وسيلة الحصول إلى مهمات الأصول
► ويكي مصدر:إسلام | اعتمدت طبعة مكتبة الفرقان لشرحه المسمى الجهد المبذول في تنوير العقول بشرح منظومة وسيلة الحصول إلى مهمات الأصول. | ◄ |
[ مَدخَلٌ ]
الْحَمدُ لِلْعَدلِ الحَكِيمِ الْبَارِي ** الْمُستَعانِ الوَاحِدِ القَهَّارِ
ذِي الْحِكَمِ الْبالِغَةِ الْعَلِيَّهْ ** وَالْحُجَّةِ الدَّامِغَةِ القَوِيَّهْ
قَضَى بِكَونِ مَا يَشَا فَأَبْرَمَهْ ** وَشَرَعَ الشَّرعَ لَنَا وَأَحْكَمَهْ
بِأَنَّهُ الرَّبُّ بِلا مُنَازَعَهْ ** وَهْوَ الإِلَهُ الْحَقُّ لا نِدَّ مَعَهْ
فَبِالْقَضَا نُؤْمِنُ وَالتَّأَلُّهُ ** بِشَرعِهِ، فَالْخَلْقُ وَالأَمْرُ لَهُ
وَكُلُّهَا تَصدُرُ عَنْ مَشِيئَتِهْ ** وَعِلْمِهِ وَعَدْلِهِ وَحِكمَتِهْ
أَحْكَمَ كُلَّ الْخَلقِ بِالإِتْقَانِ ** وَالأَمرِ بِالعَدْلِ وَبِالإِحْسَانِ
أَحْمُدُهُ وَالْحَمدُ مِن إِنْعَامِهِ ** إِذْ ذِكْرُنَا إِيَّاهُ مِنْ إِلْهَامِهِ
ثُمَّ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ الْمُسْتَمِرْ ** عَلَى الَّذِي اِسْتَقَامَ مِثْلَ مَا أَمَرْ
نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَالآلِ ** وَصَحْبِهِ ومَنْ بِخَيرٍ تَالِ
وَبَعدُ: إِنَّ الْعِلمَ خَيرُ مُقْتَنَى ** وَالفِقهُ أَولَى مَا بِهِ العَبدُ اِعتَنَى
حَضَّ عَلَيهِ اللهُ وَالرَّسُولُ ** فِي جُمَلٍ شُرُوحُهَا تَطُولُ
فَدُونَهُ لا يُمكِنُ اِتِّباعُ ** أَمرٍ، وَلا بِالعِظَةِ اِنْتِفاعُ
مَنْ لَم يَكُنْ يَفْقَهُ كَيفَ يَعْمَلُ ** بِمُوجِبِ الأَمرِ الَّذِي لا يُعقَلُ
ثُمَّ أُصُولُ الْفِقهِ كُلِّيَّاتُ ** ثَابِتَةُ الأَساسِ قَطْعِيَّاتُ
وَهَا أَنَا أُخرِجُ مِن مُنتَخَبِهْ ** قَواعِدًا نَافِعَةً لِلْمُنتَبِهْ
تَجمَعُ مِن مَقصُودِهِ أَهَمّهْ ** مَعْ قِصَرِ الوَقتِ وضَعفِ الْهِمَّهْ
وَاللهُ أَرجُو مِنهُ عِلْمًا نَافِعَا ** إِلَى عَلِيِّ الدَّرَجاتِ رَافِعَا
[ البابُ الأَوَّلُ ]: مُقَدِّماتٌ ثَلاثٌ
الأُوُلَى: فِي تَعريفِ الأُصُولِ وَالأَحْكامِ
أَدِلَّةُ الفِقهِ عَلَى الإِجمالِ ** وَصِفَةُ الْوُجُوهِ لاِسْتِدلالِ
تُعرَفُ ذِي: فَنَّ أُصُولِ الفِقهِ، مَنْ ** أَدْرَكَهَا فَهْوَ الأُصُولِي فَاعْلَمَنْ
وَالفِقهُ عِلمُ حُكمِ شَرعِ اللهِ مِنْ ** أَدِلَّةٌ تَفصِيلُهُ فِيهَا زُكِنْ
والحُكمُ: مُقتَضَى خِطابِ اللهِ ** لِلْعَبدِ تَكْلِيفًا بِلا اِشْتِباهِ
إِنِ اِقتَضَى الْجَزْمَ بِفِعلٍ: يَجِبُ ** وَغَيرُ مُقتَضٍ لِجَزمٍ: يُندَبُ
ومُقتَضَى التَّركِ: حَرَامٌ إِنْ جُزِمْ ** بِهِ وَإِلَّا مَكْرُوهٌ عُلِمْ
وَالعَفْوُ أَو مَا رَفَعَ الجُناحُ ** فِي الفِعلِ وَالتَّركِ هُوَ: الْمُباحُ
وَإِنْ ذَرِيعَةً فَحُكمُهُ اِنْجَلَى ** حُكمُ الَّذِي بِهِ لَهُ تَوَصَّلَا
وَيَلْزَمُ التَّكلِيفُ كُلَّ مُدرِكِ ** بِعَقلِهِ مِن مُسلِمٍ ومُشرِكِ
لِكِنَّما الكَافِرُ سَعْيُهُ هَبَا ** وَهْوَ مُؤَاخَذٌ بِجَحدٍ وَإِبَا
وَالوَضعُ شَرطٌ مَانِعٌ والسَّبَبُ ** كَذَا صَحيحٌ فَاسِدٌ قَدْ لَقَّبُوْ
فَالشَّرطُ: مَالْحُكمُ بِفَقدِهِ اِنتَفَى ** فِي صِحَّةٍ أَو فِي كَمالٍ عُرِفَا
وَالسَّبَبُ: الَّذِي بِهِ الحُكمُ وُجِدْ ** وَالْمَانِعُ الَّذِي بِوَجْدِهِ فُقِدْ
وَمَا بِهِ النُّفُوذُ واِعتِدادُ ** هُوَ الصَّحيحُ؛ غَيرُهُ الْفَسَادُ
والرُّخصَةُ: التَّيْسِيرُ لِلْحُكمِ لَدَى ** عُذْرٍ وَإِلَّا فَعَزِيمَةٌ بِدَا
فصل
وَالْفَرضُ تَعرِيفًا: رَدِيفُ مَا يَجِبْ ** كَالسُّنَّةِ التَّطَوُّعِ النَّدبِ اُستُحِبْ
وَقَد يَكُونُ: عَينًا أَو كِفَائِيْ ** فِي شَيءٍ أَو وَاحِدٌ مِنْ أَشْياءِ
مُرَتَّبًا يَجِيءُ أَو مُخَيَّرَا ** مُؤَقَّتًا وَمُطلَقًا ما قُدِّرَا
فَالأَوَّلُ: الفَرضُ عَلَى الأَعيانِ ** يُفعَلُ مِنْ جَمعٍ ومِن أَعْيانِ
مِثالُهُ التَّوحيدُ وَالصَّلاةِ ** وَالْحَجِّ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ
وَالثَّانِي فَرضُهُ عَلَيهِمْ وَالأَدَاْ ** يَكفِي إِذَا مِنْ بَعضِهِمْ قَدْ وُجِدَاْ
كَـ{وَلْتَكُنْ مِنْكُم} {فَلَوْلَا نَفَرَا} ** وَمِثلُهُ سَدُّ الثُّغُورِ قَد جَرَى
وَحَيثُ كَانَ الْفَرضُ شَيْئًا عُيِّنَا ** فِفِعلُهُ لا شَكَّ قَد تَعَيَّنَا
كَـ{حَافِظُوا عَلَى الصَّلاةِ} وَ{كُتِبَ ** عَلَيكُمُ الصِّيامُ} عَينُهُ يَجِبْ
وَمَا تَرَتَّبَ اِفْرِضْ الْمُقَدَّمَاْ ** فِي حَقِّ مُستَطِيعٍ مَا تَقَدَّمَا
كَالنَّصِّ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ ** وَتَوبَةِ القَاتِلِ خِطْئًا جَارِي
وَغَيرَهُ اِفرِضْ وَاحِدًا مِنْهَا فَقَطْ ** مَا كَانَ وَالْبَاقِي بِفِعلِهِ سَقَطْ
كَآيَةِ التَّكْفِيرِ فِي الإِقْسَامِ ** وَحالِقٍ لِلْعُذرِ فِي الإِحْرَامِ
فِي الوَقْتِ فِي الْمُؤَقَّتِ: الأَدَاءُ ** وَالْفِعلُ بَعدَ وَقتِهِ: قَضَاءُ
وَثَانِيًا فِي وَقتِهِ: إِعادَهْ ** لِمُوجِبٍ لِلْعَودِ فِي الْعِبادَهْ
ومُطلَقُ الفَرضِ الَّذِي مَا حَدَا ** يَفعَلُهُ مَتَى وَحَيثُ أَدَّى
وَهَكَذَا الْمَسنُونُ قَد تَقَسَمَّا ** وَبِالْمِثالِ تُدْرِكُ الْمُسْتَبهَمَا
الْمُقَدِّمَّةُ الثَّانِيَةُ: فِي الْوَضْعِ
وَالْوَضعُ: جَعلُ الَّلْفظِ لِلْمَعْنَى يَدُلْ ** أُفْرِدَ أَو رُكِّبَ فِي جُزءٍ وكُلْ
وَلا يَجُوزُ وَضعُ لَفظٍ شَائِعِ ** فِي غَيرِ مَعنَاهُ لَدَى الشَّرائِعِ
وَاللَّفظُ وَالْمَعنَى حَيثُ اِتَّحَدَا ** فَذَاكَ جُزْئِيٌّ وَكُلِّيٌّ بَدَا
كَنَحْوِ: زَيدٌ صَالِحٌ لِمَن سُمِي ** وَيَشمَلُ الإِنْسَانُ جِنسَ الآدَمِيْ
وَالْمُتَبَاينُ الَّذِي قَد اِستَقَلْ ** لِكُلِّ مَعْنَى لَفظُهُ عَلَيهِ دَلْ
وَمَا لِواحِدٍ بِهِ الْمَعنَى اِتَّحَدْ ** مِن دُونِ لَفظٍ مُتَرادِفٌ يُعَدْ
وَعَكْسُهُ: مُشتَرَكٌ ثُمَّ العَلمْ ** إِمَّا لِشَخص أَو لِجِنسٍ أَو لاِسِمْ
وَرَدُّهُم لَفظًا إِلَى سِواهِ ** مِمَّا لَهُ نَاسَبَ فِي مَعْناهِ
وَفِي حُرُوفِهِ الأُصُولِ أَو وَقَعْ ** تَغْيِيرُ بَعضٍ فَاشْتِقاقٌ اِتَّسَعْ
فَمِنهُ مُختَصٌّ وَمِنهُ مُطَّرِدْ ** وَالْمَعنَوِيُّ كَمُرَادِفٍ يَرِدْ
وَأَيُّمَا لَفظٍ يَسْتَعْمِلْهُ 1 العَرَبْ ** مِنْ غَيْرِ وَضْعِهِم هُوَ الْمُعَرَّبْ
لا عَلَمًا، وَفِي القُرآنِ الْمُمْكِنُ ** مِمَّا تَوَاطَأْتْ عَلَيهِ الأَلْسُنُ
ثُمَّ اِنْتِقاءُ مَا سِواهُ اِعْتَبِرِ ** كَمَا نَفَاهُ الشَّافِعِي والطَّبَرِي
وَالعُرفُ إِنْ فِي الُّلغَويِّ وَالشَّرْعِيْ ** تَعَارَضَا قُدِّمَ عُرفُ الشَّرْعِ
كَعُرْفِهِ فِي الصَّومِ وَالصَّلاةِ ** أَوْلَى مِنَ الدُّعاءِ وَالإِصْمَاتِ
فصل
ثُمَّ الْكَلامُ كُلُّهُ قَد يَنقَسِمْ ** لِخَبَرٍ فَاعْلَمْ وَإِنْشاءٍ وُسِمْ
مَاْ لَهُمَا مِنْ ثَالِثٍ، فَالْخَبَرُ ** فِي النَّفْيِ وَالإِثْباتِ قُلْ يَنْحَصِرُ
وَالوَعدُ وَالْوَعِيدُ فِي ذَينِ دَخَلْ ** وَقَصَصٌ تَعَجُّبٌ كَذَا الْمَثَلْ
وَانْقَسَمَ الإِنْشَا إِلَى اِسْتِفهَامُ ** عَلَى مَعانٍ جَاءَ فِي الكَلامِ
أَمرٌ وَنَهيٌ قَسَمٌ دُعَاءُ ** شَرطٌ تَمَنٍّ وَكَذَا الرَّجَاءُ
وَقَدْ يَجِيْ الإِنْشَا بِمَعنَى الخَبَرْ ** وَعَكْسُهُ تَوَسُّعًا فَاعْتَبِرِ
وَبَحثُهَا يَدرِيهُ مَنْ يُعَانِي ** لِعِلْمَيِ البَيانِ الْمَعَانِي
الْمُقَدِّمَةُ الثَّالِثَةُ: فِي أَدَواتِ الْمَعانِي
الأَدَواتُ مِن حُرُوفٍ عُلِمَت ** فَلِلْجَوابِ وَالْجَزَا (إِذَنْ) ثَبَتْ
وَ(إِنْ) لِشَرطٍ وَلِنَفْيٍ وَ صِلَهْ ** تُفِيدُ قُوَّةَ الْمَعَانِي الْحاصِلَهْ
لِلَّشَّكِّ وَالتَّخْييرِ وَالإِبهامِ (أَوْ) ** جَمعٌ وَتَقسِيمٌ وَإِضْرَابٌ رَأَوْ
وَقَد تَجِي مَكَانَ (حَتَّى) و(إِلَى) ** لِغَايَةٍ كَذَا لِتَقريبٍ تَلا
(أَيْ): لِتَفْسِيرٍ أَتَتْ وَلِلْنِّدَا ** قَرِيبا أَوْ لِلْوِسطِ أَوْ مَن بَعُدَا
وَشُدِّدَتْ لِلْشَّرطِ وَاِسْتِفهامِ ** كَذَا اِسمِ مَوْصُولٍ وَلِلإِعْظامِ
وَ وِصْلَةٌ إِلَى نِدَا مَا فِيهِ أَلْ ** وَ(إِذْ) لِماضٍ: ظَرفٌ مَفعُولٌ بَدَلْ
