نفى هم شيبي سرور الشباب
نَفَى همُّ شيبي سرورَ الشبابِ
نَفَى همُّ شيبي سرورَ الشبابِ
لقد أظلمَ الشيبُ لمّا أضاءَ
قضيتُ لظلَ الصبا بالزوال
لمّا تحوّلَ عنِّي وفاءَ
أتعرفُ لي عن شبابي سُلُوّا
ومَن يجدِ الداءِ يبغٍ الدواءَ
أأكسو المشيبَ سوادَ الخضابِ
فأجعلَ للصبح ليلاً غطاء
وكيفَ أُرَجِّي وفاءَ الخضاب
إذا لم أجِدْ لشبابي وفاءَ
وريحٍ خفيفة ِ رَوْحِ النسيمِ
أطّتْ بليلاً وهبّت رُخاء
سرت وحياها شقيق الحياة ِ
على ميِّتِ الأرضِ تُبْكِي السماءَ
فمن صَوْتِ رَعْدٍ يسوق السحابَ
كما يسمعُ الفحلُ شولاً رغاء
وتُشْعلِ في جانبيها البروقُ
بريقِ السيوف تُهزّ انتضاء
فبتّ من الليل في ظلمة ٍ
فيا غُرّة َ الصبح هاتي الضياءَ
ويا ريحُ إمّا مريتِ الحيا
وروّيْتِ منه الربوعَ الظماءَ
فسوقِي إليّ جهامَ السحابِ
لأملاهنّ من الدمع ماء
ويسقي بكائي ربع الصبا
فما زالَ في المحل يسقى البكاء
ولا تُعطِشي طللاً بالحمى
تداني على مُزْنَة ٍ أو تناءى
وإن تَجْهَلِيه فَعِيدانُهُ
لبستُ النّعِيم بها لا الشقاءَ
يطيّب طيبُ ثراها الهواء
ولي بينها مهجة ٌ صبّة ٌ
تزودتُ في الجسم منها ذماءَ
ديارٌ تمشّتْ إليها الخطوبُ
كما تتمشى الذئابُ الضراء
صحبتُ بها في الغياض الأسود
وزرتُ بها في الكناس الظباء
وراءك يا بحرُ لي جَنّة ٌ
ليس النّعيم بها لا الشقاء
إذا أنا حاولت منها صباحاً
تعرضتَ من دونها لي مساء
فلو أنّني كنتُ أعطي المنى
إذا مَنَعَ البحرُ منها اللِّقَاءَ
ركبتُ الهلالَ به زورقاً
إلى أن أعانقَ فيها ذُكاء