مفتر من قال إن القوم ماتوا

مفتر من قال إن القوم ماتوا

​مفتر من قال إن القوم ماتوا​ المؤلف جبران خليل جبران


مفتر من قال إن القوم ماتوا
حدثينا عنهم يا معجزات
حدثينا كيف أودى بالأولى
ملكوا الآفاق حراث عفاة
كيف أفنى كل ذي درع وذي
لأمة مدرعو النقع حفاة
نفر ظنوا ضعافا فإذا
هم للقرم الأشدين غزاة
فئة قلت وأعيا دونها
عسكر ضاقت به الست الجهات
هاجموها فتلقتهم كما
تتلقى هجمة البحر الصفاة
إنما الأضعف في الحومة من
ضعفت آراؤه والفتكات
والقليل النزر في الأزمة من
خانه الصبر وجافاه الثبات
قيل هذا فيهم فعل التقى
والصلاح الحي للخوف ممات
صدقوا رأس التقي الفعل فإن
كان قولا فهو زور وافتئات
هكذا القوم وما تقواهم
فقر يتلونها أو دعوات
فإذا صام الفتى منهم فعن
دم أسراه وإن لم تعف شاة
وإذا زكى فجاري دمه
في سبيل الوطن الحر زكاة
وإذا صلى ففي جثوته
للمراماة سجود وصلاة
من دعا الله على غاصبه
فالدعاء السيف والذكر القناة
أو حمى الأوطان والعرض معا
فهو الدين كما ترضى الحياة
أيها السوقة كل منهم
ملك قد توجته الهبوات
أيها الجهال كل منهم
قائد تؤثر عنه الخدعات
يا حماة الخلق الحر وقد
عافه الناس وخانته الحماة
صائني دارهم العذراء عن
واطيء إلا وما فيها موات
شيدوا تاريخكم من نقض ما
شاده في أزل الدهر الطغاة
ثابروا في وثبكم ولتهننا
في تلاشينا الهنات الهينات
تابعوا النصر بنصر ولتكن
خجلة الأنذال هذي النصرات
يصفع الجبار من تعدمه
منكم للضرب والطعن أداة
وفتانا يلثم الكف التي
في جبين الملك منها صفعات
من لمينا أن يرى في لحده
كيف أخنت ببنيه الموبقات
فلقد أرنو مصر التي
خلدتها الباقيات الصالحات
فأرى روحا قديما طائفا
باكيا مما جنت مصر الفتاة
كيف تحيا أمة هالتهم
شقة المجد فذلوا واستماتوا
كيف يقوى معشر عدتهم
هزلهم والمشرفيات النكات
أبخوف الغول يرجى عندهم
خلق البأس وترجى العظمات
أم بآداب وألحان يهي
معها العزم وتقوى الشهوات
فارفع الصوت وأيقظهم فقد
طال عهدا بهم هذا السبات
ما لمصر شبه قبر واسع
منذ فرعون ومن فيها رفات