وسارية ترتاد أرضا تجودها
وَسارِيَةٍ تَرتادُ أَرضاً تَجودُها
وَسارِيَةٍ تَرتادُ أَرضاً تَجودُها
شَغَلتُ بِها عَيناً قَليلاً هُجودُها
أَتَتنا بِها ريحُ الصَبا وَكَأَنَّها
فَتاةٌ تُزَجّيها عَجوزٌ تَقودُها
تَميسُ بِها مَيساً فَلا هِيَ إِن وَنَت
نَهَتها وَلا إِن أَسرَعَت تَستَعيدُها
إِذا فارَقَتها ساعَةً وَلِهَت بِها
كَأُمِّ وَليدٍ غابَ عَنها وَليدُها
فَلَمّا أَضَرَّت بِالعُيونِ بُروقُها
وَكادَت تُصِمُّ السامِعينَ رُعودُها
وَكادَت تَميسُ الأَرضُ إِمّا تَلَهُّفاً
وَإِمّا حِذاراً أَن يَضيعَ مُريدُها
فَلَمّا رَأَت حُرَّ الثَرى مُتَعَقِّداً
بِما زَلَّ مِنها وَالرُبى تَستَزيدُها
وَأَنَّ أَقاليمَ العِراقِ فَقيرَةٌ
إِلَيها أَقامَت بِالعِراقِ تَجودُها
فَما بَرِحَت بَغدادُ حَتّى تَفَجَّرَت
بِأَودِيَةٍ ما تَستَفيقُ مُدودُها
وَحَتّى رَأَينا الطَيرَ في جَنَباتِها
تَكادُ أَكُفُّ الغانِياتِ تَصيدُها
وَحَتّى اِكتَسَت مِن كُلِّ نَورٍ كَأَنَّها
عَروسٌ زَهاها وَشيُها وَبُرودُها
دَعَتها إِلى حَلِّ النِطاقِ فَأَرعَشَت
إِلَيها وَجَرَّت سِمطُها وَفَريدُها
وَدِجلَةُ كَالدِرعِ المُضاعَفِ نَسجُها
لَها حَلَقٌ يَبدو وَيَخفى حَديدُها
فَلَمّا قَضَت حَقَّ العِراقِ وَأَهلِهِ
أَتاها مِنَ الريحِ الشَمالِ بَريدُها
فَمَرَّت تَفوتُ الطَرفَ سَبقاً كَأَنَّما
جُنودُ عُبَيدِ اللَهِ وَلَّت بُنودُها
وَخَلَّت أَميرَ المُؤمِنينَ مُجَدَّلاً
شَهيداً وَمِن خَيرِ المُلوكِ شَهيدُها
وَكانَ أَضاعَ الحَزمَ وَاِتَّبَعَ الهَوى
وَوَكَّلَ غِرّاً بِالجُيوشِ يَقودُها
كَأَنَّهُمُ لَم يَعلَموا أَنَّ بَيعَةً
أَحاطَت بِأَعناقِ الرِجالِ عُقودُها
فَلَمّا اِقتَضاها لَيلَةَ الرَوعِ حَقَّهُ
جَرَت سُنُحاً ساداتُها وَمَسودُها
وَباتَت خَبايا كَالبَغايا جُنودُهُ
وَفي زَورَقِ الصَيّادِ باتَ عَميدُها
بَلى وَقَفَ الفَتحُ بنُ خاقانَ وَقفَةً
فَأَعذَرَ مَولى هاشِمٍ وَتَليدُها
وَجادَ بِنَفسٍ حُرَّةٍ سَهَّلَت لَهُ
وُرودَ المَنايا حَيثُ يَخشى وَرودُها
وَفَرَّ عُبيدُ اللَهِ فيمَن أَطاعَهُ
إِلى سَقَرِ اللَهِ البَطيءِ خُمودُها
وَلَم تَحضُرِ الساداتُ مِن آلِ مُصعَبٍ
