هاتها حمراء تحكي العندما

هاتها حمراءَ تحكي العندما

​هاتها حمراءَ تحكي العندما​ المؤلف عبد الغفار الأخرس


هاتها حمراءَ تحكي العندما
واسقنيها من يديْ عذبِ اللّمى
وانتهزها فرصةً قد أمكنتْ
فاغتنمها واتخذها مغنما
وانتهبها لذةً إنْ تنقضِ
يا نديمي أعقبتك الندما
وأعِدْ لي من شبابي ما مضى
بعجوز لم تلاق الهرما
حبّذا أختُ عروس زوّجتْ
وهي بكرُ الدَّن من ماءِ السما
أخبرت عن نار كسرى ما روت
من أعاصير الأُلى ما قدما
لطفتْ حتى كأن لم نرها
فتخيَّلنا الوجود العدما
في رياض أخَذَتْ زُخْرُفها
وبكى الغيث لها وابتسما
يوم أنسٍ نشر السحب به
في نواحي الجوّ بُرداً معلما
حجب الشمس فأبرزنا لنا
شمسَ راح والحباب الأنجما
معْ مليح قد قضى الحسن له
أنْ يرى الظلم إذا ما حكما
لو رآه عاذل يعذلني
في هواه عاد فيه مغرما
أشتكي الظلمَ وهذا ظالمي
يا لقومي من حبيبٍ ظلما
ورماني عامداً من لحظه
أيَّ سهم ذلك اللحظ رمى
ما اتقى الله بأحشائي ولا
راقبَ المأثم فيما أثما
حرَّمَ الوَصْلَ على مغرمه
ليتَه حَلَّلَ ما قد حرّما
يا مليحاً أنا في طاعته
وأعاصي في هواه الَّلوَّما
منك أشكو ما أقاسيه ومن
سُقم أجفانك أشكو السقما
وسواء فيك مسلوب الحشا
باح أسرار الهوى أو كتما
يا لقومي من مشيرٍ بدمي
من دم طلّ بألحاظ الدُّمى
كم وكم في الحبّ لا في معرك
صرع الظبيُ الأغنُّ الضيغما
وفنون لشجون أطلقتْ
عَبرة الصّبّ من الوجد دما
لست أنسى ليلة باتت بها
أعينُ الواشين عنا نوّما
وسهرناها كما شاء الهوى
نتعاطى الكأس من خمر اللمى
تلك أعراسُ زمان سلفتْ
فأقِم يوماً عليها مأتما
لم أزل من بعدها أرجو لها
عودة تبري بقلبي الألما
مقرناً قولي عسى في ربما
وعسى تُغني عسى أو ربّما
ينعم الدهر علينا مَرَّة
فنرى شمل المنى منتظما
ما رأتَ عَيني امرأً حيث رأت
مثل إبراهيم بَرّاً منعما
علويٌ قد علا أعلى العلى
وعلى أسمى السّماكين سما
مذ رأيناه رأينا ماجداً
وعرفناه وعرفنا الكرما
فهو كالغيث إذا الغيث همى
وهو كالبحر إذا البحر طمى
باسطٌ للجود منه راحةً
ساجلتْ يومَ العطاءِ الدِّيما
أشرف العالم أُمّاً وأباً
ثُمَّ أوفاهم وأندى كرما
سيّد إنْ يعتزِ أو ينتمِ
فإلى خير النبيّين انتمى
لو دعيٌّ لم تدع آراؤه
من أمور الرأي أمراً مبهما
قسماً بالفخر في عليائه
أوَتبغي فوق هذا قسما؟
إنّه للفردُ في أقرانه
كان والمجد تليد التوأما
سالكٌ ما سلكت آباؤه
بمعاليه السبيلَ الأقوما
نشَرَتْ أيمانه ما ملكت
لنظام الحمد حتى نظما
أنا في مدحي له خادمه
إنَّ مَن يخدم علاه خدما
وقليلٌ ولو أني ناظم
لعلاه في القريض الأنجما
شِيَمٌ ممدوحة في ذاته
فتأمَّل فيه تلك الثيما
فتراه للندى حينئذٍ
مُسْبَغاً في كلّ يوم نعما
هو ترياق من الهر الذي
كان في اللأواء صِلاًّ صَيْلما
فإذا ما حارَبَتْ أيامه
حادث الأيام ألقى السلما
نتَّقي ما نتَّقي من بأسه
وإذ أقدمَ خطبٌ حجما
لا بلغتُ إرباً إنْ لم أكنْ
ناقلاً إلاّ إليه قدما
إنّما البَصرة في أيامه
ابْصَرَتْ أعْيُنُها بعدَ العَمى
جعل الله لها في ظلِّه
خيرَ ظلٍّ منه بل خير حمى
مكرماً من أمَّهُ مسترفداً
راحماً من جاءه مسترحما
فجزاه الله عنها خير ما
جُوزي المنعم عما أنعما