مجلة المقتبس/العدد 51/سير العلم والاجتماع

مجلة المقتبس/العدد 51/سير العلم والاجتماع

مجلة المقتبس - العدد 51
سير العلم والاجتماع
ملاحظات: بتاريخ: 1 - 5 - 1910



الشعرى اليمانية

قرأت في المقتبس رسالة من بغداد تبحث في الشعرى العبور فشكرت عناية الكاتب بهذا البحث النافع وأرجو مواصلة القراء بشذور هذا العلم الساطع بيد أني وجدت فيها هفوة لعلها من النقل أو النشر وهو قوله: إن العلامة شارل نوردمان يقول بأن الشعرى تبعد عنا نحو خمسمائة مرة بعد الشمس عنا والصحيح لأنها تبعد عنا زهاء خمسمائة ألف وثلاثة وعشرين ألف مرة بعد الشمس عنا وتتأتى معرفة ذلك من رصد اختلافها السنوي وهو الزاوية الحاصلة عندها التي يقابلها قطر فلك الأرض وهي اصغر من أن تقاس إلا بأدق الآلات لأن فلك الأرض من ذلك المكان السحيق يرى كنقطةٍ متحدةٍ بنور الشمس المشع لكنها في غاية الضعف وقد عرف لها اختلاف سنوي جزئي وهو بحسب قائمة أورمان 0. 39 من الثانية فيقتضي لوصول نورها إلينا ثماني سنين وثلث سنة تقريباً وبالتدقيق 8. 3 ثم بحسب مادتها وهي ثلاث مرات وربع مثل مادة الشمس فتكون قوة الجذب فيها أشد من قوة الجذب في الشمس وتوابعها معاً (السيارات وأقمارها) فلو وجدت على بعد خمسمائة مرة مثل بعد الشمس عنا لدنت الشمس إليها ثم أسرعت نحوها مضطرة لشد التجاذب (لأن الجاذبية تتغير بالقلب كمربع البعد) أما للدوران حولها أو للاندماج فيها والواقع أن الشعرى اليمانية من النجوم المتباعدة عنا وأن شمسنا (ونظامها) سائرة نحو نقطة بالقرب من الجاثي واستنتج بعض الراصدين أن قرب الكيوني أنور كواكب الثريا قطب دوران حقيقي للكواكب (الشموس) التي تتألف منها عقود البروج كافة وهذا الرأي الأخير لم يجزم بصحته حتى الآن والشعرى اليمانية محسوبة من النجوم المزدوجة وقيل بأنها تدور حول جرم مظلم أعظم منها قليلاً ومدة دورانها حوله 52 سنة تقريباً.

ثم ذكر أن الشعرى اليماني هي إلينا أقرب هذه الكواكب المنتشرة على بساط المجرة والمعلوم عنها حتى الآن أنها الرابعة في البعد عنا بين الثوابت لأنه عرف لثلاثة كواكب اختلافها سنوي أكثر وأقربهم إلينا قنطوروس اختلافه السنوي 0. 75 أي ثلاثة أرباع الثانية فيكون بعده عنا قرابة 252 ألف مرة بعد الشمس عنا ويقتضي لوصول نوره إلينا أربع سنين ويظن بعض علماء الهيئة أن بين النجوم الضئيلة التي تعد بالملايين عدد ق منها أقرب إلينا من قنطوروس.

لنفرض للاستعانة على تصور قدر الشمس الهائل وبعدها عنا ولأجل مقابلة المسافات الشاسعة المذكورة أن كرة قطرها قدمان تمثل الشمس فتكون الأرض كحبة حمص صغيرة على بعد 220 قدماً وتكون اقرب الثوابت إلينا على بعد تقديره بالتقريب 8000 ميل عن مثال الشمس والمسافة الحقيقية التي بيننا وبين الشمس 92 مليون ميل بالتقريب يصل نورها إلى الأرض في 8 دقائق و19 ثانية.

