مجلة المقتبس/العدد 96/الأرواح والمشعوذون

مجلة المقتبس/العدد 96/الأرواح والمشعوذون

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 1 - 1915



كل رأي لأم تقم عليه الأدلة العلمية لإثباته هو باطل لا يجوز تصديقه وقبوله ولكن ما لا تستطيع البراهين الفنية نقضه وتزييفه جدير بالقبول وإن كلن بعيد الحصول وكثيراً ما تكون العقول قاصرة عن أثبات بطلان الآراء الجديدة فتضطر إلى تصديقها بسائق العجز والتقصير مثال ذلك ناموس الجاذبية الذي قال به الفيلسوف أسحق نيوتن مستنداً على سقوط تفاحة من شجرة على ضفة أحد الأنهار فتضاربت العقول في باديء الأمر لأن الطباع تحرص على قديمها المألوف فلا تقبل الجديد إلا بعد جدال وعراك في ميدان البحث والتنقيب وقد قرأت في كتاب مخطوط من خزانة الديرالكرملي في بغداد أن مسألة طيران العباس بن فرناس من علماء الأندلس قد أثارت عليه العامة والخاصة ولعنته لعناً بليغاً لأنه أراد أن يتشبه بفرعون في الوصول إلى السماء فصنع له ريشاً كسا به جلده وحاول الطيران ولكنه سقط بأمر الرب لأنه لا يريد أن يعطي البشر ما أعطاه للملائكة والأنبياء ثم مضت العصور وتداولت الدهور والعلماء بين مصدق ومكذب حتى البشر وألفناهم يزاحمون الأسماك بغواصاتهم في البحار وينافسون الطيور في السماء بطياراتهم وهيهات أن تصل الطيور إلى الارتفاع الذي تصل إليه الطيارات المتقنة لأن أجنحتها تكل بعد طيران قليل فتضطر إلى النزول بعكس المناطيد أو الطيارات فهي تبقى محلقة في الجو ما دامت مراد البخار متوفرة في مخازنها قام غاليله قبل بضعة عصور قائلاً بكروية الأرض ودورانها ووقوف جرم الشمس مستنداً على الحقائق العلمية التي أدخلها العرب إلى إيطاليا وأسبانيا وجنوبي فرنسا فلم يرق رأيه لعقول هاتيك الأزمنة القاصرة فقتله حرقاً أو صلباً ومثلوا به تمثيلاً شنيعاً على رواية بعضهم وكذلك أحرقوا جثة دانتي الشاعر الإيطالي بعد زمن طويل من وفاته لأنه قال ما لا ينطبق على مصلحة الرهبان والأكليروس وباح بعض الحقائق العلمية التي لا يتنازع فيها اثنان ولا يتناطح فيها عنزان وهكذا كان شأن العلماء والفلاسفة في الشرق أيضاً قبل أن ينضج العلم وتختمر به العقول والأدمغة ولنا في حياة ابن خلدون وابن رشد والفارابي والرازي وابن سينا وابن باجه وغيرهم من أساطين العلم وأقطاب الفلسفة أمثلة صادقة على ما كان يعترض الباحثين في تقرير آرائهم ونشر مبادئهم.

