مجلة المقتبس/العدد 88/عنوان المجد

مجلة المقتبس/العدد 88/عنوان المجد

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 5 - 1914



في تاريخ بغداد والبصرة ونجد

تنافس فطاحل المؤرخين في الكتابة عن بغداد وتاريخها وأقسامها ودورها وقصورها ورجالها وفلاسفتها ومدارسها ومعاهدها وذلك لبعد شهرة هذه المدينة الطيبة التي ظلت خمسة قرون مهد الحضارة ومهبط المدنية وكعبة العلم والعرفان ومقر الدولة الإسلامية فبلغ عدد من ألفوا في هذا الموضوع المئات والألوف إلا أنه لم يبق من تصانيفهم غير قسم قليل في دور الكتب العراقية فإن أكثرها ذهب ضياعاًً وأكل عليها الدهر وشرب فمنها ما صار طعمة للنار أو ألقي في الأنهار ومنها ما اقتنته الإفرنج بوسائل شتى فازدانت بها معاهدهم ومكتباتهم ولقد رأينا كثيراً من علماء المشرقيات يطوفون هذه الديار قادمين إليها من القاصية للبحث والتنقيب عن آثار الحضارة العربية والإطلاع على ما في دور الكتب من نفائس الكتب ونوادر المخطوطات باذلين في سبيل غايتهم اللجين والنضار فالنسخة النادرة التي عسر على المستشرق ابتياعها أو استنساخها عمد إلى أخذ تصويرها الشمسي مهما كلفه ذلك تعباً ونصباً كذلك رأيناهم يعملون في بعض الأعلاق النفيسة التي ضمتها جدران خزائن كتبنا وأهملنا العناية بها والانتفاع منها وهكذا دأب الغربيون في سلب ذخائرنا وكنوزنا وآثارنا للوقوف على سر مدنية بلادنا القديمة فأصبحنا ونحن عالة على المغاربة حتى في الكتابة عن تاريخ بلادنا وحضارتها وعمرانها ورجالها وملوكها.

ومن الكتب التي أسهب مؤلفوها في تاريخ بغداد وأجادوا في وصف ما كانت عليه من الجلالة والعمارة في الدولة العباسية كتاب تاريخ بغداد تأليف الحافظ أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي المعروف بالخطيب المتوفى سنة463هـ - 1070م وهو كتاب ضخم في أربعة عشر مجلداً أسهب مؤلفه في تراجم علماء الزوراء وأدبائها ومن ورد إليها من الرجال العظام وقد ضم إليه فرائد وخرائد يضيق بنا المقام عن سردها وتبيانها ومنه الآن نسخة كاملة في خزانة السيد عبد الرحمن أفندي نقيب أشراف بغداد وخزانة هذا الزعيم من أغنى خزائن الكتب في هذا القطر ففيها نحو خمسة آلاف مجلد نصفها أو أكثر من النصف مخطوط وغير مطبوع وكل ما فيها نفيس نادر ناهيك أنه توارثها عن أسلافه القدماء منذ نحو أكثر من قرنين ونصف قرن ويقال أنه يوجد من هذا التاريخ الكبير نسخة تامة في ك من المتحف البريطاني بلندن والمكتبة الأهلية في باريس وهناك أجزاء متفرقة مبعثرة توجد اليوم في مكتبة برلين ومكاتب الأستانة العمومية وفي المكتبة الخديوية وبعض خزائن أعيان العراق وهذا السفر النافع فريد في أبحاثه وحيد في تبويبه وترتيبه ولم يقصره المؤلف على الشؤون التاريخية وسرد الواقع والأخبار بل ملأه بكل شاردة وواردة تتعلق بالتاريخ والجغرافيا والتراجم والآثار فهو سفر تاريخي جغرافي أثري يغنيك عن البيان أن مؤلفه ذلك الحبر العلامة الذي طبقت شهرته الخافقين وقد لخص هذا الكتاب الضخم أحد علماء القرن الخامس مسعود بن محمد البخاري بعد أن زاد عليه شيئاً كثيراً من الحوادث والأخبار التي عرفها بنفسه واعتمد فيها على أمهات الكتب التاريخية وهناك عدد كبير من مؤلفات المتقدمين في أحوال بغداد عروس البلاد الشرقية كتاريخ بغداد لأحمد بن طيفور البغدادي وهو أقدم تاريخ لدار السلام وكتاب - البيان - تأليف أحمد بن محمد بن خالد البرقي الكاتب الكبير وهو حافل بمحاسن دار السلام وذكر أطلالها ودوارسها وهذا ما يدل على مبلغ عناية المتقدمين بأحوال هذه العاصمة الكبرى ولو أردنا أن نستقصي كل ما ألف في هذا الموضوع لاحتجنا إلى مجلد ضخم ولما دخلت عصور الحروب والكروب والفتن والمصائب اشتغل الناس بحالة البلاد السياسية عن التأليف ومزاولة العلوم حتى قل من كتب عن بغداد في القرن الثامن والتاسع والعاشر أو سعى إلى تدوين ما تعاقب عليها من الأدوار التاريخية ولولا عناية بعض الأسر الكريمة كأسرة الألوسي والسويدي والحيدري بتاريخ البلاد واحتفاظها بما عثرت عليه من الآثار القديمة ونبوغ أبنائها واشتغالهم بالتأليف والتصنيف لبقي ذكر هذه المدينة خاملاً ولنوسي تاريخها واضمحلت آثارها وفقدت مكانتها.