لَهَا إِضَافَةُ الزَّمَانِ قَد وَضَحْ ** وَقَد تَجِي مُسْتَقْبَلًا عَلَى الأَصَحْ
كَذَاكَ للتَّعلِيلِ حَرْفًا فِيهِ ** وَفِي فُجاءَةٍ لِسَيبَوِيهِ
(إِذَا) أَتَتَ حَرفَ فُجاءَةٍ عَلَى ** رَأْيٍ وَقَدْ أَتَتْ [ بِهِ ] مُسْتَقْبَلَا
تَضَمَّنَتْ شَرطِيَّةً فِي الغَالِبِ ** وَالحَالَ وَالْمَاضِي نُدُورًا أُجْتُبِي
وَ(البَا) لِلاِلْصَاقِ تَعَدٍّ سَبَبُ ** وَالبَدَلُ الظَّرْفُ وَعَوْنًا أُطلُبِ
قَابَلَ أَو جَاوَزَ وَالْمُصَاحَبَهْ ** كَذَا لِلاسْتِعلَا لَدَى مَن اِنْتَبَهْ
وَالغَايَةُ التَّوكِيدُ تَبعِيضٌ قَسَمْ ** وَ(بَلْ) لِعَطفٍ ولِلاِضْرابِ اِنْقَسَمْ
إِمَّا لإِبطالٍ أَو اِنْتِقالِ ** مِنْ غَرَضٍ لآخَرٍ فِي الْمَقَالِ
(بِيَدْ) بِمَعنَى غَيرٍ أَو مِن أَجلِ ** كَبِيَدِ أَنِّيْ قُرَشِيّ النَّجْلِي 2
وَ(ثُمَّ) حَرفٌ عاطِفٌ فِي الْجُملَهْ ** يَجِيءُ لِلْتَّرتِيبِ بَعدَ الْمُهلَهْ
(حَتَّى) تَجِيءُ لانْتِهاءِ الغَائِيْ ** كَذَا لِتَعلِيلٍ ولاسْتِثناءِ
وَ(رُبَّ) للتَّقليلِ والتَّكثِيرِ ** دُونَ اِخْتِصاصِهِ لَدَى الكَثِيرِ
(عَلَى) تَكونُ اِسْمًا وَحَرْفًا لِلْعُلُوْ ** وَصَاحَبُوا وَجاوَزُوا وَعَلَّلُوا
بِهَا ولِلْظَّرفِ ولاِسْتِدْرَاكِ ** فِعلِيَّةٌ عَلَا عَلَى الأَراكِ
وَ(الفَاءُ) للتَّرتِيبِ فِي الْمَعنَى وَفِي ** ذِكرٍ وَتَعقِيبٍ بِكُلِّهَا يَفِي
وَسَبَبِيَّةٌ تَجِيْ للرَّابِطَهْ ** وَفِي جَوابِ الشَّرطِ تَأتِي رَابِطَهْ
فِي جَاءَ للظَّرفَينِ وَالْمُصاحَبَهْ ** تَوكِيدُ تَعليلُ وَتَعويضُ هِبَهْ
مِثلُ (عَلَى) تَجِيءُ لاِسْتِعلاءِ ** مَعنَى (إِلَى) وَ(مِن) وَمَعنَى (البَاءِ)
وَ(كَيْ) لِتَعليلٍ أَتَى وَمَصدَرِ ** (كُلٌّ) لِلاِستِغراقِ فِي الْمُنَكَّرِ
وَفِي مُعَرَّفٌ مِنَ الْجَمعِ وَفِي ** أَجزَاءِ كُلِّ الْمُفرَدِ الْمُعَرَّفِ
وَ(الَّلامُ) للتَّعليلِ وَاِسْتِحقاقِ ** وَالْمِلكِ وَالتَّملِيكِ وَالوِفاقِ
عَاقِبَةٌ تَوكِيدٌ نَفْيٌ 3 تَعدِيَهْ ** كَذَا لِتَأكِيدٍ بِأَخْبارٍ هِيَهْ
مَعنَى (إِلَى) وَ(فِي) وَ(عِندَ) وَ(عَلَى) ** وَ(مِنْ) وَ(عَنْ) وَ(بَعدُ) تَأتِي بَدَلَا
(لَوْلَا) أَتَتْ فِي الْجُمْلَةِ الإِسْمِيَّهْ ** مَاض مُضارِع مِنَ الفِعْلِيَّهْ
حَرفُ اِمْتِناعٍ لِوُجودٍ أَوْ لَا ** وَالثَّانِ تَوبيخٌ وتَحضيضٌ تَلَا
(لَو) جاءَ لاِمْتِناعِ مَا يَلِيهِ ** حُكْمًا مَعَ اِستِلْزَامِهِ تَالِيهِ
وَلِمُسَاواةٍ تَمَنٍّ عَرْضِ ** كَذَا لِتَقْلِيلٍ أَتَتْ وَحَرضِ
وَ(لَنْ) لِنَفْيِ الفِعلِ فِي الْمُستَقبَلِ ** لا تَقتَضِي التَّأبيدَ كَالمُعتَزِلِيْ
(مَنْ) لاِبْتِدَاءٍ وَعَلَى التَّبعيضِ دَلْ ** كَذَا لِتَبْيِينٍ وَتَعليلٍ بَدَلْ
تَخصِيصُ مَا عَمَّ وَفَصلٌ اِنْجَلَى ** كَـ(البَا) وَ(عَنْ) وَ(فِي) وَ(عِندَ) وَ(عَلَى)
(مَنِ) اِسمُ مَوصُولٍ وَتَأْتِي عَامَّهْ ** نَكِرَةٍ مَوصُوفَةٍ أَو تَامَّهْ
تَجِيءُ لاِستِفهامٍ أَو شَرطِيَّهْ ** وَهيَ بِكُلِّ حالَةٍ إِسْمِيَّهْ
وَ(هَلْ) أَتَتْ لِطَلَبِ التَّصدِيقِ ** وَ(الوَاوُ) لِلْجَمعِ عَلَى التَّحقيقِ
فَهِذِهِ وَسِيلَةُ اِبْتِداءِ ** وَلْتُطْلَبُ البَاقِي بِالاِستِقْرَاءِ
[ البَابُ الثَّانِي: كِتابُ أُصُولِ الأَدَلِّةِ ]
[ مَدْخَلُ ]
أَدِلَّةُ الشَّرعِ الشَّرِيفِ أَربَعَهْ: ** مُحكَمُ آيٍ، سُنَّةٌ مُتَّبَعَهْ
وَالثَّالِثُ: الإِجماعُ حَيثُ يَنجَلَي ** وَالرَّابِعُ: القِياسُ، وَاُخصُصِ الجَلِيْ
وَلا رَأيَ فِي الدِّينِ وَلا اِسْتِحْسَانَا ** فَاللهُ قَد أَكمَلَهُ تِبْيَانَا
وَمَا لِغَيرِ اللهِ حُكمٌ أَبَدَا ** وَلا سِوَى الشَّرعِ سَبِيلٌ لِلْهُدَى
فَالشِّركُ فِي التَّشريعِ مِنهُ يَنفَجِرْ ** شِركُ العِبادِ بِالعَزِيزِ الْمُقتَدِرْ
الدَّليلُ الأَوَّلُ: الْكِتابُ
أَمَّا الكِتابُ فَهُوَ القُرآنُ ** بَينَ الضَّلالُ وَالهُدَى فُرقانُ
الْمُعجِزُ الْمُفحِمُ لِلأَضْدَادِ ** بِرهانُ حَقٍّ أَبَدُ الآبادِ
كَلامُ رَبِّ مُنْزَلٌ تَنْزِلَا ** لا يَقبَلُ الْخُلفَ وَلا التَّبدِيلَا
بِهِ الإِلَهُ خَلَقَهْ تَعَبُّدَا ** تِلاوَةً تَدَبُّرًا ثُمَّ اِهْتِدَا
[ يَقُولُ ] جَلَّ: {اِتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا} ** لِتُرْحَمُوا وَاستَمسِكُوا بِهِ ثِقُوا
فِيهِ بَيَانُ مَا مَضَى فِي الأَوَّلِ ** وَنَبَأُ الْحَاصِلِ فِي الْمُستَقبَلِ
وَفَصلُ أَحكَامِ الْعُبُودِيَّاتِ ** فِي القَولِ وَالأَعْمَالِ وَالنِّيَّاتِ
وَإِنَّمَا يَأتِي عَلَى مَعلُومِهِ ** مَن أَحرَزَ الْجُملَةَ مِن عُلُومِهِ
وَأَمعِنِ الفِكرَةَ فِي السِّياقِ ** مَعْ حِفظِ مَا جَاءَ عَنِ السِّباقِ
مِمَّن أَتَوا فِيهِ عَلَى البَيَانِ ** بِالنَّقلِ وَالإِيضَاحِ لِلْمَعَانِي
فَمِنهُ ذُو تَشابُهٍ وَالْمُحكَمُ ** وَمُجمَلٌ مُفَصَّلٌ لا يُبهَمُ
وَعَامٌّ عُمُومُهُ يُرَادُ ** وَمِنهُ مَا خُصُوصُهُ الْمُرادُ
وَجَامِعُ العُمُومِ وَالخُصُوصِ ** وَعَامٌّ أُرِيدَ بِالْمَخصُوصِ
وَظَاهِرٌ يُعرَفُ مِن سِيَاقِهِ ** إِرَادَةُ البَاطِنِ بِاسْتِحقَاقِهِ
وَحَذفُ مَا مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُذْكِرَا ** وَمَا لَهُ التَّقدِيمُ ثُمَّ أُخِّرَا
إِمَّا مِنَ الْمَنطُوقِ أَو مَفهُومِهِ ** فَلْتَعلَمِ الَّلازِمَ مِنْ مَلْزُومِهِ
وَلتَعلَمِ الأَمرَ كَذَا النَّهيَ وَمَا ** تَجِيءُ مِنْ مُقتَضِياتٍ لَهُمَا
وَالْعِلمُ بِالنَّاسِخِ وَالْمَنسُوخِ ** مِمَّا بِهِ اِعتَنَى أُلُو الرُّسُوخِ
وَسَبَبُ النُّزولِ وَالتَّأرِيخِ لَهْ ** مِمَّا يُبَيِّنْ فِقهَ حُكمِ الْمَسألَهْ
وَكُلُّهُ تَوَاتُرٌ قَد وَصَلا ** وَاللهُ بِالْحِفظِ لَهُ تَكَفَّلَا
الدَّلِيلُ الثَّانِي: الْسُّنَّةُ
وَثَانِيُّ الْوَحيَينِ: سُنَّةُ النَّبِي ** بَيَانُهُ عَن رَبِّ لا تُرَتِّبِ
فَإِنَّهُ قَد أُتِيَ القُرْآنَا ** حَقًّا وَمِثْلَيهِ لَهُ تِبْيَانَا
وَتِلْكُمُ الْحِكمَةُ حَيثُ تُذْكَرُ ** مَعَ اِقْتِرَانِ بِالْكِتابِ فَسَّرُوا
إِذْ وَضَعَ الرَّحمَانُ مِنْ كِتابِهِ ** وَدِينِهِ رَسُولِهِ بِمَا بِهِ
لَنَا أَبانَ مِنهُ أَعلَى مَنْزِلَهْ ** وَعَلَمًا لِدِينِهِ قَد جَعَلَهْ
مُفتَرِضًا طَاعَتَهُ مَعْ طَاعَتِهْ ** كَذَا بِمَا حَرَّمَ مِن مَعصِيَتِهْ
وَ قَرَنَ اٌِيمَانَ بِالإِيمَانِ بِهْ ** وَفِي الشَّهَادَتَينِ ذَا لِلْمُنتَبِهْ
وَشَهَدَ اللهُ لَهُ بِالعِصمَهْ ** وَبِهُداهُ لِلنَّجَاةِ الأُمَّهْ
وَأَلْزَمَ الْخَلقَ اِتِّبَاعَ أَمرِهِ ** فَلا طَريقَ لِلْهُدَى عَن غَيرِهِ
وَلَم يَدَعْ خَيرًا إِلَيهِ مَا هَدَى ** كَمَا نَهَى عَن كُلِّ أَسبَابِ الرَّدَى
حَتَّى أَتَمَّ دِينَهُ وَأَكمَلَا ** مُبَيَّنًا مُوَضَّحًا مُفَصَّلَا
مَحَجَّةً نَيِّرَةَ الْمَسَالِكِ ** بَيضَاءَ لا يَزِيغُ إِلَّا هَالِكِ
فصل
وَأَوجُهُ السُّنَّةِ مِنهَا مَا تَلَا ** بِمِثلِ مَا فِيهِ الكِتابُ أُنْزِلَا
كَالْجَلدُ لِلْقَاذِفِ فِي الرِّوايَهْ ** مَا زَادَ أَنْ نَفَّذَ نَصَّ الآيَهْ
وَمِنهُ مَا فِيهِ الكِتابُ جُملَهْ 4 ** بَيَّنَتِ السُّنَّةُ مَا سِيقَتْ لَهْ
فَصَّلَهُ رَسُولُهُ وَزَادَهْ ** مُبَيِّنًا عَنْ رَبِّنَا مُرَادَهْ
كَفُرقَةِ الْلِّعَانِ مَعْ نَفْيِ الْوَلَدْ ** وَالوَقفِ فِي خَامِسَةِ زَيدٍ وَرَدْ
وَبَانَ فِي الإِرثِ اِخْتِلافُ الْمِلَّهْ ** وَالرِّقُّ وَالْقَتلُ مَوَانِعٌ لَهْ
وَأَحكَمَ اللهُ الصَّلاةَ مُجمَلَهْ ** فَرضِيَّةً ثُمَّ الرَّسُولُ فَصَّلَهْ
فَبَيَّنَ الْمَفرُوضَ فِي الأَوقَاتِ ** وَعَدَدَ الرُّكُوعِ وَالْهَيئَاتِ
وَهَكَذَا الزَّكَاةُ وَالصِّيامُ ** وَالْحَجُّ وَالجِهادُ وَالأَحكَامُ
أَحكَمَ بِالكِتابِ فَرضِيَّتَهَا ** وَبَانَ بِالسُّنَّةِ كَيْفِيَّتَها
وَثَالِثٌ قَد سَنَّهُ لا نَعْلَمُ ** نَصُّ الْكِتابِ فِيهِ وَهْوَ أَعلَمُ
وَهْوَ بِحُكمِ رَبِّهِ مُتَّحِدُ ** لا يَنصِبُ الخِلافَ إِلَّا مُلحِدُ
فَكَم أُمُورٌ حُكمُهَا فِي الأَثَرِ ** كَمِثلِ تَحرِيمِ لُحُومِ الْحُمرِ
