بسم الله الرحمن الرحيم

هذه رسالة للشيخ الحكيم الفاضل المعظّم أبي ريحان محمّد بن أحمد البيرونيّ روّح الله رمسه وقدّس نفسه في فهرست كتب محمّد بن زكريّاء الرازيّ,

ذكرت لا زلت ذاكرا وبه مذكورا أنّك تشوّقت إلى الإحاطة بزمان محمّد بن زكريّاء بن يحيى الرازيّ والاطّلاع على كميّة كتبه الّتي عملها وأسمائها لتتطرّق بذلك إلى طلبها وان ما تحقّق لديك من ذكاء قريحته وزكاء فطنته وبلوغه من الصّناعة أقصى مداها شوّقك إلى معرفة أوّل من ابتدأ بالطبّ واستنبطه وهذا وإن كان بحثا خيريّا فإنّك لم تَأتِ بالنّزاع نحوه شيئا فريّا وقد عمل إسحق بن حنين المترجم مقالة في تواريخ مشاهير الأطبّاء اليونانيّين وكبارهم الّذين أبدعوا الأصول وقنّنوا القوانين وحافظوا عليها لإغاثة الأنس محافظةً بقيت لها في العالم آثارهم ما بَقِيَ حتى قادت صحّة العزائم والأوهام كثيرا من الأعلّاء إلى الانتفاع بغشيان الهياكل المبنيّة بأسمائهم والاستشفاء بولوجها وإقامة القرابين فيها من الأسقام العظام وحصولِ النُّجَّح بها دون الجَرْيِ على مناهج الطبّ في العلاج وزاد إسحق من هذا الفنّ على الكفاية لولا تناول الفساد مقالتَه في النَّسْخ والنقل ممّن يُحصّل ولا يٌصحّح ويَجْمَع ولا يُطالع وذكرتَ أنّك لمّا عرفتني متخلّْقا بغير هذه الطريقة قصدتَني في قصدك مؤمَلا ارتياح القلب من جهتي في مطلوبك على قلّة فائدته ولزارةِ عائدته وقد حقّقتُ ظنّك بي بحَسَبِ الإمكان وأثبتُّ لك من كتب أبي بكر ما شاهدته أو عثرتُ على اسمه من خِلالها بإرشاده إليه ودلالته عليه ولولا احترامي لك لما فعلتُه لِما فيه من اكتساب البغضاء من مخالفيه وظنِّم أنّي من شيعته وممّن أسْوَى بين ما يَتأَذَّى بالاجتهاد إلى صوابه وبين ما يُميله إليه هواه وفرطُ تعصّبِه حتّى يَفْتضحُ فيه بارتكابه ولا يَقْتصرُ من القساوة في باب الديانة بالإهْمال والإعراض والإغفال دون الاستفال بالقدح فيها بأرواح السّوء وأفاعيل الشياطين حتّى يَحْمِلُه ذلك على الإرشاد إلى كتب ماني وأصحابه كِيادًا للأديان والإسلام من بينها ويوجد مصداقً قولي في آخر كتابه في النبوّات حين يستخفَ والسَّفَهُ غير لائق بالفضلاء والكبراء وقد كان في نسخه منها لا يُلوّث خاطرَه ولسانه وقلمه بما يَتنزّه العاقل عنه ولا يلتفت إليه إذ لا يَكسْب سعيُه في الدنيا إلّا مقتا فلا نَزال نَرى من لا يُسَوِّي لقَدَمِه ترابا يقول قد أفْسد الرازيُّ على الناس أموالهم وأبدانهم وأديانهم وهو صادق في الحاشية الأولى وفي أكثر الأخرى ولذلك تتعذّر مَرادته في الواسطة وأنا مع ب