نزهة المشتاق في اختراق الآفاق/الإقليم الخامس/الجزء الثالث


إن الذي تضمنه هذا الجزء الثالث من الإقليم الخامس قطعة فيها بلاد قلورية وبلاد أنكبردة وأكثر خليج البنادقيين وما عليه من البلاد المشهورة. فمن هذه البلاد في الضفة الشرقية مدينة ريغنو ومدينة بولة ودرونة وآسيا ومصقلة وأرنس وصنطو ونولنص وجاذرة وصبناجي ورغوص وأسبالطو وترغورون وقاترة وأنتبرية ودلجينة ودراست وبترلة وياننا وفاميو وكيرة. ومن البلاد التي على الضفة الغربية من خليج البنادقيين أبرندس وأسلمونة ومنوبلي وقنبرصان وملفنت وبشالية وأطرانة وبرلت وقاني وسيبنت ويقال باستية وروذانة ولاشنة ويقال لازنة وقنب مارين وكل هذه من بلاد أنكبردة على الساحل الغربي من الخليج. ومن بلاد البحر أيضاً ترملس وترانة وموقة وأنكونة وفيه من بلاد البحر الشامي طاجنة وقطرونة ورشانة وروسيت وطارنت. وفيه من بلاد قلورية قطنسان ومرطران وبجنال وقطروبلي وبنبنت وملف البرية وقنص وبنوصة وشنت غاثي وكلرمنت وسينس وبسنيان وسيمري واسترنجلي وترغارقو وجرسنة وكل هذه البلاد بلاد قلورية. ومن بلاد أنكبردية متيرة وغرنيلية وموطلى وقروى ماتلى وماطلى وتروى ماتي وغرابينة وقنوصة وأطرونة وعزقلة وتروى عسقلة بالسين وشنت لورين وشنت لورين وجبطاط وشنت صبير وشنت أنجلي ولشنة وقنب مارين وترملس. ونحن نذكرها الآن بلداً بلداً ونأتي بأوصافها وطرقاتها كما سبق منا في سائر الأقاليم السالفة بحول الله تعالى فنقول أولاً صفة الطريق من مدينة ريو باستدارة على ساحل بحر الشام ثم على ساحل بحر البنادقيين إلى مدينة أنكونة. فمن أذرنت إلى قرطيل شوذة اثنا عشر ميلاً ومنه إلى شنت جوان مرتوبلى اثنا عشر ميلاً وهي قرية ممدنة حسنة ومنها إلى قرطيل كنكا ستة أميال، ومن ككناً إلى قرطيل شنت جنار اثنا عشر ميلاً ومنها إلى قرطيل ناورة اثنا عشر ميلاً ومنه إلى مدينة أبرندس أربعة أميال فيكون من أذرنت إلى أبرندس بتقوير الأجوان ثمانية وخمسون ميلاً ويكون على التخلية ثمانية وأربعون ميلاً. وأبرندس مدينة جليلة يحيط بها البحر من جهاتها الثلاث شبيهة بالقسطنطينة العظمى وهي في ذاتها حسنة البناء فسيحة الفناء كثيرة النعم خصيبة كثيرة المرافق ومن أبرندس إلى غوشيت اثنا عشر ميلاً وغوشيت ثلاث جزائر لطاف بينها وبين البر نصف ميل. ومن غوشيت إلى مرسى شنت نقولة بترول اثنا عشر ميلاً وهو مرسى لطيف مستراح وبه الماء ومنه إلى مدينة منوبلي أربعة وعشرون ميلاً ومنوبلي مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى حصن بلنيان ستة أميال وبقربها بلد يسمى قنبرصان ويبعد عن البحر تسعة أميال. ومن بلنيان إلى شنت بيطو وهو مرسى ميلان ومنه إلى مدينة باري اثنان وعشرون ميلاً ومدينة باري بدينة كبيرة عامرة في قعر جون وهي قاعدة بلاد الأنكبردين وبها إنشاء مراكب وهي من قواعد بلاد الروم المشهورة. ومن مدينة باري إلى برج أجيلوا ويروى أشيلوا ويقابله في البر مدينة بطنت وبينها وبين البحر ستة أميال ومنه إلى جبناس ستة أميال ثم إلى ملبنت أربعة أميال ويروى ملفنت بالفاء ويقابلها في البر روبة وروبة مدينة متوسطة حسنة وبينها وبين البحر ستة أميال ومن ملفنت إلى بشتالية ويقابلها في البر قورات وبينها وبين البحر تسعة أميال. وقورات مدينة حسنة متحضرة نبيلة فرجة كثيرة الفواكه خصيبة المعايش ومن قورات