ويلي الشعرى اليمانية في البعد عدد لا يحصى من النجوم بضعة وعشرون منها يعرف لها اختلاف سنوي والملايين الكثيرة الباقية لا يعرف لها اختلاف سنوي لتناهيها في البعد أو لتوغلها في قلب المجرة أو أقاصيها وتراها بإشعاع نورها وليس بذات جرمها لأن زاوية البصر تتلاشى قبل الوصول إلى أقرب الثوابت بمسافات بعيدة وأقوى النظارات في وقتنا الحاضر لا ترينا قرصاً للثوابت وإذا قيل بأن النور يجتاز عرض المجرة بمدة عشرين ألف أو ثلاثين ألف سنة فبعض السدام على رأي بعض الفلكيين يقتضي لوصول تنوره إلينا سبعمائة ألف سنة وأقوى النظارات لم تحله إلى نجوم مفردة أو عناقيد ومن المحتمل أن يكون مجرة البعيد كالمجرة التي نظامنا الشمسي وعامة الكواكب وأنظمتها منها وفيها على أن الرأي القائل بأن وراء هذه المجرة المحيطة بنا مجرات عديدة مؤلفة من عوالم وأنظمة إلى ما لانهاية لما يتأكد والآلات الحاضرة لا تمكنا من كشف شيء من هذا السر العظيم وقد وجدت خطوط في طيوف بعض السدوم أنور من خطوط الهيدروجين لا تدل على عنصر معروف في الأرض أو في الشمس حتى الآن فمن المحتمل أن يكون ذلك دليلاً على وجود عنصر أبسط أو أوطأ رتبة من الهيدروجين.

هذا في ما جال في الخاطر حداني إليه كوكب نظرائه كاتب تلك الرسالة لاقتفاء أثره واقتباس منار لمه في هذا المسلك الذي قد لا أنجو بسلوكه من العثور فالرجوع إلى ما يدونه علماء العصر أحق والبحث في أنواع العلوم الطبيعية أنور للبصيرة فتكسب المرء قدرة التصرف بالأعمال العظيمة المفيدة فإن أكثر الناس تجهل حقيقة هذا العلم وتتخيل في السماء أموراً سخيفة أشركتها في معتقدها وتسكعت في باطلها وظلت عليها القرون والأحقاب حتى رسخت تلك الأوهام الفاسدة في العقول وانطبعت مزاعم زعمائهم الباطلة في القلوب فتأصل فيهم الميل للشعوذات والإيمان بالخرافات فحقت عليهم كلمة الشر والجهالة فصارت ذريعة إلى المجادلات حتى الحروب والغارات وفاتهم أن الأرض دار قراع وتنازع في البقاء وأن عصرنا هذا عصر جد واجتهاد وأنهم على سطح جرم حقير (الأرض) اعتباره كذرةٍ من جميع المادة نسبته إليها كنسبة حبة رمل إلى طود عظيم خليط من التراب والرمل والحجارة تناثرت أجزاؤه في هذا الفضاء وعلم الهيئة الحقيقي هو علم أثبته الفحص وقام عليه البرهان يعرفنا بحقيقة هذا الوجود ويزيل أو يقلل من تفاخر الإنسان الكاذب وغلوائه وعند التعمق بأصوله وتعميم انتشاره في مستأنف الزمان يدركنا التغيير الكلي في جميع أمورنا وأحوالنا ونخرج من مأزق التعصب ومضيق الأفكار فتبدو علاءات اليمن وإمارات الخير ويكون لهذا العلم المزية الكبرى على سائر العلوم فهو رائد الإصلاح الأكبر.

دمشق:

أحد القراء

وقف للعلم

وقف أحمد بك زكي من علماء مصر خزانة كتبه وفيها مئات من الأمهات المهمة المخطوطة والمطبوعة وأكثر مطبوعات أوربا العربية وكثير من نفائس الكتب الإفرنجية على المطالعة لأهل القاهرة وذلك على شرط أن تجعل في مكان خاص بها من دار الكتب المصرية وهي غيرة على العلم لا تستكثر ممن خدمه طوال حياته.

مسألة قلة النفوس

وضعت مجلة الاقتصاد بين مقالة قالت فيها أنه يكاد لا يعرف كبير أمر عن مسألة النفوس لأن الأمم القديمة قد دثرت كلها تقريباً ونوشك أن لا نعرف إلا أموراً طفيفة عن حالة الآشوريين كما نحن كذلك في تصور اليونان والرومان فإن الرجال الممتازين قواداً كانوا أو فلاسفة ممن اشتهروا قديماً لم يتركوا عقباً فلا يمكن أن يقال أنهم هلكوا في حروب أهلية أو خارجية وأن قد خلفتهم شعوب أخرى مثل البورغونيين والفانداليين والغوتيين الذين نشئوا من جرمانيا والهونسيين والمجريين الذين جاؤوا من آسيا فالماضي يمثل لأعيننا تعاقب الأمم التي تناقلت حسنات المدنية خلفاً عن سلف.