أَهلِيَّةٍ وَحَضْرِهِ الْمُفتَرِسَا ** طَيرًا سِباعًا وكَمُتعَةِ النِّسَا
وَغَيرُ ذِي لَولا مَجِيءُ حَظْرِهَا ** عَنِ الرَّسُولِ مَا اُهْتُدِي لأَمْرِهَا
فصل فِي لُزُومِ الْحُجَّةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الثَّبتِ
وَالْخَبَرُ: اِعلَمْ مِنهُ ما تَوَاتَرَا ** وَمِنهُ آحَادٌ إِلَينَا أُثِرَا
فَذُو تَواتُرٍ بِهِ العِلمُ حَصَلْ ** وَثَابِتُ الآحادِ يُوجِبُ العَمَلْ
بَلْ يُوجِبُ العِلمَ عَلَى التَّحقِيقِ ** عِندَ قِيَامِ مُوجِبِ التَّصْدِيقِ
فَالْتَزِمِ القَولَ بِهِ فَإِنَّهْ ** بِهِ يَقُولُ كُلُّ أَهلِ السُّنَّهْ
كَمْ أَرْسَلَ الرَّسُولُ مِنْ آحَادِ ** يَدْعُونَ فِي الآفَاقِ للرَّشَادِ
مِثلُ مُعَاذٍ وَعَلِي وَالأَشْعَرِيْ ** وَرُسْلِهِ إِلَى الْمُلُوكِ اِعْتَبِرِ
وَأَلْزَمَ الْمُبَلَّغِينَ الْحُجَّهْ ** بِهِمْ وَبَانَت لَهُمُ الْمَحَجَّهْ
وَخَبَرُ القِبلَةِ فِي أَهلِ قِبَا ** فَانْصَرَفُوا فَورًا بِمُطلَقِ النَّبَا
وَبَادَرَ الشّرب بِنَثْرِ الْخَمرِ 5 ** حِيْنَ أَتَاهُمْ مُخبِرٌ بِالْحَظْرِ
وَأَمرُ رَبِّنَا بِنَصٍّ بَيِّنِ ** فِي خَبَرِ الفَاسِقِ بَالتَّبَيُّنِ
يُشعِرُ أَنَّ خَبَر الأَثْبَاتِ ** يُؤخَذُ بِالقَبُولِ وَالإِثبَاتِ
بَلْ لا سَبِيلُ لاِقْتِفَا الرَّسُولِ ** إِلَّا التَّلَقِّي عَنهُ بِالقَبُولِ
وَاشْتَرَطُوا شَرَائِطًا فِي الْمُخبِرِ ** وَمُخْبَرٌ عَنهُ كَذَا فِي الْخَبَرِ
فَخَمسَةٌ فِي أَوَّلٍ: تَمَامُ ** أَعَمُّهَا التَّكلِيفُ وَالإِسْلامُ
عَدَالَةٌ وَالضَّبطُ وَالأَمَانَهْ ** وَتَركُ تَدليسٍ أَخُو الْخِيَانَهْ
وَبِاخْتِبَارٍ: يُعرَفُ الْعَدلُ الثِّقَهْ ** أَوْ عَدَمُ الْجَرحِ وَحَبْرٌ وَثِقَهْ
أَو اِسْتَفاضَ عِلمُهُ وَاشْتَهَرَا ** مِنْ غَيرِ قَادِحٍ عَلَيهِ اِعْتَبَرَا
أَو عَمَلِ القَومِ بِمَا بِهِ اِنْفَرَدْ ** أَو عَنهُ رَاوٍ مَا رَوَى عَمَّنْ يَرِدْ
وَشَرطُ ثَانٍ: عَدَمُ اِسْتِحَالَتِهْ ** وَنَقضُ أَقْوَى مِنهُ فِي دَلالَتِهْ
وَلا يَضُرُّ خُلفُهُ القِياسِ أَوْ ** كَونُ الْجَمَاهِيرِ خِلافُهُ رَأَوْا
أَو كَونُ أَهْلِ البَيتِ خَالَفُوهُ ** أَو سَاكِنُوا يَثْرِبَ لَمْ يَقْفُوهُ
أَو عَمَّتِ البَلْوَى بِهِ وَمَا اِشْتَهَرْ ** أَو قَولُ رَاوِيهِ بِخُلفِهِ ظَهَرْ
أَو اِقْتَضَى كَفَّارَةً أَو حَدَّا ** أَو نَقلَهُ زِيادَةً قَدْ أَدَّى
أَو خَارِجًا فِي مَخرَجِ الأَمْثَالِ ** الْكُلُّ لا يَسُوغُ فِي الإِعْلالِ
وَالشَّرطُ فِي ثَالِثِهَا: التَّقَصِّي ** وَحَافِظُ الَّلْفظِ يَجِيْ بِالنَّصِّ
فَإنْ يَرِدْ حَذْفًا أَوِ اِخْتِصارَا ** وَأَخْذُ بَعضِ الْخَبَرِ اِقْتِصَارَا
جَازَ بِشَرطِ عَدَمِ الإِخْلالِ ** وَكَونُ مَا يُحذَفُ ذَا اِسْتِقْلالِ
وَإِنَّمَا يَصْلُحُ لِلْفَقِيهِ ** كَيْلَا يُحِيلُ أَيَّ مَعْنَى فِيهِ
وَمَنْ نَسِيْ الْلَّفظَ وَبِالْمَعنَى قَطَعْ ** فَالحُكمُ فَلْيُؤَدِّهِ كَيْ يَتْبَعْ
وَإِنْ يَرِدْ تَفسِيرُ لَفظٍ فُصِلَا ** مَقُولُهُ مِن لَفظِ مَرْفُوعٍ عَلَا
فَنَقلُ عَدلٍ تَامٍّ الضَّبطَ اِتَّصَلْ ** عَنْ مِثْلِهِ وَلَم يُشَذّ أَو يُعَلْ
هُوَ الصَّحيحُ عِندَهُم مِنَ السُّنَنْ ** فَإنْ يَخِفَّ الضَّبطُ فَالقِسمُ الْحَسَنْ
كِلاهُمَا فِي عَمَلٍ بِهِ اِشْتَرَكْ ** وَهْيَ عَلَى مَراتِبٍ بِدُونِ شَكْ
فَكُلَّمَا صِفَاتُ قُوَّةٍ أَشَدْ ** فِيهِ فَمن سِواهُ أَعلَى وَأَسَدْ
وَيُقبَلُ الْمُرسَلُ حَيثُ اِعْتَضَدَا ** أَو عَنْ سِوَى مُرسَلِهِ قَد أُسْنِدَا
أَوْ عَمَلَ الصَّحبُ بِمُقْتَضَاهُ ** أَو قَولُ جُمهُورٍ وَلا سِواهُ
وَغَيرُ مَا يُقبَلُ أَقْسَامٌ تُعَدْ ** فَرُدَّ مَا شَرْطُ قَبُولٍ قَد فُقِدْ
وَلِتَفَاصِيلِ بُحُوثُ الْخَبَرِ ** عِلمٌ بِهَا يُخْتَصُّ فَلْيُعْتَبَرِ
وَبَحثُ سُنَّةٍ عَلَى التَّحريرِ ** فِي القَولِ وَالْفِعْلِ وَفِي التَّقْرِيرِ
والبَحثُ فِي الأَقْوَالِ فَلْيُقَدَّمُ ** مُشْتَرِكًا مَعَ الْكِتابِ الْمُحْكَمِ
إِذْ سَابِقُ الأَنْوَاعِ فِي الْكِتَابِ ** فِي سُنَّةٍ تَجرِي بِلا اِرْتِيابِ
الْكَلامُ عَلَى وُجُوهِ الْخِطَابِ وَفِيهِ فُصُولٌ
الْفَصلُ الأَوَّلُ: فِي الأَوَامِرِ
أَربَعُ أَلفَاظٍ بِهَا الأَمرُ دُرِي ** إِفْعَلْ لِتَفْعَلْ اِسمُ فِعْلٍ مَصْدَرِ
وَقَدْ يُسَاقُ فِي مَساقِ الْخَبَرِ ** وَبِالْجَزَا وَنَحْوِهِ فَاْعْتَبِرِ
وَأَصلُهُ الوُجُوبُ ثُمَّ قَد وَرَدْ ** إِلَى مَعَانٍ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُعَدّْ
نَدبٌ إِبَاحَةٌ وَتَهدِيدٌ أَتَى ** قَصدُ اِمْتِثالٍ ثُمَّ إِذْنٌ ثَبَتَا
تَأْدِيبٌ اِمْتِنانٌ الإِنْذَارُ ** تَسخِيرٌ التَّكْوِينُ الاِحْتِقَارُ
تَسْوِيَةٌ إِهانَةٌ إِكْرَامُ ** تَمَنٍّ الدُّعاءُ وَالإِنعَامُ
تَعجِيزُ تَفْوِيضُ تَعَجُّبٌ خَبَرْ ** شُورَى وَتَكْذِيبٌ تَطَلُّبُ الْعِبَرْ
وَالأَمرُ بِالأَمرِ بِهِ أَمرٌ كَمَا ** فِي آيَةِ الْحِجابِ جَاءَ مُحكَمَا
وَيَدخُلُ الْمُبَلَّغُ الْمَأمُورُ فِي ** لَفظٍ بِهِ تَنَاولٌ لا يُنْتَقَى
وَيُوجِبُ الْمُطلَقُ فِعلًا مُطْلَقَا ** أَدَاءُ مَأمُورٍ بِهِ تَحَقَّقَا
لا يُوجِبُ الفَورَ وَلا التِّكْرَارَا ** وَالاِمْتِثالُ يَقْتَضِي البِدَارَا
وَيَقْتَضِي الأَمرُ بِشَيءٍ عُيِّنَا ** نَهْيًا عَنِ الضِّدِّ لَهُ تَضَمَّنَا
ويَلزَمُ الْمَأمُورُ أَمرٌ لا يَتِمْ ** بِدُونِهِ كَشَرطِ صِحَّةٍ حُتِمْ
وَيَسقُطُ الْمَأمُورُ بِالأَدَا عَلَى ** وَجهٍ بِهِ وِفَاقَ أَمرٍ حُصِّلَا
وَيَقْتَضِي الْمَوقُوتُ بِالزَّمَانِ ** قَضَاءَهُ أَو ذَا بِأَمرٍ ثَانِ
وَالأَمرُ بَعدَ الأَمرِ مَعْ تَمَاثُلِ ** تَأكِيدُ أَوَّلًا فَتَأسِيْسٌ جَلِي
الْفَصلُ الثَّانِي: فِي النَّواهِي
وَالنَّهيُ دَاعِي الْكَفِّ وَالصِّيغَةُ لَا ** تَفعَلْ وَتَحرِيمٌ بِهِ تَأَصَّلَا
يَكُونُ عَنْ فَردٍ وَذِي تَعَدُّدِ ** جَمْعًا وَفَرْقًا 6 فَافْهَمَنَّهْ تَرْشُدِ
وَيَقتَضِي الدَّوامَ لا إِنْ قُيِّدَا ** ثُمَّ لِغَيرِ أَصلِهِ قَدْ وَرَدَا
كُرْهٌ وَإِرْشَادٌ وَتَعْلِيلٌ دُعَاْ ** صَيْرُورَةٍ تَحْقِيْرٌ الْيَأسُ مَعَاْ
وَنَحوُ (مَا كَانَ لَهُمْ) وَ(مَا يُحِلْ) ** (لا يَنبَغِي) وَبِالجَزَا النَّهْيُ عُقِلْ
وَفِيهِ مَافِي الأَمرِ مِنْ حُكمٍ سَبَقْ ** مِنَ الْتِزامٍ وَمَفَاهِيمٍ وَحَقّْ
وَنَهيُ حَضْرٍ يَقْتَضِي فَسَادَهْ ** كَالنَّفْيِ للأَجْزَاءِ فِي العِبَادَهْ
إِنْ كَانَ ذَا النَّهْيُ لأَمرٍ يَدخُلُهْ ** أَو جُزْئِهِ أَوْ لازِمًا أَو نَجْهَلُهْ
أَمَّا لأَمرٍ خَارِجِيِّ عَنهُ ** فَفِي الفَسَادِ الْخُلفُ فَاعْلَمَنَّهْ
الْفَصْلُ الثَّالِثِ: فِي الْمَنطُوقِ وَالْمَفْهُومِ
مَنطُوقُهُ: مَدلُولُ لَفْظٍ فِي مَحَلْ ** نَطَقَ بِهْ نَصٌّ لِغَيْرِ مَا احتُمِلْ
وَظَاهِرٌ: مَا احتَمَلَ الْمَرجُوحَ ثُمْ ** الْلَّفظُ مُفرَدٌ مُرَكَّبٌ لَهُمْ
صَرِيْحُهُ مُطَابِقٌ دَلَّ عَلَى ** مَعْنَاهُ، وَالْجُزءُ تَضَمُّنًا تَلَا
ثُمَّ عَلَى لازِمِهِ اِلْتِزِامُ ** ذِيْ أَوجُهٍ ثَلاثَةٍ تَمَامُ
وَاْلالْتِزامُ: حَيثُ الاِضْمَار اِقْتَضَى ** صِدْقًا وَصِحَّةً دَلالَةُ اِقْتِضَا
أَوْ لا وَقَدْ دَلَّ لِمَا لَمْ يُقصَدِ ** فَهْيَ إِشَارَةٌ تُسَمَّى فَاحْدُدِ
أَو دَلَّ لِلْمَقْصُودِ دُونَ مُضْمَرِ ** فَذَاكَ إِيماءٌ وَتَنْبِيهٌ دُرِيْ
وَقُوبِلَ الْمَنطُوقُ بِالْمَفهُومِ ** وَافَقَ أَو خَالَفَ فِي الْمَحْكُومِ
أَوَّلٌ إِنْ كَانَ أَولَى حُكْمَا ** فَإِنَّهُ فَحْوَى الْخِطابِ يُسْمَى
وَحَيثُ سَاوَى حُكمَ مَنطُوقٍ سُمِيْ ** لَحنُ الْخِطَابِ عِندَ أَهلِ الْحُكمِ
وَالثَّانِ: مَفْهُومٌ مِنَ الْمُخَالَفَهْ ** لا مَعَ مَخصُوصٍ، وَذَا إِمَّا صِفَهْ
أَو عِلَّةٌ أَو ظَرفٌ أَو حَالُ عَدَدْ ** أَو شَرطٌ أَو غَايَةٌ أَو حَصرٌ وَرَدْ
وَمِنهُ الاِسْتِثْنَا بِـ(إِلَّا) بَعدَ (مَا) ** كَأَنَّمَا يَخْشَى الإِلَهَ العُلَمَا
وَمِنهُ حَصرُ مُبْتَدَا فِي الْخَبَرِ ** مُضَافًا َاوْ مُعَرَّفًا بِهِ اُحْصُرِ
