نزهة المشتاق في اختراق الآفاق/الإقليم الرابع/الجزء السادس


إن الذي تحصل في هذا الجزء السادس من الأرضين أكثر أرض الجزيرة وبعض أرض أرمينية وبعض أرض آذربيجان وبلاد البهلويين وهي بلاد الجبل والجزيرة ما بين دجلة والفرات ومدن الجزيرة هي الرقة والرافقة والخانوقة وباجروان وعربان وسكير العباس وطابان وتنينير والمحمدية وقرقيسيا والرحبة والدالية وعانة وهيت والرب والأنبار وصرصر والقطر وسورا والكوفة وماكسين وسنجار والحضر والموصل وبلد وجزيرة ابن عمر وبرقعيد وأذرمة ونصيبين ورأس العين وماردين والرها وحران وسروج وجريان وجرنيص وطنزى وحيني وآمد ونينوا وفيسابور وقردى وبازبدا ومعلثايا وسوق الأحد والحديثة والسن وبارما وكل هذه من بلاد الجزيرة.

وفيه من بلاد العراق الثرثار والدور وسر من رأى والعلث والجويث وعكبرا وبغداد وحبتون والروحاء والهروان وجرجرايا ودجيل وكل هذه من بلاد العراق وبلاد الجبل الدسكرة وخانقين وقصر شيرين والسيروان والصيمرة وقرماسين والدينور والزوزان والكرج ودنباوند وأما بلاد البهلويين فمنها الري وإصبهان وهمذان ونهاوند ومهرجانقذق وماسبذان وقزوين ومدنية المبارك وبها من بلاد الديلم قزوين وأبهر وزنجان والببر والطيلسان والديلم وآمل وسارية ومامطير وطميسة وفيه من البلاد الأرمينية مرند وبرذعة وجنزة وسلماس وخوي وكل هذه بلاد عامرة وأقطار ممدنة ويجب علينا أن نتكلم عليها كما سبق لنا فيما سلف من الكتاب بعون الله تعالى ونصفها بلداً بلداً وقطراً قطراً.

فنقول إن الجزيرة هي ما بين دجلة والفرات وتشتمل على ديار ربيعة ومضر ومخرج الفرات من داخل بلاد الروم على ما قدمنا وصفه وعليه من البلاد أيضاً ما قد سبق لنا القول فيه ونذكر الآن ما بقي منها فمن ذلك الطريق من بغداد إلى الرقة وهو طريق المغرب من بغداد إلى السيلحين اثنا عشر ميلاً ثم إلى الأنبار أربعة وعشرون ميلاً والأنبار مدينة صغيرة متحضرة لها سوق وبها فعلة ولها فواكه كثيرة وهي على رأس نهر عيسى وذلك أنه قد كان فيما سلف من الزمان قبل الإسلام لا تصل مياه الفرات إلى دجلة بوجه وإنما كان مفيضها في البطائح دون أن يتصل شيء منها بدجلة فلما جاء الإسلام احتفر نهر عيسى حتى وصل به إلى بغداد وهو الآن نهر كبير تجري فيه السفن إلى بغداد.

ومن الأنبار إلى الرب أحد وعشرون ميلاً وهي مدينة عامرة ذات قرى وبساتين وعمارة ممتدة ومن الرب إلى هيت ستة وثلاثون ميلاً وهيت مدينة من غربي الفرات عليها حصن وهي من أعمر المدن وتحاذي تكريت من حد المشرق وتكريت في شمال العراق وهي في غربي دجلة ومن هيت إلى الناووسة أحد وعشرون ميلاً والناووسة مدينة صغيرة متحضرة لها بساتين وفواكه كثيرة وخيرات وهي في جزيرة يحيط بها الفرات ومنها إلى ألوسة أحد وعشرون ميلاً وألوسة متنحية عن الفرات وعلى بعد منه.

ومن ألوسة إلى عانات أحد وعشرون ميلاً وعانات مدينه صغيرة في وسط الفرات يطيف بها خليج من الفرات وفيها سوق وأعمال ومن عانات إلى الدالية أحد وعشرون ميلاً والدالية مدينة صغيرة على شاطىء الفرات الغربي ومن الدالية إلى رحبة مالك بن طوق على الفرات أيضاً من شرقيه ثلاثون ميلاً ورحبة مالك مدينة خصيبة عامرة عليها سور تراب ولها أسواق وعمارات وكثير من الثمرات ومنها مع الفرات إلى الخابور مرحلتان والخابور مدينة لطيفة على شاطىء الفرات ولها بساتين وحدائق وكثير فواكه ومنها إلى قرقيسيا مرحلتان وقرقيسيا مدينة بالجانب الشرقي من الفرات ويصب أسفلها نهر الهرماس المسمى بالخابور ولها ثمار كثيرة.

ومن قرقيسيا إلى الخانوقة وتروى الخالوقة يومان والخانوقة مدينة صغيرة عامرة آهلة لها سوق معمورة وتجارات على قدر ومن الخانوقة إلى الرقة مرحلتان وقد ذكرنا الرقة ووصفناها ووصفنا حالها في ذاتها مجملة والطريق من بغداد إلى الرقة خمس عشرة مرحلة.

وطريق آخر من بغداد إلى الرقة ويؤخذ في عشر مراحل أو نحوها وذلك أنك إذا خرجت من بغداد وجئت الناووسة فارقت الفرات وسرت في شرقيه متيامناً في البرية من الناووسة إلى ألوسة أحد وعشرون ميلاً ومن ألوسة إلى العجينة ثمانية عشر ميلاً ثم إلى التهنية ستة وثلاثون ميلاً في البرية ثم إلى الدراقي ثمانية عشر ميلاً ثم إلى الفرضة ثمانية عشر ميلاً ثم إلى وادي السباع خمسة عشر ميلاً ثم إلى خليج بني جفح خمسة عشر ميلاً ثم إلى جبال قرقيسيا أحد وعشرون ميلاً ثم إلى نهر سعيد أربعة وعشرون ميلاً ثم إلى الجرذان اثنان وأربعون ميلاً ثم إلى المبرك ثلاثة وثلاثون ميلاً ثم إلى الرقة أربعة وعشرون ميلاً فجملة هذا الطريق ثلاثمائة ميل واثنان وسبعون ميلاً.

