هذا الحمى يا فتى فانزل بحومته

هذَا الْحِمَى يَا فَتَى فَانْزِلْ بِحَوْمَتِهِ

​هذَا الْحِمَى يَا فَتَى فَانْزِلْ بِحَوْمَتِهِ​ المؤلف ابن معتوق


هذَا الْحِمَى يَا فَتَى فَانْزِلْ بِحَوْمَتِهِ
واخضع هنالكَ تعظيماً لحرمتهِ
وَإِنْ وَصَلْتَ إِلَى حَيٍّ بِأَيْمَنِهِ
بَعْدَ الْبُلُوغِ فَبَالِغْ فِي تَحِيَّتِهِ
وحلَّ بالحلِّ واكحل بالثّرى بصراً
وَقَبِّلِ الأَرْضَ وَاسْجُدْ نَحْوَ قِبْلَتِهِ
وَاطْمَعْ بِمَا فَوْقَ إِكْلِيلَ النُّجُومِ وَلاَ
تَرْجُوْ الْوُصُولَ إِلَى مَا فِي أَكِلَّتِهِ
واحذرْ أسودَ الشّرى إنْ كنتَ مقتنصاً
فَإِنَّ حُمْرَ ظُبَاهَا دُونَ ظَبْيَتِهِ
لِلهِ حَيٌّ إِذَا أَوْتَادُهُ ضُرِبَتْ
يودُّها الصّبُّلو كانتْ بمهجتهِ
بِجِزْعِهِ كَمْ قَضَتْ مِنْ مُهْجَةٍ جَزَعاً
وكمْ هوتْ كبدٌ حرّى بحرّتهِ
لَمْ يُمْكِنِ الْمَرْءَ حِفْظاً لِلْفُؤَادِ بِهِ
يَوْماً وَلَوْ كَانَ مَقْبُوضاً بِعَشْرَتِهِ
ما شئتَ فيهِ اقتراحْ إلا الأمانَ على
قرحى القلوبِ وإلا وصلَ نسوتهِ
ربَّ الحسامِ وذاتِ الجفنِ فيهِ سوىً
كُلٌّ غَدَا الْحَتْفُ مقْرُوناً بِضَرْبَتِهِ
لنْ تخفيَ الحجبُ أنوارَ الجمالِ بهِ
فربّةُ السّجفِ فيهِ كابنِ مزنتهِ
قدْ أنشأ الغنجَ شيطانُ الغرامِ بهِ
فَقَامَ يَدْعُوْ إِلَى شَيْطَانِ فِتْنَتِهِ
والحسنُ فيهِ لسلطانُ الهوى أخذتْ
يداهُ في كلِّ قلبٍ عقدَ بيعتهِ
أقمارهُ لحديدِ الهندِ حاملةٌ
تَحْمِي شُمُوسَ الْعَذَارَى فِي أَهِلَّتِهِ
اللهَ في نفسِ مصدورٍ بكمْ خرجتْ
فَكَانَ مُوسَى وَيَحْيَى مِثْلَ حَيَّتِهِ
فحبّكمْ لتحبّوهُ فهامَ وما
يَدْرِي مَحَبَّتَهُ تَصْحيفَ محْنَتِهِ
صنتمْ صغارَ اللاءلي منْ مباسمكمْ
عَنْهُ وَغِرْتُمْ عَلَى يَاقُوتِ عَبْرَتِهِ
فكمْ أسيرِ رقادٍ عنهُ رقّكمُ
فَادَى جُفُونَكُمُ الْمَرْضَى بِصَّحِتِهِ
يا حَاكِمِي الْجَوْرِ فِيْنَا مِنْ مَعَاطِفكُمْ
تعلّموا العدلَ وانحوا نحوَ سنَّتهِ
قلبي لدى بعضكمْ رهنٌ وبعضكمُ
هذا دمي صارَ مطلولاً بوجنتهِ
وَذَا ابْنُ عَيْنَيَّ خَالٌ فِي مُوَرَّدِهِ
وذاكَ نوميَ مسروقٌ بمقلتهِ
أَفْدِي بِكُمْ كُلَّ مَخْصُورٍ ذُؤابَتُهُ
تَتْلُو لَنَا ذِكْرَ فِرْعَوْنٍ وَفِرْقَتِهِ
كأنّما الخضرَ فيما نالَ شاركهُ
فَفِي الْمَرَاشِفِ مِنْهُ طَعْمُ جُرْعَتِه