وَالكُلُّ مِنْهَا حُجَّةٌ غَيرُ الْلَّقَبْ ** وَغَيْرُ مَا خُصَّ بِذِكرٍ لِسَبَبْ
الْفَصْلُ الْرَّابِعُ: فِي الْعُمُومِ
الْعَامُّ مَا يَستَغرِقُ الَّذِي صَلُحْ ** لِلَفظِهِ مِنْ دُونِ حَصْرٍ فِي الأَصَحْ
وَشَامِلُ الأَشْخَاصِ للأَحوَالِ ** يَشمَلُ وَالْبِقاعِ وَالأَجْيَالِ
وَ(كُّلُّ) وَ(الَّذِي) (الَّتِي) (أَيُّ) وَ(مَا) ** (مَتَى) وَ(أَينُ) (حَيثُمَا) قَدْ عُمِّمَا
وَالْجَمعُ بِالَّلامِ حَوَى تَعرِيفَا ** كَالْعَهدِ مِثلُ مَا أُضِيفَا
وَمُفرَدٌ حُلِّيَ بِالَّلامِ لَهُمْ ** نَكِرَةٌ تُسَاقُ فِي النَّفْيِ تَعُمْ
ثُمَّ عُمُومُ السَّلبِ نَفيٌ بَعدَ كُلْ ** وَقَبْلُهَا سَلبُ العُمُومِ أَنِ يَحُلْ
تَقُولُ: (كُلَّ بِدعَةٌ لا تُقبَلُ) ** وَلَيسَ كُلُّ مَن يَقُولُ يَفعَلُ
وَقَدْ يَعُمُّ الَّلفظُ فِي الْمُعتَبَرِ ** عُرْفًا وَعَقلًا عِندَ أَهلِ النَّظَرِ
مِنْ ذَلِكَ الْفَحوَى وَنَحْوُ (حُرِّمَتْ ** عَلَيكُمُ أُمَّهَاتُكُمْ) قَدْ عُمِّمَتْ
أَو رُتِّبَ الْحُكمُ بِهِ عَلَى الصِّفَهْ ** وَمِثلُهُ مَفَاهِمُ الْمُخَالَفَهْ
وَكُلُّ مَا يَصِحُّ أَنْ يُسْتَثنَى 7 ** مِنهُ؛ فَقَدْ عَمَّ بَحسْبِ الْمَعنَى
وَفِي الْخِطَابِ لِلْنَّبِيِّ يُدْخَلُ ** أُمَّتُهُ؛ إِلَّا إِذَا يُفَصَّلُ
وَ(أَيُّهَا النَّاسُ) تَنَاوَلَ الرُّسُلْ ** لَوْ مَعْ قَرِينَةِ البَلاغِ نَحْوَ (قُلْ)
وَمَا لأُمَّةِ الْكِتابِ قَدْ شُرِعْ ** يَنَالُنَا خِطابُهُ لا مَا رُفِعْ
وَيَدخُلُ الإِناثُ كَالذُّكُورِ ** فِي لَفظِ (مَنْ) حُكْمًا عَلَى الْمَشْهُورِ
لا فِي خِطَابِ الْجِنسِ بِالوَصفِ الأَخَصّْ ** فَلا يُنَالُ ضِدُّ إِلَّا بِنَصّْ
وَتَركُ الاسْتِفْصَالِ فِي اِحْتِمَالِ ** يَنْزُلُ كَالْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ
وَبِعُمُومِ الَّلفظِ فِي الْحُكمِ اِعْتَبِرْ ** لا بِخُصُوصِ سَبَبٍ إِذَا ذُكِرْ
الْفَصْلُ الْخَامِسُ: فِي الْخُصُوصِ
تَخْصِيصُ مَا يَعُمُّ قَصْرُهُ عَلَى ** بَعضٍ مِنَ الَّذِي لَهُ تَنَاوَلَا
قَابَلَهُ الْحُكمُ الَّذِي قَد ثَبَتَا ** لِمُتَعَدِّدٍ بِلَا قَصرٍ أَتَى
ثُمَّ يُقَالُ: عَامٌّ الْخُصُوصُ قَدْ 8 ** أُرِيْدَ بِهْ اخْتَصَّ بِالَّذِي قَصَدْ 9
ثُمَّ الْعُمُومُ حُجَّةٌ فِيمَا بَقِي ** مَا نَالَهُ الْمُخَصَّصُ الَّذِي بَقِيْ
ثُمَّ الْمُخَصِّصَاتُ قِسْمَانِ هُمَا ** مُتَّصِلٌ مُنْفَصِلٌ قَدْ فُهِمَا
فَذُو اِتِّصَالٍ خَمسَة الاسْتِثْنَا ** يُثْبِتُ لِلْممُخْرَجِ ضِدُّ الْمَعنَى
فَهْوَ مِنَ الْمَنفِيِّ إِثبَاتٌ كَمَا ** يُنفَى مِنَ الْمُثبَتِ مَا قَد عُمِّمَا
وَحُكمُ الاِسْتِثناءِ بَعدَ الجُمَلِ ** يَعُودُ لِلجَمِيعِ مَا لَم يُفْصَلِ
وَقِيلَ: رَاجِعٌ لِمَ يَلِيهِ ** وَلِلأُصُولِيِّينَ بَحْثٌ فِيهِ
وَالشَّرطُ بِالحَدِّ الَّذِي تَقَدَّمَا ** وَصِفَةٌ لَو ذِكْرُهَا مُقَدَّمَا
وَغَايَةٌ بَعدَ الَّذِي يَشمَلُهَا ** لَو لَمْ تَجِيْ فِي الْحُكمِ مَا كَانَ اِنتَهَى
أَمَّا الَّتِي كَنَحْوِ (حَتَّ مَطلَعِ) ** فَهْيَ لِتَحقِيقِ العُمُومِ فَاسْمَعِ
وَتِلكَ فِي حُكمِ الْمُغَيَّا تَدخُلُ ** لا هَذِهِ فَإِنَّهَا تَنفَصِلُ
وَبَدَلُ البَعضِ مِنَ الكُلِّ وَذَا ** أَهْمَلَهُ قَومٌ، وَذُو الفَصلِ خُذَا
يُخَصَّصُ الكِتابُ بِالكِتابِ ** وسُنَّةٍ صَحَّتْ بِلا اِرْتِيابِ
وَسُنَّةٌ صَحِيحَةٌ بِمِثْلِهَا ** وَبِالكِتَابِ إِنْ أَتَى بِفَصْلِهَا
فَحَيثُمَا جَاءَ الكِتابُ مُجمَلَا ** فَإنَّهُ فِي مَوضِعٍ قَد فُصِّلَا
إِمَّا بِمَنطُوقٍ أَوِ الْمَفْهُومِ ** فَحْوًى وَلَحْنًا لِذَوِي الْفُهُومِ
أَو خُذْ بَيَانَهُ عَنِ النَّذِيرِ ** بِالقَولِ وَالفِعلِ أَوِ التَّقْرِيرِ
فَإِنَّهُ مُبَيِّنٌ للنِّاسِ مَا ** أَنْزَلَهُ اللهُ لَهُمْ مُعَلِّمَا
وَالْحَقُّ أَنَّ عَطفَ مَا عَمَّ عَلَى ** مَا خُصَّ أَوْ عَوْدُ كِتَابَةٍ إِلَى
بَعضٍ وَذِكْرُ البَعضِ مِنْ أَفْرَادِ مَا ** عَمَّ وَمَذهَبٌ لِرَاوٍ لَوْ سَمَا
بِصُحبَةِ جَمِيعِ هَذِي قَد يُخَصّْ ** بِهَا عُمُومٌ كَانَ ثَابِتًا بِنَصّْ
وَحَيثُ عَمَّ سَائِلٌ أَو خَصَّهُ ** وَأُطْلِقَ الْجَوابُ نَزِّلْ نَصَّهْ
وَإِنْ تَأَخَّرَ الْخُصُوصُ عَنْ عَمَلْ ** فَنَسْخُ حُكْمٍ بِعُمُومِهِ شَمَلْ
ثُمَّ العُمُومُ خُصَّ بِالأَقْوَالِ ** فَافهَمْ، وَلا عُمُومَ لِلأَفْعَالِ
الْفَصْلُ السَّادِسُ: فِي الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ
الْمُطلَقُ: الَّلفْظُ الَّذِي دَلَّ عَلَى ** حَقِيقَةِ الْجِنْسِ بِلَا قَيدٍ تَلا
وَالْحُكمُ فِي الْمُطلَقِ مَعْ مَا قُيِّدَا ** حُكمُ العُمُومِ مَعْ خُصُوصٍ وَرَدَا
وَحَيثُ كَانَا مُثْبَتَيْنِ اِتَّحَدَا ** جِنْسًا وَعِلَّةً وَمَا قَدْ قُيِّدَا
عَنْ عَمَلٍ بِمُطلَقٍ تَأَخَّرَا ** فَنَاسِخٌ أَوَّلا حَملُهُ 10 يُرَى
عَلَى مُقَيَّدٍ كَذَا إِنْ نُفِيَا ** قَيِّدْ بِمَفهُومٍ يُرَى مُقْتَضِيَا
أَو كَانَ إِثْبَاتًا وَنَفْيًا حُقِّقَا ** قَيِّدْ بِضِدِّ الوَصفِ مَا قَد أُطْلِقَا
وَفِي اِخْتِلافِ سَبَبٍ أَو حُكمِ ** قَوْلانِ فِي الْحَملِ لأَهلِ الفَهْمِ
أَمَّا الَّذِي هَذَينِ فِيهِ اِخْتَلَفَا ** فَالْحَملُ فِيهِ بِاتِّفاقٍ اِنْتَفَا
الفَصْلُ السَّابِعُ: فِي الْمُجْمَلِ وَالْمُبَيَّنِ
الْمُجمَلُ: الَّلفظُ الَّذِي قَدْ اُحتُمِلْ ** لَمْ يَتَّضِحْ تَحْدِيدُ مَا عَلَيهِ دَلْ
يَكُونُ فِي مُرَكِّبٍ وَمُفْرَدِ ** تَصَرُّفًا أَو أَصْلَ وَضْعِهِ اُبْتُدِي
كَـ(قَالَ) مِنْ (قَولٍ) وَمِن (قَيلُولَهْ) ** (يُضَارُّ) 11 لِلْمَعْلُومِ أَوْ مَجْهُولِهِ
(عَسعَسَ) للإِقْبَالِ وَالإِدْبَارِ ** وَ(الْقُرْءُ) لِلْحَيضِ وَلِلأَطْهَارِ
وَكَحْتِمالِ الْحَذْفِ 12 مَعْنَيَيْنِ ** وَنَحوِ (إِلَّا) بَعدَ جُملَتَينِ
وَكَاخْتِلافِ مَرجِعِ الضَّمِيرِ ** وَالْحَذفِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ
وَخَبَرٌ يَعْنِي بِهِ الأَمرَ اِعلَمِ ** وَقِلَّةُ اِسْتِعمَالِ بَعضِ الكَلِمِ
بَيَانُهُ: إِخرَاجُهُ بِالْحَلِّ ** مِنْ حَيِّزِ الإِشْكَالِ لِلتَّجَلِّي
وَهْوَ عَلَى مَراتِبٍ فَلْتَنجَلِي ** أَوَّلُهَا: التَّأكِيدُ بِالنَّصِّ الجَلِي
فَمَا بِفَهمِهِ اِسْتَقَلَّ العِلْمَا ** فَسُنَّةٌ تُوْضِحُ مِنهُ الْمُبْهَمَا
فَمُبْتَدَا السُّنَّةُ بِاسْتِقْلالِ ** إِيْمَاؤُهُ يُدْرَكُ بِاسْتِدْلالِ
أَوْضَحُهَا: دَلالَةُ الْخِطابِ ** فِعلُ إِشَارَةٍ فَبِالْكِتابِ
ثُمَّ بِتَنبِيهٍ لِوَجهِ العِلَّهْ ** وَلَيسَ يَبقَى مُجمَلٌ فِي الْمِلَّهْ
فِيْمَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْعَمَلِ ** قِيلَ: وَقَدْ يَبقَى بِغَيرِ العَمَلِ
ثُمَّ البَيَانُ قَد أَتَى مُتَّصِلَا ** بِمُجْمَلٍ وَقَدْ أَتَى مُنْفَصِلَا
وَلَم يَجُزْ تَأخِيرُهُ عَنْ فِعلِهِ ** وَلَمْ يَقَعْ 13 إِلَّا بِنَسخٍ أَوْلِهِ
الْفَصْلُ الثَّامِنُ: فِي الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ
وَالْمُحكَمُ الْمُتَّضِحُ الْمَعنَى بِهِ ** وَاسْتَأثَرَ اللهُ بِذِي التشابُهِ 14
أَعنِي بِذِي التَّشابُهِ: الْحَقِيقِي ** لَيسَ الإِضافِيِّ على التَّحقيقِ
نَحوُ الْحُروفِ فِي أَوائِلِ السُّوَرْ ** على تِلاوَةٍ لَها فَلْيُقتَصَرْ
نَقُولُ آمَنَّا بِهِ وَالكُلُّ ** مِن عِندِ رَبِّنَا فَلا نَضُلُّ
مَعَ اِعتِقَادٍ إِنْ أَرادَ اللهُ ** مَعنًى بِهِ لَم يَدرِهِ سِواهُ
وَعُدَّ مِنهُ الافتِتاحُ بِالقَسَمْ ** كَـ(الذَّارِياتِ) (الْمُرسَلاتِ) تِلوِ (عَمّْ)
شَاهِدُهُ مَا لِصُبَيغٍ قَدْ جَرَى ** مَعْ عُمَرٍ إِذْ عَاقَبَهْ وَهَجَرَا
وَلَم يَقَعْ فِي دِينِنَا الْحَنِيفِ ** فِي حَقِّ مَا أُنِيطَ بِالتَّكلِيفِ
فَإِنَّهُ أَناطَهُ بِالوِسعِ ** كَمَا اسْتَبَانَ بِالدَّلِيلِ القَطعِي
أَمَّا الإِضَافِيُّ: فَعِندَ العُلَمَا ** بِالرَّدِّ لِلمُحكَمِ عَادَ مُحكَمَا
