مجلة المقتبس/العدد 73/أخبار وأفكار
مجلة المقتبس/العدد 73/أخبار وأفكار
تاريخ بيروت
ألقى الدكتور بورتو مدرس التاريخ في كلية الأميركان في بيروت محاضرة في تاريخ هذه المدينة فقال:
بيروت إحدى المدن الفينيقية القديمة أنشئت بعد دمشق وأقدم مدن فينيقية صيدا وبيروت وجبيل. ونحن لا نعرف بالتحقيق زمن إنشائها ولكن يوسيفوس المؤرخ العبراني ذكر اسم رجل فينيقي وقال أن موطنه بيروت وذلك دليل عَلَى قدمها. وفي أساطير الأولين أن ابنة إله جبيل تزوجت من ملك وكان اسمها بيروت فسميت زوجها بيروت باسمها. ونعرف طرفاً من تاريخ بيروت في القرن الخامس عشر قبل المسيح من الآثار المصرية وذلك أن توتميس الثالث جرد جيشاً عَلَى سورية وامتلكها ولما اشتد ساعد الحثيين والأموريين في الشمال أخذوا يطردون المصريين شيئاً فشيئاً وكان عمال المصريين في سورية يكتبون ويستنجدون فرعون لإغاثتهم. وقد اكتشف منذ عشرين سنة بعض هذه المكاتيب المحفورة عَلَى قوالب الآجر ومن جملتها مكتوب من حاكم بيروت إلى فرعون مصر يخبره فيه بحالته مع الحثيين والأموريين وتاريخ المكتوب في القرن الرابع عشر قبل المسيح. ومما يترجح أن بيروت مأخوذة من كلمة (بئر) وأظنها مأخوذة من اللغة الفينيقية لأن لفظ بيروت يقابل جمع كلمة بئر في اللغة الفينيقية. ومما يؤيد ذلك عندي أنني لما أتيت إلى هذه البلدة منذ أربعين سنة وكان في ذلك الحين لم يجلب ماء نهر الكلب كنت أينما اتجهت أرى آباراً والآن كثير منها ردم فيصح أن يقال أنها سميت بيروت أو مدينة الآبار لكثرة آبارها.
وبيروت كانت منذ القديم عظيمة بتجارتها ويظن أن مركزها اليوم غير مركزها في العصور الخالية والمرجح أنه كان جنوبي مركزها الآن وذلك عند نهر الغدير وقد اكتشفت آثار بناء هناك وكما هو معروف أن الشاطئ هناك مرمل لا يصلح لميناء ولكننا لو نظرنا إلى حالة الفينيقيين البحرية نجد أن سفنهم كانت شراعية صغيرة لا تستطيع السفر وقت الشتاء وكانوا يخرجونها إلى البر وينقطعون عن الأسفار فلذلك يجب أن يكون الشاطئ رملياً إذ يسهل إخراج المركب إليه. ولما لم تأت نجدة من مصر سقطت بيروت في أيدي الحثيين ثم جرد رعمسيس الثاني عَلَى سورية حملة حارب الحثيين فيها فكسرهم وأخذ بيروت ثم اقتسموا البلاد بينهم ولرعمسيس اثر عَلَى صخر عند مدخل وادي نهر الكلب. وهكذا ظلت البلاد تحت حكم المصريين والحثيين إلى أن قامت دولة آشور وقد وضع بختنصر (نبوخذ نصر) تاريخ هذه الحملة أيضاً عند نهر الكلب ويرجع تاريخها إلى القرن التاسع قبل المسيح ولما قامت دولة الفرس أخذت بيروت كما أخذ أخوتها من مدن سورية ولكنها لم تذكر في التاريخ كما ذكرت صيدا وغيرها. وامتلك بيروت الاسكندر الكبير كما امتلك سائر مدن سورية بدون مقاومة إلا مدينة عكا. وقد حكم سورية بعد الاسكندر البطالسة وفي سنة 192 احتل السلوقيون سورية وفي سنة 140 قبل المسيح خربت بيروت بسبب حرب أهلية وفي سنة 64 احتل الرومانيون سورية وكان القائد عَلَى حملتهم بومبي. وأضحت بيروت في أيام أغسطس مستعمرة رومانية. والمستعمرات الرومانية كانت تؤسس في إيطاليا لإسكان العساكر الرومانيين الذين خدموا الرومان خدمة تذكر ولما اتسع ملك الرومان لم يبق أرض لإسكان هؤلاء العساكر فأخذوا يسكنونهم في أملاكهم خارج إيطاليا. ثم أصبحت بيروت مركز الفيلق الخامس والثامن من الجيش الروماني وعمرت بيروت عَلَى عهد الرومانيين وآثارهم فيها موجودة بكثرة. ولما أتيت بيروت رأيت كثيراً من العمدة القديمة عند إدارة الرسومات وقد ردمت هذه الأعمدة عندما بنيت الميناء الجديدة ولما قطعوا الطريق الجديدة في بيروت وجد كثير من الآثار الرومانية وقد أسس الرومان في بيروت مدرسة لدراسة الحقوق وسائر العلوم المعروفة في ذلك العصر وبجانب هذه المدرسة أهم مدارس الرومانيين في الشرق وعندما انتشرت المسيحية تنصر كثير من تلامذة هذه المدرسة وكانوا عرضة للاضطهاد وعند ظهور الإسلام احتل المسلمون سورية وخضعت بيروت لهم في خلافة يزيد. وبعد قطرن من خضوعها ظهر في بيروت الإمام الأوزاعي ويقول أبو الفدا أن مولده كان في بعلبك ومات قرب بيروت وأظن أن المقام المعروف بالأوزاعي الآن هو قبره ولما تراجعت قوة الأمويين وانتشرت سلطة الفاطميين خضعت بيروت لهم وذلك في خلافة الحاكم بأمر الله مؤسس الديانة الدرزية وكانت بيروت في عهد الصليبيين تختلف بين حكم المسلمين والإفرنج. وخربت بيروت الزلزال سنة 550 م وسنة 1511 أخذها السلطان سليم العثماني مع باقي مدن سورية ومنذ ذلك الحين لا تزال مدينة عثمانية اهـ.
