثالثة وأُصيب القانون الأساسي في فنلندا سنة 1908 بما كاد يقضي عليه ثم عادت إليه حياته في الحال وبعد أن كان الدستور في الصرب والبلغار ساقطاً غير معمول به زمناً مثل دستور البرتقال عادت إليهما حياتهما بموت الملك إسكندر وكارلوس وافتتح الشاه المجلس النيابي الفارسي ثم أطلقت عليه القنابل وقتل أحرار الأمة الفارسية بيد المعطلين منها وسرت روح التجديد إلى البلاد العثمانية فأعيد قانونها الأساسي إلى العمل به يوم 23 تموز 1908 وفي هذه السنة أعلن القانون الأساسي في الصين.

وما برحت المجالس النيابية معرضاً للتبديل والتغيير فتوسعت السويد بدستورها الذي نشرته سنة 1866 وقبلت بالانتخاب العام كما قبلت النمسا والدانيمرك (1907 ـ 1908) وأصلح مجلس الرشسناغ في برلين بعض خصائصه مثل مجلس همبورغ والإلزاس لورين والمجر وأصبحت فنلندا تنتخب إلى مجلسها النيابي اثنتي عشرة امرأَة منذ سنة 1907 وكذلك تريد أن تطرس على آثارها النروج والدانيمرك والولايات المتحدة والبلجيك وإيطاليا واسبانيا ليشارك النساءُ الرجال في التشريع لبلادهن.

ثم إن أول مجلس نيابي أي مجلس لندرا لم يخل من إدخال بعض إصلاحات عليه مثل مطالبته بإعطاء إيرلندا استقلالاً إدارياً وربما منح مصر مجلها النيابي لولا شؤُون وشجون كما أن مجلس النبلاء يوشك أن يدخله إصلاح ديمقراطي ثم إن النيابة الاسمية في الآراءِ قد انحلت مسألتها في نوشاتل وجنيف وتسين والبلجيك واسبانيا والبرتقال والدانيمرك والسويد وايلينوا وكليفورنيا وبرازيل ومملكة بونس أيرس ومملكة الرأْس كما أدخلت إلى فرنسا وإيطاليا وبعض الأقاليم السويسرية بعض التعديل في النيابة ونالت البوسنة والهرسك من دولة النمسا والمجر بعد انسلاخها رسمياً عن المملكة العثمانية مجلساً نيابياً أيضاً.

غلاء الحاجيات

تصاعدت أثمان الحاجيات في الغرب وأكثر بلاد الشرق منذ عشر سنين إلى الآن فارتفعت أسعار البقول ثلاثين في المئة وأسعار الحبوب عشرين والزيت خمسة عشر والسمك البحري عشرة والسمك المقدد خمسة وثلاثين والقهوة والشوكولاتا خمسة وعشرين والشحوم أربعة وثلاثين. وقد قسم بعض الباحثين بلاد العالم في غلائها إلى ست مناطق فجعل في المنطقة الأولى بلاد البلجيك واسبانيا وإيطاليا ولوكسمبورغ والبرتقال وسويسرا وفرنسا. وفي الثانية ألمانيا وبافيرا والدانيمرك والجبل الأسود ونروج وأسوج وفي الثالثة النمسا وبريطانيا العظمى واليونان والمغرب الأقصى وهولاندة ورومانيا والصرب والعثمانية. وفي الرابعة مصر وإيران وروسيا. وفي الخامسة أوستراليا والصين وكوريا والهند الانكليزية والهند الهولاندية واليابان وسيام. وفي السادسة إفريقية الشمالية والغربية وأميركا الشمالية وكندا وجزائر الانتيل وأميركا الجنوبية. وبلاد الترنسفال أكثر بلاد الأرض غلاءً لأن الذهب فيها مبذول لكثرة مناجمه فيها ويليها في تفاحش الأسعار بلاد الهند بل جميع المستعمرات الانكليزية وفي استوكهلم عاصمة السويد غلت الحاجيات وأجور المساكن إلى درجة غير معقولة فأجرة الغرفة فيها كل شهر في حي الأغنياء خمسون ليرة وبيوت هذه العاصمة للبلدية أو لنقابات وشركات حتى كاد العامل الفقير يهلك فيها والحكومة هناك تفكر في طريقة لتنفس خناق السكان من غلاءِ المأْكل والمسكن.

