نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان/أبو بكر الصديق


أبو بكر رضي الله عنه

هو الصِّديق عبد الله بن أبي قحافة عثمان التيمي خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان رضي الله عنه شريفًا شجاعًا كريمًا، نقل ابن إسحاق عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن قريشًا مرَّ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فوثبوا إليه وثبة رجل واحد يقولون: أنت الذي تقول كذا وكذا لما كان يعيب من آلهتهم ودينهم، فيقول: «نعم» قال: فرأيت رجلًا منهم أخذ بمجمع ردائه، قال: فقام أبو بكر رضي الله عنه دونه يدافعهم، وهو يقول: أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله، وقد أراد أن يبارز ولده عبد الرحمن يوم بدر فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له متِّعنا بنفسك يا أبا بكر، ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وارتدَّت العرب، ومنعت الزكاة؛ كان أشجع الناس وأسدَّهم رأيًا، عارضه الصحابة في إرسال جيش أسامة الذي جهزه النبي قبل وفاته، وقالوا له: ارتدَّت العرب، وإذا أرسلت هذا الجيش ربما يحصل له العطب قبل أن يصل الروم ونخشى على المدينة من مهاجمة الأعراب فخالفهم وأنفذه، وقال لهم: أتريدون حلَّ لواءٍ عقدَه رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب الجيش وغنموا من الروم غنيمة وراجع الإسلامَ من مرُّوا بهم في طريقهم من العرب، ودفعوا زكاتهم، وقالوا: لو كان هؤلاء ضعفاء ما أرسلوا هذا الجيش؛ يعنون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال له عمر: اقبل من الأعراب الصلاة، ودع لهم الزكاة حتى تتقوى، ويرجع إلينا جيش أسامة من الشام، فقال: والله لا أتركها لهم، ولا أفرِّق بينهما وقد قرنها الله في كتابه، والله لو منعوني عِقالًا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه حتى تنفرد سالفتي وقد لَمَّ الله به الشعَت وجبر به الصَّدْع الذي انخزق إلى أن جاءته منيته بعد سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليالٍ من خلافته.