​منهج الحق منظومة في العقيدة والأخلاق​ المؤلف عبد الرحمن بن ناصر السعدي


بسم الله الرحمن الرحيم

هذه منظومة تشتمل على أقسام التَّوحيد: توحيد الإلهية، وتوحيد الرُّبوبية، وتوحيد الأسماء والصِّفات، وعلى أمَّهات عقائد أهل السُنَّة والجماعة التي اتَّفقوا عليها، وعلى التَّفكُّر في مخلوقات الله، وآياته الدَّالة عليه، وعلى أسمائه وصفاته، وعلى التخلُّق بالأخلاق الجميلة والتنزُّه من الأخلاق الرَّذيلة، إذ هذه الأمور أصول العلم وأمَّهاتها، وهي للشَّيخ عبد الرَّحمن بن ناصر السَّعدي، جزاه الله خيرًا، آمين، وهي هذه:

فَيَا سَائِلًا عَنْ مَنْهَجِ الْحَقِّ يَبْتَغِي
سُلُوكَ طَرِيقِ الْقَوْمِ حَقًّا وَيَسْعَدُ
تأمَّلْ هَدَاكَ اللهُ مَا قَدْ نَظَمْتُهُ
تَأَمُّلَ مَنْ قَدْ كَانَ لِلْحَقِّ يَقْصِدُ
نُقِرُّ بِأَنَّ اللهَ لَا رَبَّ غَيْرُهُ
إِلَهٌ عَلَى الْعَرْشِ الْعَظِيمِ مُمجَّدُ
وَنَشْهَدُ أَنَّ اللهَ مَعْبُودُنَا الَّذِي
نُخَصِّصُهُ بِالحُبِّ ذُلّاً وَنُفْرِدُ
فلِلَّهِ كُلُّ الْحَمْدِ وَالْمَجْدِ وَالثَّنَا
فَمِنْ أَجْلِ ذَا كُلٌّ إِلَى اللهِ يَقْصُدُ
تُسبِّحهُ الْأَمْلَاكُ وَالْأَرْضُ وَالسَّمَا
وَكُلُّ جَمِيعِ الْخَلْقِ حَقًّا وَتَحْمَدُ
تَنَزَّهَ عَنْ نِدٍّ وَكُفْءٍ مُمَاثِلٍ
وَعَنْ وَصْفِ ذِي النُّقْصَانِ جَلَّ المُوَحَّدُ
وَنُثْبِتُ أَخْبَارَ الصِّفَاتِ جَمِيعَهَا
وَنَبْرَأُ مِنْ تَأْوِيلِ مَنْ كَانَ يَجْحَدُ
فَلَيْسَ يُطِيقُ الْعَقْلُ كُنْهَ صِفَاتِهِ
فسَلِّمْ لِمَا قَالَ الرَّسُولُ مُحَمَّدُ
هُوَ الصَّمَدُ الْعَالِي لِعِظْمِ صِفَاتِهِ
وَكُلُّ جَمِيعِ الْخَلْقِ للهِ يَصْمُدُ
عَلِىٌّ عَلَا ذَاتًا وَقَدْرًا وَقَهْرُهُ
قَرِيبٌ مُجِيبٌ بِالوَرَى مُتَوَدِّدُ
هُوَ الْحَيُّ وَالْقَيُّومُ ذُو الْجُودِ وَالْغِنَى
وَكُلُّ صِفَاتِ الْحَمْدِ للهِ تُسْنَدُ
أَحَاطَ بِكُلِّ الْخَلْقِ عِلْمًا وَقُدْرَةً
وَبِرًّا وَإِحْسَانًا فَإِيَّاهُ نَعْبُدُ
وَيُبْصِرُ ذَرَّاتِ الْعَوَالِمِ كُلَّهَا
وَيَسْمَعُ أَصْوَاتَ الْعِبَادِ وَيَشْهَدُ
لَهُ الْمُلْكُ وَالْحَمْدُ الْمُحِيطُ بِمُلْكِهِ
وَحِكْمَتُهُ الْعُظْمَى بِهَا الْخَلْقُ تَشْهَدُ
وَنَشْهَدُ أَنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِي الدُّجَى
كَمَا قَالَهُ الْمَبْعُوثُ بِالحَقِّ أَحْمَدُ
وَنَشْهَدُ أَنَّ اللهَ أَرْسَلَ رُسْلَهُ
بِآيَاتِهِ لِلْخَلْقِ تَهْدِي وَتُرْشِدُ
وَفَاضَلَ بَيْنَ الرُّسْلِ وَالْخَلْقِ كُلِّهِمْ
بِحِكْمَتِهِ جَلَّ العَظِيمُ الْمُوَحَّدُ
فَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَا
نَبِيُّ الهُدَى وَالعَالَمِينَ مُحَمَّدُ
