هبت تلوم على الندى هند
هبتْ تلومُ على الندى هندُ
هبتْ تلومُ على الندى هندُ
يا هندُ خيرٌ من غِنًى حَمْدُ
الحمدُ يَبقَى لي وإنْ تَلِفَتْ
نفسي وفاتَ الأهلُ والوُلْدُ
و المالُ تأكلهُ النوائبُ والأحداثُ حتى ما لهُ ردُّ
النَّوائبُ وال
ويَبيتُ يحرسُهُ وإنْ دفعتْ
عنه الكرامُ الطِّفْلُ والعبْدُ
و الحمد لا يستطيع بأخذه
مِنْ راحتيَّ النَّاكِلُ الوَغْدُ
و إذا سريتُ سرى معي وضحاً
وهْناً وجُنْحُ اللّيلِ مُسْوَدُّ
يا هندُ إنَّ الدّارَ زائلة ٌ
والقربُ يأتي بعدَهُ بُعْدُ
عُمْري يروحُ وما أهَبْتُ بهِ
ذاك الحِمامُ بهِ ولا يَغْدُو
ما كنتُ بالمنقادِ في يَدِه
لو كان في أيدي الردى بدُّ
والمرءُ غاية ُ لُبْسِهِ كَفَنٌ
يَبْلى، وآخِرُ بَيتِهِ اللَّحْدُ
كم معشرٍ هُجرتْ ديارُهُمُ
بأساً وعرَّج عنهُمُ القصْدُ
متجاورينَ بدارِ مَضْيعَة ٍ
لا حرَّ عندهمُ ولا بردُ
ما فارقوا إلاّ برغمِهُمُ
في النّاسِ مَنْ عَشِقوا ومَنْ وَدُّوا
و إذا دعا وجداً يدلُّ بهِ
عند المنية ِ خانهُ الوجدُ
فاتَ الأصمَّ اليابسَ الجَلْدُ
مُكْثٌ على الدُّنيا ولا خُلْدُ
أحداثُ حتّى ما لَهُ رَدُّ
خوفَ الرَّدى غَوْرٌ ولا نَجْدُ
كلُّ النُّفوسِ وإنْ غفلنَ هوًى
بينَ الحِمامِ وبينها وعْدُ
والنَّدْبُ فَسْلٌ في الزّمان إذا
أهوى له والوهنُ الجلدُ
ونَجَتْ وعولُ هضابِ كاظمة ٍ
منه وما شَقِيَتْ به الرُّبْدُ
و تودّ هندٌ وهيَ مشفقة ٌ
أني خلدتُ وفاتها الودُّ
وتردُّ عنِّي كلَّ طارقة ٍ
أنَّى وليس يطيعُها الردُّ!
و تقول لا عبثَ البعادُ بنا
وتضِلُّ عمَّنْ خانهُ البُعْدُ
و تؤودها البأساءِ إنْ نزلتْ
داري وعرَّسَ عندِيَ الجَهْدُ
و تريدُ لي ما ليس في يدها
أمداً على الأيامِ يمتدُّ
وتُعيذُني ما ليس ينفعُها
من راحة ٍ ما بَعْدَها كَدُّ
تَسَلِين إنْ زلَّتْ بِنا وبِكمْ
قدمٌ وطول بيننا العهدُ
كم جاء مثلك وهيَ ذاهلة ٌ
من حادثٍ بعضُ الَّذي يبدو
يَلِجُ البيوتَ وليس يدفعُهُ
هَزْلٌ يرادُ به ولا جِدُّ
لا تَخدِشي خداً عليَّ فما
ردّ الفتى أنْ يخدش الخدُّ
و تعلمي إنْ كنتِ عالمة ً
أنّ الحمامَ على الورى يعدو
ما إنْ جنى وردٌ عليكِ ردى
حتّى يُعَطَّ لذلك البُرْدُ
لا تحفلي بالشامتين فما
أنا في المنية ِ دونهمْ وحدُ
لم يُدركوا بعدي الطِّلابَ ولا
سدوا بمثلي الخرقَ إنّ سدوا
