مر عصفور بفخ مرة
مرّ عُصفورٌ بِفَخٍّ مَرّةً
مرّ عُصفورٌ بِفَخٍّ مَرّةً
قال لم يا صاحبي أنتَ وَحِيد
فأجابَ الفَخُّ أبغي عزلَةً
إِنّ عيشي في اعتزالي لرَغيد
ليس للإنسان في الدنيَا سوَى
أملٍ ما بينَ وَعدٍ وَوَعِيد
لا أرَى في الناس إِلاّ كُلَّ ما
يجلبُ الهمّ وللبَلوَى يَزيد
فلماذا أنتَ ثاوٍ في الثرَى
سأل العصفورُ ما هذي القيود
قال إني عَابِدٌ لا يَنثني
عن صَلاةٍ وركوعٍ وسجُود
وكذا الحَبلُ الّذي في عاتقي
ملبس النسّاك أصحاب العهود
والعصا هذي التي تَنظرُها
فهيَ عُكّازي قِياماً وقُعود
فانظرِ القَمحَ الذي أعدَدتُهُ
فضل قوتي لفقير أو شريد
فاشتَكي العصفورُ إني جَائعٌ
تائِهٌ في مَهمَه القفرِ طَريد
هل ترى من فضلةٍ تطعمني
يا تَقِيّاً إنَّ جوعي لشَديد
قال هاكَ القمحَ كُلهُ فمشى
ذلك العصفورُ للقمح سعيد
مدّ مِنقاراً للقمح سعيد
رام أخذَ الحبّ مغرًى بالوعود
أطبَقَ الفَخُّ عَلَيهِ ماسكاً
عنقَهُ في مخلبٍ يفري الحديد
فَبكى العصفورُ لمّا أن رأى
نفسه عمّا قريبٍ سيَعود
قال حقّاً قالت الأمثال لا
تأمَن الدنيَا فما فيها وَدود