أُعِيْذُ نَفْسِي بِكُمْ مِنْ سِحْرِ أَعْيُنِكُمْ
فإنَّ أصلَ بلائي منْ بليّتهِ
فِي كُلِّ نَوْعٍ مُرَادٍ مِنْ مَحَاسِنِكُمْ
نوعٌ منَ الموتِ يأتينا بصورتهِ
تَكَادُ قَلْبي إِذَا مَرَّ الَّنسِيْمُ بِكُمْ
عَلَيْهِ فِي الْنَّارِ يَحْمَى مِنْ حَميِتِهِ
يا حبّذا غرُّ أيّامٍ بنا سلفتْ
عَلَى مِنىً وَلَيَالِينَا بِحَمْرَتِهِ
أَوْقَاتُ أُنْسٍ كَسَتْ وَجْهَ الزَّمَانِ سَنىً
فَأَهْلَكُوا بِرُجُومٍ مِنْ أَسِنَّتِهِ
كَمْ نَشَّقَتْنَا رَيَاحِيْنَ الْوِصَالِ بِهِ
يَدُ الرِّضَا وَسَقَتْنَا كَأْسَ بَهْجَتِهِ
كأنَّ لطفَ صباها في أصائلها
لطفُ الوزيرِ حسينٍ في رعيَّتهِ
فزنا بها وأمنّا كلَّ حادثةٍ
كَأَنَّمَا نَحْنُ فِي أَيَّامِ دَوْلَتِهِ
مَضَتْ وَلِلآنَ عِنْدِي لَيْسَ يَفْضُلُهَا
شيءٌ منَ الدَّهرِ إلاّ يومِ نصرتهِ
يَوْمٌ بِهِ أَعْيُنُ الأَعْدَاءِ بَاكِيةٌ
وَالْسَّيْفُ يَبْسِمُ مَخْضُوْباً بِعِزِّتِهِ
وَالْحَتْفُ يَتْرَعُ كَاسَاتٍ النَّجِيْعِ بِهِ
والرُّمحُ يهتزَّ نشواناٌ بخمرتهِ
والذّنبُ أصبحَ مسروراٌ ومبتهجاٌ
والليثُ يندبُ مفجوعاٌ بإخوتهِ
لقد رماها بموالرٍ ذوابلهُ
مِثْلِ الصِّلاَلِ تَسَقَّتْ سُمَّ عَزْمَتِهِ
جيشٌ إذا سارَ يكسو الجَوعثيرهُ
فتعثرُ الشَّمسُ في أذيال هبوتهِ
دروعهُ الحزمُ منْ تسديدِ سيِّدهِ
وبيضُ راياتهِ آراءُ حكمتهِ
إذا الجّبالُ لهُ في غارةٍ عرضتْ
إلى الرَّحيلِ تنادتْ عوفَ وطأتهِ
تَرَى بِهِ كُلَّ مِقْدَامٍ بِكُلِّ وَغىً
يَرَى حُصُولَ الأَمَانِي فِي مَنِيَّتِهِ
شهمٌ إذا ما غديرُ الدّرعِ جلّلهُ
مِنْهُ تَوَهَّمْتَ ثُعْبَاناً بِحِلْيَتِه
وَإِنْ تَأَبَّطْتَ سيفاً خِلْتَهُ قَدَراً
يَجْرِي وَتَجْرِي الْمَنَايَا تَحْتَ قُدْرَتِهِ
فَأَصْبَحَ الْحَيُّ مِنْهَا حِيْنَ صَبَّحَهَا
يَذْرِي الدُّمُوعَ عَلَى الصَّرْعَى بِعَرْصَتِهِ
قدْ توّجَ الضّربَ بالهاماتِ معقلهُ
وَوَرَّدَ الطَّعْنُ مِنْهُ خَدَّ تُرْبَتِهُ
لمْ يدرِ يفرحُ في فتحِ الحسينِ لهُ
إذْ حازهُ أمْ يعزّى في أعزّتهِ
فَتْحٌ أَتَاهُ وَكَانَ الصَّوْمُ مَلْبِسَهُ
فَهَزَّ عِطْفَيْهِ في دِيبَاجِ خِلْعَتِهِ
أشابَ فوديهِ باأهوالِ أولَّلهُ
وعادَ أولُّ يومٍ منْ شبيبتهِ
فتحٌ تراهُ المعاليْ نورَ أعينها
وَيَكْتَسِي الْمَجْدَ فِيهِ يَوْمُ زِينَتِهِ
إِذَا الرُّوَاةُ أَتَوْا فِي ذِكْرِهِ سَطَعَتْ
