مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى/في بيروت


في بيروت :

وفي ١٩١٩/٤/٣٠ بعد الظهر وصل الامير الى بيروت ، فأطلقت المدافع من الميناء ترحيبا بسموه ، واستقل السيارة وعلى يساره الجنرال فين قائد الجيش البريطاني قاصدا دار المعتمد العربي . وقد أخذت السلطة العسكرية البريطانية مسؤولية تأمين الأمن في بيروت بمناسبة مجيء الأمير ، واستقبلت بيروت الأمير استقبالاً شعبيا رائعا وقد قام ضابطا ارتباط الجيش العربي لدى القيادة العليا الحليفة في بيروت جميل الالشي ورفيق التميمي بتنظيم الاستقبال استقبالاً برهن على تأييد الشعب لمطالب الأمير في مؤتمر السلم . وقد استعلنت هذه الحقيقة بكل وضوح إذ ان وفود البلاد السورية واللبنانية كانت تهتف له هتافات التأييد ، وتدعو الله بأن يحقق أهدافه وعند وصول الامير الى دار المعتمد العربي ودعه الجنرال فين وطفق يستقبل وفود المدن السورية ويستمع الى خطبهم الحماسية وقد أجاب الخطباء بقوله الذي ذهب مثلا ً : « ان الاستقلال يؤخذ ولا يعطى . . . لقد اعترف العالم باستقلالنا فعلينا أن نأخذه وأن نطلبه تاماً خاليا من كل شائبة ، وكل من يطلب معونة انكلترا أو أميركا أو فرنسا أو ايطاليا فهو ليس منا . نحن لا ننكر أننا محتاجون الى المعاونة الفنية وسنتفق عليها مع من نريد بحسب ما يوافقنا ، وهذا لا يكون إلا بعد أن نأخذ الاستقلال المطلق

. ( يا أبناء سورية العزيزة وقد طلب اليه المجتمعون نشر بيان عن حقيقة الموقف والخطة الواجب اتباعها ليطمئن أهل البلاد على مستقبلها ، فأذاع في اجتماع صحفي البيان الآتي 6 6


۱۰۷ -

ها قد عدت الى الوطن بعد أن فارقته خمسة أشهر . وقد أبلغت العالم المتمدن ما انتدبتموني اليه من بيان مطالبكم فتقرر مبدئيا استقلال بلادكم ، وصحت النية على ارسال لجنة تحقيق دولية تحقق ما نقلت الى الغربيين من رغائبكم . وستصل اللجنة في هذين الاسبوعين . وبهذا ترون أن قد تم القسم الأعظم من المهمة الخارجية التي تعمل لأجلها وذلك بحسن نيات الحكومات الأر المعظمة وصدقها في أقوالها وتمسكها بالمبادىء السامية التي جعلتها دستوراً لأعمالها وطبقاً لأماني الأئمة بقيت هناك المهمة الداخلية التي هي من خصائص هذه الائمة بأجمعها وهي المسؤولة عنها ، ونجاحها موكول اليها فعلى الشعب أن يقوم بما يقرره المؤتمر السوري العام الموقت الذي ينعقد عما قريب الأمم تود الكم النجاح ، وأنا أريد منكم أن تبرهنوا لهذه البعثة اكم أو عليكم ، بأنكم تستحقون الاستقلال المحترمة التي ستشهد بالحق وانكم قادرون على ادارة شؤونكم بأنفسكم . سجلوا أمام العالم والتاريخ أنكم أمة تقدي كل عزيز في سبيل أشرف غاية وهي الاستقلال الذي أعاونكم عليه وأنا أحد أفرادكم . C 6 أنا لا أشك أنكم يد واحدة في المطالبة بحقكم الصريح والسعي للوصول اليه بكل ما في نفوسكم من قوة . تعملون وغايتكم متحدة ، والصدق رائدكم في أقوالكم وأعمالكم جريا على ما تقتضيه منكم محبتكم لهذه التربة الطاهرة ، متمسكين بأهداب الحزم ، متخذين أسباب السكينة والتؤدة والغيرة على هذا الوطن واني آمل أن تثبتوا للعالم أنكم أحفاد اولئك الاجداد الذين كانوا سدنة الحرية ودعاة العدل . والتاريخ شاهد لا يماري في صحة القول . وان ما قامت به الجاليات السورية المنتشرة في أقطار العالم من جلائل - ۱۰۸ الأعمال ليدخل السرور الى فؤاد كل من يحب هذه البلاد · فقد أسمعت صوتها بأنها لا ترى السعادة كل السعادة إلا في الاستقلال التام بدون قيد ولا شرط ، فاذا كانوا على تفرقهم لا يرضيهم إلا هذا فأنتم باجتماعكم أكثر استمساكا بحقوق بلادكم . تستقلون في بلادكم استقلالكم في بيوتكم ، فينظر كل صقع من اصقاءكم في شؤونه بنفسه مع احترام تقاليده وعاداته . أما المعاونة التي نحتاج اليها فنبتاعها بأثمانها هذا ما أحب أن تجعلوه يا بني وطني نصب أعينكم ، وأن تكونوا المثال الحي ، وقدوة الابناء والأحفاد » ·

وقد نزل ضيفا على قائد الجيوش البريطانية في سورية ولبنان ( الجنرال فين ) في السراسقة . وكان ذلك القصر المتسع يعج برجالات البلاد ورؤسائها الذين أتوا لاستقباله واظهار تأييدهم لمطالبه في مؤتمر السلام ، وهي مطالب الأمة ·