إن الاعتقاد بارتقاء العقل البشري يوماً فيوماً وأنه يسير على ناموس النشر والارتقاء يحملنا قسراً على تصديق كل ما لا يقبله العقل في هذه الأزمنة لأن ما يكذب اليوم قد يصدق غداً وما لا يتحقق في هذا العصور المقبلة فلو قيل لا سلافنا أن الإنسان في القرن العشرين يقطع المسافة بين الأستانة وبرلين وباريز في يومين أو ثلاثة أيام على الأكثر وأن سيأتي يوم تتحارب فيه الأمم فوق اليابسة وتحت البحر وفي الجو وأن الشعوب تتخاير في لحظة من الزمن بالبرق اللاسلكي لقالوا أن هذا الأمر من رابع المستحيلات وبعيد الوقوع لأن عقولهم لم تكن على درجة من الكمال والقوة كما هي عقول المعاصرين المشهورة بالإبداع والاختراع وهذه الحقيقة تثبت أننا اليوم عاجزون عن أدراك ما سيأتي به العلم من العجائب والغرائب فإن الفن الذي قرب البعيد وأدنى الشاسع ورفع العقل البشري إلى هذا المستوى الراقي فزاحم الطيور والأسماك لهو هو الذي يمهد السبيل لكثير من الغرائب التي لا نصدقها ونحمل القائل بها على الشعوذة والتمويه إن ما نسميه اليوم بالشعوذة كاستنطاق الأرواح وأخذ أخبار المستقبل عنها والأنباء بالوقائع قبل حدوثها وكالناظرين في الأجسام الشفافة من المرايا وطاس المياه وقلوب الحيوان وأكبادها وعظامها واستخراج المجهول والسرقات بالتنويم المغناطيسي \ وقلب الماء إلى تراب والتراب إلى ماء واستخراج المسكوكات الذهبية والفضية من الحجارة أو من الورق - قد يكون صحيحاً ويثبته العلم غداً بعد أن تعمل العقول فيه معملها وكثير من هذه الأعمال يثبت العقل بطلانه وكذبه منها مسألة قلب الحجر إلى سكة ذهبية أو غيرها لأنه لو صحت هذه الأعمال لكان العامل بها من أغنى البشر ولما كان في فقر مدقع ولكن الأنباء بحوادث المستقبل واستنطاق الأرواح هي محل النظر والإمعان فقد رأيت قبل ثلاثة أعوام عجوراً شمطاء تأوى إلى مسجد الكيلاني في بغداد يقصدها الناس إلى استخراج السرقات التي تعجز الشرطة عن معرفة أبطالها فهي تنبئهم بأسمائهم واحداً واحداً وتخبر عن أمكنة الأشياء المسروقة كأنها ربة الدار وصاحبة المخزن ولو سألت صاحبها عن مفرداتها لما أستطاع أن يخبرك عنها كما هي تخبر وتقول ولولا أن العجوز زاهدة ومشهورة بالتقوى والصلاح لقلنا أن لها صلات مع السراق ولهم نوادر كثيرة من هذا القبيل تدل على كهانتها وعرافتها وأن لها بصراً نافذاً ونظراً ناقداً ومن هذا القبيل ما ورد من الحكايات والروايات عن شق وسطيح الكاهنين وكانا أنبأ في تأويل رؤيا ربيعة بن مضر عن ملك الحبشة لليمن.

وظهور النبوة المحمدية في قريش ورؤيا الموبذان التي فسرها سطيح بالنبوة وخراب فارس وكان للعرب اعتقاد بالعرافة فوردت في أشعارهم كثيراً وقد قال أحدهم:

جعلت لعراف اليمامة حكمه ... وعراف نجد أن هما شفياني

فقالا شفاك الله والله ما لنا ... بما حملت منك الضلوع يدان

ومن هذا القبيل شفاء المرض والطلاسم والعزائم والاستحمام بالمياه المقدسة والتبرك بالأحجار والأستار وهذا أمر شائع لدى جميع الأمم ففي فرنسا يغتسل المرضى بمياه القديسة ويعتقدون أنها تشفي من الأسقام المعضلة وفي بغداد بئر ينسبون إليه القدسية قريبة من مرقد الجنيد الصوفي فإذا المرأة وانقطعت عنها الولادة ذهبت يوم الأربعاء أو يوم الاثنين فتغتسل بماء البئر فتحمل ليومها وإذا أعضل المرض على بعضهم ذهب ليلة الأربعاء وقام بين صخور مقدسة في ضريح الجنيد فيخرج صباحاً وهو على جانب عظيم من النشاط وربما أتاه الجنيد ليلاً وباركه ومسح بدنه بيده الكريمة وحينئذ تقام النذور وتتوزع الصدقات وقد عللت أحدى مجلات مصر العلمية ذلك بأن للاعتقاد تأثيراً كبيراً في الشفاء وأطلقت عليه الشفاء بلا درا لأنه متى أعتقد الليل بأن هذا المرض يزول بالتبرك والاغتسال أو الطلاسم والعزائم يكن شافياُ معافى إذ أن أكثر الأمراض منشأوها الأوهام وقد يكون الإنسان سليماً صحيح البدن فيتوهم أنه مريض ويظل في هذا الوهم إلى أن يعتقد بزوال علته.