الماء الغالي

لا يخفى أن ثلاثة أرباع الجسم الإنساني مركب من الماء والربع فقط من المواد الآزوتية والكربونية وغيرها. وهكذا الحال في غذائنا وكثرة السوائل المائية فيه فإن في الكيلو من لحم البقر أو الغنم 250 غراماً من المواد اللحمية و750 غراماً من الماء ولحم السمك وهو كثير التغذية جداً يحتوي أيضاً عَلَى كمية أكثر من الماء ففيه منه من 770 إلى 780 غراماً في كل كيلو أما اللبن الحليب فيكاد لا يحتوي عَلَى أكثر من 120 غراماً من المواد المغذية والبقول أكثر مائية من غيرها فإن عشرة كيلو من البطاطا تحتوي عَلَى نحو 8 كيلو من الماء وفي عشرة كيلو من الملفوف أو الشوندر 9 كيلو من الماء.

معدل القهوة

لا يخفى أن القهوة من الأشربة المهيجة للأعصاب وإن كثيراً من الناس الذين يحبون طعمها ورائحتها الذكية تضطرهم الحال أن يحرموا منها لأنها تورثهم أرقاً واضطرابات عصبية. وفي سنة 1820 اكتشف (رونج) المادة المعروفة في القهوة واسمها الكافيين وأنها هي من أهم العوامل المؤثرة في هذه البزرة ولكن روبر هاس قد أبان أن في القهوة ما خلا الكافيين عدة مواد أكثر سمية منها وهي غير معروفة. فإن كان استعمال القهوة بكثرة أو بقلة يحدث لبعض متناوليها شيئاً من الاضطراب أحياناً فإن الدكتور كوفيه حقن أرنباً في أعصابه الوداجية بنقيع القهوة فاضطرب جسمه أولاً ثم اهتز ثم عرته تشنجات ثم الموت عَلَى أن القهوة إذا عزلت من مادتها السامة أيضاً وهي الكافيين تظل عَلَى ضررها.

وعلى هذا رأى علماء الصحة أن دعوة الناس إلى الإقلاع عن شراب القهوة من العبث ما دام استعمالها شائعاً في الأرض عَلَى ما هو معلوم وأثبتوا أنه يتأتى تناولها بدون أن تؤثر في الأعصاب إذا كانت محضرة جيداً. ولئن خلطوا القهوة بالهندباء الناشفة المحمصة أو البلوط الحمص وبذر الجاودار والتين المحروق والشيل (عرق الإنجيل) والشعير والذرة والأرز والدخن والفاصوليا والحمص والعدس والفول والبطاطا والهليون ونوى التمر والكستانة ليخدعوا الناس ولكن أحد الفرنسيس عثر عَلَى نبات اسمُه (المقري) باسم وزير الحربية المراكشية إذا مزج بالقهوة لا يغير من طعمها ورائحتها الذكية بل يقلل من تأثيرها في الأعصاب وثمن هذا النبات معتدل مثل الهندباء واستعمال هذا النبات معدل اقتصادي وصحي فحبذا يوم يأتينا بكثرة إلى هذه الديار.

الذهب والفضة

قالت مجلة الطبيعة الفرنسوية: بلغت قيمة ما استخرج من الذهب سنة 1909 2300 مليون فرنك أكثر من ثلثها من إفريقية الجنوبية فزاد المستخرج منه من بلاد الترنسفال وحدها ثلاثين مليوناً كما زادت كل من كندا والولايات المتحدة والمكسيك من 6 إلى عشرة ملايين أما أوستراليا فقد نزل محصولها عَلَى هذه النسبة وزاد المستخرج منه في روسيا خمسة عشر مليوناً. وقد كان المستخرج من الترنسفال 765 مليون فرنك ومن رودوسيا 64 ومن غربي إفريقية 23 ومن كندا 53 ومن الولايات المتحدة 490 ومن أوستراليا 363 ومن المكسيك 130 ومن الهند 52 ومن روسيا 171 ومن الصين واليابان وكوريا 55 ومن سائر الممالك 137.