الزراعة في روسيا
تبين من الإحصاء الأخير الذي وقع في خمسين ولاية من ولايات روسيا في أوربا وعشر ولايات من مملكة بولونيا التابعة لها أن توزيع الأراضي عَلَى هذا النحو وذلك بمقياس ألف آكر تسمى مستعمرة الآكر يساوي 40 آراً 4671. فظهر أن مملكة روسيا والأسرة المالكة فيها والشركات الزراعية تملك 417618 مستعمرة زراعية أو 36 من المئة والمالكين ملكاً خاصاً 274656 أي 23 في المئة وفي البلاد 92456 مستعمرة أو 8 في المئة غير قابلة للزراعة أو تملك الحكومة والإمبراطور والمدن من مملكة بولونيا 2184 مستعمرة أي 74 في المئة وللفلاحين 12233 أو 41. 6 في المئة غير صالح للزراعة. ويكون في روسيا أوربا 34. 6 في المئة من الأراضي والحقول و16. 5 من الحدائق أو المروج و40. 9 غابات و8 في المئة بور وتبلغ الأرض القابلة للزراع في بولونيا 55. 6 في المئة والحدائق والمروج تكون 19 في المئة والغابات 21 في المئة من مجموع الراضي والأراضي البائرة 4. 4 في المئة فقط. وأهم مزروعات روسيا الحنطة والجاودار والزوان والشعير والبطاطا والعلف والكتان والقنب والتبغ. ويهتمون بتربية الخيل والبقر والغنم والعنز والخنازير وكان في البلاد الروسية سنة 1909 - 32114000 حصان و48491000 رأس من الماشية و80000000 غنم وماعز
القهوة ومحالها
كتبت مجموعة أبو الضيا التركية مقالة في القهوة ومحالها قالت فيها ادعى الدكتور لاند الألماني أن أول محل للقهوة أنشئ في الآستانة سنة 1551 كما أنشئ أول محل لها في إيطاليا سنة 1645 وفي إنكلترا سنة 1652 وفي فرنسا سنة 1659 وفي فرنكفورت وآم ماين سنة 1675 وفي وارسوفيا سنة 1681 وفي فينا سنة 1685 والغالب أن الكاتب ارتكب هذا الغلط لما علم من تاريخ انتشار القهوة وذلك أنه جيء بها من اليمن عَلَى يد السلطان سليمان القانوني سنة 958 فأخرجت فتوى بإغراق السفن التي تحملها مع حمولتها فأغرقت أمام دار المدفعية (طوبخانة) بالقسطنطينية وقد سرد كاتب جلبي أسباب ذلك في كتابه ميزان الحق في اختيار الحق ولقد دهخل الدخان إلى الممالك العثمانية عَلَى عهد السلطان أحمد الأول سنة 1012 وجرى استعماله في الآستانة سنة 1022 واسست محال القهوة سنة 1024 في زاوية من زوايا خاليجير وفي سنة 1043 أحرقت في الحريق المشهور جميع محال القهوة وذلك عَلَى عهد السلطان مراد الرابع وعندها صدر الأمر بمنع التدخين وكل من رؤي بأنه شربه أو خبر عنه بانه شربه يقتل في الحال وهذه الشدة في المنع اتخذت إذ ذاك حجة سياسية وذلك لن السلطان مراد الرابع أراد أن ينتقم للسلطان العثماني الذي قتله أرباب الفتوة من اليكجرية (الإنكشارية).
