ها إن هذا موقف الجازع

ها إنَّ هذا مَوْقَفُ الجَازِعِ

​ها إنَّ هذا مَوْقَفُ الجَازِعِ​ المؤلف أبو تمام


ها إنَّ هذا مَوْقَفُ الجَازِعِ
أقْوى وسُؤْرُ الزَّمن الفَاجعِ
دَارٌ سَقَاها بَعْدَ سُكَّانها
صَرْفُ النَّوَى منْ سَمَّه الناقِعِ
ولا تَلُوما ذَا الهَوَى إِنَّها
لَيْسَتْ بِبِدْعٍ حَنَّةُ النَّازِعِ
لَوْ قيلَ ما كانَ مَزُوراً بها
إذاً لسرَّ الربعُ بالرابعِ
فاعتبرا واستعبرا ساعةَ
فالدَّمْعُ قِرْنٌ للجَوَى الرَّادِعِ
أخْلَتْ رُبَاها كُلُّ سَيْفَانَةٍ
تَخْلَعُ قَلْبَ المَلِكِ الْخَالِعِ
يصبحُ في الحبَّ لها ضارعاً
مَنْ لَيْسَ عِنْدَ السيْفِ بالضَّارِعِ
رُودٌ إِذَا جَرَّدْتَ في حُسْنِها
فكركَ دلتكَ على الصانعِ
نوحٌ صفا مذْ عهدِ نوحٍ له
شِرْبُ العُلى في الحَسَبِ الفَارِعِ
مُطَّرِدُ الآباءِ في نِسْبَةٍ
كالصُّبْحِ في إشراقِه السَّاطِعِ
مَناسِبٌ تُحسَبُ مِنْ ضَوْئِها
منازلاً للقمرِ الطالعِ
كالدلوِ والحوتِ وأشراطهِ
والبَطْنِ والنَّجْمِ إلى البَالِعِ
نوحٌ بنُ عمرو بنِ حويَّ بن عم
ـرِو بنِ حُوَي بن الفَتَى ماتِعِ
السكسكيّ المجدِ كنديهُ
وأدديُّ السؤددِ الناصعِ
للجدبْ في اموالهِ مرتعٌ
ومقنعٌ في الخصبِ للقانعِ
قدْ أَشْرَقَت في قَوْمِهِ مِنْهُمُ
ناصَيَةٌ تَنْأَى عنِ السَّافِعِ
كم فَارسٍ فيهمْ إذا استُصرِخُوا
مِثْلِ سِنَانِ الصَّعْدَةِ اللامِعِ
يُكْرِهُ صَدْرَ الرُّمْحِ أو يَنْثَنِي
وقدْ تروى منْ دمٍ مائعِ
بطعنةٍ خرقاءَ تأتي على
حَزامَةِ المُسْتلِئِم الدَّارِعِ
ينفذُ في الآجالِ أحكامهُ
أَمْرَ مُطاعِ الأَمْرِ في طائِعِ
يُخْلَى لهَا المأْزِقُ يَوْمَ الوَغَى
عنْ فرجةٍ في الصفَّ كالشارعِ
إنَّ حوياً حاجتي فاقضها
ورُدَّ جَأْشَ المُشفِقِ الْجَازِعِ
فَتًى يَمَانٍ كاليَمانِي الذي
يعرمُ حراهُ على الوازعِ
في حليهِ النابي وفي جفنهِ
وفي مَضَاءِ الصَّارِم القَاطِعِ
يُجاوِزُ الْخَفْضَ وأفْيَاءَهُ
إلى السرى والسفرِ الشاسعِ
أدلُّ بالقفرِ وأهدى له
منَ الدعيميصِ ومنْ رافعِ
يَعْلَمُ أَنَّ الدَّاءَ مُسْتَحْلِسٌ
تحتَ جَمَامِ الفَرَسِ الرَّائِعِ
والطائِرُ الطائِرُ في شَانِهِ
يلوي بخطِّ الطائرِ الواقعِ
أخفَقَ فاستَقْدَمَ في هِمَّةٍ
وغادرَ الرتعةَ للراتعِ
ترمي العلى منهُ بمستيقظِ
لا فَاتِرِ الطَّرْفِ ولا خاشِعِ
وإنَّما الفَتْكُ لِذِي لأْمَةٍ
شبعانَ أو ذي كرمٍ جائعِ
أُنْشُرْ له أُحْدُوثةً غَضَّةً
تُصْغِي إليها أْذُنُ السَّامِعِ
إنْ يرفعِ السجفُ لهَ اليومَ يرْ
فَعْهُ غداً في المشْهَدِ البَارعِ
فَرُبَّ مَشْفُوعٍ له لم يَرمْ
حتى غداً يشفعُ للشافعِ
إن أنتَ لم تنهضْ بهِ صاعداً
في مسترادِ الزاهرِ اليانعِ
حتّى يُرَى مُعتدلاً ظَنُّهُ
بعد التِياثِ الأَمَل الظَّالِعِ
أكدى الذي يعتدهُ عدةً
وضاعَ منْ يرجوهُ للضائعِ