ومن بغداد أيضاً إلى الرقة طريق آخر على الموصل وهو أن تسير من بغداد إلى الثرثار الجائي من مدينة الحضر التي من أعمال تكريت ومن الثرثار إلى عكبرا خمسة عشر ميلاً وعكبرا مدينة صغيرة على شرقي دجلة ومن عكبرا إلى باحمشا تسعة أميال ثم إلى القادسية أحد وعشرون ميلاً وبالقادسية يصنع الزجاج العراقي دائماً ورسمه للملكة ومنها إلى سر من رأى تسعة أميال وسر من رأى بناها المعتصم من بني العباس فخربت وبقي الآن منها قصور وضياع وأموال وفيها بعض أسواق لبيع الفاكهة وتجديد الأزودة. ومن سر من رأى إلى الكرخ ستة أميال والكرخ مدينة صغيرة عامرة بشرقي دجلة ثم إلى جبلتا ثمانية عشر ميلاً وهي قرية كبيرة ومنها إلى السن خمسة عشر ميلاً والسن مدينة ذات سور حصين وبها سوق وبها يصب نهر الزاب الأصغر وبين السن وتكريت أربعون ميلاً وكذلك من السن إلى مدينة البوازج اثنا عشر ميلاً وهي مدينة على الزاب الأصغر من غربيه وعلى مصب نهر الزاب الأصغر وعلى غلوة منه هي مدينة السن وهي منسوبة إلى عمل الجزيرة وديار مضر.

ومن مدينة السن إلى الحديثة ستة وثلاثون ميلاً والحديثة مدينة عامرة ولها غلات واسعة وخير وخصب وهي بشرقي دجلة وبها مصب نهر الزاب الأكبر وعلى عشرة أميال جبل بارما وعلى الزاب مما يلي الجبل حبتون وهي مدينة حسنة لطيفة متحصنة وعلى الزاب من نواحي أرمينية مدينة الروحاء.

والزابان نهران عظيمان إذا اجتمعا كانا كنصف دجله وأكبر ومن مدينة الحديثة إلى بني ظبيان أحد وعشرون ميلاً ثم إلى مدينة تكريت أحد وعشرون ميلاً وتكريت من مدن الموصل وهي في غربي دجلة وبإزائها في البرية مدينة حسنة نظيفة على نهر الثرثار وأهل تكريت الغالب عليهم أنهم نصارى وأبنيتهم بالجص والآجر ومن تكريت يشق نهر دجيل الآخذ من دجلة فيشق ربضها ويمر إلى سواد سر من رأى فيغمره إلى قريب من بغداد ومن تكريت يسير السائر إلى مدينة الرقة في البرية على ديار ربيعة تسع مراحل.

ومن شاء سار مع دجلة إلى مدينة الموصل مرحلتين خفيفتين والموصل مدينة كبيرة على غربي دجلة صحيحة التربة معتدلة الهواء وشرب أهلها من ماء دجلة وفيها نهر يقطعها في وسطها وبين مائه ووجه الأرض نحو من ستين ذراعاً وبساتينها قليلة وضياعها ومزارعها ممتدة وأبنيتها بالجص والحجارة ولها رساتيق عظيمة وكور كثيرة منها رستاق نينوا وهي مدينة قديمة أزلية بها آثار بينة وهي البلدة التي بعث إليها يونس بن متا كما ذكر في الكتب وهي من شرقي دجلة تجاه الموصل.

ويحاذي هذا الرستاق رستاق المرج وهو أيضاً كبير فيه مدينة تعرف بسوق الأحد فيها سوق مشهودة تحضرها الأكراد لمواعيد معروفة وهي مدينة حصينة تحاذي الجبل وعلى القرب منها مدينة كفر عزى يسكنها نصارى ومسلمون ويعرف النصارى الذين بها بالشهارجة وبين كفر عزى وسوق الأحد رستاق الزاب الكبير ورستاق حزة أيضاً وهما إقليمان لهما إصابة الحنطة الكثيرة وأما باقردا وبازبدا فهما أيضاً رستقان عظيمان متجاوران بشرقي دجلة وفيهما صنائع خطيرة ولهما دخل واسع وكذلك أيضاً رستاق الخابور فيه مدن كثيرة وأعمال واسعة وهو يجاور رستاق سنجار ويوافي الجبال وأما رستاق معلثايا وفيسابور فهما رستقان خطيران.

وفوق الموصل على شاطىء دجلة مدينة بلد وبينهما أحد وعشرون ميلاً وبلد هذه من غربي دجلة كالموصل وهي كثيرة الزرع والأموال وليس لها ماء جار غير دجلة فمنه شرب أهلها ومنه يتصرفون ومنها إلى مدينة سنجار سبعة وعشرون ميلاً وسنجار من مدينة بلد في البرية غرباً وهي في سند جبل بها مياه وضياع وعليها سور من حجر حصين وبها ثمار كثيرة ويقرب منها الحوالي وهو واد من أودية ديار ربيعة يسكنه قوم من العرب لهم أموال ومواش وضياع وكروم وبالقرب من الحوالي مدينة برقعيد وبينهما نحو من ثمانية عشر ميلاً وبين بلد وبرقعيد ستة وثلاثون ميلاً ومن برقعيد إلى نصيبين سبعة وأربعون ميلاً.

فمن أراد الطريق من الموصل إلى نصيبين خرج من الموصل إلى بلد أحدا وعشرين ميلاً ومنها إلى باعيناثا ثمانية عشر ميلاً ثم إلى برقعيد ثمانية عشر ميلاً ثم إلى أذرمة ثمانية عشر ميلاً ثم إلى تل فراشة خمسة عشر ميلاً ثم إلى نصيبين اثنا عشر ميلاً ومدينة برقعيد مدينة حسنة كبيرة كثيرة الخير والخصب ويسكنها قوم من تغلب وكذلك مدينة أذرمة صالحة القدر كثيرة العمارة والخصب جليلة الغلات والمزارع ومدينة كفرتوثا لها زروع وخصب كثير وحالات حسنة ورأس العين مدينة كبيرة وفيها مياه كثيرة نحو من ثلاثمائة عين عليها شباك حديد يحفظ ما يسقط فيها ومن هذه المياه ينشأ معظم نهر الخابر الذي يصب بقرقيسيا في الفرات وعليه لأهل رأس عين مدن كثيرة منها عربان وهي مدينة حسنة ومنها إلى قرقيسيا أربع مراحل وبين عربان والخانوقة مدن حسنة تقرب من ضفة الخابور فمنها مما يلي عربان طابان والجحشية وتنينير والعبيدية وهذه البلاد كلها قد غلبت عليها البادية وهي مدن عليها أسوار لا تصونهم وقد لجؤوا معها إلى الحفائر.

