مجلة المقتبس/العدد 96/عدد الشيعة
مجلة المقتبس/العدد 96/عدد الشيعة
ذكرت في مقالي (الشيعة في بر الشام) إن المسلمين يقسمون إلى فرقتين كبيرتين أهل السنة وهي الأكثر عدداً والشيعة وهي التي تتلوها في الكثرة ولا يقل عدد الأولى عن مائة وخمسين مليوناً كما لا يقل عدد الثانية عن تسعين مليوناً وعنيت بالشيعة كل من يدخل تحت اللفظ وهم الذين يقولون بالنص على إمامة علي عليه السلام وأنه أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدليل قوليوتفترق الشيعة فرقاً متعددةالخ فهو إذا شامل لجميع فرق الشيعة من أمامية أصولية وإخبارية وكشفية وزيدية وأسماعلية بهرة وأغاخانية وواقفية وفطحية وبكداشية لكن المقتبس حسب أن في العدد مبالغة ورجح أن الشيعة عشرون مليوناً ثم أنبرى أحد الأفاضل وهو عبد الله أفندي مخلص للبحث في هذا الموضوع فاستكثر ترجيح المقتبس وقدرهم باثني عشر مليوناً وقدر المسلمين أجمعين بمائتين وأربعين مليوناً الشيعة 12والأحناف164 والشوافعة64 والموالكة 16 والحنابلة 7 وذلك التقدير كما ترى ولو فرض أنه تسنى له تمييز الشيعة من فأحصاهم فكيف له بحصر عدد الأحناف من الشوافعة وبقية المذاهب الأربعة ومعرفتهم في بلد واحد فكيف في سائر أنحاء العالم.
أما تقديري عدد الشيعة بما لا يقل عن التسعين مليوناً فهو إحصاء مبنياً الدقة لأن عدد المسلمين عامة فضلاً عن الشيعة لا يرجع إلى إحصاء مدقق ونما هو تقديري بحت ولهذا بعدت مسلفة الخلاف بين مقدري عدد المسلمين فالدكتور ز جعلهم نحو 175 مليوناً وأستقل المقتطف هذا التقدير وقدرتهم الانسكلوبيد البريطانية المطبوعة سنة1907 م نحو 217مليوناً وقدرتهم المقتطف 262مليوناً وقدرهم الأستاذ غليوث 233 مليوناً في سنة 1906 وفي بعض المجلات أنهم 250 مليوناً ونقل الأمير شكيب أرسلان أنهم يبلغون ثلاثمائة مليون وهو المشهور بين المسلمين.
وليس بغريب على البلاد الشرقية أن يقع الخط في إحصاء نفوسهم وأكثرها لم يقع عليه إحصاء بالكلية والذي أحصي منها لم يكر على شيء من التحقيق هذه دمشق فقد قدرها المقتطف 530ألفاً وهي مع الضواحي 730مع أن أحصاءها الرسمي220 ألفاً والفرق كبير بين الإحصاء التقديري المعقول وبين الإحصاء الرسمي هذه الحال في الشرق عامة وفي المسلمين خاصة 1 الشيعة الذين أخفتهم التقية في كثير من البلاد وخفي بعضهم حتى على ابن بلدة وإن لم يخف على ابن مذهبه أختلف المقدرون في إحصاء الشيعة وأقل ما قيل فيه 12مليوناً كما قال الفاضل الحفاري وقدرهم بعضهم 20 مليوناً وعليه صديقنا صاحب المقتبس إبراهيم أفندي حلمي البغدادي أن عدد الفرقة الجعفرية منهم خمسون مليوناً وفي مقام آخر أن عدد الشيعة كلهم يبلغ 70 مليوناً والكاتب كما علمه قراء المقتبس ناضج التحقيق وقد سأل محمد أفندي جابر أصحاب المقتطف عن عدد الشيعة في الهند وإيران والصين فأجابوه بأنهم يرجحون أن يبلغ عددهم 40 مليوناً.
أن الشيعة مثابة يتوافدون إليها من أقطار الأرض وتكاد تكون محصورة حالاً زهاء 15 ألفاً 1 مثل لنجه وبندر عباس فيها من المسلمين 50 ألفاً وأيالة وكردستان الإيرانية ومقر حكومتها وأهلها كلهم سنيون وبادية جرجان من التركمان وأهلها كلهم سنيون.
