همزية الإصلاح
همزية الإصلاح
في تشجيع الإسلام وأهله والتمسك كل التمسك بأساسه وأصله
حافظ بن أحمد الحكمي (1342-1377هـ)
► | مئتان إلا بيت من بحر الكامل على روي الهمزة | ◄ |
حمدًا بلا حد ولا إحصاء
لله والي الحمد والنعماء
ثُمَّ الصلاة على النَّبِي محمد
من جاءنا بالملة السمحاء
والآل والصحب الكرام وتابعٍ
لهمو بنهج السنة الغراء
اعلم بأن الله جل جلاله
قد ماز من يشقى من السعداء
في سابق العلم الذي هو وضعه
وكتابه الأزلي باستقصاء
لكنه في الأرض أهبط آدما
ثُمَّ ابتلاه بأكبر الأعداء
ولربنا في ذاك أبلغ حكمة
وأتم عدل في نفوذ قضاء
والرسل أرسل كل آخر فترة
تترى بذكر الوحي والأنباء
ليبين الرحمن متبعي الهدى
ممن يروم عبادة الأهواء
وتدور دائرة الدمار على رءو
س الكافرين الضلل البؤساء
المعرضين عن الكتاب وذكره
والسالكين مسالك الإغواء
وأعز ربي رسله والمؤمنـ
ـين جميعهم بالنصر والإنجاء
حتى استتم بناؤهم بمحمد
أكرم به للرسل ختم بناء
فهـو الرسول إلى الخلائق كلهم
مِمَّـن تقـل بسيطـة الغبــراء
ما لامرئ أبدًا الخروج عن شريـ
ـعته ونور طريقه الوضاء
لم يقبض المولى تعالى روحه
حتى أشاد الدين بالإعلاء
وأتم نعمته وأكمل دينه
ولخلقه أداه أي أداء
ومضى وأمته بأقوم منهج
وعلى محجة هديه البيضاء
هذا وقد قال الرسول وقوله
حق بلا شك ودون مراء
كانت بنو يعقوب فيهم أنبيا
ء تسوسهم بالوحي والأنباء
بالأمر بالمعروف إن تركوا كما
ينهونَهم عن منكر السفهاء
وأنا ختام المرسلين وليس من
بعدي نبي للخليقة جائي
لكن حواريي الدعاة لسنتي
الآخذين بمنهجي وهدائي
يحيون آثاري ويلتزمونَها
فأولئكم في أمتي خلفائي
فتفهموا وتعقلوا وتدبروا
وتذكروا يا معشر العلماء
يجدون فيكم ذي الصفات فتشكروا
أولا فجدوا في ذرى العلياء
حتى يجيء من المهيمن أمره
أي وعده دار الفنا بفناء
فيه تفاسير الأئمة أنَّهم
لا شك أهل السنة الغراء
وهم الجماعة حيث لَم يتفرقوا
شيعًا إلى بدع ولا أهواء
وهم الذين وجوههم تبيض إذ
تسود قطعًا أوجه البعداء
وقضى تعالى ربنا إن لَم يزل
للدين منهم قائم بدعاء
يهدي بحق من يزيغ عن الهدى
ومجدد لمحجة البيضاء
فتصدر الصديق وهو إمامهم
بعد النَّبِي وأول الخلفاء
فانظر سوابقه وقوة عزمه
أيام تلك الردة الشنعاء
وبحق الفاروق شمر بعده
إذ للخلافة قام بالأعباء
وتلاه ذو النورين ما زالت مآ
ثره على رغم من الدهماء
وقفا أبو السبطين لكن قام عنـ
ـد تفرق وإراقة لدماء
لكنه ما زال طول حياته
يسعى لنار الشر بالإطفاء
حتى قضى منها على الجزء الخطيـ
ـر وقد مضى في زمرة السعداء
والتابعون لهم بحق بعدهم
قاموا بتبليغ وحق أداء
فأولئكم خير القرون وليس هم
بحثالة وصبابة لإناء
وقضوا على البدع المضلة كلها
بالهدم والإبطال والإجلاء
فتحوا البلاد مشارقًا ومغارباً
بالصبر في البأساء والضراء
صبروا على البأساء والقهر وكا
نوا في احتدام البأس أسد لقاء
والله ما غلبوا العباد بكثرة
أو عدة مع كثرة الأعداء
لكن بدين راسخ وعزيمة
ووثوقهم بالله واستكفاء
وكما ترى أحيوا البلاد بعدلهم
أحيوا القلوب بوضع خير دواء
إذ ركبوه من الكتاب وسنة الـ
هادي البشير وكان أي شفاء