وقد اشتهر في القرنين الأخيرين جمهور من كبار العلماء المدققين الذين عاهدوا الله على خدمة الأمة والدين والوطن بعقولهم ومواهبهم وهم الذين أوجدوا هذه الحركة العلمية المباركة وأحيوا ميت الآمال وبعثوا في النفوس الخاملة عوامل السعي والعمل فقام من بينهم المؤلف الفاضل والفيلسوف الكامل والفقيه المحدث والمفسر الكبير والمتشرع الخطير والكاتب النحرير وكل منهم سار في الطريق التي اختارها لنفسه وحصر أوقاته في إتقان العلم الذي رغب فيه فغصت بتلامذتهم أندية العلم والمدارس وازدهت بهم دار السلام فعاد إلى البلاد رونقها وبهاؤها وكان من جملة المصنفين في تاريخ بغداد ثلاثة أعلام: 1 - السيد إبراهيم فصيح بن صبغة الله الحيدري البغدادي صاحب تاريخ عنوان المجد في تاريخ بغداد والبصرة ونجد ويوجد منه الآن أربع نسخ خطية الأولى بخط المؤلف وهي موجودة في المكتبة الخالدية - نسبة إلى الشيخ خالد النقشبندي - والثانية في خزانة العلامة السيد محمود شكري الألوسي والثالثة في مكتبة دير مبعث الكرملين والرابعة هي النسخة التي بأيدينا ونريد أن نتكلم عنها الآن. 2 - الشيخ عبد الرحمن زين الدين بن الشيخ عبد الله الويدي البغدادي المتوفى سنة 1200هـ - 1776م مؤلف كتاب حديقة الزوراء وهو تاريخ جليل في ثلاث مجلدات ضخام يدور ما فيها حول ما وقع في العراق من وقائع العصور المتأخرة في زمن ندر فيه المؤلفون والكاتبون والمدونون للوقائع التاريخية ولولا هذا المصنف الجليل لضاع تاريخ هذا القطر الحديث ولا توجد منه إلا نسخة في خزانة السيد عبد الرحمن النقيب. 3 - هو حيد عصره السيد محمود شكري الألوسي صاحب كتاب بلوغ الأرب في أحوال العرب الذي أعجب به علماء الفرنجة أيما إعجاب وأحرز قصب السبق على سائر المؤلفات في هذا المضمار وللعلامة المشار إليه تاريخ مفيد عن بغداد دعاه كتاب أخبار بغداد وما جاورها من القرى والبلاد جاء في أربعة مجلدات بحث فيه بحث العالم المدقق والمؤرخ المحقق عن تاريخ دار السلام ومدن العراق وما كان لها من القصور الشاهقة والأبنية السامية وأشبع الكلام على تراجم أدباء الزوراء وأكابر أعيانها وزهادها ومدارسها ومعابدها.