أما الفضة فإن استعمالها يكثر في الصناعات ويقلُّ في النقود وأثمانها في انخفاض وربما انخفضت أكثر وإن كان المستخرج منها منذ عشرين سنة أقل من المستخرج من الذهب بالنسبة فيكاد وزن الفضة المستخرج اليوم يعادل ثمانية أضعاف ما يستخرج من الذهب عَلَى حين كان منذ 17 سنة أكثر من ذلك باثنين وعشرين مرة وبلغ المستخرج سنة 1909 من الفضة 6600 طن أو 214 مليون أونس أو نصف الأوقية وقد كانت الولايات المتحدة الأولى في كثرة ما يستخرج منها فأصبحت منذ ثلاث سنين الثانية وزاد المحصول في المكسيك ضعفين كما كثر في كندا ولم تكن مناجم الفضة معروفة فيها قبل سبع سنين وتستخرج الفضة من مقاطعة كوبات في ولاية أونتاريو كما يستخرج من بروكن هيل في شاطيء أوستراليا الجنوبية وغاليا الجديدة في الجنوب.

والطلب قلَّ عَلَى الفضة لأن الممالك الكبرى لا تبتاع منه إلا ما تصوغ منها نقوداً ونصفه يصرف في بلاد الصين والهند فإن بلاد الهند وحدها تبتاع 2870 طناً للحلي حتى أن حكومتها اضطرت أن تضرب رسماً فاحشاً عَلَى الوارد منها أي 17 في المئة لسد العجز الذي يبدو من الصين في مقاومة الأفيون.

أثر روماني

قطعت الصخور الموجودة في طريق سوق وادي بردى من أعمال دمشق وكان في زمن الرومانيين من المراكز المهمة ويدعى هابيلا ليزانيا أو هابيلا نوزيوم وقد عثر فيه عَلَى كتابات منقوشة في الصخور باسم مارقوس أورليوس إمبراطور الرومانيين.

أثر فينيقي

عثر في ضواحي بيروت في قرية برج عمود من أعمال الساحل على مغارة قديمة وجدوا فيها سلماً ينزل منه إلى مغارة مربعة ووجدوا في الجهات الأربع منها أضرحة محفورة في صخور منحوتة نحتاً جميلاً ووجدت فيها بعض العظام ويقال أن هذه المغارة يرد عهدها إلى الرومانيين.

أعمق بئر

أعمق بئر في العالم ذاك الذي حفر في كزوشي من أعمال بولونيا فهو عَلَى 2100 متر من سطح الأرض. وثم يجيءُ بئر باروشوفيز في سليزيا العليا وعمقه 2003 أمتار ثم بئر شالوباش في بلاد ساكس البروسيالية وعمقه 1748 متراً. وسيزيد في نقب البئر الأول لأن طبيعة الأرض تساعد عَلَى ذلك أما عرضه فهو 67 ميلمتراً فقط.