نَحوُ الَّذِي أَوضَحَهُ إِذْ سُئِلَا ** عَنهُ ابنُ عَبَّاسٍ فَبَانَ وَاجَلَى
كَذِكرِ خَلقِ أَرضِهِ مُقَدَّمَا ** وَبَعدُهُ ثُمَّ اِستَوى إِلَى السَّمَا
مَعْ ذِكرِهِ فِي آيَةٍ سِواهَا ** أَنْ بَعدَ رَفعِهِ السَّمَا دَحَاهَا
فَما يَراهُ النَّاظِرُ اِختِلافَا ** فَلْيَعْزُهُ لِفَهمِهِ مُضافَا
وَكُلُّ مَنْ يَعتَقِدِ التَّنَاقُضَا ** فِي مُحكَمِ النَّصَّينِ إِنْ تَعَارَضَا
فَلَيسَ تَخلُو هَذِهِ القَضِيَّهْ ** مِنْ فَرطِ جَهلٍ أَو لِخُبثِ نِيَّهْ
وَلا يَجُوزُ قَطُّ فِي القُرآنِ ** وُرُودُ أَلفاظٍ بِلا مَعانِ
وَصَرفُ ظَاهِرٍ بِلا دَليلِ ** مِن طُرُقٍ تُفضِي إِلَى التَّضليلِ
وَلَيسَ فِي القُرآنِ بَاطِنٌ أَتَى ** عَلَى خِلافِ ظَاهِرٍ قَدْ ثَبُتَا
فَذَاكَ قَولٌ ظَاهِرُ الإِلحادِ ** بِكُفرِ مِن قَالَ بِهِ يُنادِي
فصل: فِي السُّنَّةِ فِي الأَفعالِ
الرُّسْلُ مَعصُومُونَ مِن كَبِيرَةِ ** قَطعًا وَإِصرارٍ عَلى صَغيرَةِ
كَذَاكَ مَعصُومُونَ مِن إِقرارِ ** عَلَى اِجتِهادٍ غَيرِ حُكمِ البَارِي
وَكُلُّ فِعلٍ ليسَ بالتَّعَبُّدِيْ ** بَل كَانَ مِن جِبِلَّةٍ لِلْجَسَدِ
كَالنَّومِ وَالقُعودِ وَالقِيَامِ ** لِحاجَةٍ لا قَصدَ الائْتِمامِ
فَهوَ مُباحُ الفِعلِ مِن دُونِ اِقْتِدَا ** وَهْوَ الَّذِي الفَارُوقُ مِنهُ شَدَّدَا
وَمَا عَلَى كَيفِيَّةٍ قَد فَعَلَا ** مُواضِبًا فَالاقتِداءُ احتُمِلَا
وَالظَّنُّ أَنَّهُ إِلَيهِ قَد نَدَبْ ** إِذْ هُوَ لا يُعدَمُ فَضلًا فِي أَدَبْ
وَما بِهِ اِختِصاصُهُ قَد عُلِمَا ** فَلا اشتِراكَ فِيهِ إِلَّا مَا سَمَا
بِأَنَّهُ فَرضٌ عَلَيهِ، وَلَنَا ** نَدبٌ؛ وَهَذا قَد أُبِيْنَ عَلَنَا
وَكُلَّمَا أَبهَمَهُ مُنتَظِرَا ** لِلوَحْيِ لا اقْتِداء حَتَّى يَظهَرَا
وَفِعلُهُ مَعْ غَيْرِهِ عِقَابَا ** فَالوَقفُ حَتَّى نَعلَمَ الأَسْبَابَا
فَنَقتَدِي أَوْ لَا فَوَقفٌ يُرتَضَى ** إِلَّا إِذَا مَا كَانَ مِن بَابِ القَضَا
وَمَا سِوَى ذَا إِنْ أَتَى بَيَانَا ** فَليُعطَ حُكمَ مَا بِهِ اِستَبَانَا
فَمَا أَبَانَ الفَرضَ كَانَ فَرضَا ** وَهَكَذَا مُبِيْنَ نَدبٍ يُقضَى
أَو لَم كَذَاكَ بَل كانَ ابْتِدَا ** فَلْيَدْرِ كَيفَ للرَّسُولِ وَرَدَاْ
فَلِلْوُجُوبِ مَا عَلَيهِ وَجَبَا ** وَمَا لَهُ نَدبٌ لَنَا قَدْ نُدِبَا
وَهَكَذا الْمُباحُ لا مَا خُصَّا ** وَلا خُصُوص غَير ما قَد نُصَّا
وَغَيْرُ مَا فِي حَقِّهِ قَدْ وُصِفَا ** إِنْ 15 لَم يَكُن لِقُربَةٍ قَدْ عُرِفَا
فَهْوَ عَلَى النَّدبِ أَقَلُّ حالِهِ ** وَقِيلَ: لَا تَفْصِيلُ فِي اِحتِمَالِهِ
وَمَا بِهِ هَمَّ وَلَمْ يَفْعَلْ: فَلا ** يَسُوغُ فِي اِتِّبَاعِهِ [ أَنْ ] يُفْعَلَا
إِلَّا إِذَا أَبَانَ أَمْرًا مَنَعَهْ ** فَزَالَ لا بَأْسَ عَلَى مَن صَنَعَهْ
فصل فِي التَّقْرِيرِ وَالتَّرْكِ
وَمَا بِعِلمٍ مِنهُ قِيلٌ أَو فِعِلْ ** وَلَم يُغَيِّرْهُ فَكَالْفِعلِ جُعِلْ
وَقَولُ بَعضِ الصّحبِ: (كُنَّا نَفعَلُ ** فَمَا نُهِيْنَا وَالقُرآنُ يَنِْزِلُ)
ظَاهِرٌ التَّقرِيرُ لَو لَم يَذكُرُوا ** لِلْعِلمِ إِذْ بِالوَحْيِ قَدْ يَذَّكَّرُ
وَإِنْ يَكُنْ مِنهُ السُّرُورُ اِقْتَرَنَا ** فَهْوَ عِبادَةٌ كَـ(لَوْ أَخْبَرَنَا)
وَتَركُهُ لِمُقْتَضٍ كَالفِعلِ ** وَيَقْتَضِي إِبَاحَةً فِي الْجِبْلِي
وَقَدْ 16 يَكُونُ التَّركُ لِلْتَّنَزُّهِ ** كَتَركِهِ البَقلَ لِخُبثِ رِيحِهِ
وَمَعَ تَركٍ قَدْ يَوَدُّ العَمَلَا ** خَوفًا على أُمَّتِهِ أَن تُبْتَلَى
فَهْوَ بِأَرجَحِيَّةٍ تَحَقَّقَا ** إِمَّا لِعِلَّةٍ وَإِمَّا مُطلَقَا
القَولُ فِي عَوَارِضِ الأَدَلِّةِ
فَصلٌ فِي مُختَلفِ الْحَديثِ
وَلا تُنَافِي سُنَّةٌ قُرآنَا ** وَإِنَّمَا جَاءَتْ لَهُ تِبْيَانَا
وَمَا يُرَى مِنْ سُنَّةٍ تَختَلِفُ 17 ** فَإِنَّهُ فِي ذَاتِهِ مُؤتَلِفُ
إِذْ هُوَ صَادِرٌ عَنِ الْمَعصُومِ ** لا يَحمِلُ النَّقِيضَ فِي الْمَحكُومِ
إِلَّا لِنَسْخٍ أَو لِضَعفٍ بَيِّنَا ** وَغَيرُهُ الْجَمعُ بِهِ تَعَيَّنَا
فَمِنهُ تَخصيصُ عُمُومٍ وَرَدَا ** وَحَملُ مُطلَقٍ على مَا قُيِّدَا
كَالعُشرِ وَالنِّصفِ يَعُمُّ مَا سُقِيْ ** وَخَصَّهُ بِخَمسَةٍ مِن أَوْسُقِ
وَهَكَذَا إِطلاقُ حَظرِ الْحُمْرِ ** قُيِّدَ بِالأَهْلِيِّ فِي الْمُشتَهِرِ
وَمِنهُ مَا بِحَسَبِ الحَالاتِ ** مِثلُ صَلاةِ الْخَوفِ فِي الْهَيئَاتِ
وَمِنهُ مَا مَعْنَاهُ كَالْمُتَّحِدِ ** نَحْوَ اِختِلافِ الَّلفظِ فِي التَّشَهُّدِ
وَمِنهُ مَا يَحتَمِلُ اِختِلافَا ** فَرُدَّ لِلمُوافِقِ ائْتِلافَا
كَـ(لا رِبَا إِلَّا نَسِيئَةٍ) حُمِلْ ** على اختِلافِ الْجِنسِ لا مِثْل يقلْ
وَمِنهُ مَا لِمَعْنَيَيْنِ أُطْلِقَا ** فَكَا أَوْلَاهَا بِنَصٍّ أَوفَقَا
كَـ(أَسفِرُوا بِالفَجرِ) حَيثُ حُمِلَا ** عَلَى اِنشِقَاقِهِ لِـ{حافِظُوا علَى}
وَمِنهُ مَا فِي مَحمَلَيهِ يَختَلِفْ ** إِلَيهِمَا رُدَّ بِمَعنًى يَأتَلِفْ
كَـ(شَرِّقُوا وَغَرِّبُوا) تَبَيَّنَا ** فِي حاجَةِ الصَّحْرَا لِرُخصَةِ البِنَا
وَمِنهُ مَنهِيٌّ أَحَلَّ الشَّارِعُ ** سَبَبَهُ الْمُفْضِي لِوَجهٍ نافِعُ
كَالقَتلِ لِلنِّساءِ وَالذَّرَارِيْ ** يُنْهَى سِوَى بَيَاتِ أَهلِ الدَّارِ
وَمِنهُ ظَاهِرُ الوُجوبِ بَيِّنَا ** فِي مَوضِعٍ تَخفِيفُهُ وَعُيِّنَا
كَفَرضِ غُسلِ جُمعَةٍ قَد صُرِفَا ** بِأَنْ كَفَى مَن بِوَضُوئِهِ اِكْتَفَى
كَذَلِكَ الْمَنهِيُّ بِالقَولِ إِذَا ** بِفِعْلِهِ 18 دَلَّ على الرُّخْصَةِ ذَا
كَنَهْيِ شُربٍ قَائِمًا قَدْ جُزِمَا ** أَجَازَهُ بِشُرْبِهِ مِن زَمْزَمَا
وَمِنهُ مَا لِعِلَّةٍ قَد حُكِمَا ** ثُمَّ بِضِدِّهِ لِمَن قَدْ عُدِمَا
كَقُبلَةِ الصَّائِمِ عَنهَا قَد نُهِيْ ** ذُو شَهْوَةٍ، وَرُخِّصَت لِغَيْرِهِ
وَمِنهُ مَا فِي أَصلِهِ قَد فَضُلَا ** كَالفَضلِ فِي تَضعِيفِ أَجرِ الفُضَلَا
وَمِنهُ مَا النَّهيُ لأَمرٍ قُيِّدَا ** فَظَنُّ ضِدِّ القَيدِ خُلفٌ وَرَدَا
كَنَهْيِ خِطْبَةٍ عَلَى الْخِطبَةِ فِي ** قَيْدِ الرِّضَا جَائِزَةٌ إِذْ يَنْتَفِي
وَمِثلُهُ: السَّومُ عَلَى السَّومِ مَعَا ** حَدِيثِ بَيعِ مَن يَزيدَ اتَّبَعَا
وَمِنهُ مَا يُشبِهُ مَعْنًى فَارَقَهْ ** مِن أَوجُهٍ فَظُنَّ خُلْفًا مُطلَقَهْ
كَنَهْيٍ عَنْ صَلاةٍ بَعدَ الفَجرِ ** وَحالِ الاسْتِوا وَبَعدَ العَصرِ
مِثلُ العُمُومِ [ وَمَعَ ] 19 الْمَكتُوبَهْ ** قَد فَارَقَتْهُ فَاعْلَمَنْ وُجُوبَهْ
لِلْذِّكْرِ فَلْتَقُم لأَيِّ وَقْتِ ** إِذْ مُوجِبٌ تَأْخِيرُها لِلمَقتِ
فَمِنهُ 20 مَنهِيٌّ عُمُومًا خُصَّا ** بِرُخصَةٍ فِي بَعضِ شَيءٍ نُصَّا
كَنَهْيِهِ عَنْ بَيعِ تَمرٍ بِرُطَبْ ** كَيْلًا، وَعَن بَيعِ الزَّبِيبِ بِالعِنَبْ
نَصُّ العَرَيَا دُونَ خَمسِ أَوسُقِ ** بِخَرصِهَا كَيْلًا، وَغَيرُهُ اُتُّقِي
وَمِنهُ 21 مَا فِي عِلَّةٍ قَدِ اُختُلِفْ ** كَحَظْرِ بَيعِ الغَيبِ مَعْ حِلِّ السَّلَفْ
فَأَوَّلٌ جَهلٌ وَعَجزٌ وَغَرَرْ ** وَالثَّانِ مَوصُوفٌ وَمَضمُونٌ فَبَرْ
وَمِنه فِعلُ مَن خَصَّصُو الْمُصطَفَى ** فَظُنَّ تَشْرِيعًا بِهِ مَنِ اِقْتَفَى
كَفِعلِهِ السُّبحَةِ بَعدَ العَصْرِ ** قَضَاءَ مَافَاتَ عُقَيبَ الظُّهْرِ
لَكِنَّهُ أَبَانَ حِينَ سُئِلا ** عَن فِعلِهَا لِغَيْرِهِ؛ فَقَالَ: لا
وَمِنهُ ما خُصَّ بِهِ سِواهُ ** فَظُنَّ لِلعُمُومِ مَن رآهُ
مُخْتَصَرًا إِطلاقُهُ فِي مَوضِعِ ** نَحوُ بِهِ ضَحَّ لِمَعْزٍ جَذْعِ
لَكِنَّهُ عَلَى البَيانِ قَد وَرَدْ ** ضَحِّ وَلا بَعدَكَ يُجْزِي عَن أَحَدْ
وَمِثلُهُ الْمُستَثنَياتُ تُحْذَفْ ** فعمها لكن بذكرٍ تُعرَفُ
وَمِنهُ أَمرٌ فِعلُهُ تَكَرَّرَا ** كُلٌّ رَوَى بِنَحوِ مَاقَدْ حَضَرَا
كَمَوضِعِ الإِهلالِ كُلٌّ عَيَّنَهْ ** بِمَ رَأَى وَالْحَبرُ فَصلًا بَيَّنَهْ
وَمِنهُ ما لِلفِعلِ وَالتَّركِ جَمَعْ ** كُلٌّ رَوَى مَا مِن حُضُورُهُ وَقَعْ
مِثلُ القُنُوتِ وَالضُّحَى وَالبَسمَلَهْ ** فِسِرِّهَا وَالْجَهرِ، قِسْ مَا مَاثَلَهْ