وكتاب تاريخ المجد في تاريخ بغداد والبصرة ونجد من الكتب النفيسة النادرة التي قل من نسج على منوالها والمؤلف معروف لدى علماء العراق بسعة الاطلاع وطول الباع في المسائل التاريخية وهو ينتمي إلى أسرة شريفة المحتد عريقة في النسب هي أسرة الحيدرية ويتصل نسب جده الأعلى بموسى الكاظم وإلى هذه الأسرة تنسب الدولة الصفوية في فارس لأن جد الحيدرية أحمد الأعرابي كان من بادية الحجاز فتحضر في المدينة وهاجر بعض من سلالته إلى العراق وهم الذين نشأ منهم المؤلف المشار إليه والبعض الآخر إلى بلاد ما وراء النهر ومنهم نشأت الدولة الصفوية واتصال هذه الدولة بالحيدرية يرتقي إلى الشيخ صدر الدين ابن قطب الشيخ صفي الدين أبي الفتح إسحق وكان الصفويون على مذهب أجدادهم مذهب السنة والجماعة ثم تشيعوا لغايات سياسية اقتضتها حالة عصرهم والشاه إسماعيل أول من حاد عن مذهب أسلافه فإنه انتحل المذهب الجعفري ظناً منه أنه بذلك يقهر عدوه السني السلطان سليم خان وكان السلطان حسن الأبلخاني المعروف في كتب الأتراك التاريخية بأزون حسن حسن الطويل الذي ملك بغداد وآمد ديار بكر وخراسان ونواحيها فرعاً من هذه الشجرة الطيبة.

وكان الشيخ إبراهيم فصيح الحيدري من مشاهير هذه العائلة وأكابر أعيان بغداد على عهده وتصدر في المدارس لتدريس علوم الدين وكان مبرزاً في الفقه والتفسير والتاريخ والمنطق توفي سنة 1299هـ - 1881م ولم نعثر على سنة ولادته وله مؤلفات عديدة وكتابه عنوان المجد من أجلها قدراً وأبعدها شهرة والنسخة التي أمامنا قد بلغت صفحاتها 478 كتب في كل صفحة 20 سطراً والسطر مؤلف من تسع كلمات وقد ألف كتابه هذا في البصرة الفيحاء قال بعد البسملة والصلاة على رسول الله يقول العبد الفقير المحتاج إلى عفو ربه السيد إبراهيم فصيح بن السيد صبغة الله الحيدري البغدادي إني قبل هذا سافرت من بلدي مدينة دار السلام إلى دار الخلافة القسطنطينية حماها من كل سوء رب البرية ومنها إلى مصر والحجاز وعدت إليها ثانياً لأستوفي الوقوف على بدائعها بالحقيقة لا بالمجاز ثم خرجت منها إلى الديار السورية وبعض البلاد الأناضولية فاطلعت على تلك البلاد وأحوال العباد ثم رجعت إلى بلدي مدينة السلام ذات الثغر البسام ومكثت فيها بين أهلي وأحبابي غير قليل من الأعوام حتى رمتني الأقدار بسهام النيابة إلى البصرة المسماة بخزانة العرب وقبة الإسلام فلما وردتها ورأيت ما فيها من عجائب الأنهار وغرائب النخيل والأشجار الممتنعة الحد والحصر مع ما فيها من المد والجزر في اليوم مرتين بحيث تمتلئ الأنهار والسواقي وكل عين وقد آلت إلى الخراب فلم يبق منها إلا الاسم واندرست آثارها فلم يبق إلا الرسم أحببت أن أؤلف كتاباً في بيان أنهارها ونخيلها وأشجارها وبيان بيوتاتها القديمة من ذوي الثروة العظيمة مع بين أحوال بغداد وإن كنت قبل هذا قد ألفت في دار الخلافة كتاب أحسن السلام في دار السلام إلا أني أردت أن أجمع أحوال البلدتين في هذا الكتاب وأحوال أراضي نجد وقبائله وما يليه من البلاد مع تصدير الكتاب ببعض ما ذكره الحكماء في سياسة الملوك فشرعت في ذلك ورتبته على مقدمة وثلاث مسالك وخاتمة. . . وقد تكلم في المقدمة عن سياسة الملوك والسلاطين في رعاياهم وذكر الأحاديث النبوية والآيات الشريفة المنزلة في تدبير الملك وسياسة البلاد والعباد فأفاض في هذا الباب أحسن إفاضة وإليك بعض ما قاله:

. . العدل من أعظم الأركان التي بها قوام السلطنة والملك ودوام الدولة فإنه ميزان الله تعالى في الأرض الذي يأخذ به للضعيف من القوي والحق من الباطل قال الله تعالى إن الله يأمر بالمعروف وينهى عن الفحشاء والمنكر يعظكم لعلكم تذكرون. وقد شبهوا الملك بالرجل واعتبروا السلطان رأسه والوزير قلبه والأعوان يديه والرعية رجليه والعدل روحه وهو موجب لاجتماع الرعية على محبته المفضي إلى استقامة أمره ونظام ملكه وإذا عدل السلطان قرب منه وصلح له وعدة السلطان ثلاثة أمور مشاورة النصحاء وثبات الأعوان وترويج سوق العدل ثم العدل ينقسم إلى قسمين قسم إلهي جاءت به الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام عن الله تعالى وهو الشرائع وقسم يشبه العدل وهو السياسة الاصطلاحية ويستحيل أن يدوم بقاء السلطان أو تستقل رعية في حالة إيمان أو كفر بلا عدل قائم ولا ترتيب للأمور ثابت ووافقت حكماء العرب وغيرهم على هذه الكلمات فقالوا الملك بناء والجند أساسه فإذا قوي الأساس دام البناء فلا سلطان بلا جند ولا جند بلا مال ولا مال إلا بالعمارة ولا عمارة إلا بالعدل فصار العدل أساساً لسائر الأساسات. . ثم أشبع الكلام عن الفقهاء والقضاة والتجار والرعية والخراج ومصالح الدولة ودواوينها مما دل على سعة خبرة وغزارة فضل وبعد غور في الشؤون الاجتماعية ثم أسهب في فضل العلم وحملته وحث الناس على تلقنه وتكلم باختصار عن الكيمياء والهندسة والحساب والجبر والسيمياء والنجوم والموسيقى والفلسفة إلى غير ذلك من الأبحاث الشائقة الرائقة.

وكتب في المسلك الفصل الأول عن فضائل بغداد وبنائها وبانيها وبيان سواد العراق وخراجه وعشره وأنهار الزوراء وجسورها وعشائرها وأكابرها المعاصرين له وغير ذلك مما يتعلق بأحوال بغداد ومما أفاض في ذكره وبعد من جملة حسنات كتابه الكلام على بيوتات بغداد فإنه أجاد في هذا البحث وأفاد التاريخ فائدة كبرى فدون أسماء البيوتات القديمة وذكر رجالها ومشاهيرها وتراجمهم وأنسابهم وهو بحث جميل قل من تطرق إليه من المصنفين القدماء ومن فصول هذا الكتاب الممتعة كلامه على عشائر العراق ومشايخها وأمرائها ومنازلها وأنسابها القديمة ومذاهبها وعدد رجالها وعقب بعد ذلك الكلام على ذكر البيوتات البدوية الرفيعة ثم عقد فصلاً في تراجم العلماء والفضلاء الذين برزوا في صنوف العلوم والفنون ومن حسنات هذا الكتاب الكلام في أنهار بغداد القديمة والحديثة مع تعيين مواقعها ومصادرها ومصابها وبعد ذلك تكلم عن البصرة وبيوتاتها وعلمائها وأنهارها والمد والجزر فيها وإليك ما قاله عن بساتين البصرة:

. . والبساتين الموجودة في البصرة ونواحيها ذات النخيل والأشجار والأنهار حدها من القرنة إلى رأس البحر المسمى بالفاو ويبلغ مقدارها ثلاثين ساعة بسير الفارس وأما المشي فالمسافة بالنسبة إليه أكثر والفرج بين ذلك الخالية عن النخيل يسيرة وهي من البصرة إلى الدواسر ومن القرنة إلى الكوت الفرنجي ولكنها بالنسبة إلى المتصلة لا تعد ولا تعتبر والبساتين الباقية كلها متصلة بعضها ببعض مقدار عشرين ساعة طولاً على طرفي شط العرب وأما عرضاً ففي الجنوب يبلغ أكثر من ثلاث ساعات وهي ذات نخيل وأشجار وفواكه لا تعد ولاتحد وحد البساتين شرقاً من كتيبان إلى سبع القصبات وجنوباً إلى الفاو وشمالاً إلى العنبري. . ثم أفاض في الكلام عن التجار في البصرة والعلماء والبيوتات القديمة هناك.