فكان عَلَى هذه الصورة ينكل ببغاتهم فتوضع عَلَى من يراد إعدامه منهم لأنه شرب الدخان علامة فارقة وهي عبارة عن مشعل ينيطونه به يبقى عليه إلى المساء موقداً وقد رأى ذات يوم السلطان مراد في إحدى الساحات رجلاً من الإنكشارية يتقدم إلى آخر من إخوانه مصلوب لأنه شرب الدخان فأخرج غليونه من جيبه وشعله من المشعل فعجب الناس من هذه الجرأة ولم يسع ذاك السلطان المستبد إلا أن أصدر أمره عَلَى لسان الدلالين يبيح استعمال الدخان كما كان سابقاً والغالب بان السلطان ظن بأن جرأة هذا الإنكشاري ناتجة عن تحرش بفتنة يدبرها إخوانه. أما استعمال السعوط في الآستانة فكان سنة 1050 ومن حسن الطالع أنه لم يشع استعماله قبل سنة 1049 وغلا لكان السلطان مراد قضى يجدع انف من يستعمله جزاء وفاقا.
التعليم في روسيا
يرجع أمر معظم المدارس الروسية إلى نظارة المعرف العمومية وقد قسمت بلاد هذه الإمبراطورية إلى خمس عشرة منطقة من حيث المعارف وهناك عدة مدارس خاصة تشرف عليها بعض النظارت الأخرى كنظارة الزراعة والأشغال وغيرهما. وكان عدد الكليات في روسيا سنة 1909 تسعاً وهي كليات بطرسبرج، موسكو، خاركوف، كيف، قازان، أودسا، دوربال، تومزسك، وأرسوفيا وقد أغلقت الكلية الأخيرة مؤقتاً ويبلغ عدد تلامذة هذه الكليات المستمعين فيها 39494. وافتتحت كلبية جديدة سنة 1909 في مدينة ساراتوف. ومنذ 1908 أنشئت في موسكو كلية للشعب أسسها القائد شاتفسكي وانفق عليها من ماله وسماها باسمه في كثير من المدن والحواضر مدارس للتعليم العالي وفي كيف وموسكو وبطرسبرج وقازان مجامع علمية لاهوتية وفي إشميازين من بلاد القوقاز (القافقاس) مدرسة لاهوت للأرمن وفي بطرسبرج مدرسة الكاثوليك. ولكل من بطرسبرج وموسكو وخاركوف مدارس طبية ملكية وعسكرية.
ثم أن المجامع العلمية ومدارس الهندسة والمعادن واللغة والغابات والصناعات النفسية وغيرها كثيرة جداً في المدن الكبرى في المملكة الروسية ولدوقية فنلاندة الكبرى كلية خاصة في هلنسكفور تضم حجرها سنة 1909 - 2000 طالب.
وعدد الطلبة الذين يتعلمون في روسيا مجاناً أو عَلَى نفقة المحسنين نحو أربعة آلاف. وعدد المدارس الابتدائية 92501 منتشرة في طول البلاد وعرضها ونصفها لنظارة المعارف أو للمجمع المقدس (سينود) وفيها 170894 أستاذاً ومعلماً و5738289 تلميذاً وفي روسيا 10825 مدرسة من كل صنف من أصناف التعليم فيها 6164913 طالباً وتلميذاً ولا يدخل في هذا العدد 404171 تلميذاً يتعلمون في مدارس خاصة ومع كل ما تبذله الحكومة الروسية في سبيل نشر المعارف فإن عدد الأُميين من بينها مما يرتعش له فإن 77 في المئة أُميون في روسيا أوربا و87 في سيبيريا و94 في آسيا الوسطى. وفي الولايات المتقدمة جداً في روسيا مثل ولاية أُستونيا لا ينزل عدد الأُميين عن 20 في المئة وفي بطرسبرج عن 45 في المئة وفي غير ذلك من الولايات التي تعد راقية لا ينحط عن 50 في المئة.
وقد بلغ ما أنفقته نظارة المعارف الروسية سنة 1910 والنظارات والمجمع المقدس عَلَى المدارس والتعلم 113. 595. 002 من الروبلات والروبل فرنكان و66 سنتيماً.
الورق المعدني
يؤكدون أنه لا يمضي أربعون سنة حتى تاتي المطابع عَلَى ما في الولايات المتحدة وكندا من الغابات بما تستنفذه كل يوم من أشجارها لصنع الورق اللازم للصحف والكتب ولكن اديسون مخترع التلفون هوّن الأمر عَلَى سائل سأله في هذا الشأن رأيه قائلاً أن الورق يعمل إذ ذاك من الفولاذ أو النحاس أو النيكل فيمتص الحبر كالورق المعمول من الخشب والخرق البالية اليوم وتكون سماكته واحداً وعشرين ألفاً من القيراط وهي أصلب وألين وأرخص من الورق المعروف.