هل كان ضمخ بالعبير الريحا

هلْ كانَ ضمَّخ بالعبير الريحا

​هلْ كانَ ضمَّخ بالعبير الريحا​ المؤلف ابن هانئ الأندلسي


هلْ كانَ ضمَّخ بالعبير الريحا
مُزْنٌ يُهَزُّ البرقُ فيه صَفيحا
تُهدي تحِيّاتِ القلوبِ وإنّما
تُهْدي بهنّ الوجْدَ والتّبريحا
شرقت بماء الوردِ بلل جيبها
فسرتْ ترقرقُ درّه المنضوحا
أنفاسُ طِيبٍ بِتْنَ في درْعي وقد
باتَ الخيالُ وراءهُنّ طَليحا
بل ما لهذا البرق صلاًّ مطرقاً
ولأي شملِ الشمائمين أتيحا
يدني الصباحَ بخطوهِ فعلامَ لا
يدني الخليطَ وقد أجدّ نزوحاً
بتنا يؤرقنا سناهُ لموحا
ويشُوقُنا غَرَدُ الحمامِ صَدُوحا
أمُسَهَّدَيْ ليلِ التِّمامِ تعالَيا
حتى نَقومَ بمأتمٍ فَنَنُوحَا
وذَرا جلابيباً تُشَقّ جيوبُها
حتى أُضَرّجَها دَماً مسْفُوحا
فلقد تجهّمني فراق أحبتي
وغدا سَنِيحُ المُلْهِياتِ بَريحا
وبَعُدْتُ شَأوَ مطالبٍ وركائبٍ
حتى امتطيتُ إلى الغمامِ الريحا
حَجّتْ بنا حرمَ الإمام نجائبٌ
ترمي إليه بنا السهوبَ الفيحا
فتَمسّحَتْ لِمَمٌ بهِ شُعْثٌ وقد
جئنا نقِّبل ركنهُ الممسوحا
أما الوفودُ بكل مطلعٍ فقد
سرّحتُ عقلَ مطيّهم تسريحا
هل لي إلى الفردوسِ من إذنٍ وقد
شارَفْتُ باباً دونَها مفتوحاً
في حيث لا الشعَراء مُفحَمَةٌ ولا
شأوُ المدائح يُدْرِك الممدوحا
ملك أناخَ على الزمان بكلكلٍ
فأذل صعباً في القيادِ جموحا
يمضي المنيا والعطايا وادعاً
تعبت له عزامتهُ وأريحا
نَدعوهُ مُنْتَقِماً عزيزاً قَادِراً
غفّارَ مُوبقةِ الذّنوبِ صَفوحا
أجدُ السماحَ دخيلَ أنسابٍ ولا
ألْقاهُ إلاّ منْ يديْهِ صَريحا
وهو الغمامُ يصوبُ منه حياتنا
لا كالغمام المستهلُّ دلوحا
نَعَشَ الجُدودَ فلو يُصافحُ هالكاً
ما وسدته يد المنونِ ضريحا
قُلْ للجبابرةِ المُلوكِ تَغَنّموا
سلماً كفى الحربَ العوان لقوحا
بعيونكم رهجُ الجنودِ قوافلاً
بالأمسِ تنتعلُ الدّماءَ سفوحا
أمّتْكَ بالأسْرى وفُودُ قبائلٍ
لا يَجتدينَكَ سَيْبَكَ الممنوحا
وصلوا أسىً بغليلِ تذكارٍ كما
وصَل النّشاوَى بالغَبوق صَبوحا
لو يعرضونَ على الدُّجنّة أنكرتْ
ذاكَ الشحوبَ النُّكرَ والتلويحا
و لقد نصحتهمُ على عدوانهم
لكنّهم لا يقبلونَ نَصِيحاَ
حتى قَرَنْتَ الشمل والتفريقَ في
عَرَصاتهمْ والنّبْتَ والتّصْويحا
ونَصَرْتَ بالجيش اللُّهام وإنّما
أعددتهُ قبل الفتوح فتوحا
أفقٌ يمورُ فيه عجاجةً
بحرٌ يموج البحرُ فيه سَبوحا
لو لم يسرْ في رحبِ عزمكَ آنفاً
لم يلفِ منحرقَ الخبوتِ فسيحا
يُزْجيهِ أرْوَعُ لو يُدافَعُ باسمِهِ
عُلويُّ أفلاكِ السّماءِ أزيحا
قادَ الخضارمةَ الملوكَ فوارساً
قد كان فارسَ جمعها المشبوحا
فكأنّما مَلَكَ القضاءَ مُقدِّراً
في كلّ أوبٍ والحمامَ متيحا
وافى بهيبة ذي الفقارِ كأنما
وشحتهُ بنجادهِ توشيحا
حتّى إذا غمرَ البحارَ كتائباً
لو يرتشفْنَ أُجاجَها لأميحا
زخَرَتْ غواشي الموت ناراً تلتظي
فأرتْ عدوّكَ زندك المقدوحا
فكأنّما فَغَرَتْ إليهِ جَهَنّمٌ
منهنّ أو كلحتْ إليه كلوحا
وأميّةٌ تحفى السّؤالَ وما لمنْ
أودى به الطّوفانُ يذكرُ نوحا
بهتوا فهم يتوهّمونكَ بارزاً
والتّاجَ مؤتلقاً عليك لَمُوحا
تتجاوبُ الدّنْيا عليهم مأتَماً
فكأنما صبّحتمْ تصبيحا
لَبِسوا معائبَهم ورُزْءَ فقيدِهم
كاللاّبساتَ على الحِدادِ مُسوحا
أنْفِذْ قضاءَ الله في أعدائِه
لِتُراحَ من أوتارها وتُريحا
بالسّابقين الأولينَ يؤمُّهُمْ
جبريلُ يَعتنِقُ الكُماةَ مُشِيحا
فكأنّ جَدّكَ في فوارسِ هاشِمٍ
منهم بحيثُ يرى الحسينَ ذبيحا
أعليكَ تختلفُ المنابرُ بعدما
جَنحتْ إليكِ المَشرِقانِ جُنوحا
أمْ فِيكَ تخْتَلِجُ الخلائقُ مِرْيَةً
كلاّ وقد وضحَ الصّباحُ وضوحا
أوتيتَ فضلَ خلافةٍ... كنبوّةٍ
ونجيَّ إلهامٍ كوحيٍ يوحى
أخَليفَةَ الله الرّضَى وسبيلَةُ
ومنارهُ وكتابهُ المشروحا
يا خيرَمن حجّتْ إليهِ مطيّةٌ
يا خيرَ من أعطى الجزيلَ منوحا
ماذا نقولُ جللتَ عن أفهامنا
حتى استَوَيْنا أعْجَماً وفَصِيحا
نَطَقَتْ بك السَّبْعُ المثاني ألسُناً
فكَفَيْنَنَا التعريض والتّصْريحا
تَسْعَى بنورِ الله بَينَ عِبادِهِ
لتضئَ برهاناً لهم وتلوحا
وجدَ العيانُ سناك تحقيقاً ولم
تُحِطِ الظّنونُ بكُنْهِهِ تصريحا
أخشاكَ تنسي الشمسَ مطلعها كما
أنسى الملائكَ ذكركَ التّسبيحا
صوّرتَ من ملكوتِ ربّك صورةً
وأمدَّها علماً فكنتَ الرّوحا
أقسمتُ لولا أن دعيت خليفةً
لَدُعِيتَ من بعدِ المسيح مسيحا
شَهِدَتْ بحخركَ السّمواتُ العُلى
وتنزّلَ القرآنُ فيك مديحا