إلى طرانة على الساحل ثمانية أميال وكذلك من بشتالية المذكورة إلى أطرانة أيضاً ستة أميال. وأطرانة مدينة متوسطة لها سور وبها سوق مشهودة ومنها إلى برلت ستة أميال على الساحل ويقابل مدينة برلت في البرية مدينة تسمى أندرة وهي مدينة كبيرة عامرة ومنها إلى البحر تسعة أميال. ومن برلت على الساحل إلى وادي لوذرة ستة أميال وعلى هذا الوادي دير كبير يسمى دير شنت مارية ومنه إلى مدينة قاني وهي مرتفعة عن البحر أربعة أميال ومدينة قاني مدينة صغيرة متحضرة كثيرة التجارات والأموال وأهلها مياسير. ومن شنت مارية إلى شنت نقولة ببترة اثنا عشر ميلاً وهي على البحر في قرطيل ويقابلها مدينة صلبي على ستة أميال من البحر ومن شنت نقولة إلى وادي ريغلو ويروى نيقلو اثنا عشر ميلاً واسم الوادي نفسه نهر قنالار. ومن نهر نيقلو إلى نهر كاطة أحد عشر ميلاً ومنه إلى مدينة سيبنت ميلان وسيبنت على قرب من البحر ومنها إلى ماتناطة اثنا عشر ميلاً وهي على قرب من البحر ومنها إلى شنت أنجلو وهي مرتفعة عن الجر ثمانية أميال. وأيضاً فإن من ماتناطة إلى مرسى شنت فليجي اثنا عشر ميلاً وهي قرية وكنيسة عظيمة ومنها إلى بستية في قعر الجون في قرطيل يدخل في البحر اثنا عشر ميلاً وبين البلد ورأس القرطيل مقدار رمية قوس الرجل وعرض القرطيل في الرأس قدر نصف ميل وعرض وسط القرطيل أربعة أميال. ومن بستية إلى بسكيش اثنا عشر ميلاً ومن بسكيش إلى روذنة ثمانية أميال ومن روذنة إلى قينان اثنا عشر ميلاً ومن قينان إلى دابية أحد عشر ميلاً ومن دابية إلى لشنة ثمانية أميال ومن البحر إلى أقربيل أربعة أميال ولشنة أيضاً على قرب من البحر ويروى لازنة. ومن لاشنة إلى قنب مارين اثنا عشر ميلاً ومن قنب مارين إلى ترملة عشرون ميلاً ويروى ترملس ومن لازنة إلى ترملس إبلاية بتدوير ومن ترملة إلى مصب نهر بشكار تسعة وخمسون ميلاً جنوباً وكذلك من وادي بشكار إلى وادي طرنت ويروى ترنت ستة وثلاثون ميلاً ووادي طرنت نهر كبير وعليه على بعد من البحر مدينة ترنت. وهي مدينة كبيرة كثيرة الخصب والخيرات ومن مصب نهر ترنت إلى مدينة قامة على البحر ثمانية وخمسون ميلاً وقامة مدينة كبيرة القطر كثيرة الجنات والكروم ومنها إلى مدينة أنكونة ستة أميال. وأنكونة مدينة قديمة أزلية مشهورة من قواعد بلاد الروم الساكنين على بحر البنادقيين وقد ذكرناها فيما سبق قبل. ومن مدينة أنقونة إلى قنب مارين خلاء وبرار وفيه اثنا عشرة مرحلة وهي من الأميال ثلاث مائة ميل وفي هذا الخلاء من الأرض قوم يأوون إلى غياض ومواضع يتصيدون فيها ويطلبون العسول في تلك البراري ومن أنقونة إلى طرف الخليج وقد ذكرناه في الجزء السابق لهذا الجزء. ومنه ينعطف الخليج في جهة الشرق وهنا أرض إيكلارية ومن بلاد أيكلارية البرية برونة وتروى برانة وبوبلة وطامطرس ومدينة برونة مدينة كبيرة وبينها وبين مدينة طامطرس مرحلة خفيفة وأيضاً فإن من مدينة طامطرس إلى مدينة بروبلة تسعة أميال وهي مدينة كبيرة عامرة ومنها إلى أنملة وتروى أنجلة وأهلها من الإفرنج ثلاثة أميال ومن أنملة إلى قنديلة الإفرنجيين ثلاثة أميال ومنها إلى برونة وتروى برانة ميلان وقد سبق ذكرها. وهذه كلها بلاد إيكلاية البرية فأما بلادها الساحلية فمنها دستريس وبينها وبين طامطرس وهي مدينة إيكلاية ثلاثة وعشرون ميلاً ومنها إلى مدينة موغاو وتروى