مجلة المقتبس/العدد 83/صدور المقتبس

مجلة المقتبس/العدد 83/صدور المقتبس

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 1 - 1913



أصيت هذه المجلة في السنة الماضية بعوارض كثيرة حالت دون إصدارها في مواعيدها عَلَى النحو الذي اعتادته في معظم أدوارها فاضطرتنا الأحوال السياسية إلى أن نلحق بمصر من طريق البرية وعطلت الحكومة المقتبس اليومي عل الصورة التي سبق لها مثلها في سنة 1327 والممثل لكلتا الفاجعتين ناظم باشا والي سورية الأسبق بعينه ومينه فمكثنا أشهر الربيع والصيف في القاهرة أصدرنا خلالها جزئين وبعض الثالث ثم عدنا في الخريف إلى دمشق مضطرين ومطبعة المقتبس قد أكرهنا الوالي عَلَى بيعها ليصعب علينا بذلك إصدار المقتبس ثانية فاضطررنا أولاً إلى الطبع في مطبعة لن تكن في استعداد كاف لطبع المجلة ثم طال بحثنا عن ورق جيد حاضر في السوق فلما تمت المعبدات في الجملة تتابعت الأزمات السياسية بانتشار الحرب البلقانية المشؤمة فارتبكت الأحوال الاقتصادية في البلاد حتى انقطعنا مدة عن الطبع مكروهين وها نحن الآن نختم السنة السابعة سنة 1330هـ أواخر سنة 1331 أي أننا أصدرنا من حيث المجموع أجزاء سنة في سنتين ولذلك لا نعد سنة الحرب التي اهتزت بويلاتها أعصاب السلطنة ونال الشام بل مصر حظ وافر من هذا الاضطراب.

وإنا لنشكر كل من اهتم لصدور المقتبس وأخذوا بيدنا في نشره ونشطوه بماديتهم وأدبياتهم أكثر الله من أمثالهم الذين يهتمون للعلم والمعارف كما إنا لنثني الثناء الأطيب عَلَى مؤازري المجلة في مصر والشام والعراق وتونس وغيرها ممن لم يعقهم عدم الاطراد في صدورها عن إرسال أبحاثهم ومقالاتهم لتطبع فيها ونعدهم بأننا نبدأ منذ أول جزء يصدر في المحرم من السنة الثامنة (1332) بنشرها تباعاً بحسب أوقات ورودها ليعم نفعها قراء العربية ونستميح طبقة الخاصة عذراً عَلَى ما بدر من أغلاطنا وأغلاط المطابع فهو لا يخفى عَلَى فطنة القراء في الجملة وعذرنا إليهم في عدم العناية ما تقدم خصوصاً وبعض الملازم طبعت بدون أن نصححها بأنفسنا دع التقلقل الذي نالنا في مملكة لم تستقر حتى الآن حالتها السياسية عَلَى محور معلوم. وصفاء جو السياسة هو الميزان الكبر في سير الأعمال ولاسيما العلمية فإن الفشل الذي نالنا في الروم إيلي وطرابلس وبرقة وجزر الأرخبيل قد أصاب شرر شره كل من له علاقة بهذا الوطن العثماني عَلَى اختلاف الدرجات.

ونسأله تعالى وهو خير مسئول أن يجل سنتنا القادمة سنة راحة وصفاء لنتمكن من خدمة الأمة العربية في الفروع التي كتب لنا الخوض في غمارها فيما سلف من الأعوام وفي النية أن نجود في الأبحاث ونعني بالتقاط درر الفوائد جهد المستطيع حتى تكون هذه الصحيفة جمعية علم وأجب تجمع إلى متانة القديم وطلاوة الحديث فلا يسأم من مطالعتها عشاق الأوابد والشوارد وإليه تعالى نبرأ من سيئات أعمالنا وشرور أنفسنا ونسأله وقايات الزمان وعثرات القلم واللسان والتنكب بنا عن تيه الباطل اللجلج إلى جادة الحق الأبلج إنه كريم جواد.