مرآة الحسناء (1872)/قافية الواو
قافية الواو
وقال
قلبٌ على عرش الغرام قد استوى
وحشاشةٌ عبثت بها نار الجوى
حتامَ أهفو للجمال صبابةً
وأميل نشوانًا بكاسات الهوى
سبت النهى ذات الدلال بنظرةٍ
منها وأعدمت التجلد والقوى
يا نظرةً نفت الرقاد وغادرت
مني الفؤاد حليف أوصاب النوى
لذغ الجوانح عقربٌ من صدغها
صادٍ على ماءِ الخدود قد التوى
ولقد صدئت إلى مقبلها الذي
يحيي النفوس وليس لي منهُ روا
حيَّتْ فأحيت مهجتي بسلامها
ورنت فهيجت الجوانح والجوى
يا من حوت بالحسن صورة يوسفٍ
رفقًا بصبٍّ حزنَ يعقوبٍ حوى
عطفًا عليَّ فإن لي كبدًا وهتْ
وحشًى على نار الغرام قد انطوى
دمعي وثغركِ ينظمان تشابهًا
عقد الهوى فهما على حدٍّ سوى
ما اسودَّ منك الطرف إلا مذ سطت
شمس الجمال عليهِ يا شمس السوى
لوعة النوى
حملتني ما لا أطيقُ من النوى
وتركتني ميت القوى حيَّ الهوى
أفنى بعادك أعظمي وتجلدي
أفهل لدائِي غير قربك من دوا
لما لوت عني الركائب أصبحت
عيني تراقب بدر ذياك اللوى
عطفًا على رمقي ورفقًا بي فلم
يترك فراقك لي سوى نار الجوى
يا قاتل الله الفراق فإنهُ
قتل التجلد والتصبر والقوى
كم سال دمعي حين أورثني الهوى
لطفًا ويهمي الغيث إن لطف الهوا
جور الهوى
كفى الصب ما قاسى من البين والبلوى
وحسبك أنَّ القلب غيرك لا يهوى
معذبتي ما شأن هذا الجفا فهل
سلوت محبًّا ما لهُ عنك من سلوى
صدئت إلى رشف اللمى منك فانغشى
بهِ صادئًا من غير ذلك لا يروى
قضى النوم مني بالجفاءِ لك البقا
وأجفانك الوسنى لهُ قد غدت مثوى
لك الله كم حملت قلبيَ بالهوى
صدودًا وما قلبي ثبيرًا ولا رضوى
فيا من على قلبي جنت بدلالها
فديتكِ تيهي ما على الحسن من دعوى
لمثلك قد حق الدلال فنعم ما
جنيت وبئس العاذلون ذوو العدوى
وحقِّ الهوى لم يخلُ قلبي من الهوى
وما لخلوٍّ في الطبيعة من مأوى
عذوليَ لا أسلو عدمتك غادةً
لها مبسمٌ أحلى لقلبي من السلوى
تجور على القلب الشجيِّ ببينها
فيا بين ما أقوى ويا قلب ما أهوى
وأحسن أهل الحب من كان صابرًا
على جور من يهوى ولا يألف الشكوى
بروحيَ أفديها مهاةً وبانةً
تميل فكم أسرى وترنو فكم قتيلا
سبت منيَ الأحشاءَ قامتها وقد
رمت كبدي الحراءَ مقلتها الكحلا
تجلى على طور النهى حسنها الذي
بأنوارهِ يهدي المحب إذا ضلا
يحقُّ انكساري بالغرام وذلتي
لديها فإني لم أعاين لها مثلا
أحاطت بكل الحسن طلعتها فقد
أرتنيَ كيف الجزءُ يستغرق الكلا
أتتني بذيل التيهِ رافلةً وقد
جلت قمرًا في برج قلبيَ قد حلا
فقلت لها أهلًا وسهلًا بغادةٍ
لها الشمس والأقمار قد أصبحت أهلا
فقالت وهل يا صب قلبك كَلَّ عن
تحمل هذا الحب قلت لها كلا
إذا لم يكن لي من وصالك مسعفٌ
على حمليَ الأوصاب لم أستطع حملا
وما ذلك الشيءُ الذي يقدر الفتى
بهِ أن ينال الفوز والعون قد ولَّى
وقال من الجناس المهمل
أودعهم والدمع هامٍ كهاطلٍ
وكل وداعٍ كل دمعٍ لهُ سالا
أساهر أحوال السما لرواحهم
معلل روحٍ عود آمالها مالا
وقال وهي أول قصيدة قالها
يا قضيبًا قضى بقتلي ومالا
وانثنى معرضًا وماس دلالا
حاولِ الرفقَ بالمحب الذي كا
د بذاك الجفا يصير خيالا
رشقَ الطرفُ منك قلبي بسهمٍ
فجرى الدمع من عيوني وسالا
إن تبدَّيتَ أو تلفتَّ يومًا
شام طرفي غزالةً وغزالا
عذبٌ في هواك كل عذابٍ
يا مليحًا حوى الجمال فصالا
أنت شمسٌ والقلب مني كالحر
باءِ إذ كان ميل وجهك مالا
كم لك الله تطعن القلب من ذا
ك القوام الذي زرى الآسالا
أحرقتني الخدود منك بنارٍ
كلما رمت منك بدري وصالا
زادك الله يا حبيبي حسنًا
مثل ما زدتُ في هواك انتحالا
قد عفا القلب حين عفتَ وصالي
ليتني مذ هجرتني متُّ حالا
فصدودٌ ولوعةٌ وبكاءٌ
وسهادٌ وما ألفت احتمالا
سألوني عما اعتراني فأنكر
ت فدمع العيون ردَّ السوالا
إن تكن راضيًا بموتي فحسبي
أن ماءَ الحياة في فيك جالا
إن صبري مثل الجبال متينٌ
والجفا منكِ قد يدكُّ الجبالا
ليس عيبٌ إذا تذللت عشقًا
إنما العشق قد يذل الرجالا
إن ذلي بالحب عزي وفخري
يا غزالًا غزا المحب وطالا
عد محبًّا يهواك بالوصل إني
أرتضيهِ ولو يكون مقالا
ضاع عمري في الحب ليتكِ تعطيـني م
بما ضاع من حياتي وصالا
كلما ينقص التصبر مني
يا حبيبي تزيد أنت جمالا
أنت غصنٌ وقد غرستك في م
قلبي فأثمرت قسوةً ودلالا
فاجلُ ليل الجفا وراعِ ذمامي
يا قضيبًا قضى بقتلي ومالا
دور
أفديهِ مليونًا رشا
غصنًا بقلبي قد نشا
بلهفتي حار الوشا
يا للهوى يا للهوى
دور
بغضت عيشي إن جفا
وإن وفا رمت الصفا
من هجرهِ نومي انتفا
يا للهوى يا للهوى
دور
وهكذا الدنيا غرور
تجبي شرورًا من سرور
أكثرها فدمٌ أو غدور
يا للهوى يا للهوى