مَجَامِرُ النَّدِّ مِنْ أَلْفَاظِ قِصَّتِهِ
سلش الهفوفَ عنِ الأعرابِ كم تركوا
منَ الكنوزِ وجنّاتٍ بنقعتهِ
وَسَائِلِ الْجَيْشَ عَنْهُمْ كَمْ بِهِمْ نَسَفَتْ
عَوَاصِفُ النَّصْرِ طَوْقاً عِنْدَ سَطْوَتِهِ
يَضِيقُ رُحْبُ الْفَضَا فِي عَيْنِ هَارِبِهِمْ
خَوْفاً وَأَضْيَقُ مِنْهَا دِرْعُ حِيلَتِهِ
يا خالديّونَ خنتم عهدَ سيِّدكمْ
هَلاَّ وَفَيْتُمْ وَخِفْتُمْ بَأْسَ صَوْلَتِهِ
يحيا دعاكمْ لمولاكمْ لتقتبسوا
مِنْ نُورِهِ فَاصْطَلَيْتُمْ نَارَ جَذْوَتِهِ
منْ جيشهِ أحرقتكمْ نارَ صاعقةٍ
فكيفَ لو تنجليْ أنوارُ طلعتهِ
عارضتموهُ بسحرٍ منْ تخيُّلكمْ
فكانَ موسى ويحيى مثلَ حتتهِ
أضَّلكمْ عنْ هداكم سامريكمْ
حَتَّى اتَّخذْتُم إِلَهاً عِجْلَ ضِلَّتِهِ
كنتمْ بفوزِ وجنَّاتٍ فأخرجكمْ
إبليسُ منها وحزتمْ خزيَ لعنتهِ
برّاكَ ربّكَ ما برّاكَ منهُ ولا
خُصِصْتَ فِي بَرَكَاتٍ منْ عَطِيَّتِهِ
كَفَرْتَ فِي رَبِّكَ الثَّانِي وَخُنْتَ بِهِ
يكفيكَ ما فيكَ منْ حرمانِ نعمتهِ
يا زينةَ الملكِ بلْ يا تاجَ سوددهِ
وحليةَ الفخرِ بلْ يا طرزَ حلّتهِ
إنْ كانَ منْ فتحِ عمّوريةٍ بقيتْ
ذُرِّيَّةٌ مِنْ بَنِيْهِ أَوْ عَشِيرَتِهِ
فإنَّ فتحكَ هذا فذُّ توأمهِ
وَإِنَّ نَصْرَكَ هذَا صِنْوُ نَخْلَتِهِ
لو كانَ يدري لهُ بالقبرِ معتصمٌ
لقامَ حيا وعادتْ روحُ غيرتهِ
فَلْيَهِنْكَ اللهُ في النَّصْرِ الْعَزِيزِ وَفِي الْـ
فَتْحِ الْمُبِينِ وَفِي إِدْرَاكِ رِفْعَتِهِ
وَلَيْتَ وَالِدَكَ الْمَرْحُومَ يَشْهَدُ مَا
منكَ الحضورُ رواهُ حالَ غيبتهِ
منْ مبلغٌ عنكَ هذا الفتحَ مسمعهُ
لكي تكونُ سواءً في مسرّتهِ
سمعاً فديتكَ مدحاً منْ حليفِ ولا
عَلَيْهِ صِدْقُ وِلاَءَ مِنْ عَقِيدَتِهِ
مَدْحاً عَلَى وَجْنَتَيْهِ وَرْدَتَا خَجَلي
منكمْ وأوضحَ عذري فوقَ غرّتهِ
بِوَجْهِهِ مِنْ ظُنُوني فِي مَكَارِمِكُمْ
آثارُ حسنٍ وبشرٍ فوقَ بشرتهِ
أَحْرَقْتَ بِالصَّدِّ عُودِي فَاسْتَطَابَ شَذاً
أما تشمُّ مديحي طيبَ نفحتهِ
هذا الّذي كانَ في ظرفي نصحتُ بهِ
فارشفْ طلا كأسهِ والذذ بشهدتهِ
واغفرْ فدىً لكَ نفسي ذنبَ معترفٍ
بِفَضْلِكُمْ مُسْتَقِيلٍ مِنْ خَطِيئَتِهِ
كن كيفَ شئتَ فمالي عنكَ مصطبرٌ
وارفقْ بمنْ أنتَ ملزومٌبذمّتهِ
لا زلتَ يا انَ عليِّ ركنَ بيتِ علاً
تهوي الوجوه سداً نحوَ كعبتهِ