هي

​هي​ المؤلف علي محمود طه


هي الكأس مشرقة في يديك،
فماذا أرابك في خمرها؟
نظرت إليها و باعدتها
كأنّ المنيّة في قطرها
أما ذقتها قبل هذا المساء
و عربدت نشوان من سكرها؟
حلا طعمها يوم كنت الخلّ،
و كلّ الصّبابة في مرّها
سقيت بها من يد لم تكن
سوى الرّيح تنفخ في جمرها
تلفّت! فهذا خيال التي
مرحت و عرّدت في وكرها
و غرفتها لم تزل مثلما
تنسّمت حبّك من عطرها
وقفت بها ساهما مطرقا
يحدّثك اللّيل عن سرّها
مكانك فيها كما كان أمس،
وذلك مثواك في خدرها
وآثار دمعك فوق الوساد،
و فوق المهدّل من سترها
فهل ذقت حقا صفاء الحياة،
وذوّب السّعادة في ثغرها؟
إذا فتح الباب تحت الظّلام
فكيف ارتماؤك في صدرها؟
و كيف طوى خصرها ساعداك
و مرّت يداك على شعرها؟
و ما هذا؟ رعشة في يديك؟
أم الكأس ترجف من ذكرها؟
و ما في جبينك يابن الخيال؟
سمات تحدّث عن غدرها!!
لقد دنّس الحسد الآدميّ
حياة حرصت على طهرها
بكى الفنّ فيك على شاعر
نسائله الرّوح عن ثأرها
نزلت بها وهدة، كم خبا
شعاع و غيّب في قبرها
رفعت تمثيلك الرّائعات
و حطّمتهنّ على صخرها
مراحك في السّحب العاليات
و فوق المنوّر من زهرها
فمدّ جناحيك فوق الحياة،
و أطلق نشيدك في فجرها