والتف حولك ساعداي ومال جيدك في اشتهاء

والتف حولك ساعداي ومال جيدك في اشتهاء

​والتف حولك ساعداي ومال جيدك في اشتهاء​ المؤلف بدر شاكر السياب


والتف حولك ساعداي ومال جيدك في اشتهاء

كالزهرة الوسني فما أحسست إلا والشفاة

فوق الشفاة وللمساء

عطر يضوع فتسكرين به وأسكر من شذاه

في الجيد والفم والذراع

فأغيب في أفق بعيد مثلما ذاب الشراع

في أرجوان الشاطئ النائي وأوغل في مداه

.

شفتاك في شفتي عالقتان والنجم الضئيل

يلقى سناه على بقايا راعشات من عناق

ثم ارتخت عني يداك وأطبق الصمت الثقيل

يا نشوة عبرى وإعفاء على ظل الفراق

حلواَ كإغماء الفراشة من ذهول وانتشاء

دوما إلى غير انتهاء

.

يا همسة فوق الشفاة

ذابت فكانت شبه آه

يا سكرة مثل ارتجافات الغروب الهائمات

رانت كما سكن الجناح وقد تناءى في الفضاء

غرقي إلى غير انتهاء

مثل النجوم الآفلات

لا لن تراني لن أعود

هيهات لكن الوعود

تبقى تلحّ فخفّ أنت وسوف آتي في الخيال

يوما إذا ما جئت أنت وربما سال الضياء

فوق الوجوه الضاحكات وقد نسيت وما يزال

بين الأرائك موضع خال يحدق في غباء

هذا الفراغ أما تحس به يحدق في وجوم

هذا الفراغ أنا الفراغ فخف أنت لكي يدوم!

.

هذا هواليوم الاخير؟!

واحسرتاه! أتصدقين؟ ألن تخفّ إلى لقاء؟

هذا هو اليوم الأخير فليته دون انتهاء!

ليت الكواكب لا تسير

والساعة العجلى تنام على الزمان فلا تفيق!

خلفتني وحدي أسير إلى السراب بلا رفيق

.

يا للعذاب أما بوسعك أن تقولي يعجزون

عنا فماذا يصنعون

لو أنني حان اللقاء

فاقتادني نجم المساء

في غمرة لا أستفيق

ألا وأنت خصري تحت أضواء الطريق؟!

.

ليل ونافذة تضاء تقول إنك تسهرين

أني أحسّك تهمسين

في ذلك الصمت المميت ألن تخف إلى لقاء

ليل ونافذة تضاء

تغشى رؤاي وأنت فيها ثم ينحل الشعاع

في ظلمة الليل العميق

ويلوح ظلك من بعيد وهو يومئ بالوداع

وأظل وحدي في الطريق