قدر القاضي الحيفاوي نفوس الإيرانيين بتسعة ملايين وقدرهم المقتطف بتسعة ملايين ونصف وقال أنه غير معروف تماماً ولكنه يقدر تقديراً وجعلهم فانديك في المرآة المطبوعة في منتصف القرن التاسع عشر أثني عشر مليوناً فيما أتذكر ونقل عن أرفع الدولة العالم السياسي الإيراني المشهور أنهم يبلغون عشرين مليوناً وصاحب البيت أدرى بالذي فيه ويؤيده ما نقل لي الثقات من أفاضل الإيرانيين في العالم الماضي وقد قدم من الأستانة لما سمع من سفير إيران هناك إن حكومته أخذت في إحصاء النفوس فبلغت ثمانية عشر مليوناً وبقي قسم كبير من أطراف البلاد لم يحص بعد.
قلنا أن الدكتور فانديك قدرهم باثني عشر مليوناً في منتصف القرن التاسع عشر للميلاد وأن بلاداً قضت خمسين عاماً في مهد الراحة والسلام أيام المرحوم ناصر الدين شاه مع خصب ورخاء لا يبعد أن يتضاعف عدد سكانها فضلاً عن زيادته بالمائة سبعين كما قدرنا. ومن عرف أخلاق الإيرانيين من اجتنابهم مخالطة غيرهم وعدم السماح بعرفة أحوالهم الداخلية لغير أبنائهم - أدرك سر الاختلاف في تقديرهم ةالإيرانيون مولعون بتعدد الزوجات ولا تكاد تجد بالغين سن الحلم غير مرتبطين بعقدة النكاح فلا غرابة إذا أزداد عددهم ثمانية ملايين في مدى ستين عاماً.
وأمل الهند فلا جدال في وفرة عددهم هناك وقدرهم بعضهم بنصف مسلمي الهند فإن لم يكونوا النصف فلا أقل من أن يكونوا الثلث.
وشيعة الهند فيهم الأمامي والأصولي والإخباري والكشفي والزيدي والأسماعيلي (من بهرة وأغاخانية) والواقفي والفطحني وكانت بلاد كشمير ولم تزل مراداً لأهل العلم والإرشاد من متفقهة وكذلك بلاد حيدرأباد وفي بمباي مطابع للشيعة وفي كالكوتا من جرائدهم جريدة (حبل المتين) المشهورة.
وكانت الهند محل هجرة جماعية علماء جبل عامل ذهبوا إليها وعاشوا بين أهلها حتى وافتهم منيتهم ومن العاملين من تولى الوزارة لأحد ملوك الهند قبل أن يدخلها الانكليز ولم تزل الصلات لطلاب فقه الشيعة في العراق ترد بألوف الألوف من الهند وما في خزائن النجف وأحجار الكريمة والتحف النفيسة أثره من الهند تجارها وملوكها وأخبرني ببعض الخبيرين من العراقيين أن في تلك الخزائن مجموعة من الأحجار الكريمة فيها ما لا يوجد مثله في خزائن الملوك وإن الذي أعاد لمدينة كربلاء بناءها وسورها بسور منيع بعد أن غزاها الوهابيين وانتهبوا مجوهرات خزنة سيدنا الحسين بن علي عليه السلام وما فيها من التحف وباحوا المدينة لعسكرهم حتى أصبحت خراباً يباباً - وهو بعض ملوك الهند.