مملكة بردسي

قليل من الناس من يعرفون أن لملك انكلترا زميلاً وجاراً ونعني به ملك جزيرة بردسي الواقعة على نحو ثلاثة كيلومترات من شبه جزيرة لوين من أعمال كارنافون في بلاد الغال. وهذ المملكة الصغرى مستقلة كل الاستقلال ولا تعترف بسلطة ملك بريطانيا العظمى عليها. وليس في هذه المملكة سوى 77 ساكناً يدخل فيهم الملك والملكة اللذان حكم أجدادهما هذه الجزيرة الصغرى منذ عهد عريق في القديم. أما لسانهم فهو لهجة تخالف اللهجة الانكليزية كل المخالفة. ولهذا القيل أو الملك الصغير عدا إدارة ملكه أعمال منها أنه معلم المدرسة وضابط في الأركان حرب ولا يخضع للقوانين الانكليزية ولا يدفع السكان خراجاً ما ويعيشون مرفهين بتناول خبز الشعير والحليب والزبدة. ولهم من الصخور المحيطة بهم مادة للسرطان البحري يتناولون منها ما شاؤا ويبيعونها من الأجانب عنهم بسعر بخس ولا يهتمون بتاتاً بما يحدث خارج بلادهم ولا تدخل جريدة إلى هذه الجزيرة التي لا مثيل لها ولا يخرج ملاح منهم عندما تشتد أنواءُ البحر بسبب الصخور المحدقة بالجزيرة.

رجل القطعان

رجل القطعان من الغنم والخرفان في العالم هو روسي اسمه غستاف كوفانونيش يملك في سهول سيبيريا ألوفاً من الأفدنة ترعى فيها قطعانه البالغ عدد غنمها مليوناً وسبعمائة ألف يحرسها زهاء ثلاثين ألف كلب من هجمات الذئاب والحيوانات المفترسة.

معدل الأعمار

تؤَكد بعض صحف ألمانيا أن معدل الحياة آخذ بالازدياد فقد زاد في ألمانيا من سنة 1891 إلى 1900 زيادة تذكر بالنسبة للعشر سنوات التي مضت بين سنة 1871 و1881 فصار متوسط حياة الرجل 48 سنة و85 يوماً وكان 38 سنة ويوماً واحداً ومتوسط حياة النساء 54 سنة و9 أيام وكان 42 سنة و5 أيام وذلك بفضل الوسائط الصحية في البيوت والشوارع والمحال العامة.

صحة العين

كتب الدكتور تروسو أن 43 في المئة من العمي يمكن إنقاذهم مما نالهم وكتب الدكتور موتي الفرنسوي أن ثلاثة ملايين من العملة والمستخدمين والطلبة يتعرضون كل يوم لما يجلب الأخطار عَلَى عيونهم وقد رأَى الدكتور بولي أن الواجب عَلَى كل ولد واطيء النظر أو لا يميز الأشياء جيداً أن يعرض عينيه عَلَى طبيب العيون ويضع نظارات عَلَى عينيه ومن كان أحسر قصير البصر فاستعماله للنظارات أحسن واقٍ لعينيه والواجب ملاحظة الولد بعناية دائمة خلال القراءة والكتابة وأعماله الجزئية وألعابه وإذا أصيب بالحميراء أو القرمزية أو الجدري أو غيره من الأمراض المعدية تجب العناية بعينيه من وراء الغاية وأن أقل التهاب في الملتحمة يعدي ويكون فيه حبيبات ينبغي أن تتخذ لها أنواع الوقاية والعزلة ويجبر العملة أثناءَ العمل أن يقفوا مستوية قاماتهم وأن يكون النور في النهار عن شمال المرء ومن ورائه قليلا ونور الليل عن الشمال وقليلا إلى الأمام والكوى (آباجور) نافعة عَلَى أن لا تكون شفافة وتختبيءُ وراءَها الوجوه وإذا كان ضوءُ الكهرباء مضراً للعيون كثيراً بما فيه من الأضعة البنفسجية الكثيرة فالواجب استعمال زجاجات ملونة بالصفرة لا ترسل النور إلا خالياً من أشعته. والواجب في جميع الصناعات التي يلحظ أنها تحمل أشياء ضارة للعيون أن يضع المرءُ عَلَى عينيه نظارات تقيه منها وإذا لوحظ ضعف في بصر الولد فالواجب استشارة الطبيب لاتخاذ الصنعة التي يختارها.

