هذا الحمى فانزل على جرعائه
هذَا الْحِمى فَانْزِلْ عَلَى جَرْعائِهِ
هذَا الْحِمى فَانْزِلْ عَلَى جَرْعائِهِ
واحْذَرْ ظُبَا لَفَتَاتِ عِينِ ظِبَائِهِ
وانشد بهِ قلباً أضاعتهُ النّوى
مِنْ أَضْلُعِي فَعَسَاهُ فِي وَعْسَائِهِ
وسلِ الأراكَ الغضَّ عن روحٍ شكتْ
حرَّ الجوى فلجتْ إلى أفيائهِ
واقصد لباناتِ الهوى فلعلّنا
نَقْضِي لُبَانَاتِ الْفُؤَادِ التَّائِهِ
واضممْ إليكَ خدودُ أغصانِ النّقا
وَالْثِمْ ثُغُورَ الدُّرِّ مِنْ حَصْبَائِهِ
واسفح بذاكَ السّفحِ قبلَ غديرهِ
دَمْعاً يُعَسْجِدُ ذَوْبَ فِضَّةِ مَائِهِ
سَقْياً لَهُ مِنْ مَلْعَبٍ بِعُقُولِنَا
وقلوبنا لعبت يدا أهوائهِ
مَغْنىً بِهِ تَهْوَى الْقُلُوبُ كَأَنَّمَا
بِالطَّبْعِ يَجْذُبُهَا حَصَى مَغْنَائِهِ
أَرَجٌ حَكَى نَفَسَ الْحَبِيبِ نَسِيمُهُ
يُذْكِي الْهَوَى فِي الصَّبِ بَرْدُ هَوَائِهِ
نَفَحَاتُهُ تُبْرِي الضَّرِيرَ كَأَنَّمَا
رِيحُ الْقَمِيصِ تَهُبُّ مِنْ تِلْقَائِهِ
فلتحذرِ الجرحى بهِ أن يسلكوا
يوماً فيشتاقوا ثرى أرجائهِ
عهدي بهِ ونجومُ أطرافِ القنا
والبيضُ مشرقةٌ على أحيائهِ
والأُسْدُ تزأرُ في سروجِ جيادهِ
وَالْعِينُ تَبْغَمُ فِي حِجَالِ نِسَائِهِ
وَالطَّيْفُ يَطْرُقُهُ فَيَعْثُرُ بِالرَّدَى
تحتَ الدّجى فيصدُّ عن إسرائهِ
وَالظِّلُّ تَقْصُرُهُ الصَّبَا وَتَمُدُّهُ
وَالطَّيْرُ يُعْرِبُ فِيْهِ لَحْنَ غِنَائِهِ
لاَزَالَ يَسْقِي الْغَيْثُ غُرَّ مَعَاشِرٍ
تسقي صوارمهمْ ثرى بطحائهِ
لا تنكرنْ يا قلبُ أجركَ فيهمِ
هُمْ أَهْلُ بَدْرٍ أَنْتَ مِنْ شُهَدَائِهِ
أولا جمودُ الدّرِّ بينَ شفاههم
ما ذابَ في طرفيْ عقيقُ بكائهِ
للهِ نَفْسُ أَسىً يُصَعِّدُهَا الأَسَى
ويردّها في العينِ كفُّ قذائهِ
حسبت بمقلتيهِ فلا من عينهِ
تَجْرِي وَلَمْ تَرْجِعْ إِلَى أَحْشَائِهِ
من لي بخشفِ كناسِ خدرٍ دونهُ
ما يحجمُ الضّرغامُ دونَ لقائهِ
أحوى حوى إلفَ الجاذرِ في الفلا
وَالشَّيءُ مُنْجَذِبٌ إِلَى نُظَرَائِهِ
حسنٌ إذا في ظلمةِ اللّيلِ انجلى
تَعْشُو الْفَرَاشُ إِلَى ضِيَاءِ بَهَائِهِ
يلقي شعاعُ الخدِّ منهُ على الدّجى
شفقاً يعصفرُ طيلسانَ سمائهِ
