نزهة المشتاق في اختراق الآفاق/الإقليم الخامس/الجزء الأول


إن هذا الجزء الأول من الإقليم الخامس تضمن قطعة من شمال الأندلس فيها بلاد جليقية وبعض قشتالة وبلاد بيطو وبعض بلاد غشكونية من أرض الإفرنج. فأما بلاد برتقال فمنها مدينة قلمرية ومنت ميور ونجاو وسرتان وشلمنقة وسمورة وآبلة. وفيه من بلاد جليقية شقوبية وليون وشورية وبرغش وناجرة ولكروي وقسطيلة وبنت لرينة وبنبلونة وشنت مارية ودبلية وشنت جليانة وشنت بيطر وشنت أردم وشنت شلبطور ذولبيدة وبيونة. وفيه من بلاد هيكل سولى وتطيلة ووشقة وجاقة وقلهرة وفيه من بلاد غشكونية قرقشونة وقمنجة وشنت جوان وبيونة وآش وبرذال. وفيه من بلاد بيطو بذارس وبلفير وشنت جوان ورجالة وأنجيرش. وفيه من بلاد قاورش أنقلازمة وإبلافية. ونريد أن نتكلم على هذه البلاد التي سميناها وأحاط بها هذا الجزء المرسوم ونصف أحوالها وما هي عليه من الصفات وجميل الهيئات. فأول ذلك البحر الغربي من هذا الجزء الأول هو بحر الظلمات الذي قدمنا ذكره والظلمة لا تفارقه في طرفي النهار البتة ويجاور شنترة ولشبونة. من بلاد إشبانية مدينة قلمرية وهي مدينة صغيرة متحضرة عامرة كثيرة الكروم والفواكه من التفاح والجراسيا والعيون ومكانها في رأس جبل تراب منيع لا يمكن قتالها وهي على نهر يسمى نهر منديق وهو يجري منها في شرقيها وعليه أرحاء طاحنة. وبين قلمرية وشنترين في جهة الجنوب ثلاث مراحل وبين قلمرية والبحر في جهة الغرب اثنا عشر ميلاً وهناك يصب نهرها المسمى منديق. وعلى مصب النهر في البحر حصن منيع جداً يسمى منت ميور وهو في نحر البحر ولها زراعات وفوائد. والطريق من قلمرية إلى شنت ياقوب وذلك إن شئته في البحر سرت من حصن منت ميور إلى موقع نهر بوغو سبعين ميلاً وهو أول أرض برتقال وهو مجرى إلا شيئا وبرتقال أرض معمورة بالقرى والحصون والعمارات المتصلة وبها خيل ورجال حرابة يغيرون على من جاورهم ولا يستضاء بنارهم.

ونهر بوغو نهر كبير تدخله المراكب والشواني وماؤه يدخله المد والجزر أميالاً كثيرة ومنه إلى موقع نهر دويره خمسة عشر ميلاً وهذا النهر نهر كبير خرار كثير الماء شديد الجرية عميق القعر وعلى ضفته مدينة سمورة وبين سمورة والبحر ستون ميلاً. ومن هذا النهر إلى موقع وادي مينو ستون ميلاً وهو نهر كبير عظيم واسع كثير العمق والمد والجزر يدخله كثيراً والمراكب تدخله إرساءً وسفراً لما على ضفتيه من القرى والحصون وفي وسط هذا الوادي وعلى ستة أميال من البحر حصن في جزيرة متوسطة النهر وهو في نهاية من الحصانة والمنع لأنه على قنة جبل وعر ليس بكثير العلو ويسمى هذا الحصن أبراقة. ومن نهر مينو إلى موقع نهر طرون ستون ميلاً وهو أيضاً نهر كبير يدخله المد والجزر أميالاً كثيرة وعلى مقربة من البحر في وسطه جزيرة وفيها حصن كبير والنهر يضرب سوريه من كلتي الناحيتين وهو عامر كثير العمارات وله أقاليم وعمارات متصلة. ومنه إلى موقع نهر الأذر ستة أميال وهو نهر صغير لكنه يحمل المراكب الكبيرة إرساء ومن هذا النهر إلى مصب نهر وادي مرار ستة أميال وهو أيضاً نهر كبير والمد والجزر يدخله وترسى به كبار المراكب وهو نهر جريه من قريب وعلى موقع هذا النهر في البحر جزيرة صغيرة غير معمورة فيها مرسى وماء وحطب.