يمكن القول بانطباق هذا التعليل على العقل والمنطق ففيه مسحة علمية وطلاء عقلي غير أن الأذهان تقف حائرة تجاه بعض الوقائع التي يؤاها النقد بعينه فيبقى بين التصديق والتكذيب مثال ذلك اتصال الأرواح ببعض البشر ومكالمتها إياهم بالإشارات وكالأنباء بالغيب على أثر حدوث انفعال في النفس أو تبدل فجائي فينتقل فيه المرء من عالم إلى عالم آخر تنويم السراق والمجرمين وحملهم على البوح بالأسرار إلى غير ذلك م الأمور الغريبة التي الفكر عن نقضها وتزييفها ربما عرضت هذه الوقائع لكثير من الناس في حياتهم وقد عرض لي حادث من هذا القبيل فقد كنت في إحدى مدن العراق فبل بضعة أعوام أتناول الطعام على مائدة أحد الأعيان فشعرت أثناء الأكل باضطراب عظيم انتقلت به من عالم إلى آخر فخيل لي أن أحد أركان العائلة أجريت له عملية جراحية فمات على أثرها وبعد ما أفقت من الإغماء دونت هذه الحادثة في دفتر ورجعت إلى بغداد فرأيت أن الحادثة وقعت في اليوم الذي شعرت فيه وقوعها وقبل خمسة سنين كانت لي شقيقة ابتلت في عفوان شبابها بمرض عضال كنت أراقب أدواره وأخبر الطبيب عما يعرض لها ثم حملني القلق على جمع فريق من الأطباء لفحص مرضها فاجتمعوا مساء وقرروا ابتلاءها بالسل وأنه يستحيل شفاؤها وقد تطول حياتها على نحو شهرين فخرجت وخرج الأطباء من الدار وجلست مع أحد الأصدقاء في بيت آخر فأصابني اضطراب كالاضطراب في الحادثة الأولى وتخيلت موتها وقد عزلني الصديق على هذه الأوهام بعد أن قال الأطباء ببعد أجلها على ما يعرفون من سير السل ولكن ما كانت تمضي بضع دقائق إلا وأتانا الناعي بمعناها ولما سألت عالماً من علماء مصر الذين اشتغلوا بالفلسفة والطب ثلث عصر أجاب بأنه لا يصدق بوقوع الحادثة الأولى وطلب أن أرسل له المفكرة التي دونت فيها الوقعة وأسماء الشهود الذين حضروه وأما الوقعة الثانية فقال عنها أنها من الأمور الطبيعية وأن الإنسان قد يمرض مائة مرة في عمره وفي كل واحدة يعتقد أقاربه بأنها القاضية على حياته مع أن الإنسان لا يموت إلا مرة واحدة وقد بحث غير واحد من المتقدمين في هذه المسائل منهم العلامة ابن خلدون فعقد فصلاً وافياً عب الكهانة والعرافة والأخبار بالغيب وما أشبه: فقال 1 - الكهانة من خواص النفس الإنسانية وذلك أن لها استعداداً للانسلاخ من البشرية إلى الروحانية وأن يحصل من ذلك لمحة للبشر في صنف الأنبياء بما فطروا عليه وتقرر أنه يحصل لهم من غير اكتساب ولا استعانة بشيء من المدارك ولا من التصورات ولا من الأفعال البدنية كلاماً أو حركة ولا بأمر من الأمور وإنما هو انسلاخ من البشرية إلى الملكية بالفطرة في لحظة قرب من لمح البصر وإذا كان كذلك وكان ذلك الاستعداد موجوداً في الطبيعة البشرية فيعطي التقسيم العقلي أن هنا صنفاً آخر من البشر ناقصاً عن رتبة الصنف الأول نقصان الضد عن ضده الكامل لأن عدم الاستعانة في ذلك الإدراك ضد الاستعانة فيه وشتان ما بينهما فإذا أعطى تقسيم الوجود إلى هنا صنفاً آخر من البشر مفطوراً على أن تتحرك قوته العقلية حركتها الفكرية بالإرادة عندما يبعثها النزاع لذلك هي ناقصة عنه بالجبلة فيكون لها بالجبلة عندما يعوقها العجز عن ذلك تتشبث بأمور جزئية محسوسة أو متخيلة كالأجسام الشفافة وعظام الحيوانات وسجع الكهان وما سنح من طير أو حيوان فيستديم ذلك الإحساس أو التخيل مستعيناً به في ذلك الانسلاخ الذي يقصده ويكون كالمشيع له وهذه القوة التي فيهم مبدأ لذلك الإدراك هي الكهانة ولكون هذه النفوس مفطورة على النقص والقصور من الكمال كان إدراكها في الجزئيات أكثر من الكليات ولذلك تكون المخيلة فيهم في غاية 11 ولأنها آلة الجزئيات فتنفذ فيهم نفوذاً تاماً في نوم أو يقظة وتكون عندها حاضرة 11 تحضرها لمخيلة ونكون لها كالمرآة تنظر فيها الصنف الذي يستعين بالكلام الذي فيه السجع والموازنة ليشتغل به عن الحواس ويقوى بعض على ذلك الاتصال الناقص فيهجس في قلبه عن تلك الحركة والذي يشيعها من ذلك الأجنبي ما يقذفه على لسانه فربما صدق ووافق الحق وربما كذب لأنه يتمم نقصه بأمر أجنبي عن ذاته المدركة ومباين لها غير ملائم فيعرض له الصدق والكذب جميعاً ولا يكون موثوقاً به وربما يفزع إلى الظنون والتخمينات حرصاً على الظفر بالإدراك بزعمه وتمويهاً على السائلين ثم أنتقل للكلام عن الناظرين في الأجسام الشفافة من المرايا وطساس المياه وقلوب الحيوان وأكبادها وعظامها وأهل الطرق بالحصى والنوى فقال أن كل هؤلاء من قبيل الكهان إلا أنهم أضعف رتبة منهم في أصل خلقهم لأن الكاهن لا يحتاج في رفع حجاب الحس إلى كثير معاناة وهؤلاء يعانونه بانحصار المدارك الحسية كلها في نوع واحد منها وأشرفها البصر فكيف على المرئي البسيط حتى يبدو له مدركه الذي يخبره عنه وربما يظن أن مشاهدة هؤلاء لما يرونه هو في سطح المرآة ليس كذلك بل لا يزالون ينظرون في سطح المرآة إلى أن يغيب عن البصر فيبدو فيما بينهم وبين سطح المرآة حجاب كأنه غمام يتمثل فيه صور هي مدار كهم فيشيرون إليهم بالمقصود لما يتوجهون إلى معرفته من نفي أو أثبات فيخبرون بذلك على نحو ما أدركوه وأما المرآة وما يدرك فيها من الصور فلا يدركونه في تلك الحال وإنما ينشأ لهم هذا النوع من الإدراك وهو نفساني ليس من أدراك البصر بل يتشكل به المدرك النفساني المحس كما هو معروف ومثل ذلك ما يعرض للناظرين في قلوب الحيوانات وللناظرين في الماء والطساس وأمثال ذلك وقد شاهدنا من هؤلاء من يشغل الحس بالبخور فقط ثم بالعزائم للاستعداد ثم يخبركما أدرك ويزعمون أنهم يرون الصور متشخصة في الهواء تحكي لهم أحوال ما يتوجهون إلى إدراكه بالمثال والإشارة.