وأما الصين فتكاثر الشيعة فيها ليس فيه ريب وفي بكين عاصمة الصين مساجد خاصة بالشيعة غير المساجد المشتركة بينهم وبين عامة المسلمين هناك وما زال الوافدون من شيعة الصين وبلاد التيبت يزورون مشاهد آل البيت في العراق وكثير من فضلاء العراق زاروا بلاد التيبت وقاموا بين ظهراني أهلها م الشيعة ورأيت جماعة من شيعة جبل عامل في مكة جماعة من شيعة الصين وتألفوا حتى تبودلت الهدايا بينهم وأما البلاد العربية - فاليمن على أتساع رقعتها وتكاثر نفوسها نحو نصف أهلها من الزيدية الشيعة ولم تخل من الأمامية وعدتهم قليلة هناك - وأما العراق - فثلاثة أتباع أهله من الشيعة وعهدهم بالتشيع قديم وأمرهم مشهور حتى لقب التشيع بدين الكوفة قال أبو تمام
وكوفني ديني على أن منصبي ... شآم ونجري آية ذكر النجر
وأما الحجاز - ففيه كثير من الشيعة الأمامية وهم في البادية أكثر منهم في الحواضر وفي الحجاز نواح عامة أهلها شيعة الفرع والعوالي وأما سورية فقد سبق القول في مقالنا السابق الذكر أن الأمامية منهم يبلغون نحو مائتي ألف نسمة ولكن غير الأمامية منهم والمنتسبين إلى الشيعة في سورية يبلغون قريباً من ضعفي هذا العدد.
وفي بلاد عمان كثير من الشيعة وفي نفس مسقط - على تباين ما بينهم وبين الخوارج من أهلها - عدد لا يقل عن إلف رجل بيدهم أزمة تجارتها وهم معروفون بمذهبهم أخبرني أحد العاملين وكان أقام فيها مدة من الزمن ولقي من كبير تجارها الحاج عبد العزيز كل حفاوة وإكرام لأنه شيعي عاملي.
وأما الترك فالبكدشيون منهم - ومعظمهم في بلاد الروملي ومنهم قسم صالح في الأناضول وكريت ونصف بلاد ألبانيا منهم وليس البكداشيون كل شيعة بلاد الأتراك بل يوجد بينهم من الشيعة الأمامية قرى مر بها مجاهد وجبل عاملة في حرب روسيا عام 1203هجرية فتعرفوا في ما بينهم وأكرموا أخبرني غير واحد منهم بهذا الخبر.
وأما روسيا فحسبك أن الأكبر من بلاد قفقاسيا من الشيعة فباكو المعروفة ببادكوبا ونواعيها شيعة ومنها المحسن الكبير الحاج زين العابدين تقيوف صاحب المبرات والخيرات ومشيد المدارس والكليات للمسلمين في روسيا من ماله وكنجه وبلادها شيعة وكذلك ايروان (أريفان) وما إليها وقره باغ وحاليان وضواحيها ولنكران وقواها ونحجوان وما والاها وشاه وما حولها كلهم من الشيعة.
أكثر من النصف شيعة وفي باطوم وتفليس عدد لا يستهان به منهم وفي استراخان وبلادهم منهم كبير وقد جمعتني الأقدار بعامل من أهل العلم والدين من دربند تزوجت ابنته في جبل عامل وجاء لزيارتها فاخبرني بوفرة عدد الشيعة في تلك الأرجاء وأن جماعة من الشيعيين في بنزدوسق دعوه إليهم ليقيم بينهم مدة من الزمان فأجاب دعوتهم فرأى ما يطرب له كل مسلم من التحاب والتآلف الموجود بين المسلمين هناك رأى الملا السني في بنزدوسق كان أكثر الناس ملازمة لصحبته وأنه أصيب بالرماتزم حتى عجز عن النهوض إلا بمعونة شخص آخر فتولى ذلك منه السني ولم يدع أحد غيره يقوم مقامه وأخبرني أنه لما قامت الفتنة في البلاد الساحلية وعامة أهلها شيعة بينهم وبين الروسيين هب سكان الجبال وجمهورهم من أهل السنة لنجدة أخوانهم فرابطوا معهم في الثغور حتى أنجلى الفتنة وفي مرو وطاشقند وسائر بلاد سمرقند من الأملاك الروسية بل في تركستان الروسية عدد وفير منهم.