فَيُغنِيَ عَنهُ وَعدُها وَوَعيدُها
وَلَو حَضَرَتهُ عُصبَةٌ طاهِرِيَّةٌ
مُكَرَّمَةٌ آباؤُها وَجُدودُها
لَعَزَّ عَلى أَيدي المَنونِ اِختِرامُهُ
وَإِن كانَ مَحتوماً عَلَيهِ وُرودُها
أولئِكَ أَركانُ الخِلافَةِ إِنَّما
بِهِم ثَبَتَت أَطنابُها وَعَمودُها
مَواهِبُها لَذّاتُها وَسُيوفُها
مَعاقِلُها وَالمُسلِمونَ شُهودُها
فَيا لِجُنودٍ ضَيَّعَتها مُلوكُها
وَيا لِمُلوكٍ أَسلَمَتها جُنودُها
أَيُقتَلُ في دارِ الخِلافَةِ جَعفَرٌ
عَلى فُرقَةٍ صَبراً وَأَنتُم شُهودُها
فَلا طالِبٌ لِلثَّأرِ مِن بِعدِ مَوتِهِ
وَلا دافِعٌ عَن نَفسِهِ مَن يُريدُها
بَنو هاشِمٍ مِثلُ النُجومِ وَإِنَّما
مُلوكُ بَني العَبّاسِ مِنها سُعودُها
بَني هاشِمٍ صَبراً فَكُلُّ مُصيبَةٍ
سَيَبلى عَلى طولِ الزَمانِ جِديدُها
عَزيزٌ عَلَينا أَن نَرى سَرَواتِكُم
تُفَرّى بِأَيدي الناكِثينَ جُلودُها
وَلكِن بِأَيديكُم تُراقُ دِماؤُكُم
وَيَحكُمُ في أَرحامِكُم مَن يَكيدُها
أَلَهفاً وَما يُغني التَلَهُّفُ بَعدَما
أُذِلَّت لِضِبعانِ الفَلاةِ أُسودُها
عَبيدُ أَميرِ المُؤمِنينَ قَتَلنَهُ
وَأَعظَمُ آفاتِ المُلوكِ عَبيدُها
أَما وَالمنايا ما عَمَرنَ بِمِثلِهِ ال
قُبورَ وَما ضُمَّت عَلَيهِ لُحودُها
أَتَتنا القَوافي صارِخاتٍ لِفَقدِهِ
مُصَلَّمَةً أَرجازُها وَقَصيدُها
فَقُلتُ اِرجِعي مَوفورَةً لا تَمَهَّلي
مَعانِيَ أَعيا الطالِبينَ وُجودُها
وَلَو شِئتُ لَم يَصعُب عَلَيَّ مَرامُها
لِبُعدٍ وَلَم يَشرُد عَلَيَّ شَريدُها
وَلَو شِئتُ أَشعَلتُ القُلوبَ بِشُرَّدٍ
مِن الشِعرِ أَفلاذُ القُلوبِ وَقودُها
فَيا ناصِرَ الإِسلامِ غَرَّكَ عُصبَةٌ
زَنادِقَةٌ قَد كُنتُ قَبلُ أَذودُها
وَكُنتَ إِذا أَشهَدتَها بِيَ مَشهَداً
تَطَأمَنَ عاديها وَذَلَّ عَنيدُها
فَلَمّا نَأَت داري وَمالَ بِكَ الهَوى
إِلَيها وَلَم يَسكُن إِلَيكَ رَشيدُها
أَشاعَ وَزيرُ السوءِ عَنكَ عَجائِباً
يُشيدُ بِها في كُلِّ أَرضٍ مُشيدُها
وَباعَدَ أَهلَ النُصحِ عَنكَ وَأوغِرَت
صُدورُ المَوالي وَاِستَسَرَّت حُقودُها
فَطُلَّ دَمٌ ما طُلَّ في الأَرضِ مِثلُهُ
وَكانَت أُمورٌ لَيسَ مِثلي يُعيدُها