فتحوا البلاد ببأسهم وبعلمهم
فتحوا القلوب بحكمه وضياء
ثم الجهابذة الأفاضل بعدهم
في محنة القرآن والأسماء
ومن التجهم والهوى والاعتزا
ل تجاهرًا وتجمهر الأعداء
كأئمة التفسير والتحديث والـ
ـفقه الجلي وأئمة القراء
كأبي حنيفة، مالك، والشافعـ
ـي وأحمد ذي الصبر في البأساء
وأولى الصحاح الغر والسنن الحسا
ن وغيرهم من مسندي الأنباء
الحافظون على الخلائق دينهم
والرافعون له أعز لواء
هم ناصروا دين الهدى بإحاطة
وحماية وولاية وبراء
وهم الرجوم لكل صاحب بدعة
من كل دجال وذي إغواء
مثل الرجوم من النجوم لكل مسـ
ترقٍ كمـا قـد صـح فِي الأنباء
عملوا بِما علموا وقاموا جهدهم
لله بالشكران للنعماء
سنية أثرية نبوية
ليسوا أولى زيغ ولا أهواء
ما أطلقت من بدعة إعصارها
إلا ابتداها القوم بالإطفاء
في كل جيل أو مكان أو زما
ن هم شجى بحناجر الأعداء
وأتى بقرن سابع من هجرة
علم به يؤتم في الظلماء
أعني بذاك الحبر أحمد من إلى
عبد الحليم نمى بدون مراء
كم هاجم البدع الضلال وأهلها
بدلائل الوحيين خير ضياء
وقواعد التحريف هدَّ أصولها
أعظم به هدمًا لشر بناء
بمعاول النقل الصحيح وفطرة العـ
ـقل السليم ولين ذي الأعداء
ولـه جهاد ليس يعهد مثله
إلا بعصر السادة الخلفاء
لما القرامطة الطغاة تجبروا
وعتوا وكادوا الدين بالأسواء
فأبادهم ربي وأيد حزبه
وأذاقهم خزيًا وشر بلاء
وكذاك سنته بنصر عباده
معلومة الإنجاز والإمضاء
وتلاه تلميذ له ابن القيم الـ
معرف في الأبحاث باستيفاء
وأئمة قد قارنوا لكن هما
برزا بنصر السنة الغراء
الله يجزيهم على إيْمانِهم
وجهادهم في الله خير جزاء
وبقرن ثاني عشر ما استحكمت
فتن الورى بعبادة الأهواء
وعبادة الأشجار والأحجار والـ
ـأوثان بل عبدوا عيون الماء
ولكل قوم في الأنام وليجة
يرجونَها في الجهر والإخفاء
ويعظمون وينحرون لها بنحـ
ـر سوائب يؤتى بِها لوفاء
وبِها جهارًا أنزلوا حاجاتِهم
من جلب خيرات ودفع بلاء
شركًا صريحًا معلنين به
بلا خوف من المولى ولا استحياء
وتجاهر بعظائم ومآتم
وتآمر بالسوء والفحشاء
وفعال سوء ليس يمكن حصرها
يأتونَها جهرًا بدون خفاء
فأتى الإمام محمد الحبر الرضا
بين الخليقة صارخًا بدعاء
يدعو إلى دين الهدى ببصيرة
وكمال علم كاشفًا لغطاء
يتلو براهين الكتاب وسنة الـ
ـهادي لنهج الملة السمحاء
بأتم تبيان وأخلص نية
وأشد عزم بل وحسن بلاء
ما زال بين الناس هذا دأبه
ودعاؤه بالجهر والإخفاء
حتى استنار وأشرق التوحيد في
تلك العصور الخمل الظلماء
من أرض نجد كان مطلع نوره
وبه استنار مجاور والنائي
وأتاح رب العرش من ألطافه
آل سعود له برفع لواء
لبوا لدعوته وشدوا أزره
أهلا بدعوته وبالوزراء
يدعون للتوحيد ثُمَّ لسنة
والنفي للأنداد والشركاء
فبعلمه وببأسهم كان انتشا
ر الحق بعد تدرس وخفاء
حتى غدا في كل قطر عصبة
يدعون للتوحيد خير دعاء
لكن أتى من بعد ذلك محنة
وزعازع الأعداء واللؤماء
فالنور تارات يضيء ويختفي
أخرى فبين إضاءة وخفاء
حتى أتاح له الإلة إمامنا
عبد العزيز الأكرم الأباء
فأشاد للتوحيد أعلى معهد
وأذل ما للدين من أعداء
وأقام طلاب العلوم منادياً
لهمو هلموا معشر القراء