ونرجع إلى نصيبين فنقول إن نصيبين مدينة ديار ربيعة وهي مدينة كبيرة في مستو من الأرض ذات سور حصين وأسواق عامرة ومقاصد تجارات وبها فعلة وصناع وطرز لصنع جيد الثياب ولها مياه كثيرة وجل مياهها خارجة من شعب جبل يقرب من شمالها يسمى بالوسا وهو أنزه مكان يعرف بها وتنتشر تلك المياه إلى بساتينها ومزارعها وتدخل إلى كثير من قصورها ودورها ولها فيما بعد عنها واستدار بها أقاليم وضياع حسنة عظيمة السائمة والكراع دارة الغلات والنتاج وبأرض نصيبين عقارب قتالة.

وبالقرب منها جبل ماردين من قرار الأرض إلى ذروته نحو ستة أميال وعليه قلعة بناها حمدان بن الحسن وتسمى هذه القلعة بالبازي الأشهب لايستطاع فتحها بوجه البتة لحصانتها ومنعة موضعها وفي هذا الجبل المسمى ماردين جوهر الزجاج الجيد وعنه يحمل إلى سائر بلدان الجزيرة وبجبل ماردين حيات قتالة وهي به كثيرة جداً.

وكور ديار ربيعة منها نصيبين وأرزن و آمد ورأس عين وميافارقين وماردين وباعربايا وبلد وسنجار وقردى وبازبدا وطور عبدين.

فالطريق من نصيبين إلى الرقة من نصيبين إلى دارا خمسة عشر ميلاً ودارا مدينة صغيرة حسنة لها غلات ومزارع متصلة ومنها إلى كفرتوثا أحد وعشرون ميلاً ثم إلى الخابور خمسة عشر ميلاً ثم إلى حصن مسلمة ثمانية عشر ميلاً ثم إلى باجزوان أحد وعشرون ميلاً وباجروان مدينة صغيرة عامرة بها سوق وبيع وشراء ثم إلى الرقة تسعة أميال وحصن مسلمة حصن منيع بناه مسلمة ابن عبد الملك بن مروان وهو على تل بني سيار وشرب أهله من ماء المطر وتل بني سيار مدينة صغيرة عليها سور من حجر وهي على مرحلة من رأس عين.

والطريق من نصيبين إلى آمد من نصيبين إلى دارا خمسة عشر ميلاً إلى قصر ابن بارع تسعة وثلاثون ميلاً إلى تل نزعة ثمانية عشر ميلاً إلى آمد أحد وعشرون ميلاً وآمد مدينة حسنة خصيبة على جبل عن غربي دجلة مطل عليها نحو مائة قامة وعليها سور من حجارة الأرحاء أسود اللون وهي كثيرة الشجر ولها بداخل سورها مياه جارية ومطاحن على عيون مطردة وأشجار وبساتين ثم يجاز نهر دجلة إلى ميافارقين مرحلتين وميافارقين من أرض أرمينية وقوم يعدونها من أعمال الجزيرة وهي من شرقي دجلة على مرحلتين منها وهي مدينة كبيرة حسنة خصيبة في حضيض جبل ويعمل بها من التكك كل حسنة تضاهي التكك التي تصنع بسلماس وربما كانت تفوقها في الجودة وتصنع بها المناديل العراض والسبنيات.

والطريق من آمد إلى الرقة ذات اليمين من آمد إلى شمشاط سبعة وسبعون ميلاً ومن شمشاط إلى تل موزن خمسة عشر ميلاً ثم إلى جريان ثمانية عشر ميلاً وجريان مدينة صغيرة حسنة ثم إلى بامعدا خمسة عشر ميلاً ثم إلى حصن جلاب أحد وعشرون ميلاً ثم إلى الرها اثنا عشر ميلاً والرها مدينة في بقعة تتصل بحران والرها وسطة من المدن والغالب على أهلها النصارى وبها أكثر من مائتي بيعة ودير ومواضع بها رهبانهم وبها بيعة ليس للنصارى أعظم منها وبها مياه وزروع وكان بها منديل للسيد المسيح فأخذه ملك الروم منهم وهادنهم مهادنة مؤبدة ومن الرها إلى حران اثنا عشر ميلاً وحران مدينة الصابئين ولهم بها عليه مصلاهم وهم يعظمونه وينسبونه إلى إبراهيم عليه السلام وهي من غرر البلاد لكنها قليلة الماء والشجر ولها رساتيق وعمارات وموضعها في مستو من الأرض يحيط بها جبل شامخ مسافته يومان ومن حران إلى باجدا اثنا عشر ميلاً ثم إلى باجروان أحد وعشرون ميلاً ثم إلى الرقة تسعة أميال.

والطريق من الموصل إلى آمد من الموصل إلى مدينة بلد أحد وعشرون ميلاً إن شئت في البر وإن شئت في دجلة ومن بلد إلى جزيرة ابن عمر تسعة وستون ميلاً وجزيرة ابن عمر مدينة صغيرة ذات أشجار وأنهار وسوق وهي فرضة أرمينية وبلاد الأرمن ونواحي ميافارقين وأرزن وتصل المراكب مشحونة منها بالتجارات إلى الموصل وهي متصلة بجبل ثمانين وباسورين وفيسابور وجميعها في الجبل الذي منه جبل الجودي المتصل بآمد من جهة الثغور وجبل ثمانين هو الجودي الذي استقرت عليه سفينة نوح عليه السلام ومن الجزيرة إلى مسقط نهر سربط وهما نهران يأتيان من جبال بارما فيجتمعان بمقربة من دجلة فيصبان معاً في دجلة وعلى ضفتيهما مدينة التل ومن مسقط الواديين إلى مسقط نهر بارما وهو نهر كبير يخرج من بلاد أرمينية ويصب في دجلة من شرقيها ومن هذا النهر إلى طنزى وهي مدينة صغيرة في الضفة الغربية من دجلة ومنها إلى آمد فذلك من آمد إلى جزيرة ابن عمر ثلاث مراحل.