وفي الأفغان عدد قدره بعض الأفاضل بثلاثة ملايين ولعل فيه مبالغة وفي بخارى قسم عظيم يوازي عدد الشيعة في الأفغان وقد ثار ثائرة الجهل والتعصب في شهر محرم سنة 1328 هجرية هناك بين السنة والشيعة فوقفت الفتنة وأنتجت حرباً بين الطائفتين عجزت الحكومة عن إطفاء جذوتها حتى تدخلت الروسية في الأمر وخمدت لهيباً وذلك دليل على وفرة عدد في بخارى حتى قيل أن الوزير الأول لأمير بخارى منهم وفي بلاد الزنج شيعة أخبرني بعض المسافرين من أبناء جبل عامل وهو علم وصدق أقام في زنجبار مدة من الزمن تاجراً أنه عرف بين المختلفين إلى زنجبار من أهل الفاحية رجلاً شيعياً أخبره لهم سواداً بين سوداني الديار وفي نفس زنجبار جماعة أو لو يسار فاضل آخر عاملي فأكرمه بالجملة فإنه قلما دخل الإسلام بلاداً إلا كان للشيعة فيها رجال ظاهرون أو مستترون تبعاً للحال والموقع.
ومن المحقق وجود جماعة منهم بين مسلمي جزائر فيلبين وبلاد الكاب أكثرهم من الهنديين المهاجرين.
إذا عرفت ذلك فلا تستبعد أن يكون تقديري مقارباً للحقيقة وإليك تفصيل ما قدرته وإن كان لم يخرج عن حيز التقدير ولكنه غير بعيد عن الحقيقة.
عدد المسلمين عامة عدد الشيعة منهممليونمليون65 25 في الهند35 11 في الصين5010 في العرب2510 في الأتارك والأفغان وبلاد التتر المستقلة وتركستان30 >19 في إيران3010 في البلاد الروسية402 في أفريقيا25 1 في جزائر جاوه ومالاقا والبحر المحيط الهندي10 >1 سائر الأقطار30090
ظهر من مقالي السابق الذكر أنني قدرت المسلمين بمائتين وأربعين ولكني لم أقطع بذلك ولا يمنع أنني أذهب إلى أكثر من هذا العدد ومن المقرر أن أكثر للمسلمين التي تأخذها عن طريق أوربا إلى الجمعيات التبشيرية التي لا يرضيها وفرة عدد أتباع النبي لامي صلى الله عليه وآله وسلم ولذلك لا ينبغي الركون إليها وأخذها مأخذ القضايا المسلمة.
النبطية
أحمد رضا
(المقتبس) يروقنا التحقيق في مثل هذا المبحث المفيد ولكن كنا نرغب من صديقنا كاتب هذه النبذة لو عز أقواله إلى مراجع أو نصوص يركن إليها فإن نسبة الخبر مجرداً إلى أحد الأفاضل أو أحد التجار كما تجد في مقاله لا تكفي لتأكيد أمر إحصائي تشعبت طرق الخلاف فيه وقد رأيناه يكثر من ذكر البلاد والمواضع ويوهم أن الشيعة منتشرون في أنحائها وإذا أراد الدليل أسند الخبر إلى تاجر منهم أو سمى رجلاً أقام في ظهرانيهم كالحاج عبد العزيز والحاج زين العابدين والدربندي لمذكورين في مقاله ولا تجده يأتي بالبرهان المقنع عند كلامه على شيعة الأصقاع الكبيرة كالحجاز والصين والهند وبلاد الزنج وجزائر فيلبين وبلاد الكاب ورأيناه يدمج في بحثه جميع الفرق الإسلامية التي وافقت الشيعة ولو على بعض ما جنحوا إليه والمعروف أن لفظ الشيعة إذا أطلق عند علماء البلدان والإحصائيين اليوم لم يكن فيه ما يدل على شموله عامة من أخذ برأيهم فالزيدية مثلاً وهم نصف سكان اليمن ينفردون في زمننا هذا بلقبهم الذي اشتهروا به وإن كان علماء الكلام والتوحيد والدين من المتقدمين يعدونهم في جملة الشيعة ويرون أنهم فرقة من فرقهم وبالجملة فإن باحثنا توسع في بحثه هذا حرصاً منه على تأييد رأيه الأول وولد من اللفظ الخاص معنى عاماً فتسنى له أن يملأ صحيفته بالأرقام الكثيرة والأعداد الدالة على وفرة عدد أخواننا الشيعة ومن شايعهم وذهب إلى ما ذهبوا إليه من جماعات المسلمين وفرقهم.