أوماغو تسعة أميال وكذلك أيضاً من مدينة برانة البرية إلى مدينة أوماغو ثمانية عشر ميلاً وأهلها إفرنجيون وهي على الساحل ومنها إلى مدينة جبطنوبة وهي البلد الجديد للإفرنجيين وهما مدينتان إحداهما في وطاء والأخرى على جبل مطل على البحر ثمانية أميال. ومن جبطنوبة إلى برنجوا وتروى برنزوا اثنا عشر ميلاً وهي مدينة عامرة كثيرة العمارة ولها أسطول ومراكب كثيرة ومنها إلى ريغنو وهي للإفرنجيين خمسة عشر ميلاً وريغنو مدينة حسنة كبيرة القطر كثيرة العمارة ومنها إلى مدينة بولة اثنا عشر ميلاً وهي مدينة حسنة كبيرة القطر كثيرة العمارة والأسطول بهابداً معد ومنها إلى موذولينة ستة عشر ميلاً وهي مدينة عامرة ومنها إلى ألبونة أربعون ميلاً ومنها إلى فلامونة ستة أميال وكلتا هاتين المدينتين عامرتان وأقطارهما متجاورة وأخبارهما متشابهة. ومن فلامونة إلى الأورنة أربعة أميال ومدينة الأورنة كثيرة عامرة وبها أحوال صالحة ومراكب مهيأة وإنشاء دائم وهي آخر بلاد إيكلاية الساحلية ويجاور هذه البلاد من جهة المشرق جبال متصلة وبرار منقطعة عن العمارة ويتلو هذه المدن التي ذكرناها من بلاد إيكلاية بلاد جرواسية التي تسمى دلماسية وهي على البحر وأول بلاد جرواسية مدينة تسمي بقري ومنها إلى الأورنة المتقدم ذكرها عشرة أميال وهي مدينة حسنة متحضرة ومنها إلى مدينة لوبارة ستة عشر ميلاً وهي مدينة كبيرة عامرة في سند جبل. ومن لوبارة إلى مدينة سينة ثلاثون ميلاً وهي مدينة حسنة كثيرة العمارة وأهلها صقالبة ولهم مراكب كثيرة ومنها إلى قسطيلصقة خمسة عشر ميلاً وأهلها صقالبة وهي مدينة صغيرة ومراكبها قليلة ومنها إلى مدينة مصقلة عشرون ميلاً وهي لدلمطيين ومنها إلى أرنص خمسة عشر ميلاً وهي مدينة متوسطة لدلمطيين ولها مراكب عدة ومنها إلى مدينة صاطو ثلاثون ميلاً. وصاطو لدلمطيين أيضاً ولهم مراكب تغزو وكذلك من صاطو إلى مدينة نونة وتروى نينص عشرون ميلاً ونونة مدينة كبيرة حسنة جليلة حصينة الموضع ومنها إلى جاذرة وهي مدينة كبيرة القطر متصلة العمارات والكروم فرجة وهي على ضفة البحر وأهلها دلمطيون والبحر يضرب سورها. ومن جاذرة إلى دغواطة ثلاثون ميلاً وهي مدينة أهلها دلمطيون وصقالبة وهي من قواعد الروم وأهلها أنجاد ومنها إلى سبناجي عشرون ميلاً ومدينة سبناجي مدينة حسنة كثيرة العمارات ومنها يتجهز وإليها يقصد بالتجارات براً وبحراً. ومنها إلى مدينة واوغوري خمسون ميلاً ومدينة واوغوري وتروى لوغارو مدينة جليلة من أحسن القواعد وأحصنها وأهلها دلمطيون وهم أهل سفر وتجول ولهم مراكب غزو. ومنها إلى مدينة طرغوس وتروى ترغوري ستة أميال وأهلها دلمطيون وهم أهل إنشاء وغزو وإسفار. ومن مدينة ترغوري إلى مدينة أسبالطو اثنا عشر ميلاً وأهل أسبالطو دلمطيون وهي مدينة عامرة كبيرة القطر كثيرة العمارة والتجارة وكلها مفروشة الأزقة بالبلاط ولهم مراكب غزو. ومن أسبالطو إلى مدينة شثغنو خمسة وعشرون ميلاً وأهلها صقالب ولهم أعمال واسعة وعمارات متصلة وهم أهل مراكب كثيرة. ومنها إلى رغوص وتروى رغوصة ثلاثون ميلاً وأهلها دلمطيون ولهم مراكب غزوانية وهم أنجاد جلاد وهي آخر بلاد جرواسية. ومن رغوصة إلى مدينة قاطروا وتروى قاذروا عشرون ميلاً وهي مدينة حسنة عامرة آهلة وأهلها دلمطيون وهم أهل غزو وسفر ولهم عدة مراكب. ومنها إلى أنتابروا وهم صقالب