فالبرقُ منهُ يلوحُ تحتَ لثامهِ
وَالْغُصْنُ مِنْهُ يَمِيلُ تَحْتَ رِدَائِهِ
لاَ غَرْوَ إِنْ زَارَ الْهِلاَلُ مَحَلَّهُ
فشقيقهُ الأسنى برحبِ سنائهِ
أَوْ نَحْوَهُ نَسْرُ النُّجُومِ هَوَى فَلاَ
عَجَباً فَبَيْضَتُهُ بِخِدْرِ خِبَائِهِ
أنيابُ ليثُ الغابِ من حجّابهِ
ولواحظُ الحرباءِ من رقبائهِ
كَمْ قَدْ خَلَوْتُ بِهِ وَصِدْقُ عَفَافِنَا
يجلو دجى الفحشاءِ فجرُ ضيائهِ
مالي وما للدّهرِ ليسَ ذنوبهُ
تفنى ولاعتبى على آنائهِ
يَجْنِي عَلَى فَضْلِي الْجَسِيمِ بِفَضْلِهِ
وكذا الجهولُ الفضلُ من أعدائهِ
فَكَأَنَّمَا هُوَ طَالِبي بِقِصاصِ مَا
صنعتهُ آباءيْ إلى أرزائهِ
شيمُ الزّمانِ الغدرُ وهوَ أبو الورى
فمتى الوفاءُ يرامُ من أبنائهِ
لحقوه في كلِّ الصّفاتِ لأنّهمْ
ظُرِفُوا بِهِ وَالْمَاءُ لَوْنُ إِنَائِهِ
فعلامَ قلبي اليومَ يجرحهُ النّوى
ولقد عهدتُ الصّبرَ من حلفائهِ
وَإِلَى مَ نَدْبِي لِلدِّيَارِ كَأَنَّهُ
فَرْضٌ عَلَيَّ أَخَافُ فَوْتَ أَدَائِهِ
ويا حبّذا عيشٌ على السّفحِ انقضى
وَالدَّهْرُ يَلْحَظُنَا بِعَيْنِ وَفَائِهِ
وَالشَّمْلُ مُنْتَظِمٌ كَمَا انْتَظَمَ الْعُلاَ
بندى عليٍّ أو عقودِ ثنائهِ
وليالياً بيضاً كأنَّ وجوهها
من فوقها سحَّت أكفُّ عطائهِ
بحرٌ إذا ما مدَّ فابنُ سحابنا
يَدْرِي بَأَنَّ أَباهُ لُجُّ سَخَائِهِ
ذو فتكةٍ إن كانَ باللّيثِ الفتى
يُدْعَى مَجَازاً فَهْوَ مِنْ أَسْمَائِهِ
وأناملٍ إن كانَ يعرفُ بالحيا
فَيْضُ النَّوَالِ فَهُنَّ مِنْ أَنْوَائِهِ
ملكٌ يعوذُ الدِّينُ فيهِ من العدى
فَيَصُونُ بَيْضَتَهُ جَنَاحُ لِوَائِهِ
كَالزَّنْدِ يُلْهِبُهُ الْحَدِيدُ بَقَرْعِهِ
فَيَكَادُ يُورِي الْبَأْسُ مِنْ أَعْضَائِهِ
يَسْطُو بِعَزْمَتِهِ الْجَبَانُ عَلَى الْعِدَى
كالسّهمِ يحملهُ جناحُ سوائهِ
بالفضلِ قلّدَ فيهِ جيدَ متوَّجٍ
تمسي الثريّا وهي قرطُ علائهِ
من للهلالِ بأن يصوغَ سوارهُ
نَعْلاً فَيَمْشِي وَهْوَ تَحْتَ حِذَائِهِ
بل من تكونَ لنعشٍ أنْ تكونَ بناتهُ
تضحى لديهِ وهوَ بعضُ إمائهِ
فطنٌ تكادُ العميُ تبصرُ في الدّجى
لو أنّها اكتحلتْ بنورِ ذكائهِ