وَخَصَّ لَهُ الرَّحمنُ أَصْحَابَهُ الأُلَى
أَقَامُوا الْهُدَى وَالدِّينَ حَقًّا وَمَهَّدُوا
فَحُبُّ جَمِيعِ الآلِ وَالصَّحْبِ عِنْدَنَا
مَعَاشِرَ أَهْلِ الْحَقِّ فَرْضٌ مُؤَكَّدُ
وَمِنْ قَوْل ِ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ كَلَامَهُ
هُوَ اللَّفْظُ وَالمَعْنَى جَمِيعًا مُجَوَّدُ
وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ وَأَنَّى لِخَلْقِهِ
بِقَوْلٍ كَقَوْلِ اللهِ إِذْ هُوَ أَمْجَدُ
وَنَشْهَدُ أَنَّ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ كُلَّهُ
بِتَقْدِيرِهِ وَالْعَبْدُ يَسْعَى وَيَجْهَدُ
وَإِيمَانُنَا قَوْلٌ وَفِعْلٌ وَنِيَّةٌ
مِنَ الْخَيْرِ وَالطَّاعَاتِ فِيهَا نُقَيِّدُ
وَيَزْدَادُ بِالطَّاعَاتِ مَعْ تَرْكِ مَا نَهَى
وَيَنْقُصُ بِالعِصْيَانِ جَزْمًا وَيَفْسُدُ
نُقِرُّ بِأَحْوَالِ القِيَامَةِ كُلِّهَا
وَمَا اشْتَمَلَتْهُ الدَّارُ حَقًّا وَنَشْهَدُ
تَفَكَّرْ بِآثَارِ العَظِيمِ وَمَا حَوَتْ
مَمَالِكُهُ العُظْمَى لَعَلَّكَ تَرْشُدُ
أَلَمْ تَرَ هَذَا اللَّيْلَ إِذْ جَاءَ مُظْلِمًا
فَأَعْقَبَهُ جَيْشٌ مِنَ الصُّبْحِ يَطْرُدُ
تَأَمَّلْ بِأَرْجَاءِ السَّمَاءِ جَمِيعِهَا
كَوَاكِبُهَا وَقَّادَةٌ تَتَرَدَّدُ
أَلَيْسَ لِهَذَا مُحدِثٌ مُتَصَرِّفٌ
حَكِيمٌ عَلِيمٌ وَاحِدٌ مُتَفَرِّدُ
بَلَى وَالَّذِي بِالحقِّ أَتْقَنَ صُنْعَهَا
وَأَوْدَعَهَا الأَسْرَارَ للهِ تَشْهَدُ
وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِمَنْ كَانَ مُوقِنًا
وَمَا تَنْفَعُ الْآيَاتُ مَنْ كَانَ يَجْحَدُ
وَفِي النَّفْسِ آيَاتٌ وَفِيهَا عَجَائِبٌ
بِهَا يُعْرَفُ اللهُ العَظِيمُ وَيُعْبَدُ
لَقَدْ قَامَتِ الْآيَاتُ تَشْهَدُ أَنَّهُ
إِلَهٌ عَظِيمٌ فَضْلُهُ لَيْسَ يَنْفَدُ
فَمَنْ كَانَ مِنْ غَرْسِ الْإِلَهِ أَجَابَهُ
وَلَيْسَ لِمَنْ وَلَّى وَأَدْبَرَ مُسْعِدُ
عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ فِي فِعْلِ أَمْرِهِ
وَتَجْتَنِبُ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ وَتُبْعِدُ
وَكُنْ مُخْلِصًا للهِ وَاحْذَرْ مِنَ الرِّيَا
وَتَابِعْ رَسُولَ اللهِ إِنْ كُنْتَ تَعْبُدُ
تَوَكَّلْ عَلَى الرَّحمنِ حَقًّا وَثِقْ بِهِ
لِيَكْفِيكَ مَا يُغْنِيكَ حَقًّا وَتَرْشُدُ
تَصَبَّرْ عَنِ العِصْيَانِ وَاصْبِرْ لِحُكْمِهِ
وَصَابِرْ عَلَى الطَّاعَاتِ عَلَّكَ تَسْعَدُ
وَكُنْ سَائِرًا بَيْنَ الْمَخَافَةِ وَالرَّجَا
هُمَا كَجَنَاحَيْ طَائِرٍ حِينَ تَقْصِدُ
وَقَلْبَكَ طَهِّرْهُ وَمِنْ كُلِّ آفَةٍ
وَكُنْ أَبَدًا عَنْ عَيْبِهِ تَتَفَقَّدُ