وَإِنَّمَ يَبِينُ ذَا مَنْ لازَمَهْ ** وَشَهِدَ الْجَميعُ بِالْمُلازَمَهْ
وَمِنهُ حُكمٌ وَارِدٌ عَلَى سَبَبْ ** فَزَالَ عَنهُ فَقدُ ذَلِكَ السَّبَبْ
كَالنَّهْيِ عَنْ كَتْبِ سِوَى القُرآنِ ** خَوف اِلْتِباسِهِ بِهِ فِي الآنِ
وَعِندَ أَمنِ ذَاكَ جَاءَ الإِذْنُ بِهْ ** وَانعَقَدَ الإِجماعُ إِذْ لا يَشْتَبِهْ
فَهِذِهِ عِشْرُونَ وَجْهًا فَاحْوِهَا ** وَاضْمُمْ إِلَيهَا مَأَتَى مِن نَحوِهَا
وَاسْتَعْمِلَنْ كُلًا مِنَ النَّصَّينِ فِي ** مَدلُولِهِ لَكِن بِلا تَعَسُّفِ
فصل فِي النَّسْخِ
وَالنَّسخُ رَفعُ الحُكمِ تَشريعًا جَرَى ** بِنَصِّ شَرعٍ عَنهُ قَد تَأَخَّرَا
فِي العَمَلِيَّاتِ بِلا إِنكارِ ** وَلا يَجُوزُ النَّسخُ فِي الأَخبارِ
يَكونُ بِالْمِثلِ وَخَيرٍ مِنْهُ ** أَشَدُّ أَو أَخَفُّ فَاحْفَظَنْهُ
كَقِبلَةٍ بِقِبْلَةٍ مُتَّبَعَا ** وَمِنهُ إِتمامُ الصَّلاةِ أَربَعَا
وَالْحَطُّ مِن عَشرَةِ أضعافٍ إِلَى ** مِثْلَيْنِ فِي قِتَالِ كُفَّارِ الْمَلا
وَيُنْسَخُ الْكِتابُ بِالْكِتابِ ** وَسُنَّةٌ بِمِثْلِهَا فِي البَابِ
فَقَولُهُ لِلْقَولِ وَالفِعلِ رَفَعْ ** وَخُلْفُهُم فِي القَولِ بِالفِعْلِ اِتَّسَعْ
وَنَسْخُهُ الفِعلَ بِتَرْكِهِ ثَبَتْ ** لا القَولُ إِنْ فِي مَوضِعٍ عَنهُ سَكَتْ
وََاحْتُمِلَ النَّسخُ سُكُوتٌ اِقْتَضَى ** تَقريرُ فِعلٍ حَظْرُهُ فِيهِ مَضَى
وَسُنَّةٌ نَسخُ الْكِتابِ قَد تَبِيْنْ ** وَمَعَهَا نَصُّ كِتَابٍ مُسْتَبِيْنْ
[ وَ ] هَكَذَا الكِتابُ لا بُدَّ مَعَهْ ** مِنْ سُنَّةٍ فِي نَسْخِهَا مُجْتَمِعَهْ
النَّسخُ فِي الكِتابِ أَنواعٌ وَقَعْ ** فَمِنهُ مَتْلُوٌّ وَحُكمُهُ اُرْتَفَعْ
[ وَ ] مِنهُ مَحكومٌ بِهِ لا يُتْلَى ** وَمِنهُ مَرْفوعُ الْجَميعِ أَصلَا
[ وَ ] مِنهُ فِي السِّياقِ نَسخُهُ يَلِي 22 ** كَـ(آيَةِ القِيَامِ) فِي الْمُزَّمِّلِ
فَمَا بِتَأخيرِ نُزولٍ عُلِمَا ** وَإن يَكُنْ سِياقُهُ الْمُقَدَّمَا
كَـ(عِدَّةِ الوَفاةِ) فَالْمُؤَخَّرَهْ ** مَنسُوخَةٌ كِلاهُمَا فِي البَقَرَهْ
وَمِنهُ تَصريحٌ مِنَ الرَّسُولِ ** بِنَسخِهِ فِي سَبَبِ النُّزولِ
كَـ(الْجَلدِ للبِكرِ) سَبِيلُ الزَّانِي ** مَعْ غُربَةٍ وَرَجمِ ذِي الإِحْصَانِ
كَذاكَ بِالتَّصريحِ مِن صَحابِي ** مُشَاهِدٌ مَواقِعَ الكِتابِ
وََاعْرِفهُ فِي السُّنَّةِ بِاسْتِتْمَامِ ** سِيَاقِ قِصَّةٍ عَلَى التَّمَامِ
كَالنَّهْيِ عَن أَكلٍ مِنَ الأَضَاحِي ** فَوقَ ثَلاثٍ جاءَ بِالإِفْصَاحِ
نَسخٌ لَهُ عَن أَنَسٍ تَحْقِيقَهْ ** فِي نَقلِ عُمرَةٍ عَنِ الصِّدِّيقَهْ
وَمِنهُ مَا بِهِ الرَّسُولُ صَرَّحَا ** (كُنتُ نَهَيتُ فَافعَلُوهُ) مُفْصَحَا
كَذَا بِتَصريحٍ مِنَ الصَّحابِي ** كَـ(جَمعِهِ الصَّلاةَ فِي الأَحزابِ)
قَالَ أَبُو سَعيدٍ - أَعنِي ناقِلَهْ - ** قَبلَ صَلاةِ الْخَوفِ تِلكَ النَّازِلَهْ
وَمِنهُ ما حُجَّتُنَا عَلَيهِ ** بِأَنَّهُ الآخِرُ مِنْ أَمْرَيهِ
كَالأَمرِ أَنْ يَجلُسَ ذُو اُئْتِمامِ ** إِنْ عَجَزَ الإِمامُ عَن قِيامِ
وَجالِسًا صَلَّى هُوَ الإِمامُ ** فِي مَرَضِ الْمَوتِ وَهُم قِيَامُ
وَمِنهُ مَنسُوخٌ بِوَجهٍ مُحكَم ** مِن آخَرٍ وَبِالْمِثالِ يُعلَم
نَسخُ حَدِيثِ الْمَا مِنَ الْمَاءِ بِمَا ** فِي الْوَطْئِ لَكِنْ فِي اِحتِلامٍ أُحْكِمَا
وَلَيسَ الاِجْماعُ عَلَى تَركِ العَمَلْ ** بِنَاسِخٍ لَكِن علَى النَّاسِخِ دَلْ
وَدُونَ عِلمِ مَن بِمَنسُوخٍ عَمَلْ ** يُثابُ لا مع عليه فلا يُحَلْ
فصل: فِي التَّرْجِيحِ
وَحَيثُ لا بَينَهُما قَد أَمكَنا ** جَمعٌ وَلا النَّاسِخُ قَد تَبَيَّنَا
فَهِذِهِ مُرَجِّحاتٌ تُعلَمُ ** وَمَنْ 23 حَوَاهَا فَهُوَ الْمُقَدَّمُ
فَبَعضُهَا يَرجِعُ لِلإِسنَادِ ** وَالبَعضُ لِلمَتنِ لَدَى التَّضادِّ
وَالبَعضُ للمَدلولِ مِنْهَا يُرجَعُ ** أَو خارِجٌ وَكُلُّهَا تُنَوَّعُ
فَكَثرَةُ الرُّواةِ فِيهِ قَدَّمُوا ** وَالأَتقَنُ الأَحفَظُ فِيهِ الأَحْكَمُ
وَمَن على تَعدِيلِهِ قَدِ اُتُّفِقْ ** أَو بَالِغًا حَالَ تَحَمُّلٍ وُفِقْ
أَو غَيْرَ سَمعٍ حَملُهُ لا يَحتَمِلْ ** أَو كَونَهُ مُبَاشِرًا لِمَا نُقِلْ
أَو صَاحِبُ القِصَّةِ أَو سِياقُهْ ** أَحسَنُ إِذْ تَقَصِّيًا قَد ساقَهْ
أَوْ أَقرَبُ الْمَكَانِ أَو هُوَ الْزَمْ ** أَو مِنَ الشُّيُوخِ 24 بِحُلاهُم أَعلَمْ
أَو كَثُرَت مَخَارِجٌ أَو يُسنَدُ ** عَنِ الْحِجَازِيِّينَ أَو هُو أَسنَدُ
أَو شَاهِدٌ شَافَهَ مَن عَنهُ نَقَلْ ** أَو عُدِمَ اِختِلافُ مَن عَنهُ حَمَلْ
أَو كَونُهُ لَم تَضطَرِبْ أَلفاظُهُ ** تَوَافَقُوا فِي رَفعِهِ حُفَّاظُهُ
أَو مَا عَلَى اِتِّصَالِهِ مُتَّفِقَا ** أَو كانَ مَن يَرْوِيهِ بِاللَّفظِ اِنتَقَى
أَو كانَ رَاوِيهِ فَقِيهًا يَجمَعُ ** أَو ذُو كِتَابٍ إِذْ إِلَيهِ يُرجَعُ
أَو كَانَ نَصًّا أَو مَعَ اِقْتِرانِ ** بِالفِعلِ أَو أَوفَقِ لِلقُرآنِ
أَو سُنَّةٍ أَوِ القِيَاسِ [ قَدْ ] 25 عَضَدْ ** أَو عَمَلٍ لِلْخُلَفَا بِهِ اِعتَضَدْ
أَو أَكثَرِ الأُمَّةِ أَو مَنطُوقَا ** وَالضِّدُّ مَفهُومٌ يُرَى مَفُوقَا
أَو كَونِهِ مَقرُونَ حُكمٍ بِصِفَهْ ** أَو كَانَ بِالتَّفسِيرِ رَاوٍ عَرَفَهْ
أَو كَانَ قَولًا أَوْ بِلَا تَخصيصَ عَمْ ** أَو غَيرَ مُشعِرٍ بِقَدحٍ يُتَّهَمْ
أَو كَانَ نَصُّهُ على الإِطلاقِ ** أَو دَلَّ لِلحُكمِ بِالاِشْتِقاقِ
أَو قَد حَوَى زِيادَةً مُهِمَّهْ ** أَو اِحتِياطًا أَوْ بَراءِ الذِّمَّهْ
أَو كَانَ سَاوَى وِفقَ حُكْمٍ الْمِثْلِ ** أَو قَد أَتَى مُقَرِّرًا لِلأَصلِ
أَو دَلَّ دَلَّ لِلحَظْرِ؛ وَهَلْ يُرَجَّحْ ** إِنْ أَسقَطَ الْحَدَّ عَلَى مَا يُفصَحْ
أَو كَان إِثْبَاتًا، أَوِ النَّاقِلِ لَهُ ** مُفَضَّلًا فِي فَنِّ تِلكَ الْمَسألَهْ
وَبَعضُهُ فِيهِ الْخِلافُ عَن فِئَهْ ** وَعَدَّهَا الْبَعْضُ إِلَى فَوقَ مِئَهْ
وَحَيثُ لا جَمعَ وَلا نَسخَ يَصِحْ ** وَلا مُرَجِّح فَقِفْ حَتَّى يَتَّضِحْ
الدَّليلُ الثَّالِثُ: الإِجْماعُ
إِجمَاعُهُم: هُوَ اِتَّفاقُ الكُلِّ ** مِن عُلَماءِ العَقدِ ثُمَّ الْحَلِّ
فِي حُكمِ أَمْرٍ مِن أُمُورِ الدِّينِ ** مِن فِعلٍ أَو مُعتَقَدٍ يَقِينِي
مَضبُوطُهُ: إِجْماعُ صَحبِ الْمُصطَفَى ** فَبَعدُهُ الإِجماعُ مِمَّن اِقْتَفَى
وَهْوَ لَدَيْنَا حُجَّةٌ قَطعِيَّهْ ** وَثَالِثُ الأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّه
وَبَعدُ أَفضَلِ القُرُونِ مُمكِنُ ** بَل حَصرُهُم يَعسُرُ أَو لا يُمكِنُ
وَمِنهُ 26 قَولُ الفُضَلا لا نَعلَمُ ** فِيهِ خِلافًا. هَكَذَا لَم يَجزِمُوا
كَالشَّافِعِي وَأَحمَدَ وَلَم يَرَوا ** إِطلاقَهُ مُصَوَّبًَا مِمَّن جَرَوا
وَمَالِكٌ بِأَهلِ دَارِ الهِجْرَهْ ** يَحتَجُّ إِجماعًا كَكُلِّ الأُمَّهْ
وَالحَرَمَينِ عِندَ سَحنونَ وَقَدْ ** أَشارَ نَحوَهُ البُخارِيْ أَو قَصَدْ
وَ الأَكثَرُونَ نَحوَهُ لَم يَجنَحُوا ** لَكِن بِهِ عِندَ الخِلافِ رَجَّحُوا
هَذا لَدَى أَفاضِلِ القُرُونِ ** لا مُطلَقُ التَّرجيحِ بِالسُّكُونِ
وَبِالسُّكُوتِيِّ مِنَ الإِجماعِ ** قَومٌ قَدِ احتَجُّوا على نِزاعِ
بِأَن يَقُولَ بَعضُ أَهلِ العَصرِ ** وَيَسكُتُ البَاقُونَ دُونَ نُكرِ
فَإن يَكُن فِي الحُكمِ نَصٌّ يُعدَمُ ** فَإِنَّهُ مِن مَحضِ رَأْيٍ أَقْدَمُ
وَلَيسَ كَالصَّريحِ فِيما قَد سَبَقْ ** إِنْ كَانَ نَصٌّ بِخِلافِهِ نَطَقْ
وَيَخرُمُ الإِجماعَ حَبرٌ اِنفَرَدْ ** فِي عَصرِهِم عَنهُم مُصَرَّحًا بِرَدْ
وَسَبَقْ خُلْفٌ بَعدَهُ قَد يَتَّفِقْ ** وَلا يَجُوزُ خُلفُ إِجْمَاعٍ سَبَقْ
وَالْخُلفُ فِي اِنقِراضِ أَهلِ العَصْرِ ** وَالحَقُّ لا يُشرَطُ؛ فَافهَم تَدرِ
وَالْحَبْرُ فِي الصَّحبِ مِنَ الأَتْبَاعِ ** وِفَاقَهُ يُشرَطُ فِي الإِجْماعِ
وَصَاحِبُ البِدعَةِ لا يُعتَدُّ بِهْ ** وَالْخُلفُ فِي الْبِدْعِ الَّذِي يُرَدُّ بِهْ
كَالْخُلفِ فِي قَواعِدِ الرِّوايَهْ ** رُجِّحَ نَبذُ صَاحِبِ الدِّعَايَهْ
أَوْ مَن يُخالِفْ مَا عَلَيهِ أُجْمِعَا ** لَو لَم يَكُنْ إِلَى اِبتِداعِهِ دَعَا
