هاتها كالمنار لاح النهار

هاتها كالمنارِ لاحَ النهارُ

​هاتها كالمنارِ لاحَ النهارُ​ المؤلف ابن سهل الأندلسي


هاتها كالمنارِ لاحَ النهارُ
و بكتْ مصرعَ الدجى الأطيارُ
وكأنَّ الرياض تُجْلَى عروساً
و عليها من النباتِ نثارُ
و الطلا والحبابُ والروضةُ الغـ
ـنَّاءُ خدٌّ ومَبْسمٌ وعِذارُ
أكؤساً ما أرى بأيدي سقاةٍ
أمْ نُجوماً تَسْعَى بها أقمارُ
و كأنَّ الإبريق جيدُ غزالٍ
دمُ ذاكَ الغزالِ فِيهِ العُقارُ
قهوةٌ إنْ جرى النسيمُ عَلَيْها
كادَ يَعْلوهُ من سَناها احمرارُ
نال منها الضنى ولا يةَ سكرٍ
فلهذا يعزى إليها العثارُ
حثها من كؤوسهِ رانياتٍ
عنْ فتورٍ في لحظهِ خمارُ
فتنةٌ في العيونِ تدعى بغنجٍ
حَيرةٌ للنُّهى وقِيل احورار
كيمينِ ابن خالدٍ حين تُدْعَى
راحةً وهي ديمةٌ مدرارُ
لستُ أدري يُسْرينِ للعُسر إلا
راحتيه إذا اعترى الإقتارُ
بدرُ المالِ كالبدورِ ولكن
نالها من ندى يديه السرارُ
جودهُ لجةٌ لآلئها المدْ
حُ وروضٌ طيوره الأشعارُ
و لذا ك الثناء فيهِ انتظامٌ
و لذا ك العطاء فيه انتثارُ
يسكبُ الجودَ عند نَغْمةِ عافٍ
كالرحيقِ على الغناء يدارُ
رجِّه فالمُنى طوالٌ لراجِيـ
ـهِ وأيدي الخطوبِ عَنْهُ قِصارُ
تستمدُّ السحابُ بالبحرِ لكنْ
بعطاياهُ تستمدُّ البحارُ
ماجدٌ حازَ في المعالي احتفالاً
هوَ في طُرقِهِ إليها اختصارُ
عُودُهُ في الأصحابِ عُودُ نُضارٍ
و سجاياهُ إن سمحن قطارُْ
شِيَمٌ قد تُخُيِّرَتْ فلها مِنْ
كلّ ما ينتمي إليها الخيارُ
هيَ في المسكِ نَفْحةٌ ومن العُمـ
ـرِ شبابٌ وفي الحسامِ غِرارُ
جاءنا آخرَ الزمانِ كما تعـ
ـبَقُ عِندَ الأصائل الأزهارُ
و ذبابُ الهنديّ أشرفه ليـ
س عليهِ منَ التأخرِ عارُ
حَسُنَتْ ذاتُهُ ولم تخشَ ذاماً
فهيَ كالنورِ لم يخالطهُ نارُ
أحمدتْ خلقه بدياً وعوداً
فهي كالخمرِ لمْ يشنها الخمارُ
هو ظلٌّ فإنْ دجا وجهُ خطبٍ
عاد شمساً بضوئها يُستنارُ
بطشهُ في سنا البوارقِ خطفٌْ
و تأنيه في الجبالِ وقارُ
هيبةٌ لَوْ لَمْ يَغْتدِ بسواها
لَعَنَتْ دُونَها القَنا الخطّارُ
و قبولٌ لوْ لمْ يفز ما سواهُ
لتشفت بهِ الأماني الحرارُ
طبقَ الأرضَ ذكرهُ فلهُ في
كُلِّ أُفْقٍ مَعَ الهواءِ انْتشارُ
و معَ الشمسِ أينَ لاحتْ شروقٌ
و معَ الريحِ حيثُ طارتْ مطارُ
لقبُ المجدِ فيهِ حقٌّ ولكن
هو لفظٌ لغيرهِ مستعارُ
زارنا وهوَ سؤلنا وكذا الغيـ
ـثُ يَزُورُ الثرى وليس يُزارُ
فلو آنَّ البروجَ قامَتْ إلى البد
رِ اشتياقاً قامتْ إليهِ الديارُ
نَزَلَتْ نَحْوَهُ النِّجادُ خُضوعاً
وتَعالَتْ شَوْقاً لَهُ الأغْوَارُ
حيثما حلَّ فالزمانُ ربيعٌ
و قتادُ الثرى بهِ نوارُ
وهجيرُ الأيّامِ مِنْهُ مَقيلٌ
واللَّيالي بِطِيبها أسْحَارُ
و الحصى تحتَ وطِْ نعليهِْ درٌّ
وتُرابُ البطحاءِ مِسكٌ مُثارُ
وَثنائي حَدائِقٌ وعُلاهُ
هضباتٌ وجودهُ أنهارُ
يا أبا عمرٍو أنّما أنْتَ خَلْقٌ
عجبٌ جئتَ مثلما تختارُ
لو ينادى أينَ الجوادُ بحقٍ
قالَ كُلٌّ: إلى الوَزِيرِ يُشارُ
لو حوتْ من جلالكَ الشهبُ حظاً
مَا بَدَتْ في العيونِ وهيَ صغارُ
جدْ على يوسفٍ، فمصرُ شريشٌ
وعَطاياك نِيلُها المُستمار
نافستها العراقُ والأرضُ كالنا
سِ فبعضٌ منها ببعضٍ يغارُ
بكَ عزتْ لما حوتكَ ولولا السـ
تراحُ لمْ تمتدحْ دنانٌ وقارُ
أيهذا السحابُ دونكَ مني
زاهراً مِنْ كمامِهِ الأفْكَارُ
بكَ تسمو حُلَى القريضِ وللغُنْـ
ـجِ بعينِ الظّبيِ الغريرِ افْتِخارُ
قَصّرتْ لَوْ أنَّ النّجومَ عقودٌ
في حلاها أو الهلال سوارُ
لا تلمْ في الحياءِ هذي القوافي
ليسَ بدعاً أن تخجلَ الأبكارُ