نقيل مع الدنيا وقد أورقت لنا

نقيلُ مع الدنيا وقد أورقت لنا

​نقيلُ مع الدنيا وقد أورقت لنا​ المؤلف مهيار الديلمي


نقيلُ مع الدنيا وقد أورقت لنا
إلى دوحةٍ لا ظلَّ فيها ولا جنى
ونغترُّ عُجبا بالبقاءِ وإنما
بقاؤك يا مغرورُ ساقَ لك الفنا
أقمتُ وسار السابقون فسرَّني
وماظعنَ الجيرانُ إلا لأظعنا
وصوَّت دهري باسم غيري مغالطا
وإنيوإن لم يسمِ أوَّلُ من عنى
وكيف نرجِّي ودَّ يوم وليلةٍ
يزيدان مما يُعديان بنقصنا
يسيغ أبونا الدهرُ منّا دماءنا
وتأكلنا من هذه الأرض أمُّنا
ألا طرقتْ صمَّاءُ لا تفهم الرُّقى
ولا ترهبُ الحاوين مسرىً ومكمنا
لأبنائنا ما فوَّقتْ من نبالها
رمتْ أعزلاً أو دارعا متحصِّنا
أصابتْ صميما من رجالٍ أعزّةٍ
عليّ نحتهم والمصابُ بها أنا
أحبّاي مدّ الدهرُ نحو حبيبهم
يدا لم تصافح قطُّ إلا لتغبنا
تراءت عيونُ الخطب خزرا لعينهم
ألا ليت أعمى ناظراً لهمُ رنا
سقى الله قبرا بالخضيريّة الحيا
فخضَّره ما أمطرَ المزنُ أدكنا
أميلوا أميلوا من هوادي جيادكم
إليه فحيّوا نخبةَ المجد والسنا
قفوا جرِّدوها واعقلوها عقيرةً
ليهزلها فقدانُ من كان أسمنا
ومجرورة مبروزة من سروجها
مكسّرة من حولها البيضُ والقنا
لعلّ أبا نصرٍ يردُّ تحيّةً
وما هو إلا فاعلٌ لو تمكّنا
أيا صاحبي والترب بيني وبينه
برغمي ما اخترتُ الثرى لك مسكنا
عهدتك منّاعا أبيّا فما الذي
خدعتَ به فانقدتَ للموت مذعنا
نعاك لي الناعي فما كدتُ منكرا
ليومك وهو الحقُّ أن أتيقَّنا
فشكَّكتهُ مستوحشا من سماعه
وعمَّيته حتى انجلى وتبيَّنا
أصابَ الردى من شاءَ بعدك إنني
أرى كلَّ يومٍ بعدَ يومك هيّنا
لخولستُ منك البدرَ ليلةَ تمِّهِ
وجوذبتُ منك الغصنَ ساعةَ يجتنى
وكنت لآمالي الفسيحة مسرحا
لو أن المنايا فيك أمهلتِ المنى
عركتَ بقرنٍ لا هوادةَ عنده
فعمَّق مااسطاعَ الجروحَ وأثخنا
إلى ساعةٍ لا يبلغُ الكيُّ داءها
ولم تشفَ منها جلدةُ القرفِ بالهنا
ومازلتُ من أخذ الضنا منك مشفقا
عليك إلى أن جاء ما هوَّن الضَّنا
وأستبعدُ اليومَ الذي فيه راحةٌ
لما تشتكي حتى دنا شرَّ ما دنا
أبا طالبصبرا وإن كان معوزا
فلا فضلَ في صبرٍ إذا كان ممكنا
سلبتَ أخاً فاحفظ عليك ثوابه
فما نمنِ الله الثوابَ لتحزنا
بكرهى أصفيتُ المودّة باكيا
له وقضيتُ الحقَّ فيه مؤبِّنا
على أنه لو هالكٌ رده البكا
نثرنا خدودا في ثراه وأجفنا
وكان خبالا في رزيَّة مثلهِ
ولؤماً بدمع أن يصانَ ويُخزَنا
ولكنَّه ما لان جنبٌ لطارقٍ
من الدهر إلا كان أصعبَ أخشنا
ومن نازَل الأحداثَ بالدمع والبكا
فمقلتهُ أدمى وأضلعهُ حنا