يرمي العيوبَ بذهنِ قلبٍ قلّبٍ
فَتَلُوحُ أَوْجُهُهَا لَهُ بِصَفَائِهِ
لَوْ أَنَّ عَيْنَ الشَّمْسِ عَنْ إِنْسَانِهَا
سئلتْ لأهدتنا إلى سودائهِ
أو قيلَ للمفدارِ أينَ سهامهُ
كانتْ إشارتهُ إلى آرائهِ
يا طالبَ الدّرِّ الثّمينِ لحليهِ
لا تشتريهِ من سوى شعرائهِ
أينَ اللّآلي من لآليءِ مدحهِ
ظفرتْ بهِ الأفكارُ من دامائهِ
إن كنتَ تجهلُ يا سؤلُ صفاتهِ
فَعَلَيكَ نَحْنُ نَقُصُّ مِنْ أَنْبَائِهِ
ألعدلُ والرأيُ المسدّدُ والتقى
والبأسُ والمعروفُ من قرنائهِ
ذاتٌ مجرّدةٌ على كلِّ الورى
صَدَقَتْ كَصِدْقِ الْكُلِّ فِي أَجْزَائِهِ
أُنظر مغاضتهُ ترى عجباً فقدْ
شملَ الغديرَ البحرُ في أثنائهِ
فهوَ ابنُ من سادَ الأنامَ بفضلهِ
خَلَفُ الْكِرَامِ الْغُرِّ مِنْ أَبْنَائِهِ
صلَّى ووالدهُ المجلّى قبلهُ
فَأَتَى الْمَدَى فَخْراً عَلَى أَكْفَائِهِ
سِيَّانِ في الشَّرَفِ الرَفِيعِ فَنَفْسُهُ
من نفسهِ وعلاهُ من عليائهِ
من آلَ حيدرةَ الأولى ورثوا العلا
ومن هاشمٍ والضّربَ في هيجائهِ
آلُ الرّسولِ ورهطهُ أسباطهُ
أرحامهُ الأدنونَ أهلُ عبائهِ
نَسَبٌ إِذَا مَا خُطَّ خِلْتَ مِدَادَهُ
ماءَ الحياةِ يفيضُ في ظلمائهِ
نسبٌ يضوعُ إذا فضضتَ ختامهُ
فيعطِّرُ الأكوانَ نشرُ كبائهِ
أينَ الكرامُ الطّالبونَ لحاقهُ
منهُ وأينَ ثنايَ من نعمائهِ
يَا أَيُّهَا الْمَوْلَى الَّذِي بِيَمِينِهِ
فِي الْمَالِ قَدْ فَتَكَتْ ظُبَى آلاَئِهِ
سمعاً فديتكَ من حليفِ مودّةٍ
مَدْحاً يَلُوحُ عَلَيْهِ صِدْقُ وَلاَئِهِ
مَدْحاً تَمِيلُ لَهُ الطِّبَاعُ كَأَنَّنِي
أتلو عليهِ السّحرَ في إنشائهِ
بصفاتكَ اللّاتي يهرنَ مزجتهُ
فعبقنَ كالأفواهِ في صهبائهِ
فَاسْتَجْلِهِ نَظْماً كَأَنَّ عَرُوضَهُ
زهرُ الرّبا ورويّهُ كروائهِ
واسررْ هلال العيدِ منكَ بنظرةٍ
تكْفِيهِ نَقْصَ الْتِمِّ مِنْ لأْلاَئِهِ
فجبينكَ الميمونُ يمنحهُ السّنا
وعلاكَ يرفعهُ لؤوجِ سنائهِ
طلبَ الكمالَ وليسَ أولَ طالبٍ
وأتى إلى جدواكَ باستجدائهِ
وَاظْهَرْ لَهُ حَتَّى يَرَاكَ فَإِنَّهُ
صبٌّ كساهُ الشّوقُ ثوبَ خفائهِ
وليهنكَ الضّومُ المباركُ فطرهُ
واللهُ يختمهُ بحسنِ جزائهِ