والطريق من مدينة بلد إلى الرقة من بلد إلى تل أعفر خمسة عشر ميلاً غرباً ثم إلى سنجار أحد وعشرون ميلاً ثم إلى عين الحيال خمسة عشر ميلاً ثم إلى سكير العباس على الخابور أحد وعشرون ميلاً ثم إلى ماكسين على الخابور خمسة عشر ميلاً ثم إلى ماكسين على الخابور ثمانية عشر ميلاً ثم إلى قرقيسيا وهي على الفرات والخابور أحد وعشرون ميلاً وبين قرقيسيا والرقة أربع مراحل والرقة والرافقة مدينتان كالمتلاصقتين وكل واحدة متباينة عن الأخرى بأذرع كثيرة وفي كل واحدة منهما مسجد جامع ولهما عمارات وقرى ومياه كثيرة.

وكذلك من آمد إلى سميساط ثلاث مراحل ومن سميساط إلى نصيبين تسعون ميلاً ومن نصيبين إلى رأس العين ثلاث مراحل ومن رأس العين إلى الرقة أربع مراحل ومن رأس العين إلى حران ثلاث مراحل ومن حران إلى الرقة ثلاثة أيام ومن حران إلى جسر منبج يومان ومن الرها إلى سميساط ثلاث مراحل وسروج مدينة ديار مضر كثيرة الفواكه وهي عن شمال طريق حران من جسر منبج وهي من حران على يوم فهذه جملة ما تضمنته الجزيرة من البلاد المذكورة والقواعد المشهورة وبالله التأييد.

وأما العراق فإنه في الطول من حد تكريت إلى حد عبادان على فم بحر فارس وعرضه من القادسية على الكوفة وبغداد إلى حلوان وعرضه أيضاً من نواحي واسط إلى قرب الطيب وقرقوب ونواحي البصرة إلى جبى ومسافته تكون من حد تكريت إلى البحر مما يلي المشرق مقوساً نحو شهر ومن البحر راجعاً في حد المغرب مقوساً إلى تكريت مثل ذلك ومن بغداد إلى سر من رأى ثلاث مراحل ومن سر من رأى إلى تكريت مرحلتان ومن بغداد إلى الكوفة خمس مراحل ومن الكوفة إلى القادسية ثلاث مراحل ومن بغداد إلى واسط ثماني مراحل ومن واسط إلى البصرة سبع مراحل ومن بغداد إلى حلوان ست مراحل وكذلك من بغداد إلى السيروان والصيمرة ست مراحل ومن الكوفة إلى واسط على طريق البطائح ست مراحل ومن البصرة إلى البحر مرحلتان وعرض العراق على سمت بغداد من حلوان إلى القادسية إحدى عشرة مرحلة وعرض العراق من سر من رأى إلى حدود شهرزور من أرض آذربيجان خمس مراحل والعامر منه أقل من مرحلة والعرض بواسط من الكوفة إلى نواحي خوزستان نحو أربع مراحل وبنواحي البصرة من البصرة إلى جبى مرحلة.

ولنبدأ من مدنها بذكر بغداد فبغداد مدينة كبيرة ابتناها المنصور في الجانب الغربي من دجلة وجعل جوانبها قطائع اقتطعها لمواليه وأتباعه فلما وليها المهدي جعل عسكره في الجانب الشرقي فسمي بعسكر المهدي وبنى الناس أقطاعهم فعمرت بهم واتصلت المباني من الكرخ أسفل بغداد إلى الجويث وقصر المهدي متوسط منها يقابل قصر المنصور من الضفة الأخرى الغربية وتتصل عمارة بغداد شرقاً إلى كلواذا وكلواذا مدينة بها مسجد جامع وبين المدينتين من بغداد جسران مربوطان بالسفن يجتاز عليهما من أراد الجواز والتصرف من البلدة الغربية إلى البلدة الشرقية وبالضد.

والجانب الشرقي بساتينه وأشجاره تسقى بماء النهروان وتامرا وهما نهران عظيمان وماؤهما يرتفع منه الكفاية سقياً وشرباً وليس يرتفع به من ماء دجلة شيء إلا القليل الذي لا يكفي ولا يرضي والجانب الغربي يجري إليه نهر عيسى من الفرات كما قدمنا ذكره وعلى فوهته قنطرة دمما ويتشعب منه نهر صغير يسمى الصراة فيصب ماؤه في الجانب الغربي من بغداد فيسقي بساتينهم وضياعهم ويدخل المدينة فينتفع به ويشرب منه ونهر عيسى تجري فيه السفن من الفرات إلى بغداد وليس به سد ولا حاجز وأما نهر الصراة فلا تقدر السفن على ركوبه لكثرة أسداد الأرحاء المتخذة عليه وعلى نهر عيسى مدينة بادوريا ولها ديوان مفرد من أجل الدواوين وتنفجر فيها أنهار كثيرة تشق أسواقها ومحلاتها وعليها المباني والدور والبساتين والضياع.

وبين بغداد والكوفة سواد متصل وأعمال غير متميزة تخترق إليها أنهار من الفرات أولها مما يلي بغداد نهر صرصر وعليه مدينة صرصر تجري فيه السفن وبين مدينة صرصر وبغداد تسعة أميال وهي مدينة عامرة كثيرة التجار والأسواق وبها فواكه وخير وافر ولا سور لها ولها جسر من مراكب يعبر الناس عليه ومن هذا النهر إلى نهر آخر وبينهما ستة أميال وهو نهر كبير ماؤه غزير ويسمى نهر الملك وعليه مدية حسنة عامرة آهلة كثيرة النخيل والأشجار ولها جسر من مراكب يعبر عليه ومن هذا النهر إلى قصر ابن هبيرة وهي مدينة كبيرة عامرة ذات أسواق وعمارات وهي أعمر البلاد التي في نواحي السواد وأفرها أموالاً وأكثرها نفعاً وهي على غلوة من الفرات ومنها إلى بغداد ثلاث مراحل خفاف.

