أعاذل غضي بعض هذي الملاوم
(حولت الصفحة من م أعاذل غضي بعض هذي الملاوم)
أعاذِلَ غُضِّي بَعْضَ هَذي الملاوِم
وكُفِّي شآبيبَ الدموعِ السواجِمِ
فما أنا بالغاوي فأُلْحى ولا الذي
يُقادُ إلى مكروهِه بالخزائم
إليك فإني لاصدوفٌ عن الهدى
ولا مُمْكِنٌ من مخطمي كلَّ خاطم
على أن هذا الدهرَ قد ضام جانبي
ولستُ حقيقا أن أقرَّ لضائمِ
وعِند ابنِ كِسْرى لابنِ قَيْصَر مَقْعَدٌ
إذا سامَهُ العصران إحدى الهضائمِ
دعيني أزرْ بالود والمدحِ معشراً
هُمُ الساهمونَ المجدَ كُلَّ مُساهمِ
إذا امتدحُوا لم يُنْحَلوا مجدَ غيرهِم
وهل تُنحلُ الأطواقَ وُرقُ الحمائم
ويَفْتَنُّ فيهم مادح بعدَ مادحٍ
وليس لصدقٍ مستتب بعادمِ
أولئك قوْمٌ قائلُ المدحِ فيهمُ
حَظِيٌّ بحظى سالمِ الدين غانمِ
كرام لآباءٍ كرام تنازعوا
تُراثَ فياريز لهُم وبهارِم
تدلّوا على هامِ المعالي إذا ارتقى
إليها أُناسٌ غيرهم بالسلالمِ
ذوُو الأوجُه البيضِ الفداعم زُيِّنت
وزيدتْ كمالاً بالرؤوس الغيالم
رؤوس مرائيسٌ قديماً تعمَّمتْ
لعمْرُكَ بالتيجانِ لا بالعمائم
تُساقُ إليهم كُلَّ يومٍ لطائمٌ
من الحمد فيها مثلُ نشرِ اللطائم
وقد جرًّبَ المنصورُ منهم نصيحةً
وجدا سعيداُ نِعْم ركنُ المُزاحِم
به صدموا الأعداء دُونَ مُناهُمُ
قديماً فهدُّوا ركن كُلِّ مُصادِم
ولمَّا اجتباهم ذو الغناءَيْنِ صاعِدٌ
غدا وهْو مسرورٌ بهم غيرُ سادمِ
ومِنْ يُمنهِمُ إذ قلَّدوا ما تلقّدوا
بوارُ الأعادي وانقضاءُ الملاحِمِ
رمى الحائنَ المشؤومَ يُمْنَ جُدودِهم
بداهية تَمحو سوادَ المقادم
فقُلْ لبني العباسِ إذ حركوهُمُ
يدي لكم رهْنٌ بمُلكِ الأقالمِ
لتَلْقَ بني نوبختَ يوماً بأمَّة
هواك وقد هانت صِعابُ المجاسمِ
وقد غُفِرتْ للدهرِ كلُّ جريمةٍ
تُعدُّ له من سيئات الجرائم
أسرَّكَ أني قد أقمْتُ وأنَّني
على صير أمرٍ ليس لي بمُلاوم
أروح وأغدو واجما بين معشرٍ
شماتَى بحالي كلُّهم غيْرُ واجم
رأيتُ من الآراء ماليْسَ حقُّه
وجدِّكَ أنْ يُثْنَى له عزْمُ عازِم
فجئني برأي يمْنَعُ الفُلْكَ جَرْيها
ويمْلكُ غربَ اليعْمُلاتِ الرواسمِ
وإلاّ فإني مستقِلٌّ فرائم
بِهِمَّتي العياءِ عُليا المراوِم
ولستُ إذا ما الدهرُ أصبحَ جاثِماً
عليّ بمُلْقٍ تحته بركَ جاثم
ومهما أخِمْ عنه فلست عن التي
تُبلِّغني آمالَ نفسي بخائم
يدي سائلي الأمّ الرؤوم التي غدتْ
تسومك حرمانَ الغِنى بالملاوم
أألبسطَ بالتسآلِ تستحسنين لي
