هي العزائم من أنصارها القدر

هي العزائم من أنصارها القدر

​هي العزائم من أنصارها القدر​ المؤلف الحكم بن أبي الصلت


هي العزائم من أنصارها القدر
وهي الكتائب من أشياعها الظفر
جردت للدين والأسياف مغمدة
سيفا تفل به الأحداث والغير
وقمت إذ قعد الأملاك كلهم
ذب عنه وتحميه وتنتصر
بالبيض تسقط فوق البيض أنجمها
والسمر تحت ظلال النقع تشنجر
بيض إذا خطبت بالنصر ألسنها
فمن منابرها الأكباد والقصر
وذبل من رماح الخط مشرعة
في طولهن لأعمار الورى قصر
تغشى بها غمرات الموت آسد شرى
من الكماة إذا ما استنجدوا ابتدروا
مستلئمين إذا شاموا سيوفهم
شبهتها خلجا مدت بها غدر
قوم تطول ببيض الهند أدرعهم
فما يضر ظباها أنها بتر
إذا انتضوها وذيل النقع فوقهم
فالشمس طالعة والليل معتكر
ترتاح أنفسهم نحو الوغى طربا
كأنما الدم راح والظبى زهر
وان هم نكصوا يوما فلا عجب
قد يكهم السيف وهو الصارم الذكر
العود أحمد والأيام ضامنة
عقبى النجاح ووعد الله منتظر
وربما ساءت الأقدار ثم جرت
بما يسرك ساعات لها أخر
الله زان بك الأيام من ملك
لك الحجول من الأيام والغرر
لله بأسك والألباب طائشة
والخيل تردي ونار الحرب تستعر
وللعجاج على صم القنا ظلل
هي الدخان وأطراف القنا شرر
إذ يرجع السيف يبدي حده علقا
كصفحة البكر أدمى خدها الخفر
وإذ تسد مسد السيف منفردا
ولا يصدك لا جبن ولا خور
أما يهولك ما لاقيت من عدد
سيان عندك قل القوم أو كثروا
هي السماحة إلا أنها سرف
وهي الشجاعة إلا أنها غرر
الله في الدين والدنيا فما لهما
سواك كهف ولا ركن ولا وزر
ورام كيدك أقوام وما علموا
أن المنى خطرات بعضها خطر
هيهات أين من العيوق طالبه
لو كان سدد منه الفكر والنظر
أن الأسود لتأبى أن يروعها
وسط العرين ظباء الربرب العفر
أمر نووه ولو هموا به وقفوا
كوقفة العير لا ورد ولا صدر
فاضرب بسيفك من ناواك منتقما
أن السيوف لأهل البغي تدخر
ما كل حين ترى الأملاك صافحة
عن الجرائر تعفو حين تقتدر
ومن ذوي البغي من لا يستهان به
وفي الذنوب ذنوب ليس تغتفر
أن الرماح غصون يستظل بها
ومالهن سوى هام العدى ثمر
وليس يصبح شمل الملك منتظما
إلا بحيث ترى الهامات تنتثر
والرأي رأيك فيما أنت فاعله
وأنت أدري بما تأتي وما تذر
أضحى شهنشاه غيثا للندى غدقا
كل البلاد إلى سقياه تفتقر
الطاعن الألف إلا أنها نسق
والواهب الألف إلا أنها بدر
ملك تبوأ فوق النجم مقعده
فكيف يطمع في غاياته البشر
يرجى نداه ويخشى حد سطوته
كالدهر يوجد فيه النفع والضرر
وما سمعت ولا حدثت عن أحد
من قبله يهب الدنيا ويعتذر
ولا بصرت بشمس قبل غرته
إذا تجلى سناها أغدق المطر
يا أيها الملك السامي الذي ابتهجت
به الليالي وقر البدو والحضر
جاءتك من كلمي الحالي محبرة
تطوى لبهجتها الابراد والحبر
هي اللآلئي إلا أن لجتها
طي الضمير ومن غواصها الفكر
تبقى وتذهب أشعار ملفقة
أولى بقائلها من قولها الحصر
ولم أطلها لأني جد معترف
بأن كل مطيل فيك مختصر
بقيت للدين والدنيا ولا عدمت
آجياد تلك المعالي هذه الدرر