ثم تمر من قصر ابن هبيرة إلى مدينة سورا وهي بناحية الفرات وهي في ذاتها مدينة حسنة متوسطة القدر ذات سور وأسواق وبها عمارة كافية ونخيل وأشجار وبساتين وفواكه جمة وزراعات واسعة ومنها ينصب الفرات إلى سائر سواد الكوفة ويقع الفاضل منه في البطائح وكذلك أيضاً كربلاء موضعها من غربي الفرات فيما يحاذي قصر ابن هبيرة وبها قبر الحسين بن علي وله مشهد عظيم في أوقات من السنة وسائر المياه تنصب في البطائح فيتكون عنها بطيحات كثيرة ومناقع مياه عليها قرى وأعمال.

ومن مدينة بغداد إلى النهروان في الجهة الشرقية اثنا عشر ميلاً وهي مدينة صغيرة يشقها نهر النهروان في وسطها ويفضي فضله إلى سواد بغداد إلى إسكاف بني جنيد وجرجراي وبين جرجراي والنهروان مرحلتان وللنهروان بساتين وجنات وقرى عامرة وغلات نافعة وخيرات وافرة فإذا جزت النهروان إلى الدسكرة إلى حدود حلوان على حد طريق خراسان جفت المياه وقلت الثمرات ومن النهروان إلى بعقوبا على النهر وبينهما أربعة وعشرون ميلاً.

والطريق من بغداد إلى حلوان من بغداد إلى النهروان اثنا عشر ميلاً ومنها إلى دير بارما اثنا عشر ميلاً ومن بارما إلى الدسكرة أربعة وعشرون ميلاً والدسكرة مدينة صغيرة بها نخيل وزروع وهي عامرة وبخارجها حصن من طين داخله فارغ وهو مزرعة يقال إن الملك كان يقيم به في بعض فصول السنة فسمي بذلك دسكرة الملك ومن الدسكرة إلى جلولاء أحد وعشرون ميلاً وجلولاء مدينة صغيرة ومنها إلى خانقين سبعة وعشرون ميلاً وخانقين مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى قصر شيرين ثمانية عشر ميلاً.

ومن قصر شيرين يفترق طريقان طريق ذات اليسار إلى شهرزور وطريق آخر يأخذ مشرقاً إلى حلوان فمن أراد شهرزور سار من قصر شيرين إلى ديزكران ستة أميال ومن ديزكران إلى شهرزور أربعة وخمسون ميلاً ومدينتها نيم راه أي نصف الطريق إلى المدائن من بيت نار الشيز ومن أراد مدينة حلوان سار من قصر شيرين إلى حلوان خمسة عشر ميلاً فذلك من بغداد إلى حلوان ست مراحل وهي من الأميال مائة ميل وأربعة عشر ميلاً ومدينة حلوان مدينة كبيرة في سفح الجبل المطل على العراق وقدرها نحو نصف قدر الدينور وبينها وبين الجبل ستة أميال ولها نخيل كثير وليس بالعراق بعد البصرة والكوفة وواسط أعمر منها ولا أكبر ولا أخصب وجل ثمارها شجر التين وليس بالعراق مدينة تقرب من الجبل غيرها وربما سقط الثلج بها وأما جبلها فالثلج يسقط به دائماً.

والطريق من مدينة بغداد إلى البصرة من بغداد إلى المدائن خمسة عشر ميلاً والمدائن على غربي دجلة وهي مدينة صغيرة جاهلية كسروية بها آثار هائلة وبقايا من شامخ البناء عظيمة على أن أكثر صخر مبانيها انتقل وينتقل إلى بغداد وهي منها على مرحلة وكانت في القديم مسكن الأكاسرة وبها إيوان كسرى الكبير المضروب به المثل في شماخته ووثاقته وهو مبني من آجر وجص ولم يسبق للأكاسرة بنيان مثله ويعرف إقليمها بأرض بابل وقرية بابل هذه قرية صغيرة وكانت قبل مدينة كبيرة وهي أقدم أبنية العراق في زمن الكنعانيين وسكنوها وتداولي ملوكهم عمارتها وبها بقايا بنيان وآثار قائمة تخبر أنها كانت فيما مر من الأزمان مصراً عظيماً ويروى في بعض التواريخ أن الضحاك أول من بناها وسكنها التبابعة ودخلها إبراهيم عليه السلام.

وإلى جانبها شرقاً مدينة كوثاربا وهي مدينة صغيرة يقال إنه بها طرح إبرهيم عليه السلام في النار وكوثاربا مدينتان إحداهما تعرف بكوثا الطريق والأخرى كوثاربا تلال من رماد عالية قد لزق بعضه ببعض ويقال إنه رماد نار النمرود بن كنعان التي طرح فيها إبراهيم عليه السلام وبقرب المدائن على الفرات مدينتا الجامعان وهما صغيرتان على الفرات ولهما رستاق عظيم عظيم عامر خصيب.

ومن المدائن مع دجلة إلى جرجرايا أربعون ميلاً ومدينة جرجرايا مدينة صغيرة ومنها إلى جبل خمسة وعشرون ميلاً وجبل أيضاً مدينة صغيرة المقدار وبها يصب نهر النهروان ومنها مع دجلة إلى واسط أربعون ميلاً ومن واسط إلى نهر أبان إلى الفاروث إلى دير العمال إلى الحوانيت إلى القطر ثم في نهر أبي الأسد ثم في دجلة العوراء ثم في نهر معقل ثم في فيض البصرة إلى البصرة ومن واسط إلى حد الأهواز مائة ميل.

وفي الجانب الغربي والشرقي من دجلة من المدن العامرة مدينة واسط ومدنية المذار والمفتح وبيان وسليمانان والأبلة وموضعها تحت بيان وسليمانان وقد تقدم لنا ذكر هذه البلاد كلها حسب ما وجب.