أمِ القبضَ في غُل من الفقرِ آزِم
هما خُطتا خَسْفٍ ولابُدَّ منهما
أو السَّيرُ لاشيءٌ سواه لرائم
سألقى بنعمانيةِ الخير مُنْعِماً
أعيشُ بها في ظلِّهِ عيشَ ناعِم
يُعاشرني في غربتي خيرَ عِشْرةٍ
ويقلبني من سُربتي بمغانم
فلا تُنظري جري الأيامِنِ وأْمني
بيُمنِ الذي يمَّمْتُ جَرْيَ الأشائمِ
ولاتُشْفقي من حَدِّ نحْس على امرىءٍ
يسيرُ إلى سعدٍ لغُنْمِ غنائمِ
أخٌ لي في حُكم التفضّلِ سيدٌ
بحُكْم صميمِ الحقّ غيرُ مُوائمِ
يرى أنَّني من خيرِ حظ لصاحبٍ
وأعْتَدُّهُ من خيرِ حظٍّ لخادمِ
ويدمُجُ أسبابَ المودةِ بيننا
مودتُنا الأبرارَ من آلِ هاشمِ
وإخلاصُنا التوحيدَ للَّهِ وحدَه
وتذبيبنا عن دينه في المقاوِم
بمعرفةٍ لا يَقْرعُ الشكُّ بابها
ولا طعْنُ ذي طعنٍ عليها بهاجِمِ
وإعمالُنا التفكير في كُلِّ شُبْهةٍ
بها عُجْمَةٌ تُعيي دُهاةَ التراجِم
يبيت كِلانا في رضى الله ماخَضاً
لحِجتِه صدراً كثيرَ الهماهِمِ
جدعْنا أنوفَ الإفْكِ بالحقِ عنْوةً
فلم نَتركْ منهُنَّ غير شراذِم
وإغرامُنا بالظرفِ من نَثْرِ ناثرٍ
تخالُ به دُرًّا ومن نظْمِ ناظمِ
يُفيدانِ آداباً يجنِّبْنَ ذا النُّهى
قِرافَ المخازي وارتكابَ المآثم
إذا نحنُ قُلْنا ماتَرَيْنَ أرَيْننا
إباحةَ معروفٍ ومَنْع محارِم
يصوبْنَ ذا الإقرارِ بالحق كلِّه
ويلْحَيْن ذا الإقرارِ عند المظالمِ
يسمِّحن ذا البخلِ الرتوبِ وتارةً
يُشَجِّعنْ ذا الجبنِ الرَّجوفِ القوائمِ
ويُنطِقْن أهل الصمتِ في كل مَحْفلٍ
مهيبٍ كمِثلِ المأزقِ المتلاحِم
على ذاك أسَّسنا الخلالة بيننا
فهلْ مَنقم فيما اعتددْت لناقم
أعنْ مثل ذاك الحرِّ تَستَلْفتينني
إلى كُلِّ عبد الخيمِ وغدِ الشكائم
أخي ما أخي لامُرْتجي الخيرِ خائبٌ
عليه ولا ذو المدح فيه بآثمِ
وهَلْ مأثَمٌ في مدحِ من كان مدحُه
يوازِنُ عندَ اللَّهِ تسبيحَ صائم
فتًى تركَ الأشعارَ طُرًّا مدائِحا
وكانت زماناً جُلُّها في الشتائمِ
إذا هطلتْ بالعُرْفِ عشْرُ بنانِه
فقدْ هَطَلَتْ بالعُرْفِ عشْرُ غمائمِ
يقودُك مكرورُ التجاريبِ نحوهُ
وهل تَجْتوي شهْداً تجاريبُ طاعِمِ
وما ذائقٌ روحَ الحياةِ بآجِمٍ
مذاقَتَهُ يوما ولابعْضِ آجِم
تُلاقيه مَبْغيًّا عليه مُحَسَّداً
ولسْتَ ترى في عِرْضهِ قرمَ قارمِ
وماذاك من بُقْيا العِدا غيرَ أنَّهُمْ
رأوا رمْيَه بالذامِ ذاماً لذائمِ
رقيقُ طرازِ الظَّرفِ لكنَّ جُودَه
كثيفُ الحيا ذو عارِضٍ متراكم
