هذي العزائم لا ما تدعي القضب

هذي العزائم لا ما تدعي القضب

​هذي العزائم لا ما تدعي القضب​ المؤلف ابن القيسراني


هذي العزائم لا ما تدعي القضب
وذي المكارم لا ما قالت الكتب
وهذه الهمم اللاتي متى خطبت
تعثرت خلفها الأشعار والخطب
صافحت يا ابن عماد الدين ذورتها
براحة للمساعي دونها تعب
ما زال جدك يبني كل شاهقة
حتى ابتنى قبة أوتادها الشهب
لله عزمك ما أمضى وهمك ما
افضى اتساعا بما ضاقت به الحقب
يا ساهد الطرف والأجفان هاجعة
وثابت القلب والأحشاء تضطرب
أغرت سيوفك بالإفرنج راجفة
فؤاد رومية الكبرى لها يجب
ضربت كبشهم منها بقاصمة
أودى بها الصلب وانحطت بها الصلب
قل للطغاة وإن صمت مسامعها
قولاً لصم القنا في ذكره أرب
ما يوم إنب والأيام دائلة
من يوم يغرا بعيد لا ولا كثب
أغركم خدعة الآمال ظنكم
كم أسلم الجهل ظنا غره الكذب
غضبت للدين حتى لم يفتك رضى
وكان دين الهدى مرضاته الغضب
طهرت أرض الأعادي من دمائهم
طهارة كل سيف عندها جنب
حتى استطار شرار الزند قادحة
فالحرب تضرم والآجال تحتطب
والخيل من تحت قتلاها تخر لها
قوائم خانهن الركض والخبب
والنقع فوق صقال البيض منعقد
كما استقل دخان تحته لهب
والسيف هام على هام بمعركة
لا البيض ذو ذمة فيها ولا اليلب
والنبل كالوبل هطال وليس له
سوى القسي وأيد فوقها سحب
وللظبى ظفر حلو مذاقته
كأنما الضرب فيما بينهم ضرب
وللأسنة عما في صدورهم
مصادر أقلوب تلك أم قلب
خانوا فخانت رماح الطعن أيديهم
فاستسلموا وهي لا نبع ولا غرب
كذاك من لم يوق الله مهجته
لاقى العدى والقنا في كفه قصب
كانت سيوفهم أوحى حتوفهم
يا رب حائنة منجاتها العطب
حتى الطوارق كانت من طوارقهم
ثارت عليهم بها من تحتها النوب
أجسادهم في ثياب من دمائهم
مسلوبة وكأن القوم ما سلبوا
أنباء ملحمة لو أنها ذكرت
فيما مضى نسيت أيامها العرب
من كان يغزو بلاد الشرك مكتسبا
من الملوك فنور الدين محتسب
ذو غرة ما سمت والليل معتكر
إلا تمزق عن شمس الضحى الحجب
أفعاله كاسمه في كل حادثة
ووجهه نائب عن وصفه اللقب
في كل يوم لفكري من وقائعه
شغل فكل مديحي فيه مقتضب
من باتت الأسد أسرى في سلاسله
هل يأسر الغلب إلا من له الغلب
فملكوا سلب الإبرنز قاتله
وهل له غير أنطاكية سلب
من للشقي بما لاقت فوارسه
وإن بسائرها من تحته قتب
عجبت للصعدة السمراء مثمرة
برأسه إن إثمار القنا عجب
سما عليها سمو الماء أرهقه
أنبوبه في صعود أصلها صبب
ما فارقت عذبات التاج مفرقة
إلا وهامته تاج ولا عذب
إذا القناة ابتغت في رأسه نفقا
بدأ لثعلبها من نحره سرب
كنا نعد حمى أطرافنا ظفرا
فملكتك الظبى ما ليس نحتسب
عمت فتوحك بالعدى معاقلها
كأن تسليم هذا عند ذا جرب
لم يبق منهم سوى بيض بلا رمق
كما التوى بعد رأس الحية الذنب
فانهض إلى المسجد الأقصى بذي لجب
يوليك أقصى المنى فالقدس مرتقب
وائذن لموجك في تطهير ساحله
فإنما أنت بحر لجة لجب
يا من أعاد ثغور الشام ضاحكة
من الظبى عن ثغور زانها الشنب
ما زلت تلحق عاصيها بطائعها
حتى أقمت وأنطاكية حلب
حللت من عقلها أيدي معاقلها
فاستحلفت وإلى ميثاقك الهرب
وأيقنت أنها تتلو مراكزها
وكيف يثبت بيت ماله طنب
أجريت من ثغر الأعناق أنفسها
جرى الجفون امتراها بارح حصب
وما ركزت القنا إلا ومنك على
جسر الحديد هزبر غيله أشب
فاسعد بما نلته من كل صالحة
يأوي إلى جنة المأوى لها حسب
إلا تكن أحد الأبدال في فلك التقوى
فلا نتمارى أنك القطب
فلو تناسب أفلاك السماء بها
لكان بينكما من عفة نسب
هذا وهل كان الإسلام مكرمة
إلا شهدت وعباد الهوى غيب