وبقي لنا الآن أن نذكر بلاد الجبال فنقول إن الجبال تشتمل على مدن مشهورة ومعاقل مذكورة وأعظمها همذان والدينور وإصبهان وقم وبها جمل بلاد أصغر من هذه مثل قاشان ونهاوند واللور والكرج والبرج وأبهر وزنجان وقزوين وإن كان بعض الناس يرى أنها من بلاد الديلم.

ونبدأ من ذلك بذكر همذان فنقول إن همذان مدينة كبيرة القطر كثيرة العامر ولها أسواق وتجارات دائرة وأهلها أهل نبالة وأدب وفضل ومروة وأسعارها مع الأيام مرفقة وبها كثير الأغنام واللحمان السمان والألبان والأجبان.

والطريق من همذان إلى حلوان من همذان إلى أسداباذ خمسة وأربعون ميلاً وفي كتاب ابن خرداذبه أربعة وعشرون ميلاً ومدينة أسداباذ مدينة صالحة كثيرة الأسواق والتجارات ولها رساتيق كثيرة ومزارع متصلة ومن أسداباذ إلى قصر اللصوص أحد وعشرون ميلاً وهي مدينة لطيفة حسنة بهية المنظر رصيف لمن ورد وصدر ومن قصر اللصوص إلى ماذران أحد وعشرون ميلاً وهي مدينة صغيرة وفيها عمار وصناع ومنها إلى قنطرة النعمان خمسة عشر ميلاً وهو واد صغير ومنها إلى قنطرة أبي أيوب اثنا عشر ميلاً ومنها إلى بهستون وهو جبل عال عليه قرية تدعى سايسانان وفي هذا الجبل كهف منقور مصور فيه كسرى على فرس ويعرف بشبداز ومن بهستون إلى قرماشين وتروى قرمازين بالزاي أربعة وعشرون ميلاً وهي مدينة لطيفة بها أسواق وتجارات وديار حسنة وأموال مصرفة وسائمة وعيون متدفقة ومياه جارية ومن قرماشين إلى الزبيدية أربعة وعشرون ميلاً وهو منزل حسن ومن الزبيدية إلى مرج القلعة سبعة وعشرون ميلاً وهي مدينة ذات سور تراب لطيف لكنها حسنة المنازل والمتنزهات كثيرة المرافق والخيرات ولها مياه جارية وأغنام كثيرة ومن المرج إلى حلوان ثلاثون ميلاً وقد سبق ذكر حلوان.

والطريق من همذان إلى الدينور من همذان إلى أسداباذ على نص ما قد سبق أربعة وأربعون ميلاً ومن صحنة سبعة وعشرون ميلاً ومن صحنة إلى الدينور أربعة وعشرون ميلاً والدينور مدينة كثيرة الثمار والزروع خصيبة وأهلها أرق طبعاً من أهل همذان وفيها مياه خيرة وبساتين جمة والطريق من همذان إلى الري من همذان إلى ساوه تسعون ميلاً وساوه مدينة على ظهر طريق العراق صالحة الحال كثيرة الجمالين وأكثر الحجاج إلى مكة يحجون على جمالهم ومن ساوه إلى الري خمسون ميلاً.

والري مدينة كبيرة وكان طولها في أول الزمان أربعة أميال ونصفا في مثلها ولها سور من تراب وبناؤها بالطين والجيار والجص والآجر ولها أبواب كثيرة وأسواق عامرة وتجارات دائمة ولها حصن وفيه مسجد جامع وأكثر المدينة خراب ولها ربض عامر ومياهها كثيرة وإنما شربهم من الآبار والقنى المجلوبة إليهم ولها واديان أحدهما يشق المدينة ويمر بسوق الروذه واسم هذا الوادي سوريني والوادي الآخر يسمى الجيلاني ويجري على حاشية المدينة وهو نظيف ومنه شربهم.

والطريق من حلوان إلى الري قصداً من المغرب إلى المشرق من حلوان إلى قرية ماذرواستان اثنا عشر ميلاً ثم إلى قصر يزيد اثنا عشر ميلاً ثم إلى الزبيدية ثمانية عشر ميلاً ثم إلى قصر عمرو اثنا عشر ميلاً ثم إلى قرماشين تسعة أميال وماسبندان منها على تسعة أميال يسرة وأنت تريد طريق خراسان ثم إلى الدكان أحد وعشرون ميلاً فمن أراد نهاوند وإصبهان أخذ من الدكان على اليمين إلى ماذران المتقدم ذكرها ثم إلى نهاوند وهي إحدى كور الجبل.

وكور الجبل همذان والروذراور و بروجرد والكرج وفراونده وقصر اللصوص وصحنة وأسداباذ والمرج وطزر وحومة سهرورد وشهرزور وزنجان وأبهر وسمنان وقم وقاشان وروذه وبوسته والكرج والبرج وإصبهان وخان لنجان وبارما ومدينة الصيمرة وماسبذان ومهرجان قذق وماه الكوفة وهي الدينور وماه البصرة وهي نهاوند وهمذان وقم.

ومن الدكان إلى قصر اللصوص أحد وعشرون ميلاً ثم إلى أسداباذ أحد وعشرون ميلاً ثم إلى قرية العسل تسعة أميال ثم إلى وظيفة همذان سبعة فراسخ ثم إلى همذان خمسة عشر ميلاً ومن همذان إلى قرية أذرنو خمسة عشر ميلاً ثم إلى طرزة اثنا عشر ميلاً ثم إلى طرزة اثنا عشر ميلاً وهي قرية ثم إلى الأساورة اثنا عشر ميلاً والأساورة قرية كبيرة كالمدينة ذات سوق ثم إلى داوداباذ اثنا عشر ميلاً ثم إلى قرية سوسنقين تسعة أميال ثم إلى ساورة خمسة عشر ميلاً وساورة مدينة وقد سبق ذكرها ومن ساورة إلى مشكويه سبعة وعشرون ميلاً ثم إلى الري أحد وعشرون ميلاً.