الماء السائغ

ألقى المستر هوبارد محاضرة أمام جمعية الفنون الانكليزية فقال أنه يتأتى في الأقاليم التي بقيت قفراء لقلة مائها أن يجمع فيها الماء الذي يجمع من الندى عَلَى مثال الطريقة التي جروا عليها في قلعة جبل طارق وذلك بأن يحفر في الأرض على سطح كافٍ وأن يغطى المحل المحفور بقش ناشف تمد عليه طبقة من الخزف أو تراب الفخار فيكون القش عبارة عن مولد للحرارة يفصل بين الخزف والأر وبعد غياب الشمس يبرد هذا الخزف عَلَى أسرع ما يكون وذلك ببروز الأشعة وتنزل حرارة في الحال عن درجة تبخر الهواء المحيط بذاك المكان فيتراكم البخار المائي ويتجمع في الحفرة. ويحسن أن يوضع عَلَى الأرض طبقة من الإسفلت حتى لا يضيع القش بندواته خاصية نقله للحرارة. وفي جبل طارق يستعيضون عن القش أو التبن بخشب وعن طبقة الخزف بصفائح حديد.

التفنن في الإحسان

اخترعوا في ألمانيا طريقة حسنة للإنفاق منها عَلَى المعوزين والبائسين فوضعوا في كل حانة علبة من المعدن جعلوها في زاوية منها فإذا دخن الإنسان لفافته يقوم فيطرح عقبها في العلبة. وهذه الطريقة من اختراع إحدى جمعيات الإحسان فتستخرج هذه الأطراف وتبتاع بها ألبسة لكسوة الأولاد المحاويج وبهذه الواسطة كست الجمعية في العام الماضي 1726 ولداً.

أثمن النصائح الصحية

هذه هي العشر النصائح في حفظ الصحة التي علقتها السويد في جميع مدارسها وهي حرية بأن يجعلها نصب عينه كل من تهمه صحته من الكبار والصغار:

1ـ الهواءُ الجديد في الليل والنهار من الشروط اللازمة للصحة فهو أحسن واقٍ من مرض الكلى.

2ـ في الحركة الحياة. فالواجب كل يوم الارتياض في الهواء الطلق بتحريك الأعضاء والنزهة وهذا مما يعدل مزاج العاملين وهم قعود.

3ـ الزم القصد والسذاجة في طعامك وشرابك فمن يفضل الماء والحليب والثمار عَلَى تعاطي الكحول يقوي صحته ويزيد في كفاءته عَلَى العمل وسعادته.

4ـ إليك ما تجب العناية به لتقوية بشرتك: الجلد لا يقوى عَلَى ألا يغسله بماء بارد كل يوم والاستحمام بالماء الحار كل أسبوع عَلَى مدار السنة. وبذلك يتيسر لك حفظ صحتك وتقي جسمك من البرد.

5ـ يجب أن لا تكون الثياب سميكة كثيراً ولا محكمة كثيراً.

6ـ ينبغي أن يكون المسكن معرضاً للشمس جافاً واسعاً نظيفاً نيراً لطيفاً صحياً.

7ـ عليك بالتشدد بالنظافة في كل أمر كالهواء والغذاءِ والماء والخبز والثوب والفراش والنار فإذا توخيت الطهارة في كل أمر وفي الأخلاق أيضاً تصبح بمأْمن من الهواءِ الأصفر والحمى التيفوس وعامة الأمراض السارية.

8ـ العمل المنظم الشديد من أحسن الواقيات من أمراض العقل وأمراض الجسم فهو العزاء في الشقاءِ والسعادة في الحياة.

9ـ لا يرى المرءُ الراحة والتسلية بعد العمل إلا في الأعياد العظيمة. فالليل للنوم وساعات الفراغ والأعياد يجب صرفها مع الأُسرة وفي الملاذ الروحية.

10ـ من أول شروط الصحة الجيدة: حياة تصرف في العمل والشرف بالأعمال الصالحة والأفراح الخالصة. ورغبة المرءِ في أن يكون خير عضو في بيته وعاملاً صالحاً في دائرته ووطنياً مستقيماً في وطنه وذلك مما يورث الحياة قيمة لا تقدّر.