ومما قاله عن أنهار البصرة الباب الثالث في بيان أنهار البصرة الموجودة في هذا العصر الكبار المحصوة والصغار التي لا يحصيها عد ويجري فيها الماء من شط يقال له شط العرب وهو مجتمع دجلة والفرات ويحصل لهذا الشط ولجميع الأنهار المد والجزر في اليوم والليلة مرتين مرة في الليل وأخرى في النهار وتختلف ساعات المد تقديماً وتأخيراً والأنهار الكبار لم تزل مملوءة من الماء إلا العشار فإنه يخلو من الماء حالة الجزر وأما الصغار فهي خالية أثناء الجزر فإذا حصل المد امتلأت الصغار وازدادت الكبار التي تجري فيها السفن وجميع الأنهار الكبيرة خارجة من شط العرب وبعض الكبار من الصغار فأول الأنهار الكبيرة ابتدأ من البصرة نهر العشار المشهور الداخل إلى البصرة وهو نهر عظيم تجري فيه المراكب والسفن وحوله بساتين كبيرة وبيوت عامرة. . وقد عد أنهراً كثيرة من الأنهر التي تمخر فيها السفن وقال إن الأنهر الصغيرة كثيرة لا يمكن حصرها وانتقل بعد ذلك إلى الكلام عن الخراج والأعشار والغرائب في عصره وتكلم بعد ذلك عن المحمرة وعبادان والأهواز وما في هذه الديار من الأنهار والأراضي والقبائل وجعل الكلام على نجد آخر فصول الكتاب فكتب عن قبائل نجد وأشرافها وعلمائها ومذهبها شيئاً فيه الغث والسمين إلا أن التحقيق يغلب على أكثر أبحاثه وقد قرظ أعمال النجديين وأثنى عليهم وعلى النهضة التي قام بها زعماؤهم وأمراؤهم وأتى في هذا الفصل على ترجمة صاحب الدعوة الوهابية والقائمين بترويجها وتراجم مشاهير الحنابلة وعلماء نجد الذين تصدروا للقضاء والإفتاء ومكاتباتهم إلى الملوك والأمراء المعاصرين لهم ومؤلفات نوابغهم ثم استطرد من هذا البحث إلى ذكر الحجاز وتهامة والبحرين والقطيف وما فيها من العجائب والغرائب ووصفها وتمثيلها أحسن تمثيل وتطرق أيضاً إلى البحث عن أحوال البلاد العربية الكائنة على ضفاف الخليج الفارسي كمسقط وعمان وإماراتها وأمرائها وقبائلها ثم أرصد فصلاً ممتعاً في أبعاد الأماكن التي ورد ذكرها في كتابه ومن حسنات كتابه أنه عقد فصلاً في أنساب الأمراء مع بيان أحوالهم وأطوارهم ورسوم حكوماتهم وعقد فصلاً آخر في تراجم مشاهير علماء المذهب الحنفي والمالكي ومشاهير الحنابلة على عهده.

وأما الخاتمة فهي تشتمل على مباحث شتى منها العلم في بلاد العرب وأنواع خراجها ومقاييس مكاييلها وجباية الأموال الأميرية ومعاملاتهم وإقطاع البلاد إلى غير ذلك مما يطول ذكره والخلاصة أن هذا الكتاب من أجلّ كتب التاريخ التي تصور لنا حالة العراق وبلاد العرب الزراعية والصناعية والتجارية تصويراً حسناً وما يحتاج إليه المؤلف والمؤرخ والكاتب والأديب فإنه مما لا يستغني عنه العام والخاص نفعنا الله بعلم مؤلفه وأكثر بين أبناء الأمة العربية من أمثاله المحققين المدققين.

بغداد إبراهيم حلمي العمر