فَفِي ذَهَابِهِ إِلَى ما اِبْتَدَعَا ** غَيرُ سَبيلِ الْمُؤمِنِيْنَ اِتَّبَعَا
وَجَاحِدُ الْمُجْمَعِ قَطْعًا يَكفُرُ ** مَع عِلمِهِ لا جَاهِلًا فَيُعذَرُ
الدَّليلُ الرَّابِعُ: القِياسُ
أَمَّا القِياسُ فَلَدَى الجَمَاهِرِ ** أَصلُ؛ وَشَذَّ بَعضُ أَهلِ الظَّاهِرِ
مَع كَونِ دَاودَ بِهِ قَد قَالَا ** وَإِنَّمَا سَمَّاهُ الاِسْتِدلَالَا
وَهُوَ: رَدُّ الفَرعِ لِلأُصُولِ ** مِن حُكمِ رَبِّنَا أَوِ الرَّسُولِ
لِعِلَّةٍ جَامِعَةٍ فِي الْحُكمِ ** بَينَهُمَا عِندَ أُهَيلِ الفَهمِ
وَالشَّرطُ فِي الأَصلِ: الثُّبُوتُ وَالْبَقَا ** وَكَونُهُ مُعَلَّلًا مُتَّفَقَا
وَشَرطُ فَرعٍ: أَنْ يُسَاوِي الأَصْلَا ** فِي مُوجَبٍ أَو كَانَ مِنهُ أَوْلَا
مَعَ اِنْتِفَا أَصلٍ بِهِ قَدْ خُصَّا ** فَلا تَقِسْ فِيمَا يَرُدُّ النَّصَّ
وَالشَّرطُ فِي العِلَّةِ: جَلبُ الْحُكمِ ** وَيِانْتِفَائِهَا اِنْتَفَى بِالْجَزْمِ
وَالشَّرطُ فِي مَعلُولِها أَنْ تُوجِبَهْ ** تَعلِيلًا أَوْ دَلالَةً أَوِ الشَّبَهْ
1- وَقَدْ يَجِيْ مَنطُوقًا أَو مَعقُولَا ** مَسْلِكُ عِلِّيَّتِها فَالأَولَى
كَالوَصفِ أَوْ (مِن أَجْلِ) أَو بِـ(الَّلامِ) ** أَو (كَيْ) وَ(فَا) عُلِّقَ بِالكَلامِ
(لَعَلَّ) وَ(البَاءُ) وَ(إِذْ) وَ(حَتَّى) ** وَنَحوِها رَاجِعَهْ إِن أَرَدْتَا
مِنَ الحُرُوفِ وَالقُيُودِ السَّابِقَهْ ** فِي النَّصِّ مِنْ رِوايَةِ العَدلِ الثِّقَهْ
2- وَعُدَّ مِنْهَا: مَسلِكُ الإِجْمَاعِ ** لَدَى الْجَمَاهيرِ عَلَى نِزاعِ
ثَالِثُهَا: الإِيْما مَعَ التَّنْبِيهِ ** يَدخُلُ أَنواعٌ كَثِيرٌ فِيهِ
وَهْوَ اِقتِرانُهُ بِوَصفٍ مِشْعِرْ ** بِأَنَّهُ العِلَّةُ لَو لَم يُذْكَرْ
رَابِعُهَا: بِالسَّبرِ وَالتَّقسِيمِ ** وَعَلَّلُوهُ بِانتِفَا 27 القَسِيمِ
خَامِسُهَا: اِستِدلالُنَا بِفِعلِهِ ** مِن بَعْدِ مَا الفِعلُ يُرَى مِن أَجلِهِ
سَادِسُهَا: الْمَصلَحَةُ الْمَرعِيَّهْ ** رِعايَةَ الْمَقاصِدِ الشَّرعِيَّهْ
وَهْيَ بِتَخريجِ الْمَناطِ تُعرَفُ ** إِذَا بَدَا تَنَاسُبٌ لا يُصْرَفُ
ثُمَّ الْمُناسَبَاتُ فِي الْمَقَاصِدِ ** ضِمْنَ ثَلاثٍ وَهِيَ القَواعِدِ
ضَرُورَةٌ حَاجِيَّةٌ تَحْسِينِي ** أَوَّلُهَا: خَمسٌ بِلا تَوْهِينِ
وَهْيَ الْمُرَاعَاةُ لِحِفظِ خَمْسِ ** فَرَاعِ حِفظَ الدِّيْنِ ثُمَّ النَّفسِ
وَالعَقلِ وَالنَّسلِ وَلِلْمَالِ دَرَى ** وَالعِرضِ إِذْ بِالْمَالِ وَالنَّفسِ دَرَى
فَكُلُّ هَذِهِ دِفَاعًا وَقَعَتْ ** عَنْهَا العُقُوبَاتُ الَّتِي قَد شُرِعَتْ
كَقَتْلِ مُرْتَدِّ جِهَادِ مَنْ كَفَرْ ** وَقَطعِ سَارِقِ وَحَدِّ مَن فَجَرْ
وَلَيسَ فِي عُقُوبَةٍ تَنحَصِرُ ** بَلْ ذَا مِثَالٌ مِن أُمُورٍ تَكثُرُ
فَانظُرْ لِحِفْظِ النَّفسِ عَن قَتْلٍ نُهِي ** وَشُرِعَ القَصَاصُ فِي العَمدِ بِهِ
مَعْ مَا أَتَى فِيهِ مِنَ الوَعِيدِ ** مُقْتَرِنًَا بِالشِّركِ وَالتَّندِيدِ
وَفُرِضَت إِعَانَةُ الْمُضْطَرِّ ** وَبَذْلُ مَا يُجْدِي لِدَفْعِ الضُّرِّ
كَذَا لَهُ تَنَاوُلُ الْمَحظُورِ ** إِنْ هُوَ فِي بَقَائِهَا ضَرُورِيْ
وَلِلدِّفَاعِ شُرِعَ الْجِهادُ ** وَنُصِبَ الْوُلاةُ وَالأَجْنَادُ
لِيَرْعَوِي العَدُوُّ بِالإِرهابِ ** وَتَأمَنُ الأَنْفُسُ فِي الأَسْرَابِ
مَعْ حِفظِهِ لِلِّدينِ وَالإِيْجَادِ ** لَهُ بِهِ وَالقَطعُ لِلفَسَادِ
فَهِذِهِ وَغَيْرِهَا مَرْعِيَّهْ ** فِي حِفظِ نَفسٍ وَقِسِ البَقِيَّهْ
وَالأَمرُ بِالْعُرْفِ وَنَهْيُ الْمُنكَرِ ** يَضْمَنُ حِفْظَهَا جَمِيعًا فَاحْصُرِ
وَمِثلُ ذِي مَا دُونَهُ لا تَكمُلُ ** كَالْمَنعِ للفِتْنَةِ أَن يَقْتَتِلُوا
وَمَا بِهِ الْحَاجَةُ قَد تَرتَفِعُ ** نَحوَ إِجازَةٍ بِهَا يَنتَفِعُ
فَذَلِكَ الْحَاجِيْ وَمَا سِواهُمَا ** مَحَلُّ تَحْسِينٍ لَدَيهِمْ رُسِمَا
نَحْوُ كِتابَةُ العَبِيدِ ذَكَرُوا ** وَفِي التُّرُوكِ: تَركُ ما يُستَقذَرِ
فَمَا تَرَى الشَّرعَ لَهُ يَعتَبِرُ ** بِذَلِكَ الْمُلائِمِ الْمُؤَثِّرُ
وَهْوَ عَلَى مَرَاتِبٍ فَكُلَّمَا ** يَكُونُ أَجلَى فَبِقُوَّةٍ سَمَا
نَحوُ مُثَقَّلٍ عَلَى مَا حَدَّدَا ** إِنْ قِسْتَ فِي قَصَاصِ عَمدٍ وَاِعْتِدَا
وَدُونَهُ وِلايَةُ الأَقَارِبِ ** قَد قِيسَ كَالإِرثِ عَلَى مَرَاتِبِ
وَدُونَهُ شَارِبُ خَمْرٍ عُزِّرَا ** لِحَدِّ قَذفٍحَيثُ إِنْ يَهْذِ اِفْتَرَى
وَأَلْغِ مَا الشَّرعُ لَهُ مَا اِعْتَبَرَا ** كَيَاسِرِ الْعِتقِ بِصَومٍ كُفِّرَا
سَابِعُهَا: الدَّورُ إِذَا الْحُكمُ وَقَعْ ** بِوَجدِ وَصفٍ وَبِرَفعِهِ اِرتَفَعْ
كَالْخَمرِ إِنْ بِنَفْسِهَا تَخَلَّلَتْ ** قَالُوا تَحِلُّ مِثلُ قَبلٍ إِنْ غَلَتْ
ثَامِنُهَا: إِلْغاءُ فَارِقٍ عُلِمْ ** وَذَاكَ تَنقِيحُ الْمَناطِ قَد وُسِمْ
كَعِتقِ شركِ العَبدِ فِي البَاقِي سَرَى ** وَمِثلُهُ لا فَرقَ فِي الأُنْثَى جَرَى
وَهَكَذَا التَّنصِيفُ فِي الْحُدُودِ ** عَلَيهِمَمَا مِن غَيرِ مَا صُدُودِ
وَعِلَّةٌ بِالنَّصِّ أَو إِجماعِ ** إِثْبَاتُهَا فِي مَورِدِ النَّزَاعِ
فَذَا بِتَحقِيقِ الْمَناطِ حُقِّقَا ** كَالْحُكمِ فِي النَّبَّاشِ أَنْ قَد سَرَقَا
وَالشَّبَهُ: الفَرعُ الَّذِي تَرَدَّدَا ** لأَقْرَبِ الأَصْلَينِ شَبْهًا فَارْدُدَا
كَالعَبدِ شِبهُ الحُرِّ حَيثُ كُلِّفَا ** وَكَبَهِيمَةٍ بِهِ تَصَرَّفَا
فَمِلْكِهِ بِالنَّظَرِ الأَوَّلِ صَحْ ** وَالثّانِ لا مِلكَ لَهُ؛ وَهْوَ الأَصَحْ
اِسْتِصْحَاب الأَصلِ
يُستَصحَبُ الأَصلُ بِشَيْئَيْنِ هُمَا ** فِعلُ مُكَلَّفٍ وَتَكلِيفٌ سُمَا
فَالثَّانِ إِنْ تَشرِيعُهُ قَد ثَبَتَا ** وَفِي اِرْتِفَاعِهِ النِّزَاعُ قَد أَتَى
فَأَصلُهُ الثُّبُوتُ حَتَّى يَرفَعَهْ ** مَا لا يَشِكُّ فِي بَقَائِهِ مَعَهْ
وَلْيَنفِ مَا إِثْبَاتُهُ قَد يُدعَى ** حَتَّى يُرَى صِحَّةً أَنْ قَد شُرِعَا
أَوْ لَا فَفِي الْمَنَافِعِ الحِلِّ كَمَا ** فِي مَحْضِ مَا يَضُرُّ أَنْ قَدْ جَرُمَا
وَمَا بِهِ الأَمرانُ إِنْ نَفْعٌ رَجَحْ ** قَدِّمْ، وَإِنْ تَكَافُئًا فَالْحَضرُ صَحْ
وَهَكَذَا فِعلُ مُكَلَّفٍ جَرَى ** يَقِينُهُ الأَصلُ، وَشَكٌّ مَا طَرَا
فَالأَصْلُ فِي الْمُحْدِثِ هَلْ تَطَهَّرَا ** [ مِنْ ] حَدَثِهْ وَالعَكسُ مَنْ قَدْ طَهُرَا
وَالْمِلكُ أَصلٌ لَيسَ عَنهُ يُنتَقَلْ ** حَتَّى يُرَى ثُبُوتُ مَا عَنهُ نُقِلْ
وَهَكَذَا الأَصلُ: بِراءَةُ الذِّمَمْ ** وَالأَصلُ: شُغلُهَا إِذَا بِهَا أَلَمْ
الاجْتِهادُ وَالْفُتْيَا
الاِجْتِهادُ: بَذلُكَ الْمَجْهُودَ فِي ** مَعرِفَةُ الْحَقِّ بِبُرهانٍ يَفِي
وَإِنَّمَا يَجتَهِدُ الْمُدرِكُ مَا ** قَدْ مَرَّ تَفصِيلًا بِمَا تَقَدَّمَا
مَعْ عِلمِ حُكمِ اللهِ وَالرَّسُولِ ** ذُو بَصَرٍ بِطُرُقِ النُّقُولِ
إِحاطَةٍ بِمُحكَمٍ وَنَاسِخِ ** فِي عِلمِ إِجماعٍ وخُلفٍ رَاسِخِ
مُضْطَلِعًا مِنَ الِّلسانِ الْعَرَبِي ** وَلَو تَمَكُّنًا بِحالِ الطَّلَبِ
فَلْيَعرِضَ الْفُتْيَا عَلَى: الكِتابِ ** فَسُنَّةٌ صَحِيحَةٌ فِي البَابِ
مَنْطُوقُ نَصٍّ كَانَ أَو مِنهُ فُهِمْ ** فَفِعلٌ أَو تَقرِيرٌ مَا بِهِ عُلِمْ
مُلاحِظًا مَواقِعَ الإِجماعِ ** وَمُتَحَرِّيًا لَدَى النِّزَاعِ
[ فَإِنْ فُقِدْ فَلِلْقِياسِ ] 28 يُرجَعُ ** إِمَّا لِنَصٍّ أَو عَلَى مَا أَجمَعُوا
إِذْ لَيسَ فِي البَابِ سِواهُ يَنْجَلِي ** ثُمَّ عَلَى الخَفِيِّ قَدِّمِ الْجَلِي
ثُمَّ إِلَى البَرَاءَةِ الأَصْلِيَّهْ ** حَتَّى يَقُومَ شَاهِدُ الشُّغْلِيَّه
هَذَا هُوَ الْمُجتَهِدُ الحَقِيقِيْ ** وَلَيسَ مَرفُوعًا على التَّحقِيقِ
حَتَّى يُرِيدَ رَبُّنَا ارتِفاعَهْ ** وَذَاكَ مِن قُربِ قِيَامِ السَّاعَه
أَمَّا الإِضافِيُّ فَلا يَفتَقِرُ ** لِهَذِهِ الأُمُورِ بَلء يَقتَصِرُ
فِيهِ عَلَى أَهلِيَّةِ الْمُشتَغِلِ ** بِهِ كَتَقْوِيمِ وَإِرشِ الْمِثلِ
وَرُبَّمَا احْتَاجَ لَهُ الْفَقِيهُ فِي ** تَحقِيقِهِ مَنَاطَ حُكمٍ قَد خَفِيْ
[ مَا يَجِبُ على الجَاهِلِ ]
