هذا الذي ولدت له الأفكار

هذا الذي ولدت له الأفكار

​هذا الذي ولدت له الأفكار​ المؤلف ابن القيسراني


هذا الذي ولدت له الأفكار
وتمخضت فألا به الشعار
وجرت له خيل النهى في حلبة
وردت وصفو ضميرها المضمار
وأتت به نذر القوافي برهة
إن القوافي وحيها إنذار
حكمت لسيفك بالممالك عنوة
حكما لعمري ما عليه غبار
يا أيها الملك المطيل نجاده
بر بدين بهديه الأبرار
يا ابن السيوف وهل فخرت بنسبة
إلا سما بك قائم وغرار
فارقت دار الملك غير مفارق
لك من علاك بكل أرض دار
في عسكر يخفي كواكب ليله
نقع فيطلعها القنا الخطار
جرار أذيال العجاج وراءه
وأمامه بك جحفل جرار
تدني لك الغايات أكبر همة
نورية همم الملوك كبار
حتى ملأت الخافقين مهابة
دانت لعظم نظامها الأقطار
وملكت سنجارا وما من بلدة
إلا تمنى أنها سنجار
وبسطت بالأموال كفا طالما
طالت بها الآمال وهي قصار
وجرت بأمداد الجياد شعابها
جري السيول وما عداك قرار
وثنى الفرات إلى يديك عنانه
والبحر ما اتصلت به الأنهار
وما ملكت رحبة مالك فتبرجت
منها لعينك كاعب معطار
جاءتك في حلل الربيع وحليها
قبل الربيع شقائق وبهار
نثرت عليك هوى القلوب محبة
وتود لو أن النجوم نثار
فأقمت كالشمس المنيرة إن نأت
عن أفقها فلها به أقمار
من كان نور الدين ثم أجنه
ليل السرى حفت به الأنوار
تدعو البلاد إليك ألسنة الظبي
فتجيبك الأنجاد والأغوار
حتى عمدت الدين يا ابن عماده
بقنا أسنتها عليه منار
وقفلت من أسفار جدك قادما
كالصبح نم بثغره الإسفار
يغشى البصائر نور وجهك بعد ما
اعتركت على قسماته الأبصار
حتى عمرت بكل قلب صدره
حين الصدور في القلوب قفار
إن تمس في حلب رياحك غضة
فلها بأنطاكية إعصار
وغدت جيادك بالشآم مقيمة
ولها بأطراف الدروب مغار
همم سبقت بها إلى مهج العدى
صرف الردى ومسيره إحضار
وأرى صياح القمص كان خديعة
فطغى وجار وليس ثم وجار
سأل الصنيعة غير محقوق بها
والخير يهدم ما بنى الختار
حتى إذا ما غبت أقدم عاثيا
إقدام من لم يدن منه قرار
أمضى السلاح على عدوك بغيه
بالغدر يطعن في الوغى الغدار
فاحسم عناد ذوي العناد بجحفل
كالليل فيه من الصفيح نهار
جند على جرد أمام صدورها
صدر عليه من اليقين صدار
قد بايع الإخلاص بيعة نصرة
ولكل هادي أمة أنصار
ملك له من عدله ووفائه
جيش به تستفتح الأمصار
وإذا الملوك تثاقلت عن غاية
وأرادها حفت به الأقدار
وإذا انتضته إلى الثغور عزيمة
قامت مقام جنوده الأخبار