ومسألة قلة النفوس اليوم ينظر فيها في كل مكان ولاسيما في فرنسا فالشعب الفرنسوي اليوم 39 مليوناً ويجب أن يزيد كل سنة مليون نسمة ولذلك رأى أحدهم أن يعطي كل أب وأم فرنسويتين ما شاءا من الوظائف لأن لهم ميلاً خاصاً إليها على شرطك أن يكون لهما ثلاثة أولاد أحياء أو أكثر بدون النظر إلى كفاءتهما وأن تخصص الحكومة مكافأة مالية قدرها خمسمائة فرنك تدفع دفعتين إذا ولد للأبوين الولد الثالث وهو حي وبذلك تنفق الحكومة في السنة من 150 إلى 175 مليون فرنك.

فردت المجلة على هذا الفكر وقالت أن الأولاد والعجزة الذين يولدون على تلك الصفة مدة عشر سنين يزيد عددهم ملايين وهم لا يعملون عملاً ويفتقر السكان من جباية هذه الضريبة منهم أي مبلغ 175 مليوناً كل سنة الذي يقضي عليه أداؤه وما قط كانت زيادة الضرائب مغنية لأمة ومن ذلك ينشأ فقر متتابع لأن مائتي مليون فرنك لا تكفي للقيام بتعليم العلم العالي الذي يستلزمه إعداد رجال للصناعات الحرة مثل الطب والمحاماة والهندسة وغيرها وسلك الوظائف أيضاً وربما كان في المستقبل معوض عن هذا العمل ولكن الحال في فرنسا ليست كأميركا وروسيا لأن باطن أرضها قليل الخصب ولا يرجى رواج التجارة أكثر من الآن فالنفوس فيها محدودون وكل دواء يقترح للشفاء من قلتها لا يزيد الحال إلا إعضالاً.

فهذه الضريبة لا تأثير لها في الأغنياء والحكومة الآن هي السبب في تقليل السكان فخير لها فيما نرى أن تسهل التعليم العالي فلا تحتم على طالب الطب والمحاماة تعلم اللاتينية بل اليونانية ومجموعة العلوم في حين يكفيهما معرفة علومهما معرفة عملية ويحذف حباً بالاقتصاد من خطة الدروس درس بقية العلوم لأمثال هؤلاء وبذلك يتوفر مبالغ من المال تصرف على تعلميهم إياها. قال وأنجع الأسباب في ذلك تقليل الضرائب على وجه عام فبتقليلها تزيد النفوس إلى الحد المطلوب الذي تسمح به حالة البلاد ونشاط أهلها.

دار الترجمة

صدر الأمر الخديوي بإعادة ديوان الترجمة في مصر. كما كان في أيام الخديويين السالفين وسيعرب هذا الديوان كل ما تحتاج إليه اللغة العربية من أنواع العلوم الفنون المستحدثة.

التربية اليابانية تقضي الحكومة اليابانية على الوالدين أن يرسلوا أبناءهم إلى المدرسة ست سنوات يخصص منها ساعتان في اليوم لدرس الآداب. ولناظر المعارف أن ينتخب الكتب المدرسية. وأهم الموضوعات في مدارسهم واجب الحب الوالدي واحترام السلف والإخلاص للإمبراطور والإمبراطورة والصفح والاحتشام وعرفان الجميل والاقتصاد والرقة نحو الشيوخ والخدم والمجاملة والواجبات نحو الجار والخير العام واحترام الآلهة والوطنية واستعمال الوقت والشجاعة. وقد أضافوا في السنين الأخيرة دروساً عديدة في واجبات الوطني الاجتماعية وواجبات الجندي وانتخاب النواب للبرلمان والبلدية واحترام الشرائع وأفضلية الرجل وواجبات الرجل والمرأة وهلم جرا.

اكتشاف نافع

اكتشف الدكتور أهرليخ الروسي تركيباً كيماوياً من الزرنيخ فدلت التجارب على نجاح هذا الدواء في معالجة الحمى الملارية والحمى المتقطعة ومرض النوام. ويعتقد بعض الأطباء أنه بات في حيز الإمكان الآن التغلب على مرض النوام المتفشي في بلاد الكونغو وغيرها من البلاد الأميركية. وفي رواية أخرى أن هذا التركيب يشفي من المرض الزهري.

ميكروب الخصب

أعلن الدكتور رسل والدكتور هتشنصن في المجمع الطبي البريطاني اكتشاف ميكروب يقتل البكتيريا اللازمة لخصب الأرض وهو أعظم اكتشاف زراعي منذ 50 سنة وكانا قد اكتشفا علاجاً بالحرارة أو مضادات الفساد يقتل جراثيم كثيرة من التي تأكل البكتيريا المفيدة للأرض فتزيد بذلك خصب التربة وقد كان في أثناء أبحاثهما في هذا الموضوع أن اكتشف الميكروب المتقدم ذكره.