كتومٌ لما أولى أخاهُ مُحدِّثٌ
أخاهُ بنُعْمى اللَّهِ غيرُ مُكاتمِ
إذا الناسُ سمَّوا مايُنيلُ من اللُّهى
نوافلَ سمَّاهُنَّ ضربةَ لازِمِ
نهضْتُ إليه بالخوافي مُؤمِّلا
به أن تَريْني ناهضاً بقوادمِ
ولما أنختُ العزمَ ثم امتطيْتُه
إلى الماجدِ القمقامِ رأسِ القماقمِ
رأى حظيَ الحُسَّادُ قبلَ حُصولِهِ
فقد سلَّفوني عضَّهُم بالأباهِم
وغانٍ عن الشورى بذكراهُ زارهُ
فآبَ ولم تُقر له سِنُّ نادم
كأني إذا يمَّمْتهُ ومُحمداً
سموتُ إلى أوسِ بن سعدى وحاتم
أرائمتي رجِّي من اللَّه رحمةً
مُوكَّلةً بالأمهاتِ الروائمِ
وإنّ الذي تَسترْحِمُ الأمُّ لابنِها
بها وبه لاشكَّ أرْحَمُ راحم
دعي رعْيةً ليستْ تدومُ وعوِّلي
على خلفٍ من رِعية اللَّه دائمِ
فإنَّ الذي يُمطيني البحرَ مَرْكباً
سيحفَظُني من مَوْجه المُتَلاطِم
كِلي رعيتي عند المغيبِ إلى الذي
رعانا قديماً في غُيوبِ المشائمِ
هو الكاليءُ الراعي ونَحْنُ وغيرُنا
بعيْنَيْهِ مَرْعيُّونَ رعْيَ السوائمِ
فمَنْ ظنَّ أنَّ الناسَ يرْعَوْنَ دونَهُ
نفوسهُمُ فلْيَعْتَبِر بالبهائمِ
فإنْ هي كانتْ مُلْهَماتٍ رشادها
على جَهْلها فليعترف للمُخاصمِ
ألا فاستخيري الله لي عِنْدَ رِحْلتي
فذلك أجْدى من مَلامَ اللوائم
ألا واستخِيري الله لي إنَّ جارهُ
بمَنْجًى بعبدٍ من ممرِّ القواصمِ
وظُنِّي جميلاً بالذي لم تزلْ له
عوائدُ من إحسانِهِ المُتقادمِ
وقولي ألا إنَّ اكتئاباً لشاخِصٍ
سيُعْقِبُهُ اللَّهُ ابتهاجاً بقادمِ
وقالتْ أَتَضْحي قلت للظِّلِ ذاكُمُ
فكم من نسيم هبَّ لي من سمائمِ
أيُبكيكَ سفكي ماء وجْهي برحلةٍ
تُنَزِّهُني عن سفكه في الألائمِ
صيانةُ وجهٍ لا أبا لك بذْلهُ
لمِا ذبَّ عنهُ الذُّلَّ يا أُمَّ سالم
وما صانَ كِنٌّ قطُّ وجْهاً أذالهُ
سؤالُ مصونِ المالِ عندَ المغارمِ
منيعِ الجَدا لو يُسألُ النِقْرَ لم يَكُن
لتأخُذَهُ في البُخْلِ لومةُ لائمِ
أبى الله وُردي حَوْضَ ذاك وأن أُرى
تحومُ رجائي حَوْلهُ في الحوائم
ولي مثلُ إسماعيلَ عنه مُراغمٌ
وهل كأبي سهْل لحُرٍّ مُراغم
وما اكتَنَّ مُكْتَنٌّ ولاوفْرَ عنده
فلم يصْلَ نيرانَ الهُموم اللَّوازِم
وللجاحمُ المشبوبُ في القلب والحشا
أحرُّ إذا استثْبتُّ من كُلّ جاحِم
فلا تَظْلمي قلبي لوَجْهي فإنّني
أرى ظُلْم خيري شرَّ خُطّةِ سائمِ
ولا الوجهُ أولى أن يعرض للصّلَى
من الملكِ المحجوبِ تحت الحيازِم
ونحن بنو اليونانِ قوم لنا حجا
ومجدٌ وعيدان صلاب المعاجِم
وحلمٌ كأركانِ الجبالِ رزانةِ
وجهل تفادى منه جنُّ الصرائمِ
إذا نحنُ أصبحْنا فخاماً شؤونُنا
فلسْنا نُبالي بالوجوهِ السواهِمِ
ولسنا كأقوام تكونُ همومُهم
بياضُ المعاري وامتهادُ المآكم
لحا اللَّهُ هاتيكَ الهمومَ فإنها
همومُ ربيباتِ الحجالِ النواعِمِ
وما تتراءى في المرايا وُجوهُنا
بلى في صِفاح المرهفاتِ الصوارمِ
إذا ما انْتضيْناهاليوم كريهةٍ
أرَتْنا وجُوه المُخْدراتِ الضراغمِ
ولم تتخذْها عند ذاك مَرائياً
كفى شاغِلاً عن ذاك حزُّ الحلاقمِ
وقد علمَتْ أن لم تُسلَّلْ نصالُها
لذلك بلْ سُلَّتْ لضربِ الجماجمِ
فتلك مرائينا التي هي حَسْبُنا
ووجهُ أبي سَهْلٍ قريعِ الأعاجمِ
إذا ما بدا للناظرين يُشبهُ
سنا رأيهِ في الحادثِ المُتَفاقمِ
فتى يلبسُ الناسُ المدائحَ كالحُلى
ويلبسها من بينهم كالتمائمِ
يُعاذُ بها وَجْهٌ وسيمٌ ومَخْبَرٌ
كريمٌ لدى أزمِ الخطوبِ الأوازِم
وإنَّ امرءا يضْحى له المدح عوذة
لمعلمُ دنيا طائلٌ في المعالم
وما الخيرُ إلا حُسنُ مرأىً ومَخْبَرٍ
إذا نفذت يوْماً بصيرةُ حاكم
لئِنْ راحَ مقسوماً لهُ الفضلُ إنَّهُ
لأهْلٌ له واللَّه أعدلُ قاسمِ
فمن شاء فلْيبكِ الدماءَ نفاسةً
وإن شاءَ فليضْحك إلى فِهْر هائم
وطئتم بني نوبختَ أثبت وطْأةٍ
وأثقلها ثِقلاً على أنْفِ راغمِ
وهُنئتُمُ مانلتُم من كرامة
إلى كرم فُزْتُمْ به ومَكارِم
وجدتُكم مثلَ الدنانيرِ أُخلِصتْ
وسائرَ هذا الخلق مثلَ الدراهمِ
ورثْتم بيوت النار والنور كلَّها
ذوي العلم قِدماً والشؤونِ الأعاظم
بيوتُ ضياء لاتبوخُ وحكمةٍ
نُجوميةٍ منهاجُها غيرُ طاسم
ترون بها ما في غدٍ رأْيَ ناظرٍ
بعين من البرهان لا وهمَ واهم
علوم نجوم في قلوبٍ كأنها
نجومٌ أُجنَّتْ في نجومِ نواجم
أريتُم بها المنصور فوزةَ قدْحِهِ
وقد ظنها إحدى الدواهي الصيالم
وأحسنتُم البشرى بفتحٍ مغيَّبٍ
تراءى له في شخصِ إحدى الهزائم
وقد كان ردَّى بالرحال ركابه
وودَّعَ دنياه وداعَ المُصارم
رأى أن أمر الطالبيين ظاهرٌ
فعاد بأكوارِ القِلاص العياهم
فطأمنتُم من جأشه ووهبتُم
له نفساًمِ الكاذباتِ الكواظم
فما رام حتى أقبلتْ بُشراؤه
مع الفتح فوق الشاحجاتِ الصلادم
وما زلتُم مصباحَ رأي ومَفْزعاً
لمَنْ بعده في المُنكرات العوارم
وأنتمْ لمن ترعَوْن حرزٌ لخائفٍ
وغوثٌ لملهوفٍ وزادٌ لرازم
إذا حزّ في الأطراف قومٌ فإنكُمْ
تحزُّون من أموالكُمْ في المعاظم
غدوْتمْ رؤوساً آلُ إسحاق هامُها
بحقهمُ والهام فوق اللهازم
أما والهدايا الداميات نحورُها
ضحى والمطايا الداميات المناسم
لقد أيَّد السلطانُ منكم بناءه
بأركانِ صدقٍ ثابتاتِ الدعائم
أعُمُّكُمُ مدحاً وأختصُّ منكُمُ
فتاكم أبا سهلٍ ولستُ بظالم
فتًى لاأسميه فتًى لحداثة
ولكن لهاتيك السجايا الكرائمِ
له رونقُ العَضْبِ الصَّقيل وحَدُّه
براعةَ أخلاقٍ وصدقَ عزائم
يضمهما غمدٌ محلًّى بحلية
أبى الله أن يحظى بها غيرُ صارم
أخو خمسِ خلاَّتٍ حسانٍ روائع
قد اتسقت فيه اتساقَ البراجم
جمالٌ وإفضال وظرف ونجدة
ورأيٌ يريه الغيب لارجمُ راجم
ومَن لكَ في الدنيا بأورعَ ماجدٍ
رقيقِ الحواشي صادقِ البأس حازم
فتًى يرأم المولى ويشمخ للعدا
بأنفٍحميٍّ لا يذل لخارم
يلين بعطفٍ غيرِ كزٍّ لعاطفٍ
ويأبى بعطفٍ غيرِ لدنٍ لهاضم
حلا لشفاه الذائقين وإنه
لكالصاب في أحلاقهم والبلاعم
يروح ويغدو مانحاً غير تاركٍ
شِماسَ المُحامي مانعاً غيرَ حارم
عطاردٌ الحُلُو الظريفُ مسالما
وبهرامٌ الشريرُ غيرَ مُسالم
فتًى حَسُنتْ أسماؤه وصِفاتُه
فأضحتْ وُشُوقاً في بطونِ المعاصم
ولو وسمَ الناسُ الجباهَ بمدحه
إذا لاستلذَّ الناسُ لذْعَ المياسم
رأيتُ الورى من عالم غيرِ عاملٍ
إذا اختُبِروا أو عاملٍ غيرِ عالم
وأما أبو سهل فإني رأيته
بِمُجتَمع الخيرات لا زعمَ زاعم
طلبتُ لديه المالَ والعلمَ راغباً
فألفيتُه بعضَ البحورِ الخضارمِ
وعُذتُ به من كل شيء أخافُه
فألفيتُه بعضَ الجبال العواصمِ
أجاب دعائي إذ دعوتُ معاشراً
فمنْ نائم عني ومِنْ مُتناوم
بتلبيةٍ لا أحفِلُ الدهرَ بعدها
بذي صَمَم عني ولا مُتصامم
وأعْجبْ بمَنْ يُدْعى سواه فينبري
مجيباً عن المستبهِم المتعاجم
فتًى لو رأى الناسُ الأمورَ بعينه
رأوْها بأذكى من عُيونِ الأراقم
رأى داءَ مجد المرء فضل ثرائه
كما داءُ جسم المرء فضلُ المطاعم
فأنحى على فضل الثراء بجوده
ومازال للأدواء أحسم حاسم
أقول لمن يسعى لشق غُباره
سيُعييكُم تَوْثابُ تلك الجراثم
فخلوا مراعاة الأماني إنني
أراكمْ بها في حال يقظانَ حالم
وقتكَ أبا سهلٍ يدُ الله إنني
أراك يداً دفَّاعةً للعظائم
وعشتَ بمقذى من عيون شوانىء
سعيداً بِمَدْمًى من أنوفٍ رواغم
ومَشْجى حلوق لاتسيغك بغضة
ومَدْوَى صُدورٍ كامناتِ السخائم
تُجَدِّدُ آثار الملوك ولم تزل
لما أسَّسوه بانياً غيرَ هادم
نشرتَهُمُ عن حسن فعلٍ فعلتَه
فواتِحهُ موصولةٌ بالخوائم
فأصبح حيًّا أحدثُ القوم معهداً
ومن كان في أُولى العصور القدائم
وما كافأ الأخلافُ أسلافَ قومهم
بأفضلَ من نشر العظام الرمائم
إليكَ ركبنا بطن جوفاء جونةٍ
تخايلُ في درعِ من القار فاحِمِ
نُواهقُ أشباهاً لها ونظائراً
مُلمَّعةً بالودع سُفْعَ الملاطم
إذا هي قيستْ بالنُّسور تشابهتْ
بأجنحةٍ خفاقةٍ وخراطم
نُسورٌ وليستْ بالفراخ فتَزْدهي
إذا شاغبتْ موجاً ولا بالقشاعم
تطير على أقفائها وظهورها
بمُصطخبِ التيار جم الزمازم
إذا أُعجلتْ لم يسترث طيرانُها
وإن أُمهِلتْ زفَّتْ زفيف النعائم
وقد أيقنتْ أن سوف تقطع زاخراً
إلى زاخرٍ بالعارفاتِ التوائم
وأن سوف يلقى أرْكُبَ البر رَكْبُها
لديه مُنيخي كلِّ ناج عُزاهم
هو البحرُ لا ينفك في جنباته
رُغاءُ المطايا لا نئيمُ العلاجم
رُغاءُ مطايا الراغبين خِلاله
أناشيدُ مدحٍ لم يقعْ في مشاتم
وهل مَشْتَمٌ في عرض من راح واغتدى
يرى زَوْره عِدلَ الشريك المُقاسم
وما عذرُ عافٍ لا يؤمُّكَ زائراً
ولو لم يجد إلا ظهور الشياهم
بل العذرُ مقطوعٌ ولو لم ينُؤْ به
سوى رِجْلهِ مكبولةً بالأداهم
كأنِّي أُراني قد لقيتك ضاحكاً
إليَّ بوجهٍ سافر غيرِ قاتم
فظِلْتُ بيوم من ضيائك شامسٍ
رهين بيوم من سماحكَ غائم
وحققتَ آمالي معاً وكَفَيْتَني
هموماً كأطراف الزِّجاج اللهاذم
ولو أعرضت بيني وبينك أبحرٌ
زواخرُ تودي بالسفين العوائم
لسخَّرْتَ لي حيتانَهن حواملا
إليَّ لُها كفَّيْكَ غيرَ عواتمِ
نداكَ ندى يسعى إلى كل قاعدٍ
من الناس بل يسرى إلى كلِّ نائم
وما غاب عن مكنون صدرك غائب
وإن غاب عن عينيك يا بن الأكارم
مُنِحتُكها بيضاءَ في صدر حافظٍ
وإن مُثِّلتْ سوداءَ في رقِّ راقم
قذوفُ النَّوى جوابةُ الأرضِ لاتني
تُقَلْقلُ في أنجادها والتهائم
غدتْ وهْيَ من حظ المسامع قد ذكت
بريّاك حتى استُنشئت بالخياشم
تسير بذكرٍ منك مازال قاطعا
بل الغَوْل طلاعاً ثنايا المخارم
صنيعةَ قوَّالٍ بفضلكَ صادع
وفي كل وادٍ لامتداحك هائم
تظل لها الأفواهُ عند نشيدها
عِذابَ الثنايا واضحات الملاغم
تُصيخ لها الآذانُ طوراً وتارةً
يكبُّ عليها لاثماً بعد لاثم
فدونَكَها غيظاً لقوم يرونها
شجًى ناشئاً بين اللُّهى والغلاصم
إذا اكتحلوا بي مُقْبلاً فكأنما
جباهُهُمُ مزويةٌ بالمحاجم
وقد جرَّبوا لحمي فذاقوا مرارةَ
نهتُهمْ فكفُّوا غيرَ خَرْقِ الأوارم
وما ضرَّها أن لم يُثِرْ خَطَراتِهِ
لها شيخُ يربوع ولاشيخُ دارم