ثلاثون ميلاً وهي مدينة كبيرة عامرة وقاعدة مشهورة ومنها إلى ذلوجية وأهلها لاذقيون سبعون ميلاً وهي مدينة من قواعد إسقلونية. ومنها إلى مدينة دراست للإفرنجيين ثمانون ميلاً وهي أقرب البر إلى مدينة أذرنت حيث المجاز وبينهما سبعون ميلاً مجازاً. ومن أدراست هذه طالعاً مع الحائط إلى مدينة جمارة مائتا ميل وخمسة وعشرون ميلاً واسم جمارة في القديم برنتو فهذا جميع الخليج البنادقي بما عليه من البلاد والمعاقل وفيما جئنا به كفاية لذوي البحث والعناية والشكر لله على ذلك. وأما ما في هذا البحر من الجزائر فنريد أن نذكرها على التوالي حتى نأتي بالغرض الذي قصدناه كما وصفناه وذلك أن في هذا البحر البنادقي جزيرة أوسر وهي قريبة من البر بينهما ثمانية أميال من الرأس الواحد وباقيها داخل في البحر وهي في جون أسترية وطولها عشرون ميلاً وعرضها اثنا عشر ميلاً وهي عامرة. ومنها إلى الجزيرة المسماة جرسة خمسة أميال وبينها وبين البر ستة أميال وهي كبيرة كثيرة العامر وطولها أكثر من عرضها ويكون طولها على التقريب ستون ميلاً وعرضها خمسة وعشرون ميلاً وفيها قومس وأسقف. ومنها إلى جزيرة أربا ستة أميال وهي قدام جبال جرواسية وبينها وبين البر اثنا عشر ميلاً وطولها بالتقريب ثلاثون ميلاً وعرضها ثمانية عشر ميلاً وفيها قومس وأسقف. ومنها إلى جزيرة باغا أربعة أميال وهي قدام نونة وبينها وبين البر أربعة أميال وطولها بالتقريب عشرون ميلاً وعرضها عشرة أميال. فهذه الجزائر المذكورة جملتها عامرة وهي من إقليم جرواسية وأما جزائر البنادقة فهي ست ثلاث في صف وثلاث في صف يتلوها وجملتها معمورة وهي متوسطة بلاد البنادقيين وبها عرفت البلاد والبحر. وفي المجاز المتقدم ذكره جزيرة غير معمورة وهي إلى لبونة أقرب وكذلك على أبرندس ثلاث جزائر تسمى غوشيت وهي تقرب من البر وهي صغار جداً وليست بمسكونة فهذه جملة ما في هذا البحر من الجزائر المعمورة و الخالية. ولنرجع الآن إلى ذكر البلاد البرية وهيآتها وطرقها ومسافاتها وأحوال سكانها ومواضع جدرانها بلداً بلداً وقطراً قطراً. فنقول الطريق من طارنت المقدم ذكرها إلى نابل من طارنت إلى متيرة ستون ميلاً ومن متيرة إلى أغربينة ستون ميلاً ومن أغربينة إلى قنوصة مائة وعشرون ميلاً ومن قنوصة إلى أندرة ثمانية عشرة ميلاً ثم إلى إطرانة ثمانية عشر ميلاً ثم إلى بابرة خمسة عشر ميلاً إلى فراجنطو ستة وعشرون ميلاً ثم إلى جبيطيرة ثمانية عشر ميلاً ومنها إلى نابل على البحر ثلاثون ميلاً. وكل هذه المدن المذكورة والمعاقل المشهورة معاقل لا تنال متقاربة الأحوال وحواضر مقصودة بأصناف التجارات معمورة خصبها زائد وأمنها راكد وأكثرها لا بل كلها من بلاد قاورية وبلاد بولية. وبولية وقلورية أسماء الأرضين والأقاليم وتحتوي على بلاد كثيرة وأولها ريو وهي مدينة وأما وادي أديانة فأول خروجه من منت صان ثم ينزل بقرب بذولة فيجوز ما بين أديانة وبين الصالة ثم يخرج إلى أبلة ويجوز قدام أولات وبقرب منت طري فيجتمع بالسيلو.

وأما وادي قزلو ويروى بالهاء قزله فإنه ينزل من دير أكران فيجوز على قزله ويفرغ في وادي بلقسطروا وأما وادي اكلريوزة فينزل أيضاً من الجبال إلى قدام رفران ثم إك اكلريوزة ثم إلى قمراطة فيفرغ في البحر.

نجز الجزء الثالث من الإقليم الخامس والحمد لله ويتلوه الجزء الرابع منه إن شاء الله.