قوموا لنشر العلم في أوطانكم
إني لكم كالأب للأبناء
قوموا بتبيان الكتاب فإنه
ميثاق مولانا على العلماء
إياكموا أن تكتموه فإن ذا
من موجبات الفقر والبلواء
إني أقلد كل ما في ذمتي
أعناق أهل العلم والأمراء
ويقول يا ربي إذا وليتهم
أمرًا فمن تبعاته أمراء
هذي مقالته فمن ينكر عليـ
ـنا نقلها نأتيه بالشهداء
يا رب فأنصره وأيد حزبه
والدين أظهره على الأعداء
واجمع شتات المسلمين وألـ
ـف بينهم يا أرحم الرحماء
واجعل على الكفار دائرة الردى
لا بل جميع دوائر الأسواء
هل تسمعون معاشر العلماء ألا
تصغون نحو مقالتي وندائي
وأخص نجدا والرياض أخصها
وأخص آل الشيخ باستدعائي
يا طالبي علم الشريعة فانْهضوا
وادعوا عباد الله باستهداء
انحو بِهم نحو الصراط المستقيـ
ـم ورفض كل طريقة عوجاء
كيف انتصار المسلمين وجهلهم
عن دينهم في غفلة عمياء
فإلى متى هذا الجمود ألم تروا
طمع العدو وشدة البأساء
طلب الجماهير الصنائع فارتقوا
فيها بلا حد ولا إحصاء
أفلا ترقون العباد بدينهم
ليروا منار الحق دون خفاء
لا تركنوا لمآكل ومشارب
وملابس ومتاع دار فناء
ما حقنا الإخلاد في الدنيا وزخـ
رفها وجيفة ميتها العفناء
بل حقنا أن نستعين بذلك الـ
ـعرض القليل إلى مقام بقاء
يا قوم والله العظيم لقد أتى
مصداق ما قد صح في الأنباء
قال الرسول وكان أصدق قائل
والله في جهر وفي إخفاء
كان ابتدا الإسلام جاء بغربة
وتعود غربته كحين بداء
أنتم بأعصر غربة الإسلام طو
بى يا أولي الألباب للغرباء
المصلحون إذا سواهم أفسدوا
والسالكون لمنهج السعداء
يا إخوتاه اسعوا إذا ما فرصة
سنحت فإن الغبن بالإبطاء
ما دمتم في صحة وتفرغ
بل قدرة إن ثُمَّ أهل إباء
لا تُهملوا أغلى وأعظم نعمة
بل بادروا بالشكر للنعماء
هذا جهاد ليس دون جهاد أهـ
ـل الكفر بل أبدى لدى العقلاء
فإذا اهتدى كل الرعايا وانجلت
عنهم طغاية غفلة الجهلاء
فهناك فاغزوا من أردتم تنصروا
وتؤيدوا حقًّا على الأعداء
وعليكم بالاجتماع فإنَّما
كان التفرق مدخل الخبثاء
إن التفرق للفضائل مغلق
لكنه مفتاح كل بلاء
ما كان نصر الله صدر الأمة الـ
ـمهدية الميمونة الصلحاء
إلا بتأليف المهيمن بينهم
والاجتماع بدون ما شحناء
أو لَم تروا لما تفرق أمرهم
كيف استمر تقهقر لوراء
حتى انتهى الأمر العظيم كما تروا
من محنة إن كان فيكم رائي
خطب جليل فادح ومصائب
متراكمات بل عضال الداء
أضحى أولو الإسلام بين عدوهم
مثل السفينة في اضطراب الماء
وأشد من ذا لو يفكر عاقل
لكن فقدنا جملة العقلاء
كون العباد جميعهم عن كل ذا
في غفلة أو غفوة وسناء
هذا وقبل دعاء كل المسلميـ
ـن معممًا لجميعهم بندائي
فاخصكم يا معشر العرب الحما
ة الدين أنتم صفوة الأحياء
وأخص سكان الجزيرة مهبط الـ
ـقرآن نورًا مشرقًا بضياء
الفاتحين جميع أرض الله في
صدر النبوة نَهضة الخلفاء
بعلومكم حقًّا وأيديكم قضى
ربي لهذا الدين بالإعلاء
حتى استقام معززًا وموقراً
ولـه الأعارب أعظم الوزراء
فلتنهضوا أنتم وكل المسلميـ
ـن لدارس الآثار بالإحياء
يا أمة الإسلام طال رقادكم
حتى استطالت شرة الأعداء
واستحكم الداء العضال عليكم
ولعله يفضي إلى الإعياء