وَجَاهِلُ الْحُكمِ الَّذِي يَلْزَمُهُ ** عَلَيهِ أَنْ يَسأَلَ مَن يَعلَمُهُ
ثُمَّ عَلَى عالِمِهِ الإِبانَهْ ** لِحُكمِ شَرعِ رَبِّنَا سُبْحَانَهْ
فَإِنْ يَكُنْ يَحفَظُ نَصَّ الَّلفظِ فِي ** فُتْيَاهُ أَدَّاهُ بِلا تَصَرُّفِ
أَوْ لَا فَبِالْمَعنَى، وَوَيلُ مَن كَتَمْ ** عِلْمًا وَأَخْذُ سَائِلٍ بِه اِنْحَتَمْ
وَإنْ يَكُ الْحَقُّ عَلَى سِواهُ ** فَإِثْمُهُ عَلَى الَّذِي أَفْتَاهُ
وَقَولُ (لا أَعلَمُهُ) فِيمَا خَفِيْ ** أَقرَبُ مَخرَجٍ مِنَ التَّكَلُّفِ
الْفَرقُ بَينَ الاِتِّباعِ وَالتَّقليدِ
وَحَيثُ قُلْنَا فِي اتِّفاقِ السَّلَفِ ** يَلزَمُ حُجَّةً لِكُلِّ مُقتَفِ
فَخُلفِهِم يُحصَرُ فِيهِ الْمَنهَجُ ** وَالْحَقُّ عَن جُملَتِهِم لا يُخْرَجُ
فَيَحرُمُ اِختِراعُ قَولٍ مَا سَبَقْ ** لَهُم، ومَنْ يُحْدِثُهُ لِلْمَقتِ اِسْتَحَقّْ
بَلْ يَلزَمُ الرَّدُّ إِلَى الأَدِلَّهْ ** فِي ذَا؛ وَإِلَّا اِخْتِيرَ قَولُ الْجِلَّهْ
وَالْخُلَفَا قَدِّم عَلَى سِواهُمْ ** فَالاهْتِداءُ وَالرُّشدُ مِن حِلاهُمْ
وَقَدِّمِ الشَّيخَيْنِ إِذْ كَانَ الأَجَلْ ** عَصرُهُمَا وَخُلفُهُ كَانَ أَقَلْ
وَبَعدَهُم أَئِمَّةٌ مِمَّن مَضَى ** مِمَّنْ بِنُورِ هَديِهِم قَدِ اِسْتَضَا
فَاعرِفْ لَهُمْ مَنْصِبَهُم لا تَسْتَهِنْ ** وَبِفُهُومِ القَومِ فِي الفِقهِ اِسْتَعِنْ
وَهَكَذَا فَاسْلُكْ سَبِيلَ الاقْتِدَا ** مُقْتَفِيَ الآثَارِ لا مُقَلِّدَا
وَهْوَ الَّذِي يَأْخُذُ قَولَ الْقَائِلِ ** مُسْلِمًا لَوْ عَارَضَ لِلدَّلائِلِ 29
فَلْنَأخُذُ الدَّلِيلَ بِافْتِقَارِ ** لا لِتَعَصُّبٍ وَلا اِسْتِظْهَارِ
وَغَيرُ خَافٍ طُرُقُ التَّرْجِيحِ ** لِتَعلَمَ الْوَاهِيْ مِنَ الصَّحِيحِ
وَجَرِّدِ الإِخْلاصَ فِي الْمَقَاصِدِ ** ثُمَّ اِستَقِمْ عَلَى السَّبِيلِ القَاصِدِ
وَلِلرَّسُولِ جَرِّدِ الْمُتَابَعَهْ ** وَالحَقَّ فَاقْبَلْ مَعَ مَن كَانَ مَعَهْ
وَلَيسَ إِلَّا للرَّسُولِ العِصْمَهْ ** فَاعْلَمْ وَإِلَّا لاِجْتِمَاعِ الأُمَّهْ
مَوقِفُ الإِنْصَافِ فِي مَثَارَاتِ الْخِلافِ
وَحَيثُ قَد أَفضَى بِنَا القَولُ إِلَى ** ذِكرِ الْخِلافِ يَنبَغِي أَنْ نَصِلَا
بَحْثًا بِخُلفِ عُلَمَاءِ الأُمَّهْ ** يَبِينُ مِنهُ الْعُذرُ لِلأَئِمَّهْ
وَالاِتِّباعِ كُلُّهُم يَرُمُوا ** وَمَن يَلُومُهُم هُوَ الْمَلُومُ
وَلِلْمُصِيبِ مِنهُمُ أَجرَانِ ** وَالأَجرُ إِنْ أَخْطَأَ مَعَ الغُفْرَانِ
وَلَيسَ تَركُ بَعضِهِم شَيئًا أُثِرْ ** إِلَّا لأَمْرٍ عِندَهُم بِهِ عُذِرْ
فَمِنهُ مَا يَرجِعُ لِلْمَنقُولِ ** وَمَا إِلَى مُصطَلَحِ الأُصُولِ
فَالأَوَّلُ الَّذشي إِلَيهِ لَم يَصِلْ ** أَو عِندَهُ بِصَحَّةٍ لَم يَتَّصِلْ
أَو شَرطُهُ فِي خَبَرِ العُدُولِ ** أَثقَلُ مِن سِواهُ لِلقَبُولِ
أَوْ صَحَّ عِندَهُ وَلَكِنْ وَهَلَا ** أَو ظَنَّ نَسخَهُ بِحُكمٍ قَد تَلَا
أَو كَانَ قَد عَارَضَ مَا لا يَقْوَى ** عَلَيهِ أَو فِيهِ اِحتِمالِ الأَقوَى
وَغَيرُهُ فِي هَذِهِ الأُمُورِ ** خَالَفَهُ فَكَانَ كَالْمَعذُورِ
وَلا يَسُوغُ عُذرُهُ لِمَن ظَهَرْ ** لَدَيهِ فِي ذَلِكَ بُرهانٌ بَهَرْ
أَمَّا الَّذِي إِلَى الأُصُولِ يُرْجَعُ ** فَهْوَ إِلَى نَوعَينِ قَد يُنَوَّعُ
تَأْصِيلُهُ الَّذِي بِهِ يَختَصُّ ** وَالثَّانِ فَهمُ مَا اِقْتَضَاهُ النَّصُّ
فَأَوَّلٌ: نَحوَ الْخُصُوصِ قُدِّمَا ** عَلَى العُمُومِ، وَفَرِيقٌ عَمَّمَا
وَمِثلُهُ الْمُطْلَقُ إِذْ يُقَيَّدُ ** أَطْلَقَهُ قَومٌ وَقَومٌ قَيَّدُوا
وَنَحوُ مَا قُلْنَاهُ مِن أَسْبَابِ ** يُعلَمُ بِاسْتِقرَاءِ هَذَا البَابِ
والثَّانِ: خَمسٌ فَاحْوِهَا بالْحِفْضِ ** أَوَّلُهَا: تَرَدُّدٌ فِي اللَّفظِ
بَينَ العُمُومِ وَالْخُصُوصِ أَو مَا ** عَمَّ خُصُوصًا وَخُصُوص عمَّا
ثَانِيهِ: الاشْتِراكُ فِي اللَّفظِ وَذَا ** فِي مُفرَدٍ كَـ(القُرْءِ) طُهْرًا وَأَذَى
أَو طَلَبٌ وَفِي الْمُرَكَّبِ اِحْتَمَلْ ** وَمِنهُ الاِسْتِثْناءُ مِن بَعدِ الْجُمَلْ
وَمَا عَلَى الوَصفِ أَو الحَقِيقَهْ ** يَحْمِلُهُ كُلٌّ عَلَى طَرِيقَهْ
وَخُلفُ إِعرابٍ وَمَا تَعَارَضَا ** مِن حُجَجٍ عَلِمتُهَافِيمَا مَضَى
وَالْحَقُّ وَاحِدٌ بِكُلِّ مَسأَلَهْ ** فِي مُجْمَعٍ أَو فِي خِلافٍ فَاقْبَلَهْ
وَفِي اِخْتِيارِ وَاحِدٍ قَد يَنحَصِرْ ** وَرُبَّمَا أَطرَافُهُ قَدْ تَنتَشِرْ
وَجَامِعِ الأَطرافِ مِن حَقِّ مُحِقْ ** وَهْوَ الَّذِي لاِسْمِ (الفَقِيهِ) يَستَحِقْ
وَكُلُّ خُلفٍ لا إِلَى بُرهانِ ** وُجوُدُهُ وَنَفْيُهُ سِيَّانِ
وَلا يُعَدُّ الْخُلفُ ذُو الوِفَاقِ ** كَمَا الْخِلافُ لَيسَ بِاتِّفَاقِ
وَبِالفُرُوعِ اِخْتَصَّ خُلفُ الْمُعتَبَرْ ** أَي خُلفُ أَهلِ الاجْتِماعِ وَالأَثَرْ
أَمَّا أُصُولُ الدِّينِ والإِيمَانِ ** فَلَيسَ فِيهَا بَينَهُم قَولانِ
[ الْخَاتِمَةُ ]
وَتَمَّ ذَا النَّظمُ بِحَمدِ البَارِي ** مُوَضَّحًا بِأَقرَبِ اِختِصَارِ
كَافٍ عَنِ البَسطِ الْمُمِلِّ وَافِ ** يَجمَعُ مَا فُرِّقَ فِي أَطرافِ
فِي جُمَلٍ قَرِيبَةِ الْمَنَالِ ** مَنظُومَةٌ كَالعِقْدِ مِن لآلِيْ
مَا شَانَهَا 30 مُقَدِّمَاتُ الْمَنطِقِ ** وَلا تَعَقَّدَت بِضَعفِ الْمَنطِقِ
سَمَّيْتُهَا (وَسِيلَةَ الْحُصُولِ ** إِلَى الْمُهِمَّاتِ مِنَ الأُصُولِ)
ثُمَّ اِنْتِفاءُ نَقْصِنَا مُحَالُ ** وَجَلَّ وَجْهُ مَنْ لَهُ الْكَمَالُ
ثُمَّ الصَّلاةُ مِنهُ والسَّلامُ ** مُتَّصِلًا مَا جَرَتِ الأَقْلامُ
عَلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ الأَمِينْ ** وَالآلِ؛ وَالْحَمدُ لِرَبِّ العالَمِيْنْ
جُملَتُهَا مَشْرِقُ 31 تَارِيخٍ جَرَى ** جَوَازُهَا عَونُ شَكُورٍ غَفَرَا 32
هامش
- ↑ فِي طَ: (وَأَيُّ لَفْظٍ اِسْتَعْمَلَتْهُ …)
- ↑ قَالَ فِي التلخيص الحبير: (1658 قولُهُ: رُوِيَ عَن النَّبِيِّ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنَّهُ قالَ: « أنا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمٍ؛ بِيَدْ أَنِّي مِن قُرَيشٍ … » ويُروَى: « أَنَا أَفصَحُ العَرَبِ بِيَد أَنِّي مِن قِرَيشٍ … ». روى الطَّبَرانِيُّ في الكَبيرِ من حديثِ أَبِي سعيدٍ الخُدَرِي رَفعَهُ: « أنا النَّبِيُّ لا كَذِبْ … » وفِي إسنادِه (مُبَشِّرُ بنُ عُبَيدٍ) وهو متروكٌ. ورَوى ابنُ أبِي الدُّنيا فِي (كِتابِ الْمَطَرِ) وأبو عُبَيدٍ فِي (الغَريبِ) والرَّامهُرمُزي في (الأمثالِ) مِن حديثِ: موسى بنِ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ التَّيمِي عَن أَبِيهِ عَن جَدِّه قالَ: كانوا عِندَ رسولِ الله صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في يومٍ [ بِلَفظٍ لَيسَ فيهِ مَحَلُّ الشَّاهِد هُنا ] ) ا ه مُختَصَرًا.
- ↑ فِي ط: (وَفِي).
- ↑ أُجْمِلَهْ.
- ↑ وَبَادَرُ الشُّرَّبَ نَثْرَ الْخَمْرِ)
- ↑ في ط: (فُرقَانًا).
- ↑ في ط: (استثنى).
- ↑ فِي ط: (يُقَالُ عَامٌّ بِه الْخُصُوصُ قَدْ).
- ↑ فِي طِ: (أُرِيْدَ ثُمَّ اِخْتَصَّ بِالَّذِي قُصِدْ).
- ↑ فِي ط: (فَحَملُهُ).
- ↑ مِن قَولِهِ عَزَّ وَجَلَّ: { وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ } سُورَةُ البَقَرَةِ: 282.
- ↑ فِي ط: (الْحَرفِ).
- ↑ أَيْ: وَلَم يَقَع جَوازُ تَأخِيرِ البَيانِ عَنْ فِعْلِهِ إلَّا فِي النَّسخِ، فَيَجُوزُ تَأخِيرُ بَيانِ النَّسخِ دُونَ غَيرِهِ بِحَيثُ يَتَعَيَّنُ الأَخْذُ بِالْمَنسُوخِ قَبلَ وُرُودِ النَّاسِخِ.
- ↑ فِي ط: (تَشابُهِ).
- ↑ فِي ط: (فَإنْ).
- ↑ فِي ط: (قد).
- ↑ في ط: (يختلفُ).
- ↑ في ط: (فعله).
- ↑ بُدُونِها فِي ط.
- ↑ في ط: (منهُ).
- ↑ في ط: (منهُ).
- ↑ في ط: (تلى).
- ↑ في ط: (وما).
- ↑ في ط: (شُيوخ).
- ↑ في ط: (أوو).
- ↑ في ط: (عَنهُ).
- ↑ في ط: (بانتفاء).
- ↑ فِي ط: (مَا لم فَلِلقِياسِ فِيها).
- ↑ في ط: الدَّلائل.
- ↑ في ط: (شأنها).
- ↑ (مَشرق) 640
- ↑ (ج) 3 (ع) 70 (ش) 300 (غ) 1000: سَنَةُ 1373 هِجرِيَّةٌ