مقام في القصور على قصور

مقام في القصور على قصور

​مقام في القصور على قصور​ المؤلف نور الدين السالمي


مقام في القصور على قصور
مقام مثل ربات الخدور
فنصبح مثلها ونروح أيضا
على فرح بأنواع السرور
وقلب فارغ من كل هم
كأنا قد خلقنا للغرور
كأن الدار لم تك في زوال
ولم تظهر عقيمات الأمور
ولم تأذن لنا أنا عليها
كمثل الراكبين على البحور
وأن الصالحات لنا سفين
بها نرجو النجاة من الخطور
وأن المهلكات لنا ذنوب
وأنواع التمادي والفتور
تركنا الدين مندرسا لدينا
وعوض عنه أنواع الفجور
فبدل ذكر ربك بالملاهي
من الغنا ومن ضرب الزمور
فأي فتى تقر له عيون
على ما قد وصفت من الأمور
وفوق الوصف أشياء لديها
يفوت الحصر من ظلم وجور
ومن قتل النفوس بغير حق
ومن سبي ومن شرب الخمور
ألا يا أيها الإخوان هذا
زمان فيه توفير الأجور
فهل من باذل نفسا لمولى
جزيل الفضل منان غفور
لقد ألهتكم اللذات حتى
تشبهتم بربات الخدور
لقد أسرتكم الشهوات حتى
غدوتم مثل سكان القبور
ألم يأمركم الرحمن كنتم
خفافا أو ثقالا بالنفور
ألم يجِ جاهدوا في الله حتى
تروا دين الإله على ظهور
ألم يقل اشترى منكم نفوسا
وأموالا على عظم الأجور
فأنتم بالنفوس عليه بخل
وبالأموال أنتم في قتور
كأن النفع مرجعه إليه
بخلنا فيه بالشيء اليسير
فهذا الجهل من غير ارتياب
وربك إن ذا محض الغرور
كأنا قد شككنا في مقال
أتى من عند مولانا القدير
كأن الفرض منسوخ فما إن
لهذا الأمر فينا من نصير
كأن الله لم يبعث رسولا
ليحيي الدين بالسيف البتور
فقام مجاهدا في الله حتى
علا دين الإله على البدور
وأمَّ الصحب مقصده وجزوا
رقاب الخصم من أهل الفجور
كذاك التابعون على هداهم
ولم يرضوا بسفساف الأمور
أقول لسيد قد جل فخرا
وفاق على المناوئ والنظير
لقد سواك ربك في مقام
علا قدرا على أفق البدور
وقد جلاك ربك بالمعالي
وقد ولاك مفتاح الأمور
وقد أعطاك عزما ذاب منه
قسو الشامخات من الصخور
وقد أعلى بك الإسلام حتى
غدا دين المهيمن في ظهور
فكم من غارة قد كنت فيها
كمثل البدر في شرف ونور
وكم جيش سحبت له عباب
تدفق مثل أمواج البحور
وكم خصم تجرع منك كأسَ الـ
ـمنون بصارم ذكر بتور
فجددت الطريق وقد تناست
بها الأعصار في مر الدهور
وهذا الدهر قد أبدى صروفا
وغير ما عهدت بلا نكير
فهل من عودة في ذا فإني
عهدتك لا تقر على قصور
لقد فتشت هذا الناس طرا
فلم أر منهم غير الفتور
وقد ألقوا ذمامهم وكلوا
حيارى عن طريق مستنير
وقد ألقيت آمالي لأحظى
مرامي منك يا قطب الدهور
أصالح إن أمر الناس ألقي
على كفيك فانهض للمسير
أصالح إن تسترنا بعذر
فعند الله تكشيف الستور
أصالح لو تركنا الأمر حتى
نراه هينا سهل المصير
لكنا في الهوان مدى الليالي
وكنا في القصور مدى الدهور
فقم فيما مضى لا ذا توان
ولا كسل لذا الشرف المنير
فيمنحك المهيمن خير فتح
وتظفر في العواقب بالأجور