وأما الزجر فهو ما يحدث من بعض الناس من التكلم بالغيب عند سنوح طائر أو حيوان والفكر فيه بعد مغيبه وهي قوة النفس تبعث على الحرص والفكر فيما زجر فيه من مرئي أو مسموع وتكون قوته المخيلة كما قدمناه قوية فيبعثها في البحث مستعيناً فيؤديه إلى أدراك كما تفعله القوة لمخيلة في اليوم وعند ركود الحواس تتوسط بين المحسوس المرئي في يقظته ومع عقلته فيكون 11 الرؤيا وأما المجانين الذين يخبرون بالغيب فنفوسهم الناطقة ضعيفة التعلق بالبدن لفساد غالباً وضعف الروح الحيواني منها فتكون نفسه غير مستغرقة بالحواس ولا فيها بما شغلها في نفسها من ألم النقص ومرضه وربما يزاحمها على التعلق به روحانية أخرى أو شيطانية تتشبث به وتضعف هذه عن ممانعتها فيكون عنه التخبط فإذا أصابه ذلك التخبط إما لفساد في مزاجه من فساد في ذاتها أو لمزاحمة من النفوس الشيطانية في تعلقه غاب عن جسمه جملة فأدرك لمحة من عالم نفسه وأنطبع فيها بعض الصور وحرفها الخيال وربما نطق على لسانه بتلك الحال من غير أرادة النطق وأدراك هؤلاء كلهم مشوب فيه الحق والباطل لأنه لا يحصل له الاتصال وان فقدوا الحس إلا بعد الاستعانة بالتصورات الأجنبية ومن ذلك يجيء الكذب في هذه المدارك اه.