ومن موقع هذا النهر إلى موقع نهر شنت ياقوب ستة أميال ويسمى هذا النهر نهر أناشت وهو نهر كبير كثير الماء رحب الفناء يدخله المد والجزر وتطلع فيه المراكب الكبار نحواً من عشرين ميلاً وهناك قنطرة عظيمة عدد قسيها خمس قسي كبار جداً وارتفاعها بمقدار ما يدخله المركب الكبير بقلاعه وعلى طرف القنطرة حصن عظيم يسمى أناشت. ومنه إلى كنيسة شنت ياقوب نحو من ستة أميال وهذه الكنيسة مشهورة مقصود نحوها محجوج إليها والروم يأتونها من جميع الأقطار يحجون إليها وليس بعد كنيسة بيت المقدس كنيسة أعظم منها وهي تضاهي كنيسة قمامة في حسن البناء وسعة الفناء وكثرة الأموال والصدقات وفيها من صلبان الذهب والفضة المرصعة بأنواع أحجار الياقوت الملونة والزبرجد وسائر ذلك ما يشف عدده على ثلاث مائة صليب مصوغ بين كبير وصغير وفيها من الإقونات المصوغة من الذهب والفضة نحو مائتي إقونة ويخدمها مائة قسيس غير ما لهم من الأتباع والخدام وهذه الكنيسة مبنية بالحجر والجيار إفراغاً وقد أحاطت بها ديار يسكنها القسيسون والرهبان والدياقينون والشمامسة والداوديون وبها أسواق وبيع وشراء ويحيط بها قريباً منها وبعيداً قرى كبار كالمدن فيها البيع والشراء وفيها من الخلق أعداد لا تحصى. ومن كنيسة شنت ياقوب العظمى يخرج من البحر المظلم ذراع يمر من المغرب إلى المشرق وينعطف قليلاً إلى جهة الجنوب حتى يصل مدينة بيونة والطريق من شنت ياقوب إلى مدينة بيونة مساحلاً تأخذ من شنت ياقوب إلى وادي تامركة وهو نهر كبير ترسى به المراكب ومنه إلى رأس الطرف وهو يخرج في البحر كثيراً ومنه إلى الماء الأحمر وهو نهر كبير وعليه كنيسة عظيمة وبمقربة من برت طامة وعلى هذا الوادي أقاليم كثيرة وقرى وعمارات ومن شنت ياقوب إليه اثنان وأربعون ميلاً. ومن الماء الأحمر إلى أرمدة ستة أميال وهو حصن كبير على مقربة من البحر وله عمارات وقرى متصلة ومنه إلى حصن الفارو وهو حصن كبير جداً وبه أثر كنيسة عظيمة ومن الفارو إلى وادي أرتقيرة وهو نهر يدخله المد والجزر وعليه حصن يسمى منتويه ذبليه ستون ميلاً وله زراعات وحراثات متصلة. ومنه إلى وادي قلنبيرة وهو نهر كبير المصب والبحر يدخله وعليه نظر كبير وبقرب منه كنيسة جليانة ستون ميلاً ومن وادي قلنبيرة إلى وادي سندرية وهو نهر صغير لكنه عريض الفم والمراكب ترسى فيه وعليه كنيسة شنت بيطر ثلاثون ميلاً. ومنه إلى وادي رجينة وعليه كنيسة شنت أردم خمسة وأربعون ميلاً وهذا الوادي كبير والبحر يدخل فيه وفيه مرسى حسن وفي وسط هذا الوادي جزائر كثيرة معمورة وعليه أقاليم ومن هذا الوادي إلى وادي شلبطور ذولبيدة خمسون ميلاً وهو واد كبير ينتفع بمائه ويزرع عليه وعلى حوافيه وبقرب منه قرى كثيرة وعمارات متصلة ومنه إلى طرف بشكير الذي عليه مدينة بيونة ثلاثون ميلاً. وهذه المسافات المقسمة يأخذها المسافرون في ثلاثة عشر يوماً وأقل وأكثر وبيونة على آخر طرف هذا الخليج ومن بيونة ينعطف البحر راجعاً إلى جهة المغرب ومن حصن النهارو المتقدم ذكره قبل هذا يبتدئ جبل شيه فيمر مع مجرى البحر إلى أن يصل بيونة فمرة يبعد عن البحر حتى يكون بينهما يوم ومرة يقرب حتى يكون بينه وبين البحر خمسة عشر ميلاً ويتمادى متصلاً غير منفصل إلى مدينة