والطريق من همذان إلى إصبهان من همذان إلى رامن أحد وعشرون ميلاً ورامن مدينة صالحة الحال ومن رامن إلى بروجرد ثلاثة وثلاثون ميلاً وبروجرد أيضاً مدينة أكبر من رامن وأحسن حالاً في جميع الوجوه وفواكهها كثيرة وتحمل منها إلى الكرج وغيرها حتى إلى همذان وإلى الري ومن بروجر إلى الكرج ثلاثون ميلاً والكرج منازل أبي دلف وهي أيضاً مدينة كبيرة أكبر من بروجرد وأكثر عمارة منها وأغزر أمواه وأكثر تصرفاً في الصناعات والتجارات ومن الكرج إلى البرج ستة وثلاثون ميلاً والبرج أيضاً مدينة حسنة الحال ومن البرج إلى قرية خونيجان ثلاثون ميلاً ومن خونيجان إلى إصبهان تسعون ميلاً لا مدينة فيها.

والطريق من همذان إلى خوزستان فمن همذان إلى الروذراور سبعة وعشرون ميلاً والروذراور إقليم حسن وناحية شريفة ينبت بها الزعفران الذي ليس على قرار الأرض مثله ومدينته مدينة كرج الروذراور وهي مدينة صغيرة ومن الروذراور إلى نهاوند أحد وعشرون ميلاً.

ونهاوند مدينة جليلة على جبل ذات سور من طين وبناؤها طين ولها بساتين وجنات وفواكه ومتنزهات ومياهها كثيرة وهي كثيرة التجارات والرساتيق والعمارة.

ومن نهاوند إلى لاشتر ثلاثون ميلاً ومن لاشتر إلى الشابر خاست إلى اللور تسعون ميلاً لا مدينة فيها ولا قرية ومن اللور إلى قنطرة أندامس إلى جندي سابور ستة أيام ومن همذإن إلى ساوه تسعون ميلاً ومن ساوه إلى قم ستة وثلاثون ميلاً تقطع في يومين.

وقم مدينة حسنة كبيرة وكذلك قاشان مدينة جليلة وكلاهما ذواتا أسواق وتجارات والغالب على أهل قم التشيع وعلى أهل قاشان الحشوية.

والطريق من همذان إلى قزوين من همذان إلى بارسيان ثلاثون ميلاً ومن بارسيان إلى أود أربعة وعشرون ميلاً ومن أود إلى قزوين يومان وليس بين قزوين وهمذان مدينة وليس لقزوين أيضاً قرين في كثير من البلاد وبها أسواق وتجارات وعمارات متصلة وأهلها لهم مروءات و آداب ونفوذ في العلوم.

