نصب العشق لعقلي شركا
نَصبَ العشقُ لعقلي شَركا
نَصبَ العشقُ لعقلي شَركا
مِن جعودٍ كم سبت ذا ولعِ
ومِن الحظِ بقلبي فتكا
بسهامٍ ليتها لم تُنزعِ
يا نَديميَّ على الوردِ الندي
مِن خدودِ الخرّدِ الغيدِ الكعابْ
غَنّياني بِلعوبٍ بالعشيّ
ليس غيرَ العطر تدري والخضاب
قد حوى مرشفُها العذبُ الشهي
شهدةً قد لقّبوها برضاب
أَطرِباني ودعا من نسكا
إنّما الجنةُ تحتَ البرقعِ
في محيّا ذاتِ قَدٍّ قد حكى
قمرَ التمِّ بأبهى مطلعِ
عَلَّلاني برشُوفٍ ثغرُها
مرتوٍ خلخالُها، عطشى الوشاح
غضةِ الجيدِ، رهيفٍ خضرُها
لم تكن تبسم إلاّ عن أُقاح
طَرقت زائرةً تستُرُها
طرّةٌ في ليلها تعمي الصباح
بتُّ لا أجذبُها إلاّ اشتكى
خصرها ممّا تلوّى ولعي
لفَّنا الشوقُ وقال احتبكا
بعناقٍ وبضّمٍ ممتعِ
غادةٌ قامتها الغصن الوريق
فوقها ريحانةُ الفرعِ تَرِفّ
صدغُها والخدُّ آسٌ وشقيق
فتروَّح وإذا شئتَ اقتطف
خالُها والريقُ مسكٌ ورحيق
فتنشَّق وكما تَهوى ارتشفِ
نصبت ألحاظُها مُعتركا
غير عُذريّ الهوى لم يجمع
جفنُها في سيفهِ كم سفكا
من دمٍ لولا الهوى لم يَضِعِ
معرَكٌ للشوقِ كم فيه مُقام
لأخي قلبٍ من الوجدِ صديع
وبه كم قلَّبت أيدي الغرام
بين ألحاظِ الغواني مِن صريع
ودعت حوراؤه: موتوا هيام
فلدينا أجرُكم ليسَ يضيع
في سبيلِ الحبّ مَن قد هلكا
فمعي يُمسي ومَن يمسي معي
كان في جنَّةُ حسني مَلِكا
أين ما مدَّ يداً لم يمنعِ
أقبلت سكرى ومِن خمرِ الصِبا
عَطَفتَها نشوةُ الدَّلِّ عَليك
تَسرقُ النظرةَ من عينِ الضِبا
وبلحظ فاترٍ ترنو إليك
تخذت ماشطةً كفَّ الصَبا
كلّما رَجّلت الجعدَ لدَيك
نَثرت مِسكاً بذي البانِ ذكا
فسرت نفحتُّهُ في لَعلَع
كم تستّرتُ بها فانهتكا
ذلك السترُ بطيب المضجع
ونديمٍ لفظُه العذبُ الرخيم
كنسيمِ الورد في رقّته
قبلَه ما خلتُ وُلدانَ النعيم
بعضُهم يُسرقُ من جَنتّهِ
إنّما آنست يا قلبي الكليم
شُعلةً بالكاسِ مِن وَجنتهِ
لا تقل كيفَ من الكاس ذكا
جمرُ خديه معاً في أضلعي
فذُكاً وهي تَحلُّ الفَلكا
أن تُقابَل بزجاجٍ تَلذعِ
عَدِّ عن ذكرِك ربّاتِ الخدور
وأَعد لي ذكرَ أربابِ الحسب
وأَدر راحَ التهاني والحبور
للندامى واطَّرح بنتَ العنب
فصَبا الأفراحِ عن نَورِ السُرور
فتَّحت يا سعدُ أكمامَ الطرب
والعُلى والمجدُ بشراً ضحِكا
في ختانٍ قال للشمسِ اطلعي
إن يكن قطعاً ففيه اشتركا
بسرورٍ ليس بالمنقطع
طاولُوا الشمَّ بني الشمِّ الرعان
والبسُوا الفخرَ على طولِ السنين
ما أتمَّ المجدُ فيكم فالزمان
منكُم العليا به في كلِّ حين
لم تلد إلاّ «غنياً» عن ختان
"وسليمٍ" عن زياداتٍ تشين
كلُّهم في منبتِ العزّ زكا
وكطيبِ الأصل طيبُ المفرع
من ترَى منهم تخله مَلكا
قد تراءى بشراً في المجمع
لكم البُشرى ذوي الفخر الأغر
بسليلي أكرمِ الناسِ قبيل
لستُ أدري أفهل أنتم أَسرّ
بَهما اليومَ أم المجدُ الأثيل
وهل العلياءُ عيناها أقرّ
بهما أم عينُ ذي الرأي الأصيل
مصطفى المعروف مَن لو مَلكا
حوزةَ الأقطارِ لم تتسع
لأياديكم بها قد سمكا
مِن سماءٍ لعلاءٍ أرفع
إن أقل: يا بدرَ مجدٍ زَهَرا
وبزعمي غايةَ المدحِ بَلغت
قالَ لي البدرُ: كفاني مَفخرا
فبتشبيهك لي فيهم مَدحت
أو أقل: يا بحر جودٍ زَخرا
قال لي البحر: لماذا بي سَخرت
قستَ من لورام فخراً لا تكن
وكفى عنّي بُصغرى إصبع
كم بها بخلَّ غيثاً فبكى
وغدا ينحبُ بالرعد معي
واحداً في كلِّ فِضلٍ منفرد
بمزاياً في الورى لم تكنِ
حلف الدهرُ به أن لا يلد
للعُلى مثلاً له في الزمن
لا تخلها حِلفةَ لم تنعَقد
فَبِها استثنى له بالحسن
ذاكَ من أُصعِدَ حتى أدركا
ذُروَةَ المجدِ التي لم تطلع
كم من المجدِ سماءً سَمكا
لاح والشمس بها من مطلع
ذو مزاياً سُقيتَها روضتُه
فارتوت بالعذبِ من ماءِ النُهى
كمُلت عندَ المعالي نهضتُه
لو بها شاءَ إذاً حطَّ السُهى
وهو الغيثُ ولكن ومضتُه
تُنبِت الشكرَ بمنهلّ اللهى
مثلما ينبت طوراً حسكا
في عيونٍ حسداً لم تهجع
أعينٌ ليت الكرى إن سَلَكا
بين جفنيها جَرى في الأدمع