ولقد كفيتُهُمْ وما شَعروا
كيْدَ العِدا ولكيدهمْ وَقْدُ
وعَلَتْ بهمْ لمّا جَذَبْتُهُمُ
بيديَّ قسراً تلكمُ الوهدُ
نزعوا الخمولَ بما كسوتهمُ
من مَأْثُراتٍ حشوُها المجدُ
وتناهبوا الأوْساقَ مِنْ شَرَفٍ
لا صاعَ فيه لهمْ ولا مدُّ
و أنا الذي وسطَ الخميسِ إذا
ناديتُ: شُدُّوا بالقنا شَدّوا
و عليَّ منْ خلعِ القنا حلقٌ
لم يدنها نسجٌ ولا سردُ
في حيثُ يُنجيك الطِّعانُ ولا
ينجى الأقبُّ القارحُ النهدُ
ينجو قذاها غيرَ متئدٍ
مِثْلَ الوَسيقة ِ لَزَّها الطَّرْدُ
ويَصُدُّ عن تَزويقِ زينتِها
حيثُ استُثِيرَ فَأَعْوَزَ الصَّدُّ
تنبى بهِ أسبابها النكدُ
يا مرة ً ويظنّ ذائقها
أبَدَ الزّمانِ بأنَّها شَهْدُ!
ما دام غيكِ وهو منك هوى ً
فيدوم فيك ويذهب الرشدُ
كم ذا عقدتِ على الوفاءِ وما
ينفكُّ يضعفُ ذلك العقدُ؟
وذنوبُ صَرْفِكِ إنْ عُدِدْنَ لنا
فَنيَ الزَّمانُ وما انْقَضَى العَدُّ
أمّا ديارُ السّاكنينَ إلى
نجواكِ فهْيَ الدُّرَّسُ المُلْدُ
لا جَرْسَ فيها غيرَ أنْ صَدَحَتْ
قُمْرِيَة ٌ أو قَعْقَعَ الرَّعْدُ
وبكى على مَنْ حلَّها ومضَى
مسحنككُ القطرينِ مربدُّ
زَجِلاً كأنَّ صَليلَ هَيْدَبِهِ
زأرتْ وقد ريعتْ به الأسدُ
أينَ الّذينَ على القِنانِ لهمْ
شَرفٌ عزيزٌ بَحرُهُ عِدُّ؟
مُدّوا النعيمَ فحينَ تَمَّ لهمْ
سُلبوه وانقطعَ الّذي مُدّوا
من كلَّ أباءِ الدنية ِ لمْ
يُفْلَلْ له في مَطلبٍ حَدُّ
كاللّيثِ أبرزَ شخصَهُ خَمَرٌ
والسَّيفِ أعلَنَ مَتْنَهُ غِمْدُ
ذعنتْ لعزتهمْ وهيبتهمْ
الشيبُ في الأحياءِ والمردُ
ويسودُ طفلُهُمُ تميمتُهُ
لم تنفصمْ وقرارهُ المهدُ
ردوا الخطوبَ قعدنَ ناكصة ً
لكنَّهمْ للموتِ ما ردّوا
ما نافعٌ جدى إلى أمدٍ
جدَّ الفتى وقدِ التَوى الجَدُّ
فَلَئِنْ فُقِدْتُ فإنَّ لي كَلِماً
حتماً خوالِدَ ما لها فَقْدُ
تفرى البلادَ وما يحسُّ بها
عَنَقٌ على دَوٍّ ولا وَخْدُ
من كلَّ قافية ٍ مرقصة ٍ
يَشْدو بها الغِرِّيدُ إنْ يَشْدُو
و إذا تضوع نشرُ نفحتها
قال العرارُ تضوع الرندُ
طلعتْ كشمسِ ضحى ٍ على أفقٍ
بيضاءَ لا يَسْطيعها الجَحْدُ
سيارة ٌ جمحُ الكلامِ لها
سمحٌ وحرُّ فصيحها عبدُ
يثنى عليها الحاسدون على
إحسانها وخصومُها اللُّدُ
فلو أنّ جوهرَ لفظها جسدٌ
لأضافَهُ في سِلْكِهِ العِقْدُ