مخطوطات نادرة

من كتب اللغة في مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت بك

في المدينة المنورة

شرح كفاية المتحفظ لأبي الطيب الفاسي.

شرح فصيح ثعلب لابن دستورية نسخ سنة 561.

كتاب الضاد والظاء لابن سهل النحوي نسخ سنة 595 نحو ثلاث كراريس.

كتاب الأجناس من كلام العرب وهو ما اشتبه في اللفظ واختلف في المعنى لأبي عبيد القاسم بن سلام.

تهذيب اللغة للأزهري.

بصائر ذوي التمييز عَلَى لطائف التنزيل العزيز للفيروزبادي.

كتاب غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام أحد عشر كراساً نسخ سنة 546.

الغريب المصنف له اثنان وعشرون كراسا.

مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع لصفي الدين عبد المؤمن مدرس الحنابلة بالبشرية سنة 742.

من فن الكلام

شرح اشتقاق الأسماء الحسنى وصفائه المذكورة في الأثر لأبي القاسم الزجاجي نسخ سنة 434.

سراج العقول في منهاج الأصول للقزويني ومعه شجون المسجون وفنون المفتون للصفدي.

موضحات المتشبهات في الإنجيل للدرويش علي مجلد واحد مذهب.

كتاب إيثار الحق عَلَى الخلق لأبي عبد الله محمد بن إبراهيم الشهير بابن الوزير اليمني نسخ في سنة 1114 وفي أوله ترجمة المؤلف تأْليف ابنه في نحو نصف كراس.

رسالة في التوحيد لابن فورك.

من المجاميع

رسالة وقصائد شتى للجاحظ.

رسالة أرسلها ابن زيدون إلى أستاذه.

مجموع فيه عدة كتب من مصنفات البيهقي.

منها كلام الشافعي في أحكام القرآن وخطأ من أخطاء الشافعي والانتقادات التي انتقد بها عَلَى الشافعي.

مصارع المصارع لنصير الدين الطوسي.

كتاب في أسماء الصحابة لأبي حاتم محمد بن حيان.

رسالة من نسب إلى أمه من الشعراءِ لابن جني.

الإبانة لأبي الحسن الأشعري.

رسالة في مكارم الأخلاق للثعالبي.

أوصاف الأشراف للنصير الطوسي.

كتاب النبات للأصمعي.

مختلف الأسماء والأنساب والكنى والألقاب للذهبي.

رسالة في عدم جواز الجمعة في موضعين الشيخ جلال الدين التباني.

رسالة في اختلاف علماء الحنفية في الديار المصرية للبقاعي.

أرجوزة تسمى الإتقان في علم الألحان.

منظومة في علم القلم والحبر والكتابة والورق تصنيف الشيخ أبي الحسن علي بن هلال الكاتب البغدادي المعروف بابن البواب وعليها شرح مستمد من شرح ابن بصيص ومن شرح ابن وحيد.

من المكتبة المحمودية في المدينة المنورة

جوار المسجد الشريف

شرح المقنع لشمس الدين بن قدامة المقدسي.

اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية.

مختصر فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية المصرية.

جزء من فتاوية الكبرى.

كتاب القواعد لابن رجب.

كشف المسائل له أيضاً.

تقرير القواعد له أيضاً.

كتاب المحلى لابن حزم مجلد8.

سنن البيهقي الكبرى مجلد10.

كتاب أقضية الرسول لابن فرح الإشبيلي.

وقد بلغ مجموع ما في المكتبة المحمودية من الكتب (4569) وما في مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت بك (5404).

ويوجد مكتبات أخر كمكتبة بشير آغا عند باب السلام ومجموعها (2063) ومكتبة شيخ الإسلام فيض الله أفندي ومجموعها (1246) ومكتبة عمر أفندي قره باش أحد كبار العلماء ومجموعها (1269) ومكتبات أخر معروفة يتراوح عددها ما بين المائة والألف.