فمتى نرى استيقاظكم من نومكم
لتعالجوا ما نابكم من داء
أو لَم تروا أعداءكم قد أصبحوا
يبغونكم سوًا وشر بلاء
وبكم أحاطوا من جميع جهاتكم
طوفان نار الكفر لا بالماء
ويحاولون جميعهم دين الهدى
هدمًا ونور الله بالإطفاء
أترون قط عدوكم حزب اليهو
د الأمة الغصْبية البعداء
ما قدر قيمتهم بقيا المسخ
واللعنات بل والمقت والإخزاء
قد كان يكفينا همومـا بينهم
القى من العدوان والبغضاء
لم يوقدوا أبدًا لحرب نارهم
إلا رماهم الله بالإطفاء
ضربت عليهم ذلة أبدا ومسـ
ـكنة وما هم قط بالأكفاء
ما كان القرد والخنـزير أن
يلقى الأسود مبارزًا بلقاء
والله ما إدخالكم للقدس من
أرض الإلـه ومهبط الأنباء
إلا مكيدة ماكر بالمسلميـ
ـن يروم منا أمة الحنفاء
يا قوم فانتبهوا لأنفسكم وديـ
ـنكم الحنيف بدون ما استخفاء
أطمعتموا في النصح من أعدائكم
ويح المريد صداقة الأعداء
يا طامعًا يجني القتاد وشوكه
رطبًا، ومحتلبًا من الأسداء
هيهات جمع النار والما بل وهبـ
ـات الأكالب ليس بالخلفاء
أو لَم تروا تقسيمهم أوطانكم ؟
هل يستقر بأنفس العقلاء ؟
فضلاً عن الدين الحنيف وعدلـه
أفلم يكن من كل ذا ببراء
أترون فوضنا إليهم أمرنا ؟
أم هم لنا أضحوا من الوكلاء ؟
أم نحن حاكمنا إلى طاغوتِهم
حتى نقابل حكمهم برضاء
لكن رأوا في المسلمين تأخراً
عن غزوهم ووقائع القدماء
فاستضعفوهم ثُمَّ قالوا بينهم
ايتو نقسم منـزل الضعفاء
بغيًا ونمنمة العلوج من اليهو
د المبعدين ببأس كل جلاء
حسبوا حمى الإسلام لقمة آكل
يتمتعون بِها متاع هناء
والله ما سم الأساود شربة
بأمر منهم في لقا الهيجاء
كلا لئن لَم ينتهوا عن غيهم
وعتوهم وتمرد الخيلاء
ليصبحن بكل سهم صائب
وبكل داهية لهم دهواء
ولتردفن جحافل بجحافل
في تلوها أخرى بلا احصاء
وكتائب تقفو الكتائب ترتدي
بكتائب في غدوة ومساء
مثل الجبال الراسيات وكالغيو
م الهائلات الهمل السمحاء
باعوا من المولى النفوس بجنة الـ
ـمأوى فأنفذها لهم بوفاء
لم يستقيلوها ولا طلبوا الخيا
ر فاربحن بصفقة السعداء
لا يطلبون سوى الشهادة كلهم
فالموت مثل الشهد للشهداء
ويقودهم جيش الملائكة العلى
دفعًا من المولى عن الحنفاء
لا تحسبن الله خاذل دينه
وعباده يا معشر الغوغاء
لا تحسبوا الإمهال إهمالاً فأمـ
ـر الله فيكم نافذ الإمضاء
لا تعجزوا الرحمن شيئًا أن تفو
توه فرارًا من نفوذ قضاء
فالله مظهر دينه وعباده
وعد عليه محقق الإيفاء
ووثوقنا بالله أعظم عدة
هو حسبنا في شدة ورخاء
إياه نعبد وحده وبه استعا
نتنا ونصرتنا على الأعداء
وإليه نفزع في الشدائد والبلى
ولـه علينا أسبغ النعماء
يا رب فارزقنا الثبات على الهدى
وعلى سلوك طريقه البيضاء
واسلك بنا نَهج النجاة ونجنا
من شر كل ضلالة عمياء
واجعل كتابك يا كريم إمامنا
ورسولك المقدام للحنفاء
وانصر على الأعداء حزبك إنَّهم
خبطتهمو فتن من الأعداء
رامو بنا السوأى بسوء مكائد
فاقصمهمو يا رب بالأسواء
واردد عليهم كيدهم في بيدهم
وأبدهمو ربي عن البيداء
أظهر على الأديان دينك جهرة
وشعاره فارفع بدون خفاء
واجعل لوجهك خالصًا أعمالنا
بعبادة وولاية وبراء
ثم الصلاة على الرسول وآلـه
والحمد للمولى بلا إحصاء