نهر كما سال اللمى سلسال

نَهرٌ كما سالَ اللَّمَى سلسالُ

​نَهرٌ كما سالَ اللَّمَى سلسالُ​ المؤلف ابن خفاجة


نَهرٌ، كما سالَ اللَّمَى، سلسالُ،
وصَباً بَليلٌ، ذَيلُها مكسالُ
ومَهَبُّ نَفحَةِ رَوضَةٍ مَطلُولَةٍ،
في جلهتيها للنسيمِ مجالُ
غازَلتُهُ،والأقحوانَةُ مَبسِمٌ،
و الآسُ صدغٌ والبنفسجُ خالُ
و وراءَ خفاقِ النجادِ ضبارمٌ
يسري به خلفَ الظلامِ خيالُ
ألقى العصا في حيثُ يعثرُ بالحصى
نهر، وتَعبثُ بالغُصونِ شَمالُ
و كأنّ مابينَ الغصونِ تنازعٌ
فيهِ، وما بَينَ المِياهِ جِدالُ
و أربّ يبردُ من حشاه مكرعٌ
خَصِرٌ، يَسحّ، وتَلعةٌ مِخضالُ
ما بينَ روضةِ جدولينِ كأنما
بُسِطَتْ يَمينٌ منهما وشِمالُ
مثلُ الحبابِ بمنحناهُ ذؤابةٌ
خَفّاقَةٌ، حَيثُ الرّبَى أكفالُ
و انسابَ ثاني ممعطفيهِ كأنهُ
هيمانُ نشوانٌ هناكَ مذالُ
أو ظِلُّ أسمَرَ باللّوَى متأطِّرٌ،
عَطَفَتْ جَنوبٌ مَتنَهُ وشمالُ
لم أدرِ هل يزهى فيخطرُ نخوةً
أم لاعبتْ أعطافهُ الجريالُ
فإذا استطارَ بهِ النجاءُ فنيزكٌ
وإذا تَهَادَى، فالهِلالُ هِلالُ
زرّتْ عليهِ جبةٌ موشيةٌ
بمقيلهِ أختٌ له أسمالُ
مِزَقٌ كما يَنقَدّ، في يومِ الوَغَى،
عنلبتي مستلئمٍ سربالُ
ألقَى بهِ منها، هنالكَ، دِرعَهُ،
بطَلٌ، وجَرّدَ، وشيَهُ، مُختالُ
بيَد الهَجيرَةِ منهُ سَوطٌ خافقٌ،
وبِساقِ لَيلَةِ صَرْصَرٍ خَلخالُ
فدَلَفتُ يقدُمُ بي، هناك، ضُبارِمٌ،
ضارٍ، له، بعمَايةٍ، أشبالُ
شَيحانَ، لا أرتابُ من هَلَعٍ، ولا
أغتابُ من طبعٍ، ولا أغتالُ
متخايلاً أمشي البَرازَ ودونهُ
من أرقمٍ سدرٌ ألفُّ وضالُ
فتوعدتني نظرةٌ وقادةٌ
يُذكَى، بها تحتَ الظّلامِ، ذُبالُ
وهوَى، كما يَهوي أتيٌّ مُزبِدٌ،
رَجَمتْ به، بعضَ التِّلاعِ، تلالُ
يهفو الضراءَ أمامهُ ولربما
يذرُ الكثيبَ وراءهُ ينهالُ
فدرأتُ بادرةَ الشجاعِ بأخضرٍ
في رقشهِ هو للشجاعِ مثالُ
جمدَ الغديرُ بمتنهِ ولربما
أعشاكَ إفرندٌ لهُ سَيّالُ
و جمعتُبينَ المشرفيّ وبينهُ
فتَلاقَتِ الأشباهُ والأشكالُ
وتَسَاوَرَا يَتَكافَحَانِ، كما التَقَى
يوماً أبو إسحاقَ والريبالُ
وكلاهُما من أسوَدٍ ومُهَنَّدٍ،
في ضِمنِهِ الأوجالُ والآجالُ