وَجَمِّلْ بِنُصْحِ الْخَلْقِ قَلْبَكَ إِنَّهُ
لَأَعْلَى جَمَالٍ لِلْقُلُوبِ وَأَجْوَدُ
وَصَاحِبْ إِذَا صَاحَبْتَ كُلَّ مُوَفَّقٍ
يَقُودُكَ لِلْخَيْرَاتِ نُصْحًا وَيُرْشِدُ
وَإِيَّاكَ وَالْمَرْءَ الَّذِي إِنْ صَحِبْتَهُ
خَسِرْتَ خَسَارًا لَيْسَ فِيهِ تَرَدُّدُ
خُذِ العَفْوَ مِنَ أَخْلَاقِ مَنْ قَدْ صَحِبْتَهُ
كَمَا يَأْمُرُ الرَّحْمَنُ فِيهِ وَيُرْشِدُ
تَرَحَّلْ عَنِ الدُّنْيَا فَلَيْسَتْ إِقَامَةً
وَلَكِنَّهَا زَادٌ لِمَنْ يَتَزَوَّدُ
وَكُنْ سَالِكًا طُرْقَ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا
إِلَى المَنْزِلِ البَاقِي الَّذِي لَيْسَ يَنْفَدُ
وَكُنْ ذَاكِرًا للهِ فِي كُلِّ حَالَةٍ
فَلَيْسَ لِذِكْرِ اللهِ وَقْتٌ مُقَيَّدُ
فَذِكْرُ إِلهِ الْعَرْشِ سِرًّا وَمُعْلَنًا
يُزِيلُ الشَّقَا وَالهَمَّ عَنْكَ وَيَطْرُدُ
وَيَجْلِبُ لِلْخَيْرَاتِ دُنْيًا وَآجِلًا
وَإِنْ يَأْتِكَ الْوَسْوَاسُ يَوْمًا يُشَرِّدُ
فَقَدْ أَخْبَرَ المُخْتَارُ يَوْمًا لِصَحْبِهِ
بِأَنَّ كَثِيرَ الذِّكْرِ فِي السَّبْقِ مُفْرِدُ
وَوَصَّى مُعَاذًا يَسْتَعِينُ إِلهَهُ
عَلَى ذِكْرِهِ وَالشُّكْرِ بِالْحُسْنِ يَعْبُدُ
وَأَوْصَى لِشَخْصٍ قَدْ أَتَى لِنَصِيحَةٍ
وَقَدْ كَانَ فِي حَمْلِ الشَّرَائِعِ يَجْهَدُ
بِأَنْ لَا يَزَلْ رَطْبًا لِسَانُكَ هذِهِ
تُعِينُ عَلَى كُلِّ الْأُمُورِ وَتُسْعِدُ
وَأَخْبَرَ أَنَّ الذِّكْرَ غَرْسٌ لِأَهْلِهِ
بِجَنَّاتِ عَدْنٍ وَالمَسَاكِنُ تُمْهَدُ
وَأَخْبَرَ أَنَّ اللهَ يَذْكُرُ عَبْدَهُ
وَمَعْهُ عَلَى كُلِّ الْأُمُورِ يُسَدِّدُ
وَأَخْبَرَ أَنَّ الذِّكْرَ يَبْقَى بِجَنَّةٍ
وَيَنْقَطِعُ التَّكْلِيفُ حِينَ يُخَلَّدُوا
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي ذِكْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ
طَرِيقٌ إِلَى حُبِّ الْإِلَهِ وَمُرْشِدُ
وَيَنْهَى الفَتَى عَنْ غِيبَةٍ وَنَمِيمَةٍ
وَعَنْ كُلِّ قَوْلٍ لِلدِّيَانَةِ مُفْسِدُ
لَكَانَ لَنَا حَظٌّ عَظِيمٌ وَرَغْبَةٌ
بِكَثْرَةِ ذِكْرِ اللهِ نِعْمَ المُوَحَّدُ
وَلَكِنَّنَا مِنْ جَهْلِنَا قَلَّ ذِكْرُنَا
كَمَا قَلَّ مِنَّا لِلْإِلَهِ التَّعَبُّدُ
وَسَلْ رَبَّكَ التَّوْفِيقَ وَالفَوْزَ دَائِمًا
خَابَ عَبْدٌ لِلْمُهَيْمِنِ يَقْصِدُ
وَصَلِّ إِلهِي مَعْ سَلَامٍ وَرَحْمَةٍ
عَلَى خَيْرِ مَنْ قَدْ كَانَ لِلْخَلْقِ يُرْشِدُ
وَآلٍ وَأَصْحَابٍ وَمَنْ كَانَ تَابِعًا
صَلَاةً وَتَسْلِيمًا يَدُومُ وَيَخْلُدُ

تَمَّت، غفر الله لكاتبها وناظمها وقارئها ومن قال: آمين، وجميع المسلمين. وصلَّى اللهُ على محمدٍ ١٣٤٥هـ.