والظاهر من قول ابن خلدون أن للنفس عقلين ظاهر وهو الذي يقودنا في حياتنا وباطن وهو الذي يظهر بركود الظاهر فينتقل المرء من عالم إلى آخر وتتنبه فيه القوى الكامنة ومن ذلك الخطيب الذي لا يستطيع القول إلا بعد شرب المسكرات التي تنير دفائن الدماغ ومخزوناته والكاتب الذي لا يملي كلمة إلا بعد تناول التبغ وغيرهم كثير وقد رأيت في الموصل شاباً أعمى ومعتوهاً إلا انه بارع في علم الحساب بصورة عقلية فإذا قلت له وقعت حادثة في السابعة والعشرين من شهر أكتوبر سنة 1450ميلادية مثلاً فمادا يكون أسم ذلك اليوم وماذا يكون إزاءه من الشهر العربي فيجيب على الفور أنه يكون اليوم الفلاني في العدد الفلاني من الشهر العربي ويسميه أيضاً ويسمي السنة التي هو فيها وكذلك رأيت مكفوفاً آخر من الموصليين في بغداد وكان غاب عنها نحو عشرين عاماً يمسك يد معارفه وهم سكوت فيقول بأسمائهم ولم يكن عرفهم قبلاً وهذا من البراهين التي تثبت خفاء العقل الظاهر وظهور الباطن فهم بحيث تتمثل لهم حوادث الأيام الماضية من لفائف أدمغتهم كما تتمثل الحوادث على لفائف الصور المتحركة فيعرفون أصدقاءهم الذين فارقوهم منذ القديم بلمس أيديهم أو رؤؤسهم أو مسك أكتافهم.

وصفوة القول أن أعمال المشعوذين والمعتوهين وطلاسم المشايخ وعزائمهم والتبرك بالأحجار والولادة بالاغتسال من الآبار والأنهار وذهاب المرض بالأدعية والأحجية بعد ما يعجز الطب عن شفائه والأنباء بالغيب واستخراج السرقات والنظر إلى المرايا أو في طساس المياه وقلب الحجارة إلى المسكوكات ذهبية وفضية واستنطاق الأرواح بالإشارات والتنويم المغناطيسي وما أشبه هو فرع من فروع علم النفس الذي أثبت لنا البحث بعضه ورفعه إلى الحقائق العلمية كالتنويم وسيثبت لنا اليوم بعض ما رآه اليوم غريباً ما دام العلم يخرق حجب الأسرار وينفذ إلى أعماق الكائنات وسنظل مثابرين على تحكيم العقل والمنطق في هذه المسائل العويصة إلى أن تتقلب إلى حقائق يصدقها العقول وما أخطأ من يحكم عقله في ما يعرض له الحوادث والوقائع والأسرار والأفكار.

جاءت أحاديث إن صحت فإن لها ... شأناً ولكن فيها ضعف أساد

فشاور العقل وأترك غيره هدراً ... فالعقل خير مشير ضمه البادي

إبراهيم حلمي العمر