ومن همذان إلى الدينور نيف وستون ميلاً ومن الدينور إلى شهرزور أربع مراحل وكذلك من حلوان إلى شهرزور أربع مراحل ومن الدينور إلى الصيمرة خمس مراحل ومن الدينور إلى السيروان أربعة مراحل ومن السيروان إلى الصيمرة يوم ومن اللور إلى الكرج ست مراحل ومن إصبهان إلى قاشان ثلاث مراحل ومن قم إلى قاشان مرحلتان ومن قم إلى ساره يومان. وإصبهان مدينتان إحداهما تعرف باليهودية والأخرى شهرستان وبينهما مقدار ميلين وفي كل مدينة منهما منبر واليهودية أكبر من شهرستان مرتين وبناؤهما من طين وهما أخصب مدن الجبال وأوسعها وأكثرها أهلاً وأموالاً وهي فرضة لفارس والجبال وخراسان وخوزستان وهي كثيرة الجمال وجمالاتهم صالحة للحمولات والسفر وبمدينة إصفهان طرز تصنع بها الثياب العتابية والوشي وسائر ثياب الحرير وثياب القطن والتجار يقصدونها لاستخراج ذلك منها ويتجهزون به إلى كل الجهات وبها من الزعفران كل شيء حسن وليس بعد الري أكبر من إصبهان. ومن حلوان إلى السيروان مرحلتان كبيرتان ومن السيروان إلى الصيمرة مرحلتان ومن السيروان إلى اللور مرحلتان وتؤخذ في مرحلة كبيرة وهي في سفح الجبل ومنها إلى مدينة بغداد تسع مراحل. والسيروان والصيمرة مدينتان صغيرتان غير أن الغالب على بنائهمم الجص والحجر يشبه بناء الموصل وفيهما فواكه كثيرة كالتمر والجوز وجميع ثمار الصرود وبهما مياه كثيرة تجري في أسواقهما وأكثر ديارهما وهما في نهاية النزه وحسن البقع. وأما قزوين فهي مدينة حسنة وهي ثغر لبلاد الجبل وبينها وبين الري تسعون ميلاً ومنها إلى مستقر ملك الديلم ستة وثلاثون ميلاً والطالقان أقرب إلى الديلم منها وليس لقزوين ماء جار إلا مقدار شربهم وماؤهم يجري في قناة إلى الجامع وهو ماء ليس بصادق الحلاوة. وأما مدينتا أبهر وزنجان فصغيرتان حصينتان كثيرتا المياه والأشجار والزروع وزنجان أكبر من أبهر وأهل أبهر أحذق وأنبل طباعاً وأهل زنجان تدركهم غفلة وجهل وبين زنجان والدينور تسعون ميلاً. وتتصل بأرض البهلويين وهي أرض الجبال كورة طبرستان وطبرستان بلاد كثيرة عامرة كثيرة المياه والثمار والأشجار والغياض بها كثيرة وأبنيتها الخشب والقصب والمطر عندهم في أكثر الأوقات ومن مدن طبرستان آمل وناتل وكلار وميلة وما مطير وسارية وطميسة وأستاراباذ وجرجان ودهستان وآبسكون وشالوس وموقان والطالقان وويمه وخوار وسمنان والدامغان وبسطام ورويان وترنجي وجبال الديلم والمدخل إلى طبرستان من الري على شالوس وشالوس مدينة على نحر البحر الملح وهذا البحر يسمى بحر الخزر ويعرف أيضاً ببحر طبرستان وسنذكره في موضعه إذا بلغ بنا القول إليه بحول الله تعالى. والطريق من الري إلى آمل من الري إلى برزيان مرحلة خفيفة ومن برزيان إلى نامهند مرحلة وهي مدينة كبيرة ومنها إلى أشك مرحلة ومن أشك إلى بلور مرحلة ومن بلور إلى آمل مرحلة. ومن آمل إلى عين ألهم على البحر مرحلة وبقرب هذه العين يصب نهر آمل في البحر. والطريق من الري إلى ناحية الجبال من الري إلى قسطانة مرحلة ومن قسطانة إلى مشكويه مرحلة ومن مشكويه إلى ساوه سبعة وعشرون ميلاً. والطريق من الدينور إلى المراغة ثم إلى أردبيل من الدينور إلى الخبارجان سبعة وعشرون ميلاً وهي مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى تل وان ثمانية عشر ميلاً ومنه إلى سيسر أحد وعشرون ميلاً ثم إلى أندراب اثنا عشر ميلاً وأندراب مدينة ومنها إلى البيلقان خمسة عشر ميلاً وهي مدينة طيبة ذات أشجار وبساتين وثمار على أنهار وعلى هذه الأنهار أرحاء طاحنة فمن أخذ مشرقاً إلى برذعة سار أربعة وعشرين ميلاً ومدينة برذعة كبيرة طولها ثلاثة أميال في عرض دونها وهي نزيهة خصيبة ذات أشجار وأنهار ومياه جارية وهي أم بلاد الران كلها ومن قصد أردبيل سار من البيلقان إلى برزه ثمانية عشر ميلاً وبرزه من أرض أرمينية ومن برزه إلى ابرخست وهي قرية أربعة وعشرون ميلاً ثم إلى المراغة أحد وعشرون ميلاً. والمراغة مدينة حسنة كثيرة الخصب والفواكه نزيهة الأقطار لها بساتين وجنات وزراعات وغلات وخيرات رساتيقها ممتدة وخيراتها شاملة ويجلب إليها من بعض قراها بطيخ يعرف بالأردهري مستطيل أحمر الداخل أخضر الخارج طعمه يزيد على العسل في حلاوته. ومن المراغة إلى داخرقان ثلاثة وثلاثون ميلاً ثم إلى تبريز سبعة وعشرون ميلاً ثم إلى مرند ثلاثون ميلاً ثم إلى الخان اثنا عشر ميلاً ثم إلى خوي ثمانية عشر ميلاً ثم إلى كولسره ثلاثون ميلاً ثم إلى النير خمسة عشر ميلاً ثم إلى أردبيل. ومدينة أردبيل مدينة حسنة كبيرة وهي دار الإمارة وبها الأجناد والمعسكر وتكون أعمالها تسعين ميلاً في مثلها وأبنيتها من الطين والآجر وأسعارها أبداً موافقة وتجاراتها نافقة ولها رساتيق كثيرة ويليها في الكبر المراغة وقد قدمنا ذكرها. والطريق أيضاً من مدينة أردبيل إلى زنجان من أردبيل إلى قنطرة سبيذروذ مرحلة ومن سبيذروذ إلى سراه يوم ومن سراه إلى توى يوم ومن توى إلى زنجان مرحلتان. وسراه قصر كبير كالمدينة له سوق ومشهد شبيه بالموقف من الحج بل هو أحفل وحكى عنه الحوقلي كثيراً حتى إنه أخرجه عن حد الوصف. وسراه في طريق المراغة لمن جاء من أردبيل ومن شاء سار من أردبيل إلى الميانج ستين ميلاً والميانج مدينة صالحة في ذاتها رفيهة نزيهة مرفقة رخيصة الأسعار كثيرة البساتين والأشجار والمياه الغدقة ومن الميانج إلى الخونج مرحلة وهي أيضاً مدينة حسنة ذات بيع وشراء وصناعات وأموال متصرفة وفيها مرصد على ما يخرج من أذربيجان إلى نواحي الري من الرقيق والدواب وضروب التجارات والأغنام والأبقار. ومن الخونج إلى أذربيجان مرحلة كبيرة وكذلك من الميانج إلى زنجان على غير الخونج مرحلتان ومن أردبيل إلى موقان على نحر البحر يومان. والطريق من شهرزور إلى المراغة من شهرزور إلى حدران وهي قرية للأكراد في حضيض الجبل مرحلة في طريق صعب ومن حدران إلى فوق وهو حصن قليل العمارة في ملك الأكراد مرحلة ثم إلى نريز مرحلة ثم إلى المراغة مرحلتان.

والطريق من جزيرة ابن عمر إلى بلاد أرمينية من جزيرة ابن عمر إلى التل مرحلة والتل قرية كالمدينة عامرة وهي على نهر سريط ومن التل إلى جبل جوغان على نهر سريط مرحلة وهناك معدن حديد جيد يستخرج منه الكثير ويحتمل إلى كثير من الآفاق ومن جبل جوغان إلى الجبل مرحلة والمنزل في أعلاه وهناك عيون مندفقة ومياه جارية وزراعات للأكراد والثلوج تنزل هناك شتاءً وصيفاً لا تفتر في حال ومن الجبل ينحدر السالك إلى مذلان وهي مدينة خراب وكانت كبيرة غير أن الأكراد تغلبت عليها وأتت على أهلها فغيرت نعمهم وفر منها ساكنوها فهي الآن خراب ومن مذلان إلى مرصان مرحلة ثم إلى سلماس من أرمينية مرحلة.

وسلماس مدينة على بعد من بحيرة كبوذان وهي بحيرة ملحة الماء ليس فيها دابة ولا سمك وفيها مراكب كثيرة تختلف من أرمية والمراغة وأعمال تبريز وداخرقان وحواليها من جميع جهاتها قرى عامرة ورساتيق متصلة وبين هذه البحيرة والمراغة من شرقيها خمسة عشر ميلاً وبينها وبين أرمية من غربيها ستة أميال وبين داخرقان وهذه البحيرة اثنا عشر ميلاً وطول هذه البحيرة أربع مراحل بين الشمال والجنوب وعرضها بين المراغة وأرمية نحو ستين ميلاً وتكون فيها أمواج عظام في الشتاء تذهب فيها المراكب وفي وسط هذه البحيرة أجبال مسكونة لكنها منيعة يسكنها أصحاب المراكب بعيالاتهم ومياههم رديئة قليلة وقد ذكرنا من أخبار البلاد المضمنة في هذا الجزء ما فيه كفاية والله المستعان.

نجز الجزء السادس من الإقليم الرابع والحمد لله ويتلوه الجزء السابع إن شاء الله تعالى.