بيونة. ويتصل هناك بجبل هيكل الزهرة ويكون طوله مسير تسع مراحل والمرحلة ثلاثون ميلاً ويمر هيكل الزهرة في آخر جزيرة الأندلس معرضاً فيسد ما بين البحر المظلم وهو بحر الإنقليشين إلى بحر الشام ويكون إمتداد هذا الجبل من مدينة بيونة إلى أرض برشلونة وهو جبل عظيم ويسمى جبل البرتات وهو حجز ما بين بلاد الأندلس وبلاد الإفرنجيين وطول هذا الجبل من الشمال إلى جهة الجنوب مع يسير تقويس سبعة أيام وهو جبل عال جداً صعب الصعود فيه. وفيه أربعة أبواب فيها مضايق يدخلها الفارس بعد الفارس وهذه الأبواب عراض لها مسافات وهي نحوفة الطرق وأحد هذه الأبواب الباب الذي في ناحية برشلونة ويسمى برت جاقة والباب الثاني الذي يليه يسمى برت أشبرة والباب الثالث منها يسمى برت شيزروا وطوله في عرض الجبل خمسة وثلاثون ميلاً والباب الرابع منها يسمى برت بيونة ويتصل بكل برت منها مدن في الجهتين فمما يلي برت شيزروا مدينة بنبلونة والباب المسمى باب جاقة عليه مدينة جاقة وسنذكر ما خلف هذا الجبل وما اتصل به من بلاد الروم بعد هذا بحول الله. ولنرجع الآن إلى ذكر ما كنا بدأنا به أولً فنقول الطريق من قلمرية إلى شنت ياقوب على البر من قلمرية إلى قرية آبه مرحلة ومن قرية آبه إلى قرية وطيره مرحلة ومنها الى أول بلاد برتقال مرحلة ويقطع الطريق عرض أرض برتقال في يوم وهناك قرية بونة قار وهي على ضفة نهر دويره وهو نهر سمورة ويعبر هناك في مراكب متخذة للجواز بها ومن القرية إلى نهر مينو إلى حصن أبراقة ستون ميلاً وهو مرحلتان ومن حصن أبراقة إلى مدينة طوية مرحلتان وهي مدينة صغيرة حسنة خصيبة ومن طوية إلى شنت ياقوب مرحلة وقد وصفنا شنت ياقوب بما يكفي ويغنى عن تكراره. وكذلك من مدينة قلمرية إلى مدينة شلمنقة ثلاث مراحل بين شرق وشمال ومن شلمنقة إلى سمورة مرحلة ومدينة سمورة مدينة جليلة قاعدة من قواعد الروم ومكانها على شمال نهر دويره وعلها سور حجارة حصين ولها خصب كثير وكروم ولأهلها أموال وتجارات. ومن سمورة إلى مدينة ليون أربعة أيام وهي مائة ميل ومدينة ليون قاعدة مدن قشتالة وهي عامرة وبها رجال محاربون ولهم معاملات وتجارات بالمكاسب والنتاج ولأهلها همة ونفاسة. ومن مدينة ليون إلى مدينة أشترقة مرحلة وهي صغيرة متحضرة ومنها إلى الجبل المسمى منت راد اثنا عشر ميلاً ثم إلى جبل منت فبرير اثنا عشر ميلاً ثم إلى شنت ياقوب ثلاثة أيام في قرى وعمارات متصلات وبين ليون والفارو التي على البحر الإنقلشي ثلاثة أيام. وكذلك الطريق من مدينة ليون إلى مدينة بنبلونة شرقاً من مدينة ليون إلى مدينة سنفقون مرحلة وهو حصن عامر آهل حسن الجهات عامر المحلات ومنه إلى مدينة قريون يوم وهي مدينة متحضرة متوسطة المقدار كثيرة الخصب والمزارع ومنها إلى مدينة برغش مرحلتان ومدينة برغش مدينة كبيرة يفصلها نهر ولكل جزء منها سور والأغلب على الجزء الواحد منها اليهود وهي حصينة منيعة ذات أسواق وتجار وعدد وأموال و هي رصيف للقاصد والمتجول وهي كثيرة الكروم ولها رساتيق وأقاليم معمورة. ومن مدينة برغش إلى مدينة ناجرة يوم وهي مدينة عامرة ومنها إلى قسطيلة يوم وقسطيلة حصن كبير عامر آهل جيد ولأهله جلادة وحزم ومن حصن قسطيلة إلى حصن بنت لرينة يوم وهو حصن حصين وله كروم كثيرة وأعمال واسعة ومنه إلى مدينة بنبلونة يوم ومن مدينة بنبلونة إلى مدينة بيونة على ساحل البحر يومان والدخول إلى بنبلونة على البرت المنسوب إلى بيونة كما ذكرناه آنفاً. ومن مدينة ليون السابق ذكرها إلى مدينة طليطلة سبعة أيام وكذلك من مدينة برغش أيضاً إلى مدينة طليطلة سبعة أيام ومن شنت ياقوب إلى طليطلة على الطريق القصد تسع مراحل ومن مدينة شلمنقة إلى مدينة آبلة خمسون ميلاً وهي قرى مجتمعة وأهلها يركبون الخيال وهم أهل نجدة ومنها إلى شقوبية خمسون ميلاً شرقاً وشقوبية ليست بمدينة ولكنها قرى كثيرة متجاورة متقاربة متداخلة العمارات وفيها بشر كثير وجم غفير وكلهم خيل الملك صاحب طليطلة وهم أصحاب نتاج وسوائم وهم مشهورون بالحروب والصبر عليها أنجاد أجلاد. ومن شتقوبية إلى تطيلة مائة ميل بين جنوب وشرق ومن تطيلة إلى سرقسطة خمسون ميلاً فذلك جملة هذا الطريق من شلمنقة إلى سرقسطة عشر مراحل وقد ذكرنا سرقسطة وما جاورها من البلاد في موضعها من الإقليم الرابع قبل هذا حسب ما يجب من ذلك وكذلك من تطيلة المتقدم ذكرها إلى مدينة سالم يوم وبعض يوم. ومن سرقسطة إلى وشقة خمسون ميلاً ومن وشقة إلى لاردة سبعون ميلاً ومن وشقة إلى مكناسة سبعون ميلاً وبين لاردة ومكناسة خمسون ميلاً فأما مدينة رشقة فإنها مدينة حسنة متحضرة ذات متاجر وأسواق عامرة وصنائع قائمة متصرفة. وأيضاً إن مدينة مكناسة صغيرة شبيهة بالحصن وهي من ثغور الأندلس وكذلك مدينة لاردة مدينة متوسطة القدر كثيرة المنافع على نهر الزيتون وهو نهر يأتي من جبل البرتاب فيجتاز بجاقة من شرقيها إلى لاردة ويجتاز أيضاً بسورها الشرقي فيصل مكناسة فيصب بها في نهر إبره ومكناسة بين النهرين. ومن لاردة إلى إفراغة وهو حصن ممدن له أسواق وصناعات وأهله أنجاد أجلاد وبينهما خمسون ميلاً. ومن إفراغة إلى مدينة طرطوشة خمسون ميلاً ومدينة طرطوشة مدينة حسنة على نهر إبره وبينها وبين البحر الشامي عشرون ميلاً ولها قلعة حصينة وينبت بجبالها من خشب الصنوبر ما ليس بمعمور الأرض مثله صفة في حسن ديباجته وعظمه وطوله ويحمل منها إلى أقطار الأرض المتباعدة والمتقاربة ويتخذ منه الأنقاض للملوك والخزائن وتعمل منه الصواري للمراكب السفرية والقرى وأنواع الآلات الحربية مثل الأبراج والنهيسات والسلالم ونحوها. ومن مدينة طرطوشة إلى مدينة طركونة اليهود خمسة وأربعون ميلاً وطركونة مدينة على نحر البحر لها سور من رخام أسود وأبيض وقليلاً ما يوجد مثله صفة وهذه المدينة في وقتنا هذا معمورة وكانت في قديم الزمان خالية لأنها كانت فيما بين حد المسلمين والروم وهي مدينة حسنة والأحناش بها مؤذية كثيرة ولها مرسى حسن ومياهها موجودة. ومنها إلى برشلونة خمسون ميلاً ومدينة برشلونة على نحر البحر ومرساها ترش لا تدخله المراكب إلا عن معرفة وترؤس على ركوب البحر وهي مدينة لها ربض وعليها سور منيع والدخول إليها والخروج عنها إلى الأندلس على باب في الجبل المسمى هيكل الزهرة وبالرومية البرينو وبرشلونة يسكنها ملك إفرنجة وهي دار ملكهم وله مراكب تسافر وتغزو وللإفرنج شوكة لاترد وحملة لا تصد ويذكر أنهم من أبناء جفنة وبلاد برشلونة كثيرة الحنطة والحبوب والعسول. ومن برشلونة إلى قرقشونة أربعة أيام شمالاً ومدينة قرقشونة مدينة حسنة في سفح الجبل ولها كروم ومياه كثيرة ومن قرقشونة إلى قمنجة شمالاً مع الجبل ثمانون ميلاً وقمنجة مدينة حسنة متوسطة لها مكاسب وفوائد ولها سور حجارة وشرب أهلها من مياه عيون جارية ومن قمنجة إلى طلوشة يومان بين شرق وجنوب ومن قرقشونة أيضاً إلى طلوشة شرقاً ستون ميلاً وكذلك من مدينة قمنجة إلى مرلانش ثمانون ميلاً. ومن قمنجة إلى شنت جوان مع الجبل ستون ميلاً وهي مدينة حسنة في سفح الجبل ولها كنيسة جليلة مقصودة ومن شنت جوان إلى مدينة مرلانش خمسة وستون ميلاً ومن مدينة شنت جوان أيضاً إلى مدينة بيونة مرحلتان شمالاً ومن مدينة شنت جوان التي مع الجبل إلى أوش سبعون ميلاً في جهة الشرق ومن مدينة بيونة إلى أوش تسعون ميلاً في جهة الشرق ومن مدينة بيونة مع الشمال إلى مدينة برذال سبعون ميلاً وكذلك من مدينة آش إلى برذال ثمانون ميلاً. وكل هذه البلاد التي ذكرناها هي بلاد غشكونية المجاورة لجبل البرتات ومن مدنها جرندة وقمنجة وطلوشة وقرقشونة وأوش ومرلانش وشنت جوان وبرذال وبين برذال والبحر نحو اثني عشر ميلاً ويتصل بإقليم غشكونية إقليم بربنصة وإقليم قاورش وإقليم برغش وإقليم بيطو وجميع هذه الأقاليم متصلة من جهة الشمال لإقليم غشكونية. فأما اقليم برغش فإنه يتصل بغشكونية موازياً لبيونة وفي جنوبه إقليم قاورش وفي شماله إقليم بيطو وأما اقليم برغش فقواعد بلاده مدينة آش ومدينة برغش ومدينة أنقلازمة ومدينة آجن من بلاد قاورش و نقول إن مدينة برغش مدينة مسورة وأقاليمها منسوبة إليها وهي عامرة كثيرة الخصب ماؤها كثير ومزارعها متصلة وبين مدينة برغش ومدينة آش ستون ميلاً وكذلك من مدينة برغش إلى مدينة آجن من إقليم قاورش خمسون ميلاً ومن مدينة آجن إلى مدينة قاورش ستون ميلاً شمالاً.

وكذلك من مدينة برغثس إلى مدينة أنقلازمة مائة ميل ومنها إلى مدينة برذال من أرض غشكونية مائة ميل ومدينة أنقلازمة مدينة كبيرة عامرة ذات سور حصين ومزارع وخصب ومنها إلى مدينة إبلافية من أرض بيطو تسعون ميلاً وإبلافية مدينة صغيرة حسنة عامرة وهي على نهر وشرب أهلها منه ومن إبلافية إلى برذال أربعون ميلاً وبرذال مدينة كاملة شاملة لضروب النعم كثيرة الفواكه ومن برذال إلى البحر اثنا عشر ميلاً وكذلك بين البحر وبين مدينة إبلافية خمسة عشر ميلاً. وأيضاً فإن من مدينة أنقلازمة إلى مدينة شنت جوان من أرض بيطو مغرباً أربعون ميلاً ومن إبلافية إلى رجالة يوم ورجالة من أرض بيطو وهي صغيرة وعلى مقربة من البحر ومن رجالة إلى بلفير يوم على البحر ومدينة بلفير على ضفة البحر المظلم وبها يقع نهر أرليانش ومن رجالة أيضاً إلى شنت جوان من أرض بيطر خمسون ميلاً وكذلك بين شنت جوان وبلفير مثل ذلك. وأيضاً فإن مدينة بتارش إقليمها منسوب إليها وهي تتاخم أرض بيطو وهي مدينة حسنة كبيرة وبلادها منسوبة إليها وهي قاعدة مشهورة في عداد قواعد بلاد الروم مذكورة ومن مدنه أنجيرش وسنصف بعد هذا سائر البلاد التي ذكرناها جملاً ونأتي بأوصافها حسب ما يقتضيه التصنيف ويكمل به التأليف إن شاء الله تعالى .

نجز الجزء الأول من الإقليم الخامس يتلوه الجزء الثاني منه إن شاء الله تعالى وله الحمد كثيراً.