نأى آخر الأيام عنك حبيب

نأى آخر الأيام عنك حبيبُ

​نأى آخر الأيام عنك حبيبُ​ المؤلف إبراهيم بن المهدي


نأى آخر الأيام عنك حبيبُ
فللعين سحٌ دائمٌ وغروبُ
دعته نوى لا يرتجى أوبةٌ لها
فقلبكَ مسلوبٌ وأنتَ كئيبُ
يؤوب إلى أوطانه كل غائبٍ
وأحمدُ في الغيابِ ليس يؤوبُ
تبدل داراً غير داري وحيرةً
سواي وأحداثُ الزمان تنوبُ
أقام بها مستوطناً غير أنه
على طول أيام المقام غريبُ
وكان نصيب العين في كل لذةٍ
فأمسي وما للعين فيه نصيبُ
كأن لم يكن كالغصن في ميعةِ الضحى
سقاه الندى فاهتز وهو رطيبُ
كأن لم يكن كالصقر أوفى بشامخ
الذرى وهو يقظان الفؤاد طلوبُ
كأن لم يكن كالرمح يعدل صدره
غداة الطعان لهدمٌ وكعوبُ
يغض الحديدَ المحكمَ النسج حده
ويبدو وراء القرن وهو خضيبُ
كأن لم يكن كالدر يلمع نورهُ
بأصدافه لما تشنه ثقوبُ
كأن لم يكن زين الغناء ومعقلَ
النساء إذا يومٌ يكونُ عصيبُ
وريحان صدري كان حين أشمه
ومؤنس قصري كان حين أغيبُ
كأني منه كنت في نوم حالم
نفى لذة الأحلام عنه هبوبُ
وكانت يدي ملأى به ثم أصبحت
بحمدٍ إلهي وهي منه سليبُ
قليلاً من الأيام لم يرو ناظري
بها منه حتى أعلقته شعوبُ
كظل سحابٍ لم يقم غير ساعةٍ
إلى أن أطاحته فطاح جنوبُ
أو الشمس لما من غمامٍ تحسرت
مساءً وقد ولت وحان غروبُ
سأبكيك ما أبقت دموعي والبكى
بعيني ماءً يا بني يجيبُ
وما غار نجمٌ أو تغنت حمامةٌ
أو اخضر في فرع الأراك قضيبُ
حياتي ما دامت حياتي فإن أمت
ثويتُ وفي قلبي عليك ندوبُ
وأضمر إن أنغدت دمعي لوعةً
عليك لها تحتَ الضلوعِ وجيبُ
دعوت أطباء العراق فلم يصب
دواءك منهم في البلاد طبيبُ
ولم يملك الآسونَ دفعاً لمهجةٍ
عليها لإشراك المنون رقيبُ
قصمت جناحي بعدما هد منكبي
أخوك فرأسي قد علاه مشيبُ
فأصبحتُ في الهلاكِ إلا حشاشةً
تذابُ بنارِ الحزنِ فهيَ تذوبُ
توليتما في حقبةٍ فتركتما
صدى يتولى تارةً ويثوبُ
فلا ميت إلا دون رزئك رزؤه
ولو فتتت حزناً عليه قلوبُ
وإني وإن قدمت قبلي لعالمٌ
بأني وإن أبطأت منك قريبُ
وإن صباحاً نلتقي في مسائه
صباحٌ إلى قلبي الغداةَ حبيبُ
وعسى الذي أهدى ليوسف أهله
وأعزه في السجن وهو غريبُ
أن يستجيب لنا فيجمع شملنا
فالله رب العالمين قريبُ