هاجت وساوسه برومة دور

هاجَت وَساوِسَهُ بِرَومَةَ دورُ

​هاجَت وَساوِسَهُ بِرَومَةَ دورُ​ المؤلف صريع الغواني


هاجَت وَساوِسَهُ بِرَومَةَ دورُ
دُثُرٌ عَفَونَ كَأَنَّهُنَّ سُطورُ
أَهدى لَها الإِقفارَ حَتّى أَوحَشَت
مِن بَعدِ أُنسٍ زائِرٌ وَغَيورُ
جَرَتِ الرِياحُ بِها وَغَيَّرَ رَسمَها
هَزِمُ الكُلا داني الرَبابِ مَطيرُ
أَبكى نَعَم أَبكاهُ رَبعٌ بِاللِوى
تَسفى عَلَيهِ مَعَ العَجاجِ المُورُ
خَلَتِ الدِيارُ وَكانَ يُعهَدُ أَهلُها
وَأَجَدَّ بِالأَحبابِ عَنها مَسيرُ
تاللَهِ ما إِن كادَ يَقتُلُني الهَوى
لَولا رُسومٌ بِالعَقيقِ وَدورُ
وَلَقَد تَكونُ بِها أَوانِسُ كَالدُمى
بيضُ التَرائِبِ ناعِماتٌ حورُ
إِذ بِالحَوادِثِ طَرفَةٌ عَن أَهلِها
وَإِذا أَهلُها مُتَآلِفونَ حُضورُ
حَتّى تَشَتَّتَ بِالجَميعِ وَخانَهُم
دَهرٌ بِخُلّانِ الصَفاءِ عَثورُ
سَقياً لِأَيّامِ الهَوى إِذ عَيشُنا
غَضٌّ وَإِذ غُصنُ الشَبابِ نَضيرُ
أَيّامَ لا يَنفَكُّ مُقتَنِصاً بِها
وَطرَ الصَبابَةِ زائِرٌ وَمَزورُ
كَم قَد تَخَمَّطَتِ القُلوصُ بِيَ الدُجا
وَرِداؤُها وَرِدائِيَ الدَيجورُ
في ضُمَّرٍ مِثلِ القِداحِ سَواهِمٍ
أَزرى بِها التَفليسُ وَالتَهجيرُ
تُطوى لَهُنَّ بِصَبرِهِنَّ عَلى السُرى
وَبِسَيرِهِنَّ سَباسِبٌ وَوُعورُ
حَتّى يَزُرنَ مُهَذَّباً مِن حِميَرٍ
بِالزائِرينَ فَناؤُهُ مَعمورُ
مَلِكٌ إِذا اِستَعصَمتَ مِنهُ بِحَبلِهِ
خَضَعَت لَدَيكَ حَوادِثٌ وَدُهورُ
مَلِكٌ يَميرُ السائِلينَ بِسَيبِهِ
وَبِسَيفِهِ سَبُعَ الفَلاةِ يَميرُ
مَلِكٌ يُجِلُّ نَعَم إِذا ما قالَها
حَتّى يَجودَ وَمالَها تَغيِيرُ
مَنَعَ العُيونَ فَما تَكادُ تُبينُهُ
مِن وَجهِهِ الإِجلالُ وَالتَوقيرُ
حَمَلَ الصَنائِعَ عَن قَبائِلِ يَعرُبٍ
مَلِكٌ أَصابِعُها إِلَيهِ تُشيرُ
مُستَكسِبٌ لِلحَمدِ يَومَ كُنوزِهِ
مُستَجهِلٌ في الحَربِ وَهوَ وَقورُ
غادٍ عَلى كَسبِ المَحامِدِ رائِحٌ
في راحَتَيهِ مَنِيَّةٌ وَنُشورُ
قَد كانَ شَملُ المالِ غَيرَ مُشَتَّتٍ
حيناً فَشَتَّتَ شَملَهُ مَنصورُ
سَنّى يَزيدُ لَهُ البِناءَ فَشادَهُ
وَإِلَيهِ أَعناقُ المَكارِمِ صُورُ
مُغرىً بِنُجحِ نَعَم وَلَيسَ يَكيدُهُ
عَن تَركِ لا المَيسورُ وَالمَعسورُ
لا يَبلُغُ الدُنيا كَثيرَ عَطائِهِ
وَقَليلُهُ عِندَ الكَثيرِ كَثيرُ
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي أَضحى لَهُ
غُرَرُ المَدائِحِ في البِلادِ تَسِيرُ
أَشرَبتَ أَرواحَ العِدى وَقُلوبَها
خَوفاً فَأَنفُسُها إِلَيكَ تَطيرُ
لَو حاكَمَتكَ وَطالَبَتكَ بِذَحلِها
شَهِدَت عَلَيكَ مَلاحِمٌ وَنُسورُ
وَذَعَرتَ صَرفَ الدَهرِ حينَ ضَمِنتَهُ
فَالدَهرُ مِنكَ وَصَرفُهُ مَذعورُ
يا اِبنَ التَبابِعَةِ المُلوكِ أُولي النُهى
ما مِثلُهُم في سالِفٍ مَذكورُ
كَم مِن أَبٍ لَكَ ماجِدٍ مِن حِميَرٍ
جَزلِ النَّوالِ عَطاؤُهُ مَشكورُ
يا مَن يُجيرُ مِنَ الزَمانِ وَصَرفِهِ
مَن ذا سِواكَ مِنَ الزَمانِ يُجيرُ
نَفَحاتُ كَفِّكَ لَم تَزَل مَذكورَةً
تَشقى بِهِنَّ جَماجِمٌ وَبُدورُ
كَم رائِحينَ إِلَيكَ آبوا بِالغِنى
وَغَدوا عَلَيكَ وَحَظُّهُم مَوفورُ
قَومٌ هُمُ مَوتٌ إِذا ما حارَبوا
قَوماً وَإِمّا سالَموا فَبُحورُ
جابوا البِلادَ وَأَهلُها خَوَلٌ لَهُم
مُستَسلِمينَ فَمُطلَقٌ وَأَسيرُ
مَنَحوا العَدُوَّ مَعَ الصَوارِمِ وَالقَنى
جُمهورَ خَيلٍ خَلفَها جُمهورُ
مِن كُلِّ نَهدٍ لا يَزالُ كَأَنَّهُ
يَومَ الهِياجِ عَمَلَّسٌ مَمطورُ
حَتّى تَذَلَّلَتِ البِلادُ لِحَربِهِم
وَأُبيخَ مِن نارِ العَدُوِّ سَعيرُ
كانوا المُلوكَ بَني المُلوكِ وِراثَةً
وَالمُلكُ فيهِم لا يَزالُ يَدورُ
أَعطاهُمُ ذُلَّ المَقادَةِ قَيصَرٌ